بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله , أما بعد فإن نسبة الكلام لأهله و تصحيح المذاهب إلى أصحابها واجب على المحققين من أهل العلم .
ولا يخفى الفساد المترتب على هذا الأمر الذي ينشأ من الإهمال و الركون إلى الكسل والقنوع بالقليل .
كنتُ أستمع إلى أحد الأشرطة منذ أيام , و كان الشيخ قد تطرق إلى مسألة حكم تارك الصلاة و ما هو مذهب الإمام أحمد في المسألة .
و الخطب ليس بذاك الأهمية في نفسه , حيث إن الخلاف معتبر عند أهل السنة , و أيضاً معتبر عند الحنابلة أنفسهم في تحرير مذهب الإمام أحمد في تارك الصلاة كسلاً .
و ما أزعجني كثيراً , تقرير الشيخ لمذهب الإمام أحمد _ و من المعلوم أن الشيخ ليس حنبلياً _ بناءاً على نقل نقله من كتاب البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان للإمام أبوالفضل السكسكي الحنبلي ( كذا! ) . الذي لم يصرح بنسبة هذا الكلام للمذهب الحنبلي , بل قال " و هو المذهب " . فأي مذهب هو و قد ينازع في تحرير مذهب المصنف هل هو حنبلي أم شافعي .
و مع أن الإعتماد على كتاب ليس بمعتمد في المذهب لتقرير ما هو المذهب أمراً غير سائغ في كثير من الأحوال , إلا أن هذا الأمر يسير وقد يسوغ في بعض الأحيان . و صراحةً قد اتهمت نفسي بالجهل كثيراً لأني لم أسمع عن أحد من الحنابلة اسمه الإمام أبوالفضل السكسكي , فضلأً كتابه البرهان . فبدأتُ رحلة السعي عن ذاك الإمام و كتابه .
أولاً لم أجد لصاحبه ذِكر في كتب طبقات المذهب التي وقفتُ عليها . ثم وجدتُ ذِكره في بعض كتب الفهارس المتأخرة منسوباً للمذهب الشافعي ! حاولتُ أن أجد مزيد بحث عنه فلم أصل إلى أكثر من أنه تريمي يمني وَليَ القضاء في اليمن وهو صاحب كتاب البرهان المذكور آنفاً . حقيقة لا أعلم هل هناك حنابلة في اليمن أم لا , فضلاً عن أن يكون هناك قضاة حنابلة , هذا يبعد كثيراً في ظني . و هو أحد المرجحات أنه كان شافعي المذهب .
فأحضرتُ كتاب البرهان هذا و بدأتُ في مطالعته عسى أن أجد فيه مزيد بيان . فوجدتُ أن المحقق الأستاذ بسام العموش قد قال في تحرير مذهب المصنف أن كل من ترجموا له قد ذكروا أنه شافعي , و لكن على مخطوط الكتاب وجد المصنف منسوب للمذهب الحنبلي فقال لعله كان شافعياً ثم تحول للمذهب الحنبلي ( كذا! ) . ثم أثبت على الكتاب نسبته للمذهب الحنبلي .
عموماً شرعتُ في قراءة الكتاب . و هو كتاب عن الفرق و المذاهب و الأديان كما هو واضح من عنوانه .
و الكتاب يقرر و ينصر عقيدة أهل السنة على تفصيل أستغربه كثيراً على كتاب صُنف قبل عام 683 هـ , بالإضافة إلى أسلوب الكتاب في الطرح الذي أستغربه أيضاً على أحد القضاة . و كأن الكتاب قد كتبه أحد طلبة العلم المبتدئين . عموماً هذا رأيي و قد يخالفني الكثير في ذلك و الأمر هين .
و بعد قراءة جزء من الكتاب وجدتُ آبدة الأوابد التي لا يصح معها نسبة هذا الكتاب , و التي لا أدري حقيقة كيف مرت على المحقق الأستاذ بسام العموش الذي لم يعير تحقيق نسبة الكتاب إلى مصنفه أي اهتمام .
قال صاحب الكتاب في الصفحة الرابعة و الثلاثين :
" أما الجهمية فهم أصحاب جهم بن صفوان السمرقندي أبومحرز جهم بن صفوان السمرقندي الضال المبتدع رأس الجهمية هالك كان في زمن صغار التابعين , و ما علمته روى شيئاً لكنه زرع شراً عظيماً قاله الذهبي في الميزان , و إليه نسبوا , و هو ..............إلخ . "
أين كان الذهبي الذي ولد عام 673 هـ من السكسكي الذي مات سنة 683 هـ , و هل صنف الذهبي الميزان و هو ابن تسع سنوات , بل و يذيع صيته ليكتفي المصنف بأن يقول " قاله الذهبي في الميزان " !!!
بل قد صرح الذهبي أنه فرغ من تصنيف الميزان عام 724 هـ و أضاف عليه حواش لمدة أربعة أعوام أخر .
فأين كان السكسكي وقتها ؟
الغريب في الأمر أن المحقق الأستاذ بسام العموش قد قام في حاشيته بالإحالة إلى موضع هذا الكلام في الميزان ! و كأنه لم يترجم للمصنف إلا بعد الفراغ من الكتاب . هذا أحسن الظن , و إلا لزمه أن يكون قد غفل عنها غفلة قد لا تغتفر لأنها طعن في نسبة الكتاب أصلاً الذي لم يُحقِق أي نسبة له .
و أظن أنه بعد هذا لا يمكن القول باعتماد الكتاب و لا ثبوته إلى صاحبه السكسكي إلا بعد براهين واضحة و ظهور سند للكتاب لا يُشك في مثله , ليس فقط , بل تفنيد هذه المطاعن في نسبة الكتاب . هذا و الله أعلم , و صلى الله على نبينا محمد و على آله و أصحابه و من تبعهم بإحسان .
رابط لتحميل الكتاب :
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=678