ثلاث خطوات لاختيار الكتاب / سليمان الهويسين
القراءة.. تلك العادة الجميلة التي يلحظ المتابع للساحة الثقافية انتشارها، واتساع دائرة المهتمين بتعزيزها وبثها في جنبات المجتمع، ويؤكد ذلك انتشار الكتب بشكل كبير وتعدد مبادرات دعم عادة القراءة ومواقعها.

وفي ظل ما نشهده من تنوع في أساليب إخراج الكتب وإصدارها، وكذلك ماهو ملاحظ من التسابق المحموم من قبل دور النشر في ترويج إصداراتها، وأيضاً ارتفاع أسعار الكتب غير المبرر، ومانعانيه جميعاً من زحمة الأوقات وضيق المساحة المخصصة للقراءة في خارطة ساعات أيامنا، نقع في إشكالية القدرة على اختيار الكتاب المناسب والوافي بمتطلباتنا وحاجاتنا، لأن كمية العائد من القراءة تعتمد أساساً على القدرة على انتقاء الكتاب بشكل جيد وصحيح.

ولذا فنحن بحاجة لامتلاك أدوات تساعدنا على سبر الكتاب والحكم عليه بشكل موضوعي ودقيق وبشكل سريع وبسيط.



أولى الخطوات هي: فحص بداية الكتاب:

وهذه الخطوة مهمة في مساعدتنا على الحكم على الكتاب من حيث مناسبته من عدمها، وتمر بعدة إجراءات، هي كما يلي:

1) المقدمة:

وهي الكلمة الافتتاحية التي كتبها المؤلف للتعريف بالكتاب والدوافع التي ألفه من أجلها، ومحتوياته والمنهجية التي سار عليها، وظروف تأليفه، وبعض الإلماحات الأخرى عن قصة الكتاب.

2) مقدمة الطبعة:

وهي توجد في الكتاب الذي تكررت طباعته، حيث يشير الكاتب (المؤلف أو الناشر) إلى ملاحظات الطبعات السابقة وما تم استدراكه على الطبعات السابقة، وهي تشير إلى حجم انتشار الكتاب.

3) التقريظ:

وهي مقالة يكتبها أحد الأشخاص المشهورين أو المتخصصين عادة عن الكتاب كتوثيق للكتاب وإطراء للمؤلف، وهي تعطي مؤشر ولو بسيط عن قيمة الكتاب.

4) المحقق:

تحقيق الكتب يكون عادة في الكتب الكبيرة أو الموسوعات أو المخطوطات.. ولا شك ان المحقق المتمكن يجعل للكتاب قيمة كبرى عبر مايقوم به من توضيح لمبهمات الكتاب وتصفية الكتاب من الأخطاء والتعليق على مافيه من مادة.

5) الناشر:

دور الناشر هو دور تكميلي للمؤلف، حيث يلعب دوراً في جودة الإخراج والتصميم، والسلامة من الأخطاء الإملائية، وحسن الترتيب، وضبط الفقرات. وهي أمور بلا شك ذات أثر على جودة الكتاب بشكل عام.

كما أن الدور الناشرة قد تكون مؤشراً على الكتاب؛ حيث عرفت بعض الدور بانتقائها للكتاب التي تتفق مع رسالتها وفكرتها بعيداً عن النواحي المادية الجافة. وهي إشارة قد تمنح بعض المساعدة عند اختيار الكتاب.

6) الإهداء:

وهي الكلمة التي يضعها المؤلف في بداية الكتاب. وهي توضح جزءاً من نَفَسِ الكاتب وتوجه الكتاب.

7) بطاقة الفهرسة:

وهي بطاقة توضع عادة على الصفحة اليمنى (ظهر الغلاف) وفيها معلومات مفيدة عن الكتاب: الدار الناشرة، رقم الطبعة وتاريخها، عدد الصفحات، حجم الكتاب، الموضوع الرئيسي، الموضوع الفرعي، رقم التصنيف..

وتجدر الإشارة إلى أن عنوان الكتاب لا يمثل مقياساً يمكن الحكم على مناسبة الكتاب وجدواه من خلاله نظراً لاستخدام بعض المؤلفين لعناوين غريبة أو مثيرة أو مستفزة قد لا تكون ذات صلة وثيقة بموضوع الكتاب ومجاله.

و للبعض أن يتساءل عن المؤلف!! هل للمؤلف دور في قيمة الكتاب؟

فكما هو معلوم أن الكتاب هو صنعة المؤلف، وكل قيمة للكتاب مردها للمؤلف (أو المؤلفين).. لكن هذا لا يعني أن نطلق حكماً عاما ً على مؤلفٍ ما أن كل نتاجه جيد ومقبول، أو أن نتاج المؤلف الآخر كله سيء ومردود..

أعتقد أن الحكم على الكتاب مع التعامي عن اسم المؤلف يمنح عقولنا فرصة للقراءة الفاحصة المتحررة من أسر التقديس.. مع تقديرنا لكل قامة خدمت المعرفة واسهمت في إنارة الدرب للسالكين.



ثاني الخطوات: فحص آخر الكتاب:

وهذه الخطوة خلافاً لسابقتها فإنها توضح مدى عمق الطرح واستيفاء الكتاب لجوانب الموضوع الذي هو بصدده. وتمر كذلك بعدة خطوات، هي كما يلي:

1) الصفحة الأخيرة:

أو الغلاف الخارجي للكتاب، ويحتوي عادة على كلمة للناشر عن الكتاب،أو "قالوا عن" وهي مقولات لكتاب بارزين تحدثوا عن الكتاب، أو مقتطفات من الكتاب..

2) قائمة المحتويات:

أو الفهرس كما يسمى، وهو مهم جدا لمعرفة كيفية تناول المواضيع، وجودة التقسيم، ومدى الجدة والإضافة التي قام بها المؤلف.

3) المراجع:

وهي المصادر التي استقى منها المؤلف معلوماته، وتمثل مؤشراً قوياً لمعرفة عمق المادة وقوتها، وحداثتها، وقد يكون في بداية الكتاب.



ثالث الخطوات: الجولة داخل الكتاب:

وهنا يتم استعراض أسلوب الكاتب واللغة التي استخدمها وطريقة معالجته للقضايا التي أوردها، ويمكن تطبيقها عبر مايلي:

1) الاستطلاع السريع:

حيث يتم الاطلاع على ما تعرفه من محتويات لمعرفة مدى عمق الكاتب، ودقته في طرحه، كما يمكن معرفة أسلوب الكتاب بشكل عام، وطريقة عرضه لمادته هل استخدم وسائل شرح متنوعة أم لا..

2) ملخصات الفصول:

يعمد بعض المؤلفين لإضافة ملخصات في نهاية كل فصل تحتوي على أهم ما تضمنه الفصل أو الباب من قواعد أو معلومات.. وهي جيدة لقياس مدى الاستيعاب أثناء القراءة.

3) التوثيق:

وهي مؤشر على دقة المؤلف وأمانته، كما هي أيضاً تتيح المجال للاستزادة من الجزئية التي يتطرق لها المؤلف.



هذه الخطوات الثلاث ستساعد بإذن الله بشكل كبير على انتقاء الكتاب الجيد الذي ينمي عقولنا، ويوسع مداركنا، ويزدينا معرفة، ويحفظ أوقاتنا وأموالنا.