ماذا فعل النصارى في الهنود الحمر ؟!!


حفظ لنا التاريخ شهادة سجلها شاهد عيان على تلك الإبادة الوحشية المؤلمة ضد الهنود الحمر , وهي شهادة المطران لاس كازاس , فإنه حين رأى ما يمارسه قومه المسيحيون من قتل للبشر وتدمير للقرى وإحراق لها باسم الدين , كتب رسالة مطولة يشرح فيها ما رأته عيناه ووعاه قلبه , وقد طُبعت هذه الرسالة وترجمة إلى العربية بعنوان"المسيحية والسيف" .


وهي شهادة تاريخية نادرة هزت أعماق ومشاعر كثير من أنباء أروبا وأمريكا حين نشرت وتركتهم في حالة مدهشة , وأدت بكثير منهم إلى إعادة النظر في تاريخهم وأخلاقهم وديانتهم المسيحية( ) .


وقد رصد فيها المطران لاس كازاس مشاهد مؤلمة وصورا وحشية لا يكاد يقوم بها بشر , فضلا عمن يدعي أنه متبع لدين سماوي! وجمع فيها من الأخبار ما يسود صورة الكنيسة ويظلم منه تاريخها , وفي تصوير شيء من القتل الذي قام به المسيحيون يقول لاس كازاس :"كانوا يدخلون على القرى فلا يتركون طفلا ولا حاملا ولا امرأة تلد إلا ويبقرون بطونهم ويقطعون أوصالهم كما يقطعون الخراف في الحظيرة , وكانوا يراهون على من يشق رجلا بطعنة سكين , او يطقع رأسه أو يدلق أحشاءه بضربة سيف , كانوا ينزعون الرضع من امهاتهم ويمسكونهم من أقدامهم ويربظون رؤوسهم بالصخور , أو يلقون بهم في الأنهار ضاحكين ساخرين , وحين يسقط في الماء يقولون :"عجبا إنه يختلج " .
كانوا يسفّدون الطفل وأمه بالسيف كما تسفد قطع اللحم بالسفود , وينصبون مشانق طويلة ينظمونها مجعة مجموعة , كل مجموعة ثلاثة عشر مشنوقا , ثم يشعلون النار ويحرقونهم أحياءً , وهناك من كان يربط الأجساد بالقش اليابس ويشعل فيها النار : هكذا أحرقوا الهنود الحمر وهم أحياء! ...
وأما أسياد الهنود ونبلاؤهم فكانوا يقتلون بأن تصنع لهم مشواة من القضبان يضعون فوقها المذراة ثم يربط هؤلاء المساكين بها , وتوقد تحتهم نار هادئة من أجل أن يحتظروا ببطء وسط العذاب والألم والأنين!"( )


وكانوا المسيحيون إذا لم يجدوا طعاما لكلابهم السلوقية رموا إليها بأطفال الهنود الحمر لتلتهم تلك الكلاب الجوعى , أو قاموا تقطيعهم قطعا صغيرة ورموا بها إلى كلابهم( ).


وأما من أبقوهم أحياءً فإنهم قاموا بإهلاكهم بالأعمال الشاقة ومنعوا عنهم الماء والأكل , وكانوا يرمون إليهم الأعشاب بحجة أنهم ليسوا بشرا وإنما حيوانات( ).


وقد سرد المطران لاس كازاس شيئا كثيرا من المشاهد المؤلمة حتى كلت يداه , وقال في آخر شهادته :" واه ... إنني مللت من سرد كل هذا الركام من الجرائم , ومن وصف هذه السلسلة الطويلة من المذابح ؛ لأنني لا أتحدث عن أفعال بشر , بل أفعال هائم تعيش في الغابات"( ).

سلطان العميري.