تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 41 إلى 47 من 47

الموضوع: فوائد مستخلصة من كتاب "الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم"

  1. #41

    افتراضي رد: فوائد مستخلصة من كتاب "الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم"

    القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:

    الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:

    المسألة (6): في دسِّ جبريل في فم فرعون من حال البحر:

    ذكر الآيات الواردة في المسألة:

    قوله تعالى: "وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ".

    ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ قَالَ: (آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ) فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، فَلَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا آخُذُ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ فَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ".

    بيان وجه الإشكال في الحديث:

    أُورِدَ على الحديث عدة إشكالات:

    الأول: أنه لا يجوز لجبريل -عليه السلام- أنْ يمنع فرعون من التوبة، بل يجب عليه أنْ يُعينه على التوبة وعلى كل طاعة.
    الثاني: أنه لو منعه من التوبة لكان قد رضي ببقائه على الكفر، والرضا بالكفر كفر.

    الثالث: أنه لا يليق بجلال الله أنْ يأمر جبريل بأنْ يمنعه من الإيمان.

    الرابع: أَنَّ الإيمان يصح بالقلب كإيمان الأخرس، فحال البحر لا يمنعه.

    الخامس: أَنَّ التوبة بعد المعاينة غير نافعة لفرعون؛ فحينئذ لا يبقى لهذا الذي نُسِبَ إلى جبريل فائدة.

    الجواب عن الإشكال:

    الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ فعل جبريل -عليه السلام- هو من باب الغضب لله تعالى، ولم يقصد في فعله هذا منع فرعون من الإيمان، وفعله هذا مأذون له فيه، بدليل إقرار الله له، والله تعالى أعلم.

  2. #42

    افتراضي رد: فوائد مستخلصة من كتاب "الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم"

    القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:

    الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:

    المسألة (7): في تفسير الآيات التسع التي أعطيت لموسى عليه السلام:

    ذكر الآيات الواردة في المسألة:

    قوله تعالى: "وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا".

    ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

    عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: "قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَقَالَ صَاحِبُهُ: لَا تَقُلْ نَبِيٌّ، إِنَّهُ لَوْ سَمِعَكَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ. فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ؛ فَقَالَ لَهُمْ: لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ، وَلَا تَسْحَرُوا، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً، وَلَا تُوَلُّوا الْفِرَارَ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً الْيَهُودَ: أَنْ لَا تَعْتَدُوا فِي السَّبْتِ، قَالَ: فَقَبَّلُوا يَدَهُ وَرِجْلَهُ؛ فَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي؟ قَالُوا: إِنَّ دَاوُدَ دَعَا رَبَّهُ أَنْ لَا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ، وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ".

    بيان وجه الإشكال في الحديث:

    أنَّ الآيات المذكورة في الحديث، إنما هي من الوصايا التي ذُكِرَتْ في التوراة، وليس فيها حجج على فرعون وقومه، بينما الآية صريحة بأن التسع إنما هي لإقامة الحجة والبرهان على فرعون؛ لوصفه تعالى إياها بقوله: (بَيِّنَاتٍ).

    الجواب عن الإشكال:

    الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: هو القول بضعف الحديث، وأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما سُئِلَ عن العشر الكلمات التي هي وصايا في التوراة، فاشتبهت على الراوي -وهو عبد الله بن سلمة- فظنها التسع الآيات المذكورة في آية الإسراء.

  3. #43

    افتراضي رد: فوائد مستخلصة من كتاب "الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم"

    القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:

    الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:

    المسألة (8): في نسبة الكذب لإبراهيم الخليل عليه السلام:

    ذكر الآيات الواردة في المسألة:

    قال الله تعالى: "قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ. قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ".

    وقال تعالى: "وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ. إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ. أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ. فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ. فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ".

    ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

    عن أبي هريرة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَام قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ: ثِنْتَيْنِ فِي ذَاتِ اللَّهِ: قَوْلُهُ: (إِنِّي سَقِيمٌ)، وَقَوْلُهُ: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا)، وَوَاحِدَةٌ فِي شَأْنِ سَارَةَ .."، وما في معناه.

    بيان وجه الإشكال في الحديث:

    ظاهرُ الحديثِ الشريف أنَّ قول إبراهيم: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا)، وقوله: (إِنِّي سَقِيمٌ) كان كذبا منه عليه السلام، وهذا مشكل؛ لأن الكذب لا يجوز في حق الأنبياء عليهم السلام، إذ الرسول ينبغي أنْ يكون موثوقا به؛ ليُعلم صدق ما جاء به عن الله، ولأن الكذب المحض من جملة الكبائر، والأنبياء -عليهم السلام- معصومون منها بالإجماع.

    الجواب عن الإشكال:

    الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: هو مذهب إجراء الآيات والأحاديث على ظاهرها، وأن ما قاله إبراهيم الخليل -عليه السلام- كان كذبا على الحقيقة، وليس في فعله هذا قدح بعصمته، أو اتهام له بفعل محذور شرعي، والكذب إنما يكون مُحرّما إذا ترتب عليه مفاسد، وضياعٌ لحقوق الآخرين، وأما إذا كان لغرض شرعي، وفيه مصلحة؛ فإنه لا محذور فيه، وهذا ما قررته الشريعة.

  4. #44

    افتراضي رد: فوائد مستخلصة من كتاب "الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم"

    القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:

    الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:

    المسألة (9): في الوقت الذي تكون فيه زلزلة الساعة:

    ذكر الآيات الواردة في المسألة:

    قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ".

    ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

    عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا آدَمُ، فيَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ، قَالَ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الْحَامِلُ حَمْلَهَا، وَيَشِيبُ الْوَلِيدُ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ..".

    وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَمَّا نَزَلَتْ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) إِلَى قَوْلِهِ: (وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ذَلِكَ يَوْمَ يَقُولُ اللَّهُ لِآدَمَ ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: تِسْعُ مِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ إِلَى النَّارِ وَوَاحِدٌ إِلَى الْجَنَّةِ".

    بيان وجه الإشكال في الحديث:

    ظاهر الحديثين الشريفين أنَّ زلزلة الساعة المذكورة في الآية تكون يوم القيامة بعد قيام الناس من قبورهم، وقد اسْتُشْكِلَ بأنَّ ذلك الوقت لا حمل فيه ولا رضاع، فكيف يكون فيه ذهول المرضعة عما أرضعت، ووضع الحامل لحملها؟

    الجواب عن الإشكال:

    الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: أنَّ الزلزلة المذكورة في الآية كائنة يوم القيامة بعد قيام الناس من قبورهم، لثبوت هذا التفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما الإشكال الوارد في الأحاديث فالأقرب هو حمل الأوصاف المذكورة فيها على المجاز، فيكون ذِكْرُ ذهول المرضعة عما أرضعت ووضع الحامل لحملها هو من باب تصوير شدة ذلك اليوم، لا أنَّ ذلك يكون حقيقة.

  5. #45

    افتراضي رد: فوائد مستخلصة من كتاب "الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم"

    القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:

    الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:

    المسألة (10): في قصة الغرانيق:

    ذكر الآيات الواردة في المسألة:

    قال الله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ".

    ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

    عن ابن عباس أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان بمكة؛ فقرأ سورة النجم حتى انتهى إلى قوله تعالى: (أفرأيتم اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى)، فجرى على لسانه: (تلك الغرانيق العُلى، الشفاعة منها تُرتجى)، قال: فسمع ذلك مشركو مكة، فَسُرُّوا بذلك، فاشتَدَّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فأنزل الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ .. الآية".

    بيان وجه الإشكال في الحديث:

    ظاهر الحديث الوارد في سبب نزول الآية أنَّ الشيطان ألقى على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الجملة الباطلة التي تمدح أصنام المشركين، وهذا مشكل؛ لما فيه من القدح بعصمة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

    الجواب عن الإشكال:

    الحق أنَّ هذه القصة باطلة، وليس فيها ما يصلح للاحتجاج به، لا سيّما في مثل هذا الأمر الخطير، الذي يمس مقام نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، والحق أنَّ الآية لا يصح في سبب نزولها شيء، وغاية ما في الآية الإخبار من الله تعالى أنَّ الشيطان يُلقي شيئا ما عند تلاوة نبي من الأنبياء، إلا أننا لا نستطيع الجزم بتعيين ذلك الشيء، ولا يَحِلُّ لنا تعيينه بناء على روايات ضعيفة لا يعتمد عليها؛ فإن ذلك من التفسير المذموم الذي حَذَّرَ منه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-.

  6. #46

    افتراضي رد: فوائد مستخلصة من كتاب "الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم"

    القسم الثاني: دراسة تطبيقية للأحاديث المُشْكِلَة الواردة في تفسير القرآن الكريم:

    الفصل الثالث: الأحاديث التي ترد في تفسير آيةٍ ما ويوهم ظاهرها معنى مشكلا:

    المسألة (11): في زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من زينب بنت جحش:

    ذكر الآيات الواردة في المسألة:

    قال الله تعالى: "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا".

    ذكر الحديث المشكل الوارد في تفسير الآية:

    عن أنس بن مالك قال: "أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَنْزِلَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، وَكَأَنَّهُ دَخَلَهُ (لَا أَدْرِي مِنْ قَوْلِ حَمَّادٍ، أَوْ فِي الْحَدِيثِ)؛ فَجَاءَ زَيْدٌ يَشْكُوهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ، قَالَ: فَنَزَلَتْ: (وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) إِلَى قَوْلِهِ: (زَوَّجْنَاكَهَ ) يَعْنِي زَيْنَبَ".

    بيان وجه الإشكال في الحديث:

    ظاهر هذه الرواية -وما ورد في معناها من الروايات الأخرى- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وقع منه استحسان لزينب بنت جحش، وهي في عصمة زيد، وأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان حريصا على أن يُطلقها زيد فيتزوجها هو، وهذه الرواية مشكلة؛ لما فيها من القدح بعصمة النبي -صلى الله عليه وسلم-، والنيل من مقامه الشريف.

    الجواب عن الإشكال:

    الذي يَظْهُرُ صَوَابُه: هو ضعف القصة، وأنَّ الآية لا يصح في سبب نزولها إلا حديث أنس أنه قال: "جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ"، وهذا الحديث ليس فيه شيء مما ذُكِرَ في هذه القصة، فيجب الاقتصار عليه، وطرح ما سواه من الروايات الضعيفة.
    وبهذه المشاركة تنتهي الفوائد المستخلصة من هذا الكتاب المبارك، ولله الحمد والمنة.
    وأحب أن أنبه على ما نبهت عليه سابقا من أن هذه الفوائد لا تغني عن الرجوع للأصل، فمن أراد التوسع والوقوف على الأدلة والمناقشات فلا بد من الرجوع للكتاب نفسه، سواء في هذا الكتاب المبارك أو أي كتاب أقوم فيه بنفس العمل.
    كما أنبه إلى أنني ما أخلص إليه من جواب لإشكال أو لتعارض أو تلخيص مسألة، فإنما هو ترجيح المؤلف دون تدخل مني.
    وقد أردت بهذا أن أخرج فكرة جديدة وهي فكرة تلخيص كل مسألة من مسائل الرسالة أو الكتاب وذكر خلاصتها على غرار فكرة خلاصة الرسالة ككل. والله المستعان، وعليه التكلان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,511

    افتراضي رد: فوائد مستخلصة من كتاب "الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم"

    جزاك الله خيرا ، ما أحسن عملك ـ جعله الله في ميزان حسناتك

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •