تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: قرب الإسناد وصحة الرجال ( العالي والنازل )

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي قرب الإسناد وصحة الرجال ( العالي والنازل )

    قال ابن المبارك رحمه الله : "ليس جودة الحديث قرب الإسناد ، بل جودة الحديث صحة الرجال".
    وقال السلفي رحمه الله : "الأصل الأخذ عن العلماء ، فنزولهم أولى من العلو عن الجهلة على مذهب المحققين من النقلة…".
    بل كان من صنيع بعض الأئمة كمسلم رحمه الله ، أنه كان يعدل عن الأسانيد العالية ، والتي لا تصح على شرطه ، إلى الأسانيد النازلة التي تتفق مع شرطه في الصحيح ، والله أعلم .

    وقد فضَّل العلماء الإسناد العالي على النازل ، ونفروا من نزول الإسناد حتى روي عن علي بن المديني رحمه الله أنه قال: "النزول شؤم".
    وقال ابن معين: "الإسناد النازل قرحة في الوجه .
    إلا أن بعض أهل العلم فضل الإسناد النازل على العالي، فقد نقل ابن الصلاح عن بعض أهل النظر تفضيله على الإسناد العالي؛ بحجة المشقة في تخريجه والنظر فيه. إلا أن ابن الصلاح صرح بضعف هذا المذهب. ونقل السيوطي عن ابن دقيق العيد جوابه على هذا الرأي؛ بقوله: "لأن كثرة المشقة ليست مطلوبة لنفسها، ومراعاة المعنى المقصود من الرواية وهو الصحة أولى".

    وبالرغم من تفضيل العلماء الإسناد العالي على الإسناد النازل؛ إلا أنهم اتفقوا على أن الإسناد النازل أفضل منه إذا اشتمل على مزايا وفوائد. فذكر ابن الصلاح أن النزول إذا تعيّن دون العلو طريقاً إلى فائدة راجحة على فائدة العلو فهو مختار، وذكر ابن كثير تفضيل الإسناد النازل إذا كان رجاله أجلّ من رجال العالي وإن كانوا جميعاً ثقات، وزاد ابن حجر وجوهاً أخرى لتفضيل الإسناد النازل؛ وذلك باعتبار أن رجاله الأحفظ ـ فضلاً عن الأوثق ـ ، أو الأفقه ، أو أن الاتصال فيه أظهر. وزاد السيوطي التفضيل أيضاً بزيادة الثقة في الإسناد النازل، ومثَّل لظهور الاتصال بأن يصرح بالسماع في الإسناد النازل، بينما يكون في الإسناد العالي حضور، أو إجازة، أو مناولة، أو تساهل بعض رواته في الحمل.
    قلت: واجتماع فوائد الإسناد مع إسناد عالٍ غاية المراد. وقد نقل المناوي عن الحافظ السلفي قوله: "ليس حُسن الحديث قرب رجال عند أرباب عامة الثقات ، بل علو الحديث بين أولي الحفظ والإتقان صحة الإسناد ، وإذا ما تجمَّعا في حديث فاغتنمه فذاك أقصى المراد".

    وربما تتعيَّن الرواية بالإسناد النازل للضرورة، كما أن اختياره دون الإسناد العالي يحتاج إلى علمٍ وتبحُّر. قال الحاكم النيسابوري : "فإن للنازل مراتب لا يعرفها إلا أهل الصنعة؛ فمنها ما تؤدي الضرورة إلى سماعه نازلاً، ومنها ما يحتاج طالب العلم إلى معرفة وتبحُّر فيه فلا يكتب النازل وهو موجود بإسناد أعلى منه".
    قلت: وهذا يعني أن من يختاز الإسناد النازل يجب أن يكون قد اطلع على فوائد الإسناد والمتن في جميع مرويات الحديث ؛ وذلك بالنظر في أحوال الرواة، وطبقاتهم، وصفة سماعهم من الشيوخ، وصيغ الأداء في مروياتهم، والاختلاف بين ألفاظ المُتون ، ومعرفة ما اشتملت عليه من زيادات في بعض الرواة.


    ونوَّه السيوطي إلى أهمية الطريق النازل إذا عزَّ ولم يجده المصنف بإسناد عالٍ ، ومثّل على ذلك بحديث للبخاري ؛ حيث قال: "واعلم أن كل حديث عزَّ على المحدث ولم يجده غالباً ، ولا بد له من إيراده ، فمن أي وجه أورده فهو عالٍ بعزته ، ومثل ذلك بأن البخاري روى عن أماثل مالك ، ثم روى حديثاً لأبي إسحاق الفزاري عن مالك ، لمعنى فيه ، فكان فيه بينه وبين مالك ثلاثة رجال".

    وقد روي عن بعضهم كالبخاري رحمه الله أنه قال: "لا يكون المحدث كاملاً حتى يكتب عمن هو فوقه ، وعمن هو مثله ، وعمن هو دونه".
    لذا فقد حدث عن الطبقة الرابعة من شيوخه ؛ وهم رفقاؤه في الطلب ؛ لسماع ما فاته عن مشايخه ، أو ما لم يجده عند غيرهم. وحدث أيضاً عن الطبقة الخامسة من شيوخه ؛ وهم في عداد طلبته في السن والإسناد، وذلك للفائدة .
    وقد ذُكر أن الذين كتب عنهم وحدث عنهم البخاري ينقسمون إلى خمس طبقات ؛ الطبقة الأولى : من حدثه عن التابعين مثل محمد بن عبد الله الأنصاري فإنه حدثه عن حميد ومثل مكي بن إبراهيم فإنه حدثه عن يزيد بن أبي عبيد ومثل أبي نعيم فإنه حدثه عن الأعمش .
    الطبقة الثانية : من كان في عصر هؤلاء، لكنه لم يسمع من ثقات التابعين كسعيد بن أبي مريم وأيوب بن سليمان .
    الطبقة الثالثة : وهي الوسطى من مشايخه من لم يلق التابعين لكن أخذ عن كبارأتباع التابعين كسليمان بن حرب وعلي بن المديني ويحيى بن معين ، وهذه الطبقة قد شاركه مسلم في الأخذ عنهم .
    الطبقة الرابعة : رفقاؤه في الطلب ومن سمع قبله قليلا كأبي حاتم الرازي وعبد بن حميد وأحمد بن النضر، وإنما يخرج عن هؤلاء ما فاته عن مشايخه أو ما لم يجده عند غيرهم .
    الطبقة الخامسة: قوم في عداد طلبته في السن والإسناد سمع منهم للفائدة كعبد الله بن حماد الأملي وعبد الله بن أبي العاص الخوارزمي وحسين بن محمد القباني ، والله أعلم .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: قرب الإسناد وصحة الرجال ( العالي والنازل )

    وقد فصل هذه المسألة ابن الصلاح في مقدمته ، والعراقي في التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح ، والسيوطي في تدريب الراوي ، والمناوي في اليواقيت والدرر في شرح نخبة ابن حجر وغيرهم .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,561

    افتراضي رد: قرب الإسناد وصحة الرجال ( العالي والنازل )

    بارك الله فيكم شيخنا ...

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: قرب الإسناد وصحة الرجال ( العالي والنازل )

    وفيكم بارك الله ، وجزاكم خيرا على مروركم الطيب .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    العلو نوعان : علو صفة وعلو عدد.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2016
    المشاركات
    229

    افتراضي أمثلة على النزول بالإسناد في صحيح الإمام البخاري

    عرض طيب مرتب يسهل تحصيل المراد منه، ولعل التطبيق العملي لفوائد النزول من أهم الأمور التي يحرص طالب علم الحديث الوقوف عليها، ولذا سوف أذكر صنيع الإمام البخاري في "صحيحه" في إخراج الإسناد النازل لفوائد عنده، وخير من يشرح ذلك ويبينه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"، وهذه المواضع ما جاء في "الفتح" (8/ 640): قوله -أي البخاري-: حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا هارون بن معروف حدثنا عبد الله بن وهب قال وأخبرني ابن جريج. قلت: نزل البخاري في هذا الإسناد درجتين بالنسبة لابن جريج فإنه يروي عن ابن جريج بواسطة رجل واحد كأبي عاصم ومحمد بن عبد الله الأنصاري ومكي بن إبراهيم وغيرهم ونزل فيه درجة بالنسبة لابن وهب فإنه يروي عن جمع من أصحابه كأحمد بن صالح وأحمد بن عيسى وغيرهما وكأن السبب فيه تصريح بن جريج في هذه الطريق النازلة بالإخبار".
    موضع آخر: قال في "الفتح" (4/ 221) معلقاً على إسناد الحديث رقم (1977) قال البخاري: حدثنا عمرو بن علي، أخبرنا أبو عاصم، عن ابن جريج، سمعت عطاء، ...:" قوله حدثنا عمرو بن علي الفلاس وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل وهو من شيوخ البخاري الذين أكثر عنهم وربما روى عنه بواسطة ما فاته منه كما في هذا الموضع وكأنه اختار النزول من طريقه هذه لوقوع التصريح فيها بسماع ابن جريج له من عطاء وهو بن أبي رباح".
    وفي موضع ثالث: قال في "الفتح" (7/ 488) معلقاً على إسناد الحديث رقم (4234) قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق، عن مالك بن أنس، قال: حدثني ثور ...:"قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري قوله عن مالك نزل البخاري في هذا الحديث درجتين؛ لأنه أخرجه في الأيمان والنذور عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك وبينه وبين مالك في هذا الموضع ثلاثة رجال قال بن طاهر والسر في ذلك أن في رواية أبي إسحاق الفزاري وحده عن مالك حدثني ثور بن زيد وفي رواية الباقين عن ثور وللبخاري حرص شديد على الإتيان بالطرق المصرحة بالتحديث" انتهى. والله أعلم.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    العلو نوعان : علو صفة وعلو عدد.
    أحسن الله إليكم وجزاكم خيرا.
    أشرت إلى هذا من خلال ما ذكرتُه آنفا من كلام أهل العلم ، ومنه :
    وبالرغم من تفضيل العلماء الإسناد العالي على الإسناد النازل؛ إلا أنهم اتفقوا على أن الإسناد النازل أفضل منه إذا اشتمل على مزايا وفوائد. فذكر ابن الصلاح أن النزول إذا تعيّن دون العلو طريقاً إلى فائدة راجحة على فائدة العلو فهو مختار، وذكر ابن كثير تفضيل الإسناد النازل إذا كان رجاله أجلّ من رجال العالي وإن كانوا جميعاً ثقات، وزاد ابن حجر وجوهاً أخرى لتفضيل الإسناد النازل؛ وذلك باعتبار أن رجاله الأحفظ ـ فضلاً عن الأوثق ـ ، أو الأفقه ، أو أن الاتصال فيه أظهر. وزاد السيوطي التفضيل أيضاً بزيادة الثقة في الإسناد النازل ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •