بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة إلى الأديب المسلم

الأديب المسلم المعني بهذه المقالة هو الذي أحب الأدب شعرا ونثرا ، وشق له فيه طريقا ، ولكنه لم يوجه هذا الأدب لما يجب أن يوجهه له وهو خدمة الإسلام ، بل جعله فنا يلوذ به في هذه الحياة ويستمتع به قراءة وإنتاجا ، وبعضهم يرى فيه مادة للتغيير والتأثير في المجتمع نحو الأفضل كما يرى .
ولمزيد الإيضاح فهذا الصنف من الأدباء وهو المعني بهذه المقالة هو الصنف الذي لا تجد في أدبه ما يصادم الإسلام ولا تجد فيه تزكية لعقائد كفرية كالعلمانية والليبرالية أو الماركسية أو الرأسمالية أوغيرها من النحل والعقائد الضالة ، وفي الوقت نفسه لا تجد في أدبه الاهتمام بنشر فضائل الإسلام والدفاع عن عقيدته وشريعته وعن قضايا الأمة الإسلامية ، ومع ذلك فالاقتراب من هذا الصنف من الأدباء مطلوب والأمل في استعماله لهذه القدرة الأدبية التي مكنه الله في خدمة الإسلام – وهي خدمة لنفسه قبل كل شيء - منها قريب.
وأقول لأخي الأديب المسلم الذي هذا نعته : تذكر أنك مسلم قبل كل شيء ثم تذكر تفاهة هذه الحياة وسرعة انقضائها ، وتذكر أيضا أن الشهرة التي ليس وراءها فائدة في دار الخلود فشهرة زائفة ، واستحضر أن هذه الحياة الدنيا دار عمل وتحصيل للمكاسب التي يجني المرء جناها الطيب في دار الخلود يوم (لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) .
أخي الأديب المسلم ذا التوجه الموصوف سالفا في هذه المقالة:
إن للأدب بلا ريب ثقله الذي لا ينكر في عالم الدعوات وفي رحاب الحضارات وفي رقي الأمم أو سفولها ، والأمة الإسلامية في حاجة إلى الأديب الذي يحمل رسالتها بكل ما تعنيه الرسالة من شمول ، وأنت والحال هذه قد منحك الله القدرة الأدبية تذوقا وتأليفا واهتماما فلا تضيعها فيما لا يعود عليك بالنفع ، ولا تصرفها فيما لا يعود على أمتك بالخير ، بل استعملها فيما يعود عليك بالخير العظيم في الدنيا والآخرة ، واعلم أن أحب الناس إلى الله وأقربهم منه الدعاة إلى سبيله ، والأدب مجال عظيم من مجالات الدعوة وأداة جليلة من أدوات التبليغ عن الله ، فأعد النظر في نظرتك إلى الأدب ورسالته ، واجتهد في تقويم موقفك الأدبي ، وهل وأنت والحال هذه مستفيد من هذا الجهد الكبير الذي تبذله بغير طائل وأنت لا توجه أدبك لخدمة الإسلام وأمته ، ولخدمة المسلم حيثما كان ، وأنت تعلم وتؤمن أن المرء سيسأل عن عمره وعلمه ، وأن من دعا إلى الله فإن الله يثيبه من الأجر مثل أجور كل من وصلته دعوته فانتفع بها؟ وها نحن إلى اليوم نذكر حسانا وكعبا وابن رواحة رضي الله عنهم وقافلة عظيمة من أدباء وشعراء الإسلام خلد الباري صيتهم وأحسن ذكرهم؟
وهنا آمل من الأديب المسلم ألا يفهم من كلامي هذا أن يصبح الأديب المسلم تقريريا – كما يقال – في أدبه ، وأن يتخلى عن جماليات الأدب ، فإنني إذا طلبت هذا فمعنى هذا أنني أطلب من الأديب التخلي عن الأدب نفسه ، لأن للأدب مقوماته التي إذا فقدها فقد الأديب صفته والأدب قيمته ، واللبيب بالإشارة يفهم .

علي التمني

أبها في 3/4/1435