قصيدة ( وروحُك في روحي وإنْ لم نكـن معا )

ذكرتُك ما القمرِيُّ في الأيـكِ سَجّعـا
ومـا بـلبلُ الأشـواقِ غَنَّى فـأسمعا
وما لاح بـرقٌ مِنْ حِمى مَـنْ أُحبُّهم
فهيَّج أشجـانـي , وجـفنِيَ أدمَعَا
وما نثرتْ شـمسُ الأصيل جـواهـراً
وما الـبـدرُ في عـرش المساء تربّعا
ذكرتُكَ فانسـاب الأسى يتبَـعُ الجوى
ومزَّقتِ الذكرى مـن الصـدر أضلُعا
ذكرتكَ فاخـضـرّت روابي خواطري
وفكريْ زها , والقـلبُ بالحبِّ أينعا
فها هيَ بـيـدائي غـدتْ مثـلَ جَنةٍ
وأورقَ رَوضـي بعـد ما كان بلقَعا

مكانُـكَ فـي قلبـي وإنْ دارُنا نأَتْ
وروحُك في روحي وإنْ لم نكـن معا
وحبُّك يـجري في عروقي مـن الصِّبا
..ويـنمـو مـع الأيامِ حتى ترعرعا
فلا تعجـبوا إنْ فـاض دمعي صبابةً !
فمـا هـو إلا الـشوقُ بالعينِ أُتْرِعا
سلوا داميَ العبراتِ : كم سـال نهرُها !
وكـم سـحَّ هتـّاناً بخدي مُوَلَّعا !
وعهـدي بدمع الـعين يَعصي محاجري
ولكنَّ دمعـي قـد غـدا اليومَ طَيّعا
وإنْ دمـعـيَ الـرقـراقُ سالَ بلوعةٍ
لغـيرِ هَـواكم كـانَ دمـعاً مُضَيَّعا

نأيتَ وخـلَّـفـتَ الـفـؤادَ مُجَرّحاًً
غـداةَ بكى شـوقاً ,فـأبكى وودَّعا
وروحيَ كـادت أنْ تـفارقَ جِسمها
وقلبي ـ يـميناً ـ كـاد أنْ يتصدّعا
وطَرْفِـيَ منـذُ البَـيْنِ لم يغْفُ لحظةً
أمـا آنَ يومـاً أنْ ينـامَ ويهجَعَا ؟!
نأيـتَ فـغرَّزتَ الحشا أسـهُم النَّوى
لأمـضـي حياتِي مُـدنَفَاً مُتَوَجّـعا
فَنَوْحـي عـلى وَجْدي وسُقميَ شاهدٌ
وجَفنيْ يُرَوِّي الخدَّ والأرضَ أَدْمُـعـا
نَهاري اشـتـياقٌ وانـتحابٌ وحُرْقَةٌ
ولـيـلي أُقَـضِّيْهِ كـئـيـباً مُلَوَّعا
ستبـقى بـخـفاقي وإنْ حـال بيننا
زمـانٌ خَـؤونٌ حـبلَ لُقـياكَ قطَّعا

شعر : مصطفى قاسم عباس