تخريج المسألة (691) من علل الدارقطني، حديث: الخوف من غطرسة الإمام.
قال حافظ وقته العلامة الدارقطني في السفر العظيم، الموسوم بـ: "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" (5/ 45، رقم 691):
وَقد سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ عَلَى أَحَدِكُمْ إِمَامٌ يَخَافُ تَغَطْرُسَهُ وَظُلْمَهُ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، ... الْحَدِيثَ.
فَقَالَ – رحمه الله وطيب ثراه -: يَرْوِيهِ الْأَعْمَشُ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، رَفَعَهُ أَبُو حَمْزَةَ َالسُّكَّرِيُّ، وَوَقَفَهُ غَيْرُهُ، وَالْمَوْقُوفُ هُوَ الْمَحْفُوظُ.
قلت:
وقد أخرجه الضبي في "الدعاء" (43). وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة (29786) عن أبي معاوية الضرير ووكيع بن الجراح، والبخاري في "الأدب المفرد" (707) من طريق عيسى بن يونس، والخطابي في "غريب الحديث" (2/ 246) من طريق سفيان بن عيينة، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (1318) من طريق شعبة، ستتهم (الضبي، وأبو معاوية، ووكيع، وعيسى، وابن عيينة، وشعبة) عن الأعمش، قال: سمعت ثمامة بن عقبة يحدث عن الحارث بن سويد قال: قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: ... الحديث موقوفا.
وهؤلاء جماعة من الثقات عن الأعمش - صحت الأسانيد إليهم - قد أوقفوه على ابن مسعود، وقد صرح الأعمش بالتحديث في بعض طرقه، وإن لم يصرح فحسبك أن فيهم شعبة، وهو القائل كفيتكم تدليس ثلاثة وذكر فيهم الأعمش، وهو قول مشهور عنه – رحمه الله -.
أما أبو حمزة السكري فالذي وقفت عليه أنه شك في رفعه، فأخرجه أبو عمرو النيسابوري في "آيات الرقية والحرز" (ق35/ب) من طريقه عن الأعمش عن ثمامة بن عقبة عن الحارث بن سويد عن عبد الله بن مسعود - لا أدري رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه أم لا- ... فذكر الحديث.
وللرواية الموقوفة طريقان أخران:
الأول: أخرجه الضبي في "الدعاء" (42) عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن ابن مسعود، موقوفا.
قال أبو حاتم: المسيب عن ابن مسعود مرسل. وقال مرة : لم يلق ابن مسعود.
الثاني: أخرجه ابن أبي شيبة (29786)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (1318) – ومن طريقه ابن حجر في "نتائج الأفكار" (4/ 108)- من طريق إبراهيم النخعي عن ابن مسعود، موقوفا.
قال ابن حجر: ورجاله ثقات، لكن إبراهيم لم يدرك ابن مسعود.وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد من وجه آخر عن الأعمش، قال: حدثنا ثمامة بن عقبة، عن الحارث بن سويد، قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: فذكره موقوفاً. وسنده صحيح. اه.
قلت: إبراهيم النخعي هو القائل: إذا قلت لكم: قال عبد الله بن مسعود فهو عن جماعة من أصحابه عنه, وإذا سمعته من رجل واحد سميته لكم.
فهذا إسناد صحيح – إن شاء الله-.
وقد جاء مرفوعا من طريقين أخرين بنحوه.
الأول: أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (1047)، والطبراني في "الدعاء" (1057) – ومن طريقهما ابن حجر في "نتائج الأفكار" (4/ 106 ـ 107) من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث بن سعد، عن عبد ربه بن سعيد، وإسحاق بن أبي فروة، كلاهما عن يونس بن عبد الله -هو ابن أبي فروة- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا تخوفت من أحدٍ شيئاً فقل اللهم رب السموات السبع وما فيهن ورب العرش العظيم ورب جبريل وميكائيل وإسرافيل كن لي جاراً من عبدك فلانٍ وأشياعه أن يطغوا علي وأن يطرقوا علي، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك.
قال ابن حجر: هذا حديث حسن، رواته موثقون، وفيهم أئمة، لكن في سنده انقطاع، لأن عبيد الله لم يسمع من عم أبيه عبد الله بن مسعود، ولا أدركه.
قلت: عبد الله بن صالح أبو صالح المصري صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة.ويونس بن عبد الله بن أبي فروة، ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن عدي مختصرا، وقال: ليس به بأس يكتب حديثه. فالطريق إلى عبيد الله فيها كلام، مع كونه لم يدرك عبد الله بن مسعود.
الثاني: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/رقم 9795)، وفي "الدعاء" (1056) – ومن طريقه الشجري في "أماليه" (2/229)، وابن حجر في "نتائج الأفكار" (4/ 107)-، والبيهقي في "الدعوات" (472)، والواحدي في "الوسيط" (3/ 208) من طريق جنادة بن سلم، عن عبيد الله بن عمر عن عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبيه عن جده عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الحديث.
قال ابن حجر: ورجال سنده ثقات إلا جنادة بن سلم فضعفه بعضهم. وأخرج له ابن خزيمة في صحيحه، وذكره ابن حبان في الثقات. اه.
قلت: جنادة بن سلم، ضعفه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: ما أقربه أن يترك، ثم قال: عمد إلى أحاديث موسى بن عقبة، وحدث بها عن عبيد الله بن عمر. وقال الساجى : حدث عن هشام بن عروة حديثا منكرا. وقال الأزدى: منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر ، أخاف أن لا يكون ضعيفا ، وعنده عجائب، وذكره ابن حبان في ثقاته.وانظر "تهذيب الكمال" (5/ 135).
قلت: وهذا الحديث من روايته عن عبيد الله بن عمر.
والموقوف هو المحفوظ كما قال الدارقطني – رحمه الله -
نقلته باختصار من كتابي "إتمام النفع بما صح موقوفا ولم يثبت فيه رفع" برقم (255) إن يسر الله له الطبع ففيه تفصيل، والأثر روي نحوه من مسند خالد بن الوليد ولا يصح، وبمعناه عن أنس ولا يصح أيضا، وعن ابن عباس قوله بسند حسن.
رد مع اقتباس
