حُدَاْءُ الشَّوقِ وَذِكْرَيَاتُ الوَصْلِ
أُوَارُ وَجْـــدِيَ يُـذْكِي مُهْجَــتِـي لَـهَـبــَا
وأَدْمُعِيْ تَمتَـطـــي فُـلْـكَ الأســى نُجُـبَا
وفـي ضُلُوعِيْ هَوَىً يَنسابُ صَـيِّـبُــهُ
وخـافِقٌ فيكَ من عهدِ الـصِّبَا سُـــلِـبَــا
وَبِـْي هُــــيَـامٌ إذا غَـــنَّـــتْ عَـنـادِلُــــه ُ
بِـأَيْـــكِ أوردَتِي هَـــزَّتْ دَمِـي طَـــرَبا
...شَكَوْتُ سُقْمِيْ وشَجْويْ للظَّلام وما
عَلَيَّ إلا سُـــهـــــادي والـــدُّجى حَـدِبَـا
وما حَدَا الشَّوقُ في رَكْبِ الْهَوى سَحَراً
إلا وأبْكى مَعيْ الأحجارَ والظَّـــرِبَا(1 )
وَلَوْعَـتِيْ أغْـرَقَـتْنِيْ فِيْ خِضَمِّ جَـــوَىً
وَقَرَّحَتْ أَدْمُعِيْ الأجْـفَــانَ والْهُـــدُبَــ ـا
...كَتَمْتُ سِرِّيَ عن نَفْــسي فــبَـــاح به
نَـبْـــضٌ بقــلبِي يُحــــاكي هـادِراً لجِبَـا
ولـــــؤْلـــــ ؤٌ فـي رِمَالِ الْخَــدِّ مُنْـتَـثِـرٌ
أبْـنِي بـه فِــي فَـــيَـافِي وَجْـنَـتِــيْ قـبَبَا
...رِياضُ رُوحي بُعَيْدَ البَــيْنِ مُجْـــدِبَةٌ
وعِنْدَ ذِكْـــرِكَ أمســـى جَـدْبُها خَصِبَـا
صِلْنِيْ فوَصْلُكَ يُحْيِي فِي الْحَشا رِمَمَاً
ظَمْأَى, وَفيكَ الْضَّـنَـى تَبْـريْـحُهُ عَذُبَا
شَمَمْتُ فـــي حُلْمِيَ الظَّـيَّـــانَ مُنْتَشِيَاً
فافْتَرَّ وجهُ الْمَسَا من بعدِ ما شَحَبَا (2)
و شِمْتُ بَرْقَ رُؤَىً أَذْكَـــتْ مُخَيِّـلَتِي
فَـتَـيَّمَـتْـ نِـي..وفَـجْـــر اً نَجْـمُـهَا غَـرَبَا
فَبِتُّ أســـــــتَفُّ آهــــــاتِي وفي نَهَــمٍ
أَلُوْكُ رملَ نـوىً بالبُؤْسِ قَــــدْ خُضِبَا
أُبَادِلُ العِيْــــسَ تَحْناناً كَـــــوَىْ كَبِدِيْ
وأرمُـقُ الطَّيفَ في الأطـلالِ مُرْتَقِـبَا
تَزورُنِي ذِكـرياتُ الوَصْلِ مُـضْـنِـيَةً
..تُدْمي خيـالاتِ لُبِّيْ دونَ جُرْحِ ظُبَى
فأنْسِجُ الشِّـــــعْرَ أَوزاناً مُضَــرَّجَـــة ً
ثَكْلى تُـذكّرنـي عهــداً مضـى وَصِبَا
*****
ما لاحَ بَـــــدْرٌ لِمَامَاً من مَطَـــالِعــِه ِمْ
إلا وَظِلَّ الكَرَىْ من مُـقْــلَـتَــي َّ سَـــبَى
هُمْ مَنْ سَقَوْنِي كُمَيْتَ الْحُبِّ وارتَحلُــوا
وخلَّفوني وَزَفْـــرِي يُحْــــرِقُ السُّــحُبَا
صادٍ وكأسُ الـهوى صِـرْفٌ سُلافَتُها
حَـبـابُـها يُـثْـــمِلُ الأيَّـــامَ إنْ شُرِبا (3)
...وَكُــلَّـــم ــا أتْـهَـمَـــــت ْ أنوارُ بَارِقَةٍ
أو هبَّ في هَدْأَةِ الأسحـارِ عِطْرُ صَبَا(4)
ناديـتُـــهُ : حَــيِّهِــــمْ عَنِّي وَصِفْ شَجَنِي
واشرحْ لَهُمْ كيف أُمْضي العُمْرَ مُنْــتَحِـبَا
وَهِمْ بِهــِمْ والْــتَـــمِسْ رُوحِي بِســـاحَتِهِمْ
وامْـلأْ لــــنــــا مـــــن مُحَيَّا بَدْرِهِمْ قِـرَبَا
...بَعَثْتُ كـُـتـْــبَــاً لــهُم أَودَعْتُهَا شَـــغَفِي
بِهِمْ , وحَـــمَّـــلْـ ـتُــها مِـــنْ لَوْعَتِيْ عَجَبَا
..وَبِتُّ وَلْهَانَ.. لم يَهْــمِــــسْ صَدى خَبَرٍ
بمسمعيَّ ... و نبعُ الْشَّــــــوقِ مـــا نَضَبا
فهلْ أجابوا على كـُــتـْـبٍ تَضُـــوعُ شَــذَاً
حَـتَّى أُقَـبِّـلَ ذاك الطِّـــيْـــبَ و الكـُـتـُـبَا ؟
أَمْ ســـــــوفَ أبْقى أَسِيْرَ الْهَجْرِ تُمْطِرُنِي
مُزْنُ الْجَـــــوَى وَابِلاً يُـنْمِيْ بِيَ النَّصَبا ؟!
*****
أفــــــدي بنفســــــيَ مَنْ قــــلبي يَهيم بـه
وأضْلـُـعــــي مَدَّدَتْ شَــــــوْقاً لَهُ طـُـنـُـبَا
لَمَّا نَظَـمْــــــتُ اللآلي فــــي محـــــاســنهِ
سَمَت عُلُوّاً .. وفاقَـــــتْ فـــي السَّنَا الشُّهُبَا
وانثالَ حِبْري شُموساً بــــيـــنَ قــافــيــتـي
وصُغْــــتُ فـــي وصْفِهِ اليــاقوتَ والذهبا
شعر : مصطفى قاسم عباس
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــ
(1) ـ الظَّرِبُ : كما في لسان العرب [بكسر الراءِ] : الجبل الذي يكون طَرَفُهُ ناتِئاً خِلقةً , و كلُّ ما نَتأَ من الحجارة وحُدَّ طَرَفُه وقيل : هو الجَبَل المُنْبَسِط
(2) ـ الظَّيَّان : ياسَمين البَرِّ. ـ افْتَرَّ : تلألأ
(3) ـ الْحَبَابُ : [بفتح الحاء] : الفقاقيعُ التي تعلو وجهَ الماء....
(4) ـ أتْهمتْ : يَمَّمَتْ وجْهَهَا شطرَ تِهَامةَ , وهي اسم من أسماء مكة