كل من حمل العلم يحق له نقله فقط ، لكن الافتاء لا بد له من خبرة وواقعية ... أسأنا في التحدث في وسائل الإعلام كثيرا ...
للأسف لم يفقه الإعلام الفرق بين رأي العالم وبين اجتهاده ... فرأيه لا يعتد به ، وإنما يعتد باجتهاده ، وكذلك لم نفقه نحن بالسكوت في المسائل المشكلة على العوام فتسرعنا في القول برأينا الخالي عن الاجتهاد فوقع الضرر البالغ ولم نتذكر أن النبي سئل عن مسائل فسكت ، بل في بعضها قال: لا أدري حتى أسأل ربي ...

روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله عن مَالِك بْن أَنَسٍ ، يَقُولُ : " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، أُخْطِئُ وَأُصِيبُ ، فَانْظُرُوا فِي رَأْيِي ، فَكُلَّمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوا بِهِ , وَكُلَّمَا لَمْ يُوَافِقِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ , فَاتْرُكُوهُ " .
وعن طَلْق بْن غَنَّامٍ ، قَالَ : " أَبْطَأَ حَفْصُ بْنُ غَيَّاثٍ فِي قَضِيَّةٍ ، فَقُلْتُ لَهُ , فَقَالَ : إِنَّمَا هُوَ رَأْيِي لَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ وَلا سُنَّةٌ , وَإِنَّمَا أَحَزَّ فِي لَحْمِي فَمَا عَجَلَتِي " .
عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ : أَتَى زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ، قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عَنْ أَشْيَاءَ ، فَأَخْبَرَهُمْ بِهَا ، فَكَتَبُوهَا ثُمّ , قَالُوا : لَوْ أَخْبَرْنَاهُ ، قَالَ : فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : " عُذْرًا لَعَلَّ كُلَّ شَيْءٍ حَدَّثْتُكُمْ خَطَأٌ ، إِنَّمَا اجْتَهَدْتُ لَكُمْ رَأْيِي " .