بسم الله الرحمن الرحيم

العمل الأسنى بشرح اسمان من أسماء الله الحسنى
قال تعالى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ماكانوا يعملون) [الأعراف 180 ] وقال عليه الصلاة والسلام :" إنّ لله تسعة وتسعين اسما مئة إلاّ واحد من أحصاها دخل الجنة " [ البخاري ـ مسلم ] وبعد:
هذا نقل أمين من رسالة " العمل الأسنى نظم وشرح أسماء الله الحسنى " قام بشرح اسمان كريمان لله تعالى وهما كالتالي :
ـ
الشكور ـ الشاكر "
: هذان اسمان كريمان لله تعالى، ومعناهما : أن الله يعين عباده المؤمنين على فعل الخيرات، ويضاعف لهم الحسنات ويقبلها منهم ويثيبهم عليها ويعطي على العمل اليسير الثواب الجزيل وينجيهم بفضله ورحمته من كل مكروه ويحقق لهم كل محبوب ومرغوب بشكره وهو الغني عنهم لأنه هو غفور شكور وشاكر عليم.
ودليل اسمه : الشكور قول الله تعالى : (وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور) [ فاطرـ 34 ـ ] ، ودليل اسمه الشاكر قوله الله تعالى : (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وامنتم وكان الله شاكرا عليما ) [ النساء ـ 147 ـ ].
وبمناسبة ذكر هذين الاسمين الكريمين أحب أن أدون أشياء تتعلق بهما :
الشيء الأول : بيان أنّ للشكر منزلة رفيعة عند الله، لذا فقد أمر الله به ونهى عن ضده، كما قال تعالى: (فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ) [ البقرة [152 ] .
الشيء الثاني : محبة الله الشاكرين له المثنين عليه بصفات كماله ونعوت جلاله فقد اشتق لهم اسما من أسماءه فإنه سبحانه هو الشكور والشاكر الذي يعيد الشاكر مشكورا سعيه كما قال عزوجل : (إنّ هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ) [الإنسان [22] أي : العمل الصالح القليل يجعل الله لأهله من النعيم المقيم في جنات النعيم ما لا يعد ولا يحصى لجوده وكرمه .
الشيء الثالث : بيان أن الشاكرين لله على وجه التمام قليل لقوله تعالى : ( اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور ) [ سبأ 13] .
وعلى رأس الشاكرين رسل الله الكرام وأنبياؤه العظام، كما قال عزوجل عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام : ( شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ) [ النحل [121] وقال عن نوح عليه الصلاة والسلام : (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا ) [ الإسراء [ 3 ] وقال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " أفلا أكون عبدا شكورا " متفق عليه .
الشيء الرابع : بيان فضل الدعاء المأثور الذي تجلت فيه منزلة الشكر ، فقد جاء في المسند وجامع الترميذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعوا بهؤلاء الكلمات : " الله أعني ولا تعن عليّ، وانصرني ولا تنصر عليّ، وامكرلي ولا تمكر بي ، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى عليّ، رب اجعلني شكارا لك ،ذكارا لك، رهابا لك ، مطاوعا لك، مخبتا لك، إليك أواها منيبا، رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني واسلل سخيمة صدري"
" (1) .

قلت : يالله ما أجله من دعاء ، وما أعظم ألفاظه ومعانيه، وما أنفعه إذا تواطأ عليه القلب واللسان، وما أحوجنا إليه في كل زمان ومكان.(2)
واسمع يا محب وصية الصادق المصدوق المحب الخير لأصحابه خصوصا وللمسلمين عموما محمد صلى الله عليه وسلم إذ يقول لمعاذ بن جبل رضي الله عنه " والله يامعاذ إني لأحبك ، قال معاذ وأنا أحبك يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم : فلا تدع في كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " [ أخرجه أبو دواد ـ كتاب الصلاة ـ والنسائي ـ كتاب السهو ـ ]

(1)امكر لي : مكر الله إنزال بلائه بأعدائه دون أوليائه. رهابا لك : أي خوافا خاشعا. مخبتا : من الإخبات وهو الخشوع والتواضع. أواها: أي متضرعا بكاء. منيبا: أي:رجاعا بالتوبة. حوبتي: أي إثمي. اسلل سخيمتي: أي انزع الحقد من قلبي وصدري
(2)تعليق:الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي.
رسالة " العمل الأسنى نظم وشرح أسماء الله الحسنى" فضلية الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي"رحمه الله [ ص :25 ـ 27]

منقول