في صحيح مسلم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ . . .
قوله: (فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ): الْخَاءُ وَالْبَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ وَالْهَمْزَةُ يَدُلُّ عَلَى سَتْرِ الشَّيْءِ. فَمِنْ ذَلِكَ خَبَأْتُ الشَّيْءَ أَخْبَؤُهُ خَبْأً([1]).
وَالْخِبَاءُ: أحدُ بُيوت الْعَرَبِ مِنْ وَبر أَوْ صُوفٍ، وَلَا يَكُونُ مِنْ شَعَر، وَيَكُونُ عَلَى عَمُوَدين أَوْ ثَلَاثَةٍ. وَالْجَمْعُ أَخْبِيَةٌ([2]).
قوله: (وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ): أَيْ: يَرْتَمون بِالسِّهَامِ؛ يُقَالُ: انْتَضَلَ القومُ وتَنَاضَلُوا: أَيْ رَمَوْا للسَّبْق([3]).
فَالنُّونُ وَالضَّادُ وَاللَّامُ: أُصْلٌ يَدُلُّ عَلَى رَمْيٍ وَمُرَامَاةٍ، وَنَضَلَ فُلَانًا: رَامَاهُ بِالنِّضَالِ فَغَلَبَهُ فِي ذَلِكَ. وَهُوَ يُنَاضِلُ عَنْ فُلَانٍ: يَتَكَلَّمُ عَنْهُ بِعُذْرِهِ؛ كَأَنَّهُ يُرَامِي دُونَهُ. وَانْتَضَلُوا وَتَنَاضَلُوا: رَمَوْا بِالسَّبْقِ([4]).
قوله: (وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ): هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالشِّينِ وَهِيَ الدَّوَابُّ الَّتِي تَرْعَى وَتَبِيتُ مَكَانَهَا([5]).
يُرِيد أنَّهُم أخرجُوا دوابهم من الْمنزل الَّذِي نزلوه يرعونها قرب الْبيُوت([6]).


([1]) ((مقاييس اللغة)) (2/ 224).

([2]) ((النهاية)) (2/ 9).

([3]) ((النهاية)) (5/ 72).

([4]) ((مقاييس اللغة)) (5/ 436).

([5]) ((شرح مسلم)) (12/ 233).

([6]) ((غريب الحديث)) لابن قتيبة (2/ 68).