تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: المتقون والمعاصي (3/5). د. حاتم العوني.

  1. افتراضي المتقون والمعاصي (3/5). د. حاتم العوني.

    أ.د. الشريف حاتم العوني
    الجمعة 07/02/2014
    المتقون والمعاصي (3/5)
    تكلمنا في الأسابيع الثلاثة الماضية عن بعض الفوائد التي نستفيدها من قوله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
    ونذكر اليوم فائدة جديدة :
    الفائدة الرابعة : بعد أن ذكر الله تعالى ما يؤول إليه حال المتقين بعد وقوعهم في المعصية، وبعد تذكرهم لربّهم عز وجل ، وأنهم يسارعون إلى الاستغفار بلا تردّدٍ ولا تأخُّرٍ ، ذكر الله تعالى سبب هذه المبادرة إلى الاستغفار والعجلةَ في اللجوء إليه ، فقال تعالى (وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّه). والمعنى : لا عجب من هذه المبادرة إلى طلب الصفح والغفران ؛ فإنه طلبٌ ممن تفرّد بكرم الصفح والغفران على وجه الحقيقة , وهو الله تعالى .
    فالآية جاءت على وجه السؤال التقريري (وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّه)؟, والجواب المعلوم عن هذا السؤال : هو الله تعالى .
    لكن الغريب أن الآية جاءت وكأنها تمنع وقوع مغفرة الذنوب إلا من الله تعالى ؛ لأنها حصرت غفران الذنوب في غفران الله تعالى . فلقائل أن يقول: ما معنى هذا الحصر؟ ومِن عباد الله من يعفو ويغفر أيضًا (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ، (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) فكيف يُـخبَـرُ عن امتناع وقوع الغفران إلا من الله تعالى ، مع وقوعه من بعض خلقه؟!
    قد يُقال: إن المقصود هو أن الله وحده هو الذي له حق غفرانِ مخالفةِ أمره ؛ فالناس قد يغفرون لمن عصاهم ، لكن معصية الله تعالى لا يغفرها إلا هو وحده . وهذا معنى صحيح في ذاته بغير أدنى شك ، فحقُّ المؤاخذة على المعاصي وغُفرانُها حقٌّ إلهي لا شَراكة فيه لأحد أبدًا ؛ لكن هذا المعنى مع صحته فهو لا ينفع أن يكون هو المقصود في سياق هذه الآية ؛ لأن الآية ليست في سياق الحديث عن كمال ربوبيته عز وجل وانفراده سبحانه بالحكم في خلقه ، حتى يكون هذا هو معنى ذلك الحصر لمغفرة الذنوب . وإنما كان سياق الآية عن بيان سعة رحمة الله وعظيم حلمه وكريم عطائه في الصفح والغفران ، مما لا يجعل لمذنب عذرًا في التأخر عن طلب المغفرة، ولا يُجيز لعاصٍ أن ييأس من رحمة الله تعالى .
    إذن : فما المقصود من هذا الحصر؟!
    المقصود : التنبيه على أن الفرق كبيرٌ جدا بين غفران رب العباد للعباد وغفران بعض العباد للعباد ، حتى استحق أن لا يكون لغفران العباد للعباد ذكرٌ ولا له معنى في مقابل مغفرة ربهم ! وهذا استعمالٌ عربيٌّ صحيح ، فأنت تقول : وهل الشجاع إلا عنترة ؟! وهل الجواد إلا حاتم ؟! ولا تعني نفي الشجاعة عمن سوى عنترة، ولا نفي الجود عمن سوى حاتم ؛ ولكنك قد تريد : إنه لا ذِكر لشجاعة أحد أمام شجاعة عنترة، ولا بقاء لـجُود كريمٍ أمامَ جُود حاتم .
    وكانت مغفرة الله تعالى لذنوب عباده تستحق أن تنفي وجود مغفرة كل من سواه لأسباب كثيرة جدا ، لو لم يكن منها إلا السببَ الحاضرَ في عامة الأذهان لكفى : وهو أن مغفرة عباده لعباده ما كان لها أن تقع بغير إذنه عز وجل ، فهي في الحقيقة مِنّة الله على عباده ، التي أجراها على يدي بعضهم لبعض . فكيف إذا استحضرنا أيضًا :
    -أن معصية العبد لربه معصية حقيقية ؛ لأنها معصية لمن تجب طاعته بانفراده بالخلق والأمر والربوبية. وأما معصية العبد لغيره من العباد فهي معصية غير حقيقية ؛ لأنها معصية لمن لا تجب طاعته أصلا ؛ إلا بإيجاب الله تعالى لها . فكيف تشابه مغفرة الرب مغفرة العبد ؟! وكيف لا تكون لاغيةً معها ؟!
    -أن قبح معصية العبد للرب لا تقاربها في القبح ولا تشبهها معصية غيره من خلقه! لأنها معصية للعظيم الذي انفرد بالعظمة الذاتية الأزلية سبحانه وتعالى. فأين يأتي قبح معصية خلقه لخلقه من قبح معصيتهم ربَّهم؟! وكلما عَظُمَ قبحُ المعصية ، عَظُمَ قَدْرُ غُفرانِها .
    -أن كل غافرٍ من الخلق فَلِغُفْرانِه حُدودٌ ، لو لم تكن إلا حدَّ حياته , وحدَّ انْطواءِ مَحْوِ غفرانه بوفاته ، لكفى أن يكون غفران الخلق لا شيء في مقابل غفران خالقهم عز وجلّ ، الذي لا حدَّ له، ولا يحجبه عن عباده كثرةٌ ولا فُحشٌ ولا عِظمٌ ؛ إلا الشرك والكفر. وهو غفرانٌ لا ينتهي أبدًا ، فهو غفرانٌ أزلي : سَبَـقَ وجود الخلق , وباقٍ بعد فنائهم ، وينتظرهم يوم معادهم , ويصاحبهم في خلودهم في مستقرّ كرامتهم!!
    فأنَّى يكون لمغفرة من سوى الله تعالى (بعد ذلك) ذكرٌ مع مغفرته سبحانه ! فاللهم مغفرتَك التي لا تُردُّ عن أهل توحيدك!!
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    سلطنة عمان
    المشاركات
    10

    افتراضي رد: المتقون والمعاصي (3/5). د. حاتم العوني.

    غفر الله لنا ولكم ولوالدينا و للمؤمنين و المؤمنات امين
    اللهم صلي على محمد و على ال محمد كما صليت على ابراهيم و على ال ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •