روى صاحب حلية الأولياء(ج5ص282-283) أن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز دخل على أبيه عمر بن عبد العزيز فقال: « يا أمير المؤمنين! إن لي إليك حاجة، فأخْلِني وعنده مسلمة بن عبد الملك، فقال له عمر: أسِرٌّ دون عمك؟ فقال: نعم! فقام مسلمة وخرج، وجلس بين يديه فقال له: يا أمير المؤمنين! ما أنت قائل لربك غداً إذا سألك فقال: رأيتَ بدعةً فلم تُمِتْها، أو سنة لم تُحْيِها ؟ فقال له: يا بني أشيء حَمَّلَتْكَهُ الرعية إليَّ، أم رأي رأيته من قِبَل نفسك؟ قال: لا، واللهِ ، ولكن رأي رأيته من قِبَل نفسي، وعرفت أنك مسئول؛ فما أنت قائل؟ فقال أبوه: رحمك الله وجزاك الله من ولد خيراً؛ فوالله إني لأرجو أن تكون من الأعوان على الخير. يا بني! إن قومك قد شدُّوا هذا الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى ما أريدُ مكابرتهم على انتزاع ما في أيديهم لم آمن أن يفتقوا عليَّ فتقاً تكثر فيه الدماء، واللهِ لَزوالُ الدنيا أهون عليَّ من أن يهراق في سببي محجمة من دم، أَوَما ترضى أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلا وهو يميت فيه بدعة ويحيي فيه سنة، حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الحاكمين؟».
وفي رواية أنه قال له: « لا تعجل يا بني، فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في الثالثة، وإني أخاف أن أحمل الحق على الناس جملة، فيدعوه جملة، ويكون من ذا فتنة ! ».