فتح الذرائع ..
سد الذرائع أصل دلت عليه الشريعة كتاباً وسنة ، وعلى ذلك جرى عمل الصحابة رضوان الله عليهم .. وهذا الأصل مخبر عن كمال الشريعة ومحاسنها ، وبه عمل فقهاء الإسلام ، وجعلوه طرداً وأصلاً مانعاً من كل سبب موصل إلى محرم ..
وقد ذكر أهل العلم أدلـةً متكاثرةً على إعمال قاعدة سد الذرائع تجودنها بسطها في تضاعيف كتب أهل العلم والديانة ، ومن أرأسها : ما رقمه الشاطبي في الموافقات ، وما سطره ابن تيمية < في إبطال الحيل > ، وذكر ابن القيم في < إعلام الموقعين > ، < وإغاثة اللهفان > كثرةً من الأدلة الحاكمة على اعتبار إعمال قاعدة سد الذرائع الموصلة إلى المحرمات شرعاً ..
أما < فتح الذرائع > : فهي تقابل سدها ، ويقصد بها : فتح وسائل الواجب ، والمندوب والمباح .. على ماقرره القرافي في كتابه شرح تنقيح الفصول ( ص449) وعنه نقل الناس .. وهو مسبوق بعبرات وتقريرات نطق بها أهل العلم ..
وليس المقصود : فتح الذرائع التي سُدَّت، لإفضائها إلى المحظور ..
قال العلامة الشيخ سيدي عبد الله الشنقيطي في مراقي السعود :
سَدُّ الذَّرَائِعِ إِلَى الْمُحَرَّمِ ... حَتْمٌ كَفَتْحِهَا إِلَى الْمُنْحَتِمِ
قال في نشر البنود شرح المراقي : ( وكذلك يجب فتح الذريعة إلى الواجب، ويندب فتحها إلى المندوب، ويكره إلى المكروه، ويباح إلى المباح .. ) ..
ومن أمثلتها : الصلاة والحج والسعي إليهما ، وطلب العلم .. وجب تيسر فعلها ، وتذليل السبل لأدائها .. وفي المباحات عدم المنع من فعلها .. وكهذا ..
وهذا قرار من مجمع الفقه الإسلامي برقم : 92 ( 9/9) بشأن < سد الذرائع > ..
( إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1 – 6 ذي القعدة 1415هـ، الموافق 1 – 6 نيسان (إبريل) 1995م
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع سد الذرائع، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي :
1. سدّ الذرائع أصل من أصول الشريعة الإسلامية، وحقيقته: منع المباحات التي يتوصل بها إلى مفاسد أو محظورات .
2. سدّ الذرائع لا يقتصر على مواضع الاشتباه والاحتياط، وإنما يشمل كل ما من شأنه التوصل به إلى الحرام .
3. سدّ الذرائع يقتضي منع الحيل إلى اتيان المحظورات أو إبطال شيء من المطلوبات الشرعية، غير أن الحيلة تفترق عن الذريعة باشتراط وجود القصد في الأولى دون الثانية .
4. والذرائع أنواع :
الأولى: مجمع على منعها: وهي المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، أو المؤدية إلى المفسدة قطعاً أو كثيراً غالباً، سواء أكانت الوسيلة مباحة أم مندوبة أم واجبة. ومن هذا النوع العقود التي يظهر منها القصد إلى الوقوع في الحرام بالنص عليه في العقد.
والثانية: مجمع على فتحها: وهي التي ترجح فيها المصلحة على المفسدة.
والثالثة: مختلف فيها: وهي التصرفات التي ظاهرها الصحة، لكن تكتنفها تهمة التوصل بها إلى باطن محظور، لكثرة قصد ذلك منها .
5. وضابط إباحة الذريعة: أن يكون إفضاؤها إلى المفسدة نادراً، أو أن تكون مصلحة الفعل أرجح من مفسدته.
وضابط منع الذريعة: أن تكون من شأنها الإفضاء إلى المفسدة لا محالة - قطعاً -أو كثيراً أو أن تكون مفسدة الفعل أرجح مما قد يترتب على الوسيلة من المصلحة ) ..

حسن الحملي ..