فائدة لغوية في التثنية :
يد تثنيتها "يدان" ، أما يديان فهو شاذ ، والقياس تثنيتها بدون رد اللام، سواء أكان المعنى اليد الجارحة أم بمعنى القوة. والدليل على ذلك ما نقله صاحب تهذيب اللغة عن أبي الهيثم : وَالْعرب تَقول: مَا لي يَدٌ أَي مَا لي بِهِ قوَّة وَمَا لي بِهِ يدان وَمَا لَهُم بذلك أيْدٍ أَي قوَّة، وَلَهُم أيدٍ وأبصار وهم أولو الْأَيْدِي والأبصار، أَي أولو الْقُوَّة والعقول.
- وفي تاج العروس النص التالي:
- قَالَ ابنُ سِيدَه: (و) قَوْلهم: (لَا} يَدَيْنِ لَكَ بِهَذَا) ، أَي (لَا قُوَّةَ) لَكَ بِهِ: لم يَحْكِه سِيبَوَيْه إلاَّ مُثَنَّى، ومَعْنى التَّثْنِية هُنَا الجَمْع والتّكْثِير، قالَ. وَلَا يجوزُ أَن تكونَ الجارحَةَ هُنَا، لأنَّ الباءَ لَا تَتَعلَّق إلاَّ بفِعْل أَو مَصدَر، انتَهَى. وأَجازَ غيرُ سِيبَوَيْه: مَالِي بِهِ {يَدٌ} ويَدَانِ {وأَيْدٍ بمعْنًى واحِدٍ. وَفِي حَدِيث يأْجُوجَ ومأْجُوجَ: (قد أَخْرَجْتُ عِباداً لي لَا} يَدانِ لأَحَدٍ بقِتالِهِم) ، أَي لَا قُدْرَةَ وَلَا طاقَةَ.
- وسيبويه لم يكن في معرض استقصاء للغات "اليد"وتثنياته ا ، و لم يقل أنها لم ترد عن العرب مثانة، أو أنها لا ترد إلا على صورة التثنية، و إنما كان يتحدث عن إثبات نون اليدين وهو الوجه عنده يقول:" لا يَدَينِ بها لك، ولا يدينِ اليوم لك، إثبات النون أحسن، وهو الوجه. وذلك أنك إذا قلت: لا يَدَيْ لك ولا أبالك، فالاسمُ بمنزلة اسم ليس بينه وبين المضاف إليه شيء؛ نحو لا مِثل زيد؛ فكما قبح أن تقول لا مثل بها زيد فتفصل، قبح أن تقول لا يَدَي بها لك" ولا هنا نافية للجنس ويدين اسمها منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى. أما لفظة "يدان" في الحديث النبوي: (قد أَخْرَجْتُ عِباداً لي لَا يَدانِ لأَحَدٍ بقِتالِهِم) فقد خرجها العلماء على لغة بني الحارث الذين يلزمون المثنى الألف في الأحوال كلها .
وقد نص الرضي على تثنية اليد وإن كانت بمعنى "القوة " إذ يقول في شرح شافية ابن الحاجب عند شرحه للبيت التالي:
الله نَجَّاكَ بِكَفِّي مَسْلَمَهْ * مِنْ بَعْدِمَا وَبَعْدِمَا وَبَعْدِمَهْ
وقوله " الله نجاك - إلخ " الله: مبتدأ، وجملة " نجاك " خبره، ونجاه من الهلاك تنجيةً: أي خلَّصَه، ويقال: أنجاه، أيضاً، وبه رواه ابن هشام في شرح الألفية، و " بكَفَّي " الباء متعلقة بنجاك، وكفي: مثنى كف، قال الأزهري: الكف الراحة مع الأصابع، سميت بذلك لأنها تكف الأذى عن البدن، وأراد بالكف اليد، من إطلاق الجزء على الكل، واليد: من المنكب إلى أطراف الأصابع، والمراد من اليد هنا الدفع، يقال: مالي بهذا الأمر يد، ولا يدان، لأن المباشرة والدفاع إنما تكون باليد، فكأن يَدَيْه معدومتان لعجزه عن الدفع، وإنما ثنى لأن كمال الدفع بهما.
فقول سيبويه،وما حكاه الأزهري عن أبي الهيثم، وكلام الرضي، وقول ابن سيدة ، كلها تؤكد تثنية اليد على يدين في المعنيين المذكورين أعلاه: اليد الجارحة، والقوة.