المعارضات والمطارحات
والمطاردات الشعرية
بقلم- فالح الحجية
المعارضات الشعرية هي القصائد الشعرية التي قالها شعراء ثم عارضها غيرهم والمعارضة تعني القول مثلها وفي اللغة عرض\ ظهر، وعارضه\سار حياله، أو أتى بمثل ما أتى به. وعارض الكتاب بالكتاب اي قابله. وقد جاء في معجم لسان العرب أن المعارضة هي المحاذاة.
وجاء في مختار الصحاح عارضه في المسير أي سار حياله وعارضه بمثل ما صنع أي اتى اليه بمثل ما اتى .
و(اصطلاحا) هي تلك القصائد التي قالها الشعراء فقال مثلها غيرهم معارضة لقصائدهم أي يقول الشاعر قصيدة في موضوع ما، فيأتي شاعر آخر، فينظم قصيدة أخرى على غرارها، محاكياً القصيدة الأولى في وزنها، وقافيتها، وموضوعها مع اظهار القدرة على التفوق عليها من حيث اللغة والاسلوب والمعنى وانتقاء الصور البلاغية وما اليها من امور التفوق
و تقتضي المعارضة وجود حدث فني او نموذج شعري ماثل أمام المعارض ليقتدي به، ويحاكيه، أو يحاول تجاوزه او الاتيان بافضل منه على نفس النسق أي ضمن القافية الواحدة والروي الواحد والبحر الواحد واقول انما هي نوع من المباريات الشعرية التي قد تجري بين الشعراء، مع العلم انها تختلف عن التقليد فهي نوع من إثبات الذات والمقدرة على الإبداع الشعري وتبدأ بنظم شاعر معين قصيدة رائعة فيأتي شاعر آخر يعارضها بنفس وزن هذه القصيدة وموسيقاها الشعرية وبنفس قافيتها وذلك لعدة اسباب منها الإبداع داخل هذا النوع اذ ان هذا الشاعر أعجبه ذلك مثلا فرغب ان يكتب مثل هذه القصيدة التي اعجبته او لنقض معاني هذه القصيدة وأفكارها حيث ان الشاعر ربما يتبنى وجهة نظر مضادة، لكنه إمعانًا منه في التحدي يلزم نفسه أن يبدع في نفس القالب الشعري الذي التزمه الشاعر الأول، فيلتزم نفس الوزن والبحر والقافية او الموسيقى الشعرية كما يسمونها حديثا
تختلف قصائد المعا رضات عن النقائض حيث ان النقائض فن جديد في الشعر العربي وربما يتعبره اخرون امتدادا لشعر الهجاء في الجاهلية وصدر الاسلام الا انه في الواقع اتخذ طابعا جديدا فالنقائض قصائد في منتهى القوة والبلاغة والعاطفة الشعرية تمتاز بطولها وقد قالها فحول شعراء العربية في العصر الاموي في الرد على الخصم فيها او الرد على قصيدة الخصم بحيث ينقضون ما فيها من مدح ويحولونه الى ذ م والفخر الى هجاء ويظهر كل منهم مثالب الاخر ومعايبه وقومه وينسبون الفخر والمدح الى انفسهم او الى قومهم ومن اليهم راجع مقالتي ( النقائض ) المنشورة في موقعي اسلام سيفلايزيشن\ منتدى الشعر .
و ان النقائض زادت من حدة الخلاف وشدة النزاع الحزبي والقبلي بين الاطراف المتنازعة حيث ذهب الشعراء
في البحث عن مثالب بعضهم البعض ومثالب اقوامهم واللهاث وراء معرفة كل مثلبة في الشاعر اوفي قومه وعشيرته في الماضي او في الحاضر الا ا نها رسمت صورة لحياة الشعراء واحداث عصرهم فكانت مصدرا مهما من مصادر تاريخ العصر الجاهلي وربما الاسلامي ايضا فهي نبش في التاريخ وراء الاحداث وما تمخض عنها من نوازع وامور تهم هذا الطرف او ذاك انها البحث في التاريخ للقبائل العربية ومعرفة مفاخرها ومثالبها للفخر بها او الطعن فيها.
المعارضات الشعرية يرجع تاريخ ابداعها إلى فترة صدر الا سلام مثل (قصيدة البردة ) لكعب بن زهير بن ابي سلمى في مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتي مطلعها \
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم اثرها لم يفد يفد مكبول
تلك التي نالت إعجاب الشعراء كثيراً فأكثروا من معارضتها .
اما في العصر الاموي فان المعارضات قد عرفت واولها حالة بين الشا عر جميل بن معمر، والشاعر عمر بن أبي ربيعة، فقد قال جميل بثينة:
عرفت مصيف الحي والمتربعا
كما خطّتِ الكفُّ الكتابَ المرجعا
فقال عمر بن أبي ربيعة معارضا:
ألم تسألِ الأطلالَ والمتربعا
ببطنِ حليات دوارس بلقعا.
فقد جاءت الألفاظ في قصيدة عمر بن ابي ربيعة شبيهة بمفردات قصيدة جميل التي تمت معارضتها ، وهذا لا ينقص من قدر القصيدة الثانية. والقصيدتان تعارضان قصيدة الشاعر الصّمّة القشيري التي يقول في مطلعها :
حَنَنْتَ إلى ريّا ونفسُكَ باعَدَتْ
مزارَكَ من ريّا وشعباكما معا
وقيل أن عمر بن أبي ربيعة قد تأثر بشعر جميل بن معمر فأبدى إعجابه برائيته التي يقول فيها :
أغاد أخي من آل سلمى فمبكر؟
أبن لي أغاد أنت أم متهجر
فعارضها عمر بقصيدة رائية ايضا تحاكيها روعة وجمالا من نفس الوزن والقافية ومنها قوله:
أمِنْ آلِ نُعْم أنتَ غادٍ فمبكرُ
غداةَ غدٍ أم رائحٌ فمهجّرُ
وفي العصر العباسي فقد وجدت حالات للمعارضات ايضا تأثر فيها الشعراء بقصائد فحاكوها او نسجوا على منوالها من ذلك قصيدة ابي نؤاس التي يقول فيها :
يا ريم هاتِ الدواةَ والقلما
أكتب شوقي إلى الذي ظلما
فقد عارضه الشاعر الخراز بقصيدة التزم فيها ذات الموضوع والوزن والقافية وحركة الروي يقول فيها :
إن باح قلبي فطالما كتما
ما باح حتى جفاهُ مَنْ ظلما
ولم تكثر المعارضات في الشعر العباسي الا انه لا يخلو من نماذج منها .
فلما قال أبو تمام قصيدته الرائعة التي مطلعها:
السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتب
في حدّه الحدُّ بين الجدّ واللعبِ
عارضه الشاعر القيسراني بقصيدة مماثلة مطلعها:
هذي العزائمُ لا ما تدعي القُضُبُ
وذي المكارمُ لا ما قالت الكتبُ.
أما المتنبي فقد عارضه الكثير من الشعراء حيث انه (مالئ الدنيا وشاغل الناس). كما قيل فيه وهل من شاعر بعد المتنبي فكل الشعراء عيال عليه فعندما قال قصيدته في مدح سيف الدولة :
على قَدْرِ أهلِ العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرامِ المكارمُ
عارضها ابن زريك بقصيدته التي مطلعها:
ألا هكذا في الله تمضي العزائمُ
وتقضي لدى الحرب السيوفُ الصوارمُ
و عارضه الشاعر القائد أسامة بن منقذ بقصيدة مطلعها:
لك الفضل من دون الورى والأكارم
فمَنْ حاتمٌ؟ ما نال ذا الفخر حاتمُ
-وعندما قال المتنبي قصيدته الاخرى التي يمدح بها سيف الدولة، ومطلعها ايضا :
أعلى الممالك ما يُبنى على الأسَلِ
والطعنُ عند محبيهن كالقبلِ
عارضه الشاعر عبيد الله الموصلي بقصيدة مطلعها؛:
ظبا المواضي وأطراف القنا الذبل
ضوامنٌ لك ما جازوه من نفل
-وعندما قال المتنبي قصيدته في تفضيل الاعرابيات على بنات الحضر او بنات المدن او الحضريات التي مطلعها؛:
بأبي الشموس الجانحات غواربا
اللابسات من الحرير جلاببا
عارضه الشاعر صفي الدين الحلِّي بقصيدة مطلعها\:
أسبلن من فوق النهود ذوائباً
فجعلن حباتِ القلوب ذوائبا
وكذلك قصيدة البوصيري في مدح الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وقد عارضها كثيرون من بعده .
ويعد هذا الفن إحياء للفن العربي ولتراث الشعراء السابقين في كل زمان ومكان، حيث نشطت فيه حركة الشعر العربي مما ادى الى ان تشد هذه المعارضات الشعرية ماضي الشعر العربي بحاضره وربما بمستقبله في حالة وجود شعراء يتبعون هذا النسق من القصائد العربية
و أن المعارضات وجدت ايضا في الشعر العربي الأندلسيّ ، عندما شعر الأندلسيون أنهم أقل من الشعراء العرب في الشرق علماً في علم الشعر فقام كثير من شعراء الأندلس بمعارضة قصائد مشهورة لشعراء في شرق البلاد الاسلامية كما تلقبوا بألقاب كبار شعراء الشرق العربي ، فلقّب ابن درّاج القسطلي بـ
( متنبي الأندلس ) ، لكثرة معارضاته لشعر المتنبي ، ولقّب ابن زيدون بـ ( بحتري الأندلس ) ؛ لكثرة معارضاته لشعر ا لبحتري. الأندلس من ذلك معارضة أبي بكر الأشبوني لرائية أبي فراس الحمداني التي مطلعها:
أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبرُ
أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ؟
فقال الأشبوني:
وليل كهمّ العاشقين قميصُهُ
ركبتُ دياجيه ومركبُهُ وعْرُ.
ومعارضة ابن دراج القسطلي لقصيدة أبي نواس التي يمدح فيها الخصيب، ومطلعها:
أجارةُ بيتينا أبوك غيورُ
وميسورُ ما يُرجى لديك عسيرُ
فعارضه ابن درّ ا ج بقصيدة يمدح فيها المنصور بن أبي عامر، مطلعها:
ألم تعلمي أنّ الثواءَ هو الثرى
وأنّ بيوتَ العاجزين قبورُ
وعارض أبو الحسن البغدادي الملقب الفكيك مسلم بن الوليد في قصيدته التي قالها في مدح الرشيد والتي فيها:
أديرا عليّ الكأسَ لا تشربا قبلي
ولا تطلبا عند قاتلتي ذحلي
فقال ابو الحسن معارضا:
لأية حال عن سُنّةِ العدل
ولم أصغ يوما في هواك إلى العذل
كما عا رضها محمد بن عبد ربه صاحب العقد الفريد بقوله:
أتقتلني ظلماً وتجحدني قتلي
وقد قام من عينيك لي شاهد عدل
-وعارض أبو بكر بن نصر الإشبيلي أبا تمام في رائيته التي يمدح فيها المعتصم والتي مطلعها:
رقّتْ حواشي الدهر فهي تمرمرُ
وغدا الثرى في حليه يتكسّرُ
فقال ابو بكر الإشبيلي:
انظرْ نسيمَ الزهر رقّ فوجههُ
لك عن أسرّته السرية يُسفرُ
وقد عارض الشاعر محمود سامي البارودي عظماء شعراء العربية لمقدرته الفائقة على مجاراتهم وقدرته على الخلق والابداع .
يعتبر الشاعر الكبير أمير الشعراء أحمد شوقي المتصدر في شعر المعارضات في العصر الحديث ؛ لأنّ قصائده كانت بعثاً وإحياءً لقصائد البحتري في الوصف ، والمتنبي ، وأبي تمام في الحماسة ، والبوصيري في المدائح النبويَّة ، وابن زيدون في الغزل ؛ فحققت معارضاته إنجازاً وقوةً وإبداعا ً له.
وقبل ان اخرج من القول في هذا الفن الجميل اود ان اذكر نوعا اخر من القصائد الشعرية هي (المطارحات ) و التي هي قريبة من المعارضات وقد ازدهرت في مجال الأنس والسمر والشراب، من ذلك قصيدة أبي نواس همزيته في وصف الخمرة ، والتي مطلعها:
دَعْ عنك لومي فإنّ اللومَ إغراءُ
وداوني بالتي كانت هي الداءُ
فعارضه الحسين بن الضحاك بقوله:
بُدّلت من نفحات الوردِ بالآء
ومن صبوحك درّ الإبل والشاءِ
فقد تابعه الخليع في ذكر الخمر والشعوبية. كما عارضه ابن المعتز في قصيدة يقول فيها:
أمكنت عاذلتي من صمت أباء
ما زاده النهي شيئاً غير إغراء
وقد راقت لي في هذا المجال هذه القصيدة السينية للبحتري ويعارضها كل من الشاعر احمد شوقي والشاعر عبد الله بلخيراذ يعارضان فيها البحتري احدهم ا بعد الاخر حيث تعتبر بحق اجمل القصائد المعارضة لبعضها في الشعر العربي لحد الان \ وهذه هي القصائد الثلاث \
1- سينية البحتري:
وصف الشاعر العباسي البحتري إيوان كسرى في سينيته المشهورة التي تتوارد في أبياتها العظة التاريخية لهذه الدولة التي كانت ذات قوة عظيمة ثم اضمحلت واندثرت يقول فيها:
صُـــنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي
وَتَرَفَّعـــــ ـــــتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ
وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهـر
التِماساً مــــــــــِنهُ لِتَعسي وَنَكسي
بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِـــــندي
طَفَّفَتها الأَيّـــــــــ ــامُ تَطفيفَ بَخسِ
وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ رِفَـــــــــــ ــــهٍ
عَلَلٍ شُـــــــربُهُ وَوارِدِ خِـــــــمسِ
وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ مَحــــــمولاً
هَواهُ مَـــــــعَ الأَخَسِّ الأَخَــــــــس ِّ
لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ اللـــــــــــَ يالي
جَعَلَت فيهِ مَأتَماً بَعدَ عُــــــــــرسِ
وَهوَ يُنبيكَ عَن عَجائِبِ قَـــــــومٍ
لا يُشابُ الـــــــبَيانُ فيهِم بِلَــــبسِ
وَإِذا ما رَأَيتَ صورَةَ أَنطـــــاكِيَّ ة
ا ِرتَعـــــــتَ بَينَ رومٍ وَفُـــــــــرس ِ
وَالمَنايا مَواثِلٌ وَأَنوشَـــــــ ـروان
يُزجي الصُفوفَ تَحتَ الدِرَفــــــسِ
في اِخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ عـــــَلى
أَصفَرَ يَختالُ في صَبيـــــغَةِ وَرسِ
وَعِراكُ الرِجالِ بَينَ يَــــــــــــد َيهِ
في خُفوتٍ مِنهُم وَإِغمـاضِ جَرسِ
مِن مُشيحٍ يَهوى بِعامِلِ رُمـــــحٍ
وَمُليحٍ مِــــــــنَ السِنانِ بِتُـــــرسِ
تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحــــــــياءٍ
لَـــــهُم بَينَهُم إِشـــــــارَةُ خُــــرسِ
يَغتَلي فيهِم ارتيِابي حَـــــــــــتّ ى
تَتَقَرّاهُــــ ـــــــمُ يَدايَ بِلَــــــــــم سِ
وَتَوَهَّمتُ أَنَّ كِسرى أَبَـــــــرويز َ
مُعــــــــــاط ِيَّ وَالبَلَهبَذَ أُنــــــــسي
حُلُمٌ مُطبِقٌ عَلى الشَكِّ عَــــــيني
أَم أَمانٍ غَيَّرنَ ظَنّي وَحَــــــــدسي
وَكَأَنَّ الإيوانَ مِن عَجَبِ الصَنعَةِ
جَوبٌ في جَــــــــــنبِ أَرعَنَ جِلسِ
يُتَظَنّى مِنَ الكَآبَةِ إِذ يَبــــــــــــ دو
لِـــــعَينَي مُصـــــَبِّحٍ أَو مـــــُمَسّي
مُزعَجاً بِالفِـــراقِ عَن أُنسِ إِلفٍ
عـــــَزَّ أَو مُــــرهَقاً بِتَطليقِ عِرسِ
عَكَسَت حَظُّهُ اللَيالي وَباتَ المُشـ
تَـــــري فيهِ وَهوَ كَــــــوكَبُ نَحسِ
فَهوَ يُبدي تَجَـــــــــــ ـــلُّداً وَعَلَيه
كَلـــــكَلٌ مِن كَلاكِلِ الدَهـــرِ مُرسي
لَم يَعِبهُ أَن بُزَّ مِن بُسُطِ الــديباج
وَاِســـــتَلَّ مِـــــن سُتورِ المَـــــقسِ
مُشمَخِّرٌ تَعلو لَهُ شُـــــــــــــ رُفاتٌ
رُفِعَت في رُؤوسِ رَضوى وَقُـدسِ
لابِساتٌ مِنَ البَياضِ فَما تُـــبصِرُ
مِـــــنها إِلـــــّا غـــــَلائِلَ بــــــُرسِ
لَيسَ يُدرى أَصُنعُ إِنسٍ لِجـــــــِنٍّ
سَكَنـــــوهُ أَم صـــــُنعُ جِــنٍّ لِإِنـسِ
فَكَأَنّي أَرى المَراتِبَ وَالقَــــــــو مَ
إِذا مـــــا بَلَغتُ آخِـــــرَ حِسّــــــــي
وَكَأَنَّ الوُفودَ ضاحينَ حَســـــرى
مِن وُقـــــوفٍ خَلفَ الزِحامِ وَخِنسِ
2- سينية شوقي\
وصل شوقي إلى بلاد الأندلس بعد رحلة طويلة مضنية
في أرجاء البلاد عندما قرر الانجليز نفيه من مصر و شاهد خلالها الأطلال والآثار المتهدمة من القصور والقلاع والجوامع، فهيجت لديه الأحزان، وجددت به الآلام وهزت فيه الوجدان فأثارت مشاعره وشجونه وشحذت أحاسيسه، وتجلت في خياله قصيدة البحتري اعلاه ، فانطلقت قيثارة شعره بسينيته معارضاً فيها البحتري في خضم الظروف السيئة التي أحاطت به، وآثار الرحلة الشاقة التي زادت من تعاسته وعذابه النفسي،و تطأ قدمه أرض الأندلس التي تضم أروع صور التاريخ الإسلامي وأزهرها وأشرقها، فأنشأ يقول:
اخـــــتلاف النــــــهار والـــــليل ينسي
اذكــــــرا لـــي الصبا وأيـــــام أنسي
وصـــــفا لـــي ملاوة مـــــن شـــــباب
صـــــورت مــــن تصـــــورات ومس
عصـــــفت كالصبا اللــــعوب ومـــرت
ســـــنة حـــــلوة ولـــــذة خــــــــــلس
وســلا مصر: هل سلا القلب عــــنها
أو أسا جـــــرحه الـــزمان المؤسي
كلـــــما مـــــرت الـــــليالـــي عـــــليه
رق، والعـــــهد فـي الليالي تقــــسي
مســـــتطـــــا ر إذا البـــــواخــــ ـر رنت
أول الـــــليل، أو عوت بــــعد جرس
راهـــــب فـــــي الضلوع للسفن فطن
كـــــلما ثرن شاعـــــهن بنــــــــــقس
يا ابـــــنة اليـــــم، ما أبـــــوك بـــخيل
مـــــاله مولعاً بمـــــنع وحــــــــــبس
أحـــــــرام عــــلى بلابـــــله الـــــدوح
حــــلال للـــــطير من كـــــل جـــنس؟
كـــــل دار أحـــــق بـــــالأهـــــ ــــل إلا
في خبيث مـــــن المـــذاهب رجـــــس
نفســـــي مـــــرجل، وقـــــلبي شراع
بهما في الدموع ســـــيري وأرســــي
واجـــــعلي وجهك (الفنار) ومجراك
يـــــد (الثغر) بــــين (رمل) و(مكس(
وطـــــني لو شـــــغلت بالخلد عـــــنه
نازعتني إلـــــيه في الخـــــلد نفسي
وهـــــفا بالفـــــؤاد فـــــي سلســـــبيل
ظمأ للـــــسواد مـــن (عين شمس
شهد الله لـــــم يغب عـــــن جـــــفوني
شخـــــصه ساعـــــة ولم يخل حسي
يـــا فــــؤادي لكـــــل أمـــــر قـــــرار
فــيه يبـــــدو وينجـــــلي بعـــــد لبس
عقلـــــت لجـــــة الأمـــــور عـــــقولاً
طالت الحوت طـــــول ســـبح وغس
غـــــرقت حـــــيث لا يصاح بطـــــاف
أو غـــــريق، ولا يصـــــاخ لحـــــس
فلـــــك يكســف الشـــــموس نــهــاراً
ويســـــوم البـــــدور ليـــــلة وكــس
ومـــــواقـــيت للأمـــــور إذا مـــــــــا
بلغـــــتها الأمـــــور صـــــارت لعكس
دول كالرجــــــــــ ـــــال مـــرتهـــــنـا ت
بقـــــيام مـــــن الجـــــدود وتـــــعس
وليـــــال مــــن كـــــل ذات ســــــــوار
لـــــطمت كـــــل رب (روم( و(فرس(
ســـــددت بالهـــــلال قوســــاً وســلت
خنـــــجراً ينـــــفذان مـــــن كل ترس
حكـــمت في القرون (خوفو) و(دارا)
وعـــــفت (وائلاً) وألـــــوت) (بعبس(
أيـــــن (مروان) في المشارق عــرش
أمـــــوي وفي الـــــمغارب كــــرسي؟
سقمت شـــــمسهم فـــــرد عــــــــليها
نـــــورها كل ثاقـــــب الرأي نـــــطس
ثم غابت وكل شمس سوى هـــــــاتيك
تبلـــــى، وتنـــــطوي تحـــــت رمس
وعـــــظ (البحتري) إيـــوان (كسرى)
شـــــفتني القصور من (عبد شمس(
رب ليـــــل ســـــريت والبرق طـــرفي
وبساط طويـــــت والريـــــح عنسي
أنظم الشرق في (الجزيرة) بالـــــغرب
وأطوي الـــــبلاد حزنـــــاً لـــــدهس
فـــــي ديـــــار من الخـــــلائف درس
ومـــــنار مـــــن الطـــــوائف طمس
وربى كالـــــجنان في كنف الـــزيتون
خـــــضر، وفـــــي ذرا الكرم طـــلس
لـــــم يرعـــــني سوى ثرى قــــرطبي
لمست فيه عــــــــــبرة الدهر خمسي
يـــــا وقى الله مـــــا أصبح مــــــــــنه
وسقى صــفوت الحيا ما أمــــــــــسي
قرية لا تـــــعد في الأرض كـــــــــانت
تمسك الأرض أن تمــــــــــيد وترسي
غشيت ســـــاحل المحيط وغــــــــطت
لجة الروم من شراع وقـــــــــــــ ــلس
ركب الدهر خـــــاطري فــــي ثراهــــا
فأتى ذلك الــــــــــحمى بــعد حـــــدس
فتجلت لي القصور ومـــــــــن فيـــــها
من العــــــــــز في مــــــــــنازل قعس
ســـــنة من كـــــرى وطـــــيف أمـان
وصــــــــحا القلب مـن ضلال وهجس
وإذا الـــــدار ما بها مـــــن أنيـــــــس
وإذا القوم ما لــــــــــهم مـــــن محس
ورقيـــــق مـــــن الـــــبيوت عـــــتيق
جاوز الألف غير مــــــــــذموم حرس
أثـــــر مـــــن (مــحـــــمد) وتـــــراث
صــــــــار (للروح) ذي الولاء الأمس
بلــــــــغ النجـــــم ذروة وتنـــــاهـــــ ى
بين (ثهلان) في الأساس و(قـــــدس)
مـــــرمر تســـــبح الـــــنواظر فـــــيه
ويطــــــــــــ ــول المدى عليها فترسي
وســـــوار كأنـــــها فـــــي اســـــتواء
ألفــــــــــات الوزير في عرض طرس
فـــــترة الدهـــــر قد كست ســـطريها
مــــــا اكتسى الهدب من فتور ونعس
ويحـــــها! كـــــم تـــــزينت لعلــــــــيم
واحــــــــــد الدهر واستعـــدت لخمس
وكـــــأن الرفيف فـــــي مسرح العين
مــــلاء مــــــــــدنرا ت الــــــــــدمق س
ومكـــــان الكـــــتاب يغـــــريك ريـــــاً
ورده غــــــــــائبا ً فــــــــــتدنو للـمس
صـــــنعة (الداخـــــل) المبـــــارك في
الغـــــرب وآل لـــــه ميامـــين شمس
مـــــن (لحمراء) جـــــللت بغبـــــــــار
الدهر كالـــــجرح بـــــين بـرء ونكس
كـــــسنا البرق لو مــحا الضوء لحظاً
لمحتها العـــــيون مـــــن طــول قبس
حصـــــن (غرناطة) ودار بني الأحمر
مـــــــن غـــــافل ويقـــــظان نـــــدس
جـــــلل الثلج دونـــــها رأس (شيرى)
فـــــبدا مــــــــــنه في عـصائب برس
ســـــرمد شـــــيبه، ولـــــم أر شـــــيئاً
قـــــبله يــــــــــرجى البــــقاء وينسي
مشت الحادثات في غرف (الحمراء(
مــــــــــشي النـــــعي في دار عــــرس
هـــــتكت عــزة الحجـــــاب وفـــــضت
ســــــــــدة الباب مــــن سمير وأنسي
عـــــرصات تخـــــلت الخــيل عـــــنها
واســــــــــتر احت من احتراس وعس
ومغـــــان عـــــلى الليالـــي وضـــــاء
لـــــم تجــــــــــد للــــعشي تكرار مس
لا ترى غـــــير وافدين عـــلى التاريخ
ساعـــــين فـــي خـــــشوع ونـــــكس
نقلوا الطـــــرف فـــــي نضـــــارة آس
مـــــن نقــــوش، وفي عصارة ورس
وقبـــــاب مـــــن لازورد وتـــــــــــــ بر
كالـــــربى الشـــــم بيـــن ظل وشمس
وخطـــــوط تكـــــفلت للمـــــعانــــ ــــي
ولألفـــــاظـــ ــها بـــــأزيـــــن لـــــبس
وتـــــرى مجـــــلس السبـــــاع خـلاء
مـــــقفر القـــــاع مــــن ظباء وخنس
لا (الثـــــريا) ولا جـــــواري الثريـــــا
يـــــتنزلن فـــــيه أقـــــمار إنـــــــــس
مـــــرمر قامـــــت الأســـــود عـــــليه
كـــــلة الظـــــفر ليـــــنات المـــــجس
تنثر المـــــاء في الحـــــياض جمــــاناً
يـــــتنزى عـــــلى تـــــرائب مـــــلس
آخـــــر العـــــهد بالجزيـــــرة كــــانت
بـــــعد عـــــرك مــن الزمان وضرس
فتـــــراها تقـــــول: رايـــــة جـــــيش
باد بالأمـــــس بـــــين أســـــر وحـس
ومفـــــاتيحها مقـــــالـــــي د مــــــــــلك
بــــــــــاعها الوارث المضــيع ببخس
خـــــرج القــــوم في كـــــتائب صـــــم
عن حــــــــــفاظ كموكب الدفن خرس
ركـــــبوا بالبـــــحار نعـــــشاً وكـــانت
تحــــــــــــت آبائهم هي العرش أمس
رب بـــــان لهـــــادم، وجـــــمـــــــ وع
لمـــشت ومحــــــــــسن لمــــــــــخس
3- و الشاعر عبدالله بلخير كتب سينيته معارضاً فيها
البحتري وشوقي قائلاً :
ذكرياتي مـــــــــــا بين يومي وأمسي
هي عمري ما بين سعدي ونــــــحسي
ضاع منها ما ضــاع في مهمه العمر
وطواها بين اخـــــــــــــ ضرار ويبــس
وتبقى منها الــــــــذي رسبت مـــــنه
رؤى لا تــــــــرى بفــــــــكري وحسي
مومضات تشع طوراً وتخــــــــــــ ــبو
في شريط، في ظلمة الــــــذهن منسي
تتعــــــالى به حياتــــــــي وتكــــــــبو
بين كرب مـــــــن الزمان وأنســــــــي
خــــــــاض أمواجها شراعي يطـوي
البـحر طياً بــــــــه يسير ويــــــــرسي
تتغشاه من أعــــــــاصير الـــــــهوج
مــــــــثال الجــبال (رضوى) و(قدس(
فهو ما بينها يغــــــــوص ويطــــــفو
ثــــــــم يمــــضي على ظهور وغطس
هو عمر مضى وقد أذن العــــــــصر
فأضحى مصــــــــبح العـــــــمر ممسي
وهــــــــو في دورة المحاق فلم تبق
اللــــــــيالي مـــــــن بدرها غير سدس
ما تبــــــــقى من ذكريــــــــاتي عنه
قــــــــطرات عــــــلى حصى منه ملس
جـــــف في بعدها نداها فــــــــلا تبتل
من مســــــــها بنــــــــاني بمــــــــسي
طافت الــــــذكريات بي فــــــــي ذرى
) الحمراء) في عالم على المجد مرسي
طفــــــــت فيها وفي حناياي مــــــنها
زفــــــــرات الواعي، العليم، الـــمحس
نادباً عــــــــزها، وملك (بني الأحمر)
فيها، بــــــــهيبة المــــــــلك مـــــكسي
طفت أرجــــــــاءها وبــــين صياصيه
كــــــــأني أطــــــــوف فيــــها برمسي
في جموع تــــــــوافدت من زوايا الـ
أرض كانت غــــــــريبة الــــدار ليسي
تتلاقى أنــــــــظارهم فــــــــي تلاقيهم
وتصــــــــغي الآذان في كـــــــل دعس
في وجوم كأنهم فــــــــي عـــزا موت
فــــــــقيد لــــــــهم ورنــــــــات تقــس
هي هذي (الحمرا) ولا غـــــــالب إلا
الله كــــــــانت (دار الخــــــــلافة ) أمس
كانت الملك والخــــــــلاف ة والــــــفتح
لآل مــــــــن العــــــــروبة شــــــــمس
ثـــــم زالت وزال ملك (بني الأحمر(
مــــــــــــــ ــنها لمــــــــا أصيب بنـكس
مثل ما زال مـــــــلك (دارا) و(قسطنـ
طين) في الأرض بعــــد ملك (تحمس
وانتــــــــهى (هيـــــــنبال) و(إسكندر
الأكبر) وانهار مـــلك (روم) و(فرس(
سنة الكــــــــون أن يزول وينــــــــهار
بناء الباني عــــــــــــــ ــلى غــــير أس
تلك (حمراؤنا) على مفرق (أوروبا
مــــــــنار يهدى بــــــــه كل مـــــمسي
وهي في حمرة العقيق تـــــــــــراء ت
تتــــــــلألأ وفــــــــي بريق الــــدمقس
مشرئباً إلى رفافها أرنو إليهـــــــــــ ـا
تفــــــــيض بالــــــــحزن نفـــــــــــسي
خــــــاشع الطرف عندما لاح لــــــــي
فيها (المصلى) ولاح (تاج) و(كرسي(
فاقشعرت مشاعري وتـــــــــــــ راءت
لـــــــي رؤى حاضري الحزين كأمسي
خـــيلت لي تموج أكــــــــنافها بالخيل
كالصبح في صهــــــــيل وعـــــــــــس
أشرقت في سنا (الخلافة) تــــــــزهو
بــــــــرجال شــــــــم المعاطس نــطس
والكراديس من (تجيب) ومن (حمير(
(صنــــــــهاجة) الفــــــــتوح و(قيس(
وقــــــــفوا في رماحــــــــهم وظـباهم
كــــــــسنا الفــــــجر بين طرد وعكس
في ظــــــــلال المصفقات من الرايات
فــــــــي (خزرج) تــــــــرف و(أوس(
فوق هامات قــــــــادة (العــرب) من
(عبد مناف) ومـــن بني (عبد شمس)
والأذان الــــــــداوي عـــلى الهضبات
الخضر يدعو إلى فرائض خــــــــمس
تتعــــــــالى به قراهــــــــم وتسمـــــو
حــــــــين تصحو عليه أو حين تمسي
وتــــراءى لي (الخليفة) في إيوانه
مصــــــــبحاً بــــــــها أو ممــــــــسي
حوله الفاتحون فــــــــي زرد الفولاذ
يــــــــزهون فــــــــي إبــــــــاء وبأس
فلك شع بالشموس أنـــــــار الغرب
عــــــــبر القــــــــرون فــــي كل درس
ما رأت فــــــي ظلامها قبله (أوروبا)
ضيــــــــاء يضــــــــيء فيـــــها بقبس
مثل أضواء (قرطبا) وسنا (غرناطة)
فــــــــــــــ ــي الدجــــــى ونور (بلنس(
كـــانت الأرض كلها تتـــــــــــــ ـــلاقى
حــــــــــــــ ــول أبوابها ومن كل جنس
تتلقى العلم الغزير على أعــــــــلامها
الغر من إمـــــــــــــ ـــام وكيـــــــــــس
ووفود (الرومان) و(الغال) و(الجر
مان) حول الأبواب أطــــــــــياف نكس
وقفوا في الصفوف يلتمسون الإذن
لا ينـــــــــــــ ـــبسون فيها بنــــــــــبس
كلما لاح حاجب حفت الأنظــــــــــ ـــار
مــــــــــــــ ــنهم به ولــــــــفت بـوجس
كـــــلهم شاخص إلى الإذن في غمزة
طــــــــرف أو فــــــــي إشارة خــــلس
شــــــــرف باذخ لهم أن يقــــــــوموا
فــــــــي صـــفوف على ظلال الدرفس
يستظلون بـ (الخـــــــــــ ــــلافة) فيها
وهي عدل يبنــــــــي وينــشي ويكسي
تلك (حمراؤنا) بنـــــاها (بنو الأحمر)
يضـــــــــــــ ــــحي الخيال فيها ويمسي
تخت مــــــــــلك الإسلام فوق روابي
(البيرينه) الخــــــــــضر ا أقيم وأرسي
فاحت الأرض حولها بالربيع الطـــلق
قــــــــد ضاع من خــــــــزامى وورس
عبق لا تــــــــــــــ ــزال أستارها تنفثه
فــــــــي الأكــــــــف، في كــــــل لمس
وهي تــــــــختال في مطارفها الحمرا
عــــــــــــــ ـروساً يزهو بها ليل عرس
طفت فيها أجر خطوي، ودقــــــــــات
فــــــــــــــ ــؤادي تقود ترجيع دعــسي
وتجــــــــــــ ــــولت بين أروقة القصر
حــــــــــــــ ــزيناً في خيبتي بعد يأسي
تتوالى خواطــــــــري ورؤى شجوي
بــــــــــــــ ــذهني على خيالي وهجسي
حينما راعــــــــني الذي راعني منها
فــــــــــــــ ــحوقلت في قنوطي وبؤسي
وتحــــــــسست مهجتي وعرى قلبي
فــــــــــــــ ـــــــــــــلم أهتد إليها بحسي
د
فتهاويت خائر العــــــــــــ ــــــــزم ثاو
واضــــــــــــ عاً راحتي من حول رأسي
شـــــــــــارد الذهن لا أرى ما أمامي
حاسباً رجـــــــــس أمتي أمس رجسي
وعــــــــلى هامتي هواني على نفسي
هــــــــــــــ ـوان المجنى عليه المخس
فكـــــــــــــ ــــــأني وحدي الملوم على
تعـــــس جدودي يهزني هول تعسي
تــــــــــــــ ــلك حمراؤنا وحين أسميها
أســـــــــــــ ـــمي ما أفـــــــتديه بنفسي
مجــــــدنا الأعظم الذي انقض وانهار
وما زال ذكـــــــــــــ ـــــره اليوم قدسي
نـــــــاح (شوقي) على مشارفها قبلي
تشـــــــــــــ اجى بـ (البحتري) في تأس
وتشاجيت منهما حــــــــــــــ ـين سالت
دمـــــــــــــ ـوعي على يراعي وطرسي
وتماديت حين زاحمت فـــي (القصر
) (الأميرين) فــــــــــي غرور (البرنس(
فقصور الحمـــــــــــ ـــــراء (دار أبي
سفيان) داري والجنس لا شك جنسي
حــــــــــــــ املاً رايتي أهز بها شعري
تعـــــــــــــ ـــــالت به جذوري وغرسي
ما تخطتني الصفوف فمن حــــــــولي
وخلفي (قيسي) و(عبسي) و(عنسي(
جــــــــــــــ ـزتهم في سما (عكاظ) فقد
رف جنـــــاحي على السحاب وجرسي
يتبــــــــــــ ـــــــــارون في لحاقي وهم
خــــــلف غباري على مدى قاب قوس
وأنا عــــــــــــــ ــــند (سدرة المنتهى)
أرنو إلـــــــــــــ يهم على أهازيج قعس
لا أبـــــــــــــ ـــالي بأن يغص بما قلت
شــــــــحيح الإنصاف في ضيق نفسي
فكثير ألا يقال لــــــــــــــ ــمن أحـــسن
أحســــــــــــ ـــــنت، في الزمان الأخس
هـــــــمسات رنت بأذني في (الحمرا)
كهـــــــــــــ ـــمس الجني في أذن إنسي
فتريثت فــــــــي مقـــــــــــــ ـــاصيرها
أصــــــــــــغ ي إليها بكل وعيي وحسي
سابحاً فــــــــي مشاعري في متاهات
تلاقى فيـــــــــــــ ـــــــها يقيني بوجسي
كيف كـــــــــنا، وها هو اليوم ما كان
وكـــــــــــــ ــــــــنا، أطلال سعد ونحس
اما) المطاردات )الشعرية في نوع اخر من المباريات او المسابقات في الشعر ظهر احدث من المعارضات والمطارحات ويستعمل في السباقات الشعرية في الدواوين والتجمعات وفي الكتاتيب والمدارس وهي ان ياتي الفريق المتسابق ( مفردا او جماعات ) باحد ابيات الشعر فياتي الاخر ببيت من الشعر ايضا يبدا بحرف القافية التي انتهى به البيت جاء به الطرف الاول او الذي قاله الفريق الا ول وهكذا يتبارى الفريقان حتى يعجز احدهما عن الاتيان ببيت شعر يبدا اوله بحرف قافية الفريق الاخر فياتي به الفريق الاول فيكون الفوز او الغلبة له . وهذا ما كنا نفعله نحن عندما كنا طلابا في المدرسةالثانوية في درس اللغة العربية .
مثال على ذلك يقول المتسابق الاول:
ان العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
فيقول الاخر :
نـــــــاح ) شوقي) على مشارفها قبلي
تشـــــــــــــ اجى بـ (البحتري) في تأ س
فيقول الفريق الاول:
سرت في ديجور ليل حندس
متنجدا بنجاد سيف اعوج
فيجيب الاخر :
جزيناهم بما صبحوا شُعيْثاً
وأصْحاباً لَهُ ورَدوا قَرارا
وهكذا . ( انتهى )
امير البيـــــان العربي
د. فالح الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز
*****************************