تكملة شرح الأزهري على الآجرومية بصيغة وورد
في ذكر حاصل ما تقدم من أول باب علامات الإعراب إلى هنا؛ تمرينا للمبتدئ على عادة المتقدمين ـــ رحمهم الله تعالى أجمعين ـــ وحاصله أن يقال: {المعربات قسمان: قسم يعرب بالحركات} الثلاث: الضمة والفتحة والكسرة أو بالسكون {وقسم يعرب بالحروف} الأربعة: الواو والألف والياء والنون، أو بالحذف {فالذي يعرب بالحركات} إجمالاً {أربعة أنواع} نوع من الأفعال وثلاثة من الأسماء، فأنواع الأسماء الثلاثة {الاسم المفرد} نحو: جاء زيد، ورأيت زيداً، ومررت بزيد {وجمع التكسير} نحو: جاء الرجال، ورأيت الرجال، ومررت بالرجال {وجمع المؤنث السالم} نحو: جاءت الهندات، ورأيت الهندات، ومررت بالهندات {و} نوع الأفعال {الفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شيء} نحو: يضرب ولن يضرب ولم يضرب {وكلها} أي: مجموع الأنواع الأربعة لا جميعها؛ لتخلف بعض الأحكام في بعضها، أي: مجموعها {ترفع بالضمة} نحو: يضرب زيد ورجال ومؤمنات {وتنصب بالفتحة} نحو: لن أضرب زيداً ورجالاً {وتخفض بالكسرة} نحو: مررت بزيد ورجال ومؤمنات {وتجزم بالسكون} نحو: لم يضرب، هذا هو الأصل {وخرج عن ذلك} الأصل {ثلاثة أشياء: جمع المؤنث السالم ينصب بالكسرة} نحو: رأيت الهندات، وكان حقه أن ينصب بالفتحة {والإسم الذي لا ينصرف يخفض بالفتحة} نحو: مررت بأحمد ومساجد، وكان حقه أن يخفض بالكسرة {والفعل المضارع المعتل الآخر يجزم بحذف آخره} نحو: لم يغز، ولم يخش، ولم يرم، وكان حقه أن يجزم بالسكون {والذي يعرب بالحروف أربعة أنواع} أيضا ثلاثة من الأسماء ونوع واحد من الأفعال، فأنواع الأسماء الثلاثة {التثنية} نحو: جاء الزيدان {وجمع المذكر السالم} نحو: قام الزيدون {والأسماء الخمسة} وهي: أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو مال {و} نوع الأفعال {الأفعال الخمسة وهي يفعلان} بالياء المثناة تحت {وتفعلان} بالتاء المثناة فوق {ويفعلون} بالياء المثناة تحت {وتفعلون} بالتاء المثناة فوق {وتفعلين} بالتاء المثناة فوق لا غير {فأما التثنية} بمعنى المثنى من إطلاق المصدر على اسم المفعول {فترفع بالألف} نحو: جاء الزيدان {وتنصب وتخفض بالياء} المفتوح ماقبلها المكسور ما بعدها، نحو: رأيت الزيدين ومررت بالزيدين {وأما جمع المذكر السالم فيرفع بالواو} نحو: جاء الزيدون {وينصب ويخفض بالياء} المكسور ما قبلها المفتوح مابعدها نحو: رأيت الزيدين ومررت بالزيدين {وأما الأسماء الخمسة فترفع بالواو} نحو: هذا أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو مال {وتنصب بالألف} نحو: رأيت أباك وأخاك وحماك وفاك وذا مال {وتخفض بالياء} نحو: مررت بأبيك وأخيك وحميك وفيك وذي مال {وأما الأفعال الخمسة فترفع بالنون} نحو: يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين {وتنصب وتجزم بحذفها} أي: بحذف النون، نحو: لن يفعلا ولم تفعلا ولن يفعلوا ولم تفعلوا ولن تفعلي ولم تفعلي، وحاصل علامات الإعراب عشرة أشياء: الحركات الثلاث، والسكون، والأحرف الثلاثة وحذفها للجازم، والنون وحذفها للناصب والجازم.
ومراده عطف النسق، وهو العطف بحروفٍ مخصوصة، {وحروف العطف عشرة} على القول بأنَّ إمّا المكسورة الهمزة عاطفة، والتحقيق خلافه، {وهي} أي: حروف العطف العشرة {الواو} لمطلق الجمع على الصحيح، من غير ترتيب، نحو: جاء زيدٌ وعمروٌ قبله أو بعده أو معه، والفاء للترتيب والتعقيب، نحو: جاء زيد فعمرو، إذا كان عمرو جاء عقب مجيء زيد، {وثُمَّ} بضمّ المثلثة، للترتيب والتراخي، نحو: جاء زيدٌ ثُمَّ عمروٌ، إذا كان مجيء عمرو بعد مجيء زيد بمهلة، {وأو} للتخيير أو الإباحة بعد الطلب، نحو: تزوَّجْ هنداً أو أُختَها، وجالسِ العُبَّادَ أو الزُّهَّادَ، وللإبهام أو الشك بعد الخبر، نحو: (وأنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) ونحو: (لبثنا يوماً أو بعض يوم)، {وأم} لطلب التعيين، نحو: أعندك زيدٌ أم عمروٌ، إذا كنت عالماً بأن أحدهما عند المخاطب ولكنك لا تعرف عينه، وطلبتَ منه تعيينه، {وإمَّا} المكسورة الهمزة، المسبوقة بمثلها أو في معناها، نحو: فشدوا الوثاق فإمَّا منّاً بعدُ وإمَّا فداءً
وقس الباقي، {وبل} للإضراب، نحو: اضربْ زيداً بل عمراً، {ولا} للنفي، نحو: جاء زيدٌ لا عمروٌ، {ولكن} بسكون النون، للاستدراك، نحو: لا تضربْ زيداً لكن عمراً، {وحتى في بعض المواضع} تكون عاطفةً ومعناها التدريج والغاية، نحو: مات الناس حتى الأنبياء، وفي بعض المواضع تكون ابتدائية، نحو: وفي بعض المواضع تكون جارّةً، نحو قوله تعالى: (حتى مطلع الفجر) فتحصّل أنَّ لحتى ثلاثة أوجه مختلفة، وربَّما تعاقبت هذه الأوجه على شيءٍ واحدٍ في بعض المواضع بحسب الإرادة، كما إذا قلتَ: أكلتُ السمكة حتى رأسها، فإن رفعت الرأس فحتَّى حرف ابتداء، وإنْ نصبتها فحتى حرف عطف، وإن جررتها فحتى حرف جرّ، وهذه الحروف العشرة مع اختلاف معانيها تشرك ما بعدها لما قبلها في إعرابه، {فإنْ عطفتَ} أنتَ {بها على مرفوع رفعت} المعطوف {أو على منصوبٍ نصبت} المعطوف {أو على مخفوضٍ خفضتَ} المعطوف {أو على مجزوم جزمت} المعطوف {تقول} في عطف الاسم على الاسم في الرفع: {جاء زيدٌ وعمروٌ و} في النصب {رأيتُ زيداً وعمراً و} في الخفض {مررتُ بزيدٍ وعمروٍ}، وتقول في عطف الفعل على الفعل في الرفع: يقوم ويقعد زيدٌ، وفي النصب: لن يقومَ ويقعدَ زيدٌ، وفي الجزم: لم يقمْ ويقعدْ زيدٌ، وقس سائر حروف العطف على هذا، وفُهم من إطلاقه أنَّه يجوز عطف الظاهر على الظاهر، والمضمر على المضمر، والظاهر على المضمر، وعكسه، والنكرة على النكرة، والمعرفة على المعرفة، والمعرفة على النكرة، وعكسه، والمفرد والمثنى والمجموع، والمذكر والمؤنث بعضها على بعض، تطابقاً وتخالفاً. يقرأ بالواو وبالهمزة وبالألف، {التوكيد} بمعنى المؤكِّد، بكسر الكاف، {تابعٌ للمؤكَّد}، بفتح الكاف، {في رفعه} إن كان مرفوعاً، نحو: جاء زيدٌ نفسه، وجاء القومُ كلُّهم، {و} في {نصبه} إن كان منصوباً، نحو: رأيتُ زيداً نفسَه، ورأيتَ القومَ كلَّهم، {و} في {خفضه} إن كان مخفوضاً، نحو: مررتُ بزيدٍ نفسه، ومررتُ بالقوم كلِّهم، {و} في {تعريفه} إن كان معرفة ـــ كما تقدَّم من الأمثلة ـــ فإنَّ زيداً والقوم معرفتان، الأوَّل بالعلمية، والثاني بالألف واللام، ونفسه وكلهم معرَّفتان بالإضافة إلى الضمير، ولم يقل: وتنكيره ــــ كما قاله في النعت ــــ لأنَّ ألفاظ التوكيد كلها معارف، فلا تتبع النكرات ــــ كما عليه البصريون ــــ {ويكون} أي: التوكيد المعنوي، {بألفاظ معلومة} عند العرب لا يعدل عنها إلى غيرها، {و} تلك الألفاظ المعلومة هي {النفس} ــــ بسكون الفاء ــــ أي: الذات، {والعين} المعبِّر بها عن الذات مجازاً من باب التعبير بالبعض عن الكل، ويؤكد بهما لرفع المجاز عن الذات، فإن قلتَ: جاء زيدٌ، احتمل أن تكون أردتَ كتابَه أو رسولَه أو ثقلَه، فإذا قلت: جاء زيدٌ نفسه أو عينه ارتفع المجاز وثبتت الحقيقة، {وكل وأجمع} يؤكد بهما للإحاطة والشمول، فإذا قلت: جاء القوم، احتمل أن الجائي بعضهم وأنك عبّرت بالكل عن البعض، فإذا أردت التنصيص على مجيء الجميع، قلت: جاء القوم كلهم أجمعون، وقد يحتاج المقام إلى زيادة التوكيد فيؤتى بألفاظ أخر معلومة، {و} تسمى تلك الألفاظ {توابع أجمع}، وتوابع أجمع لا تتقدم عليه {وهي} أي: توابع أجمع {أكتع} مأخوذ من تكتع الجلد إذا اجتمع {وأبتع} مأخوذ من البتع، وهو طول العنق، {وأبصع} ـــ بالصاد المهملة ـــ مأخوذ من البصع، وهو العرق المجتمع، والأصل إفراد النفس عن العين، وكل عن أجمع، وأجمع عن توابعه، {تقول} في إفراد النفس عن العين في الرفع {قام زيدٌ نفسه و} في إفراد كل عن أجمع في النصب {رأيت القوم كلهم و} في إفراد أجمع عن توابعه في الخفض {مررت بالقوم أجمعين} وتقول في اجتماع النفس والعين: جاء زيد نفسه عينه، وفي اجتماع كل وأجمع: رأيت القوم كلهم أجمعين، وفي اجتماع أجمع وتوابعه: مررت بالقوم أجمعين أكتعين أبتعين أبصعين، لكن بشرط تقدم النفس على العين، وكل على أجمع، وأجمع على توابعه. البدل تابع للمبدل منه في رفعه ونصبه وخفضه وجزمه، وهذا معلوم من قوله: {إذا أبدل اسم من اسم أو فعل من فعل تبعه في جميع إعرابه} من رفع ونصب وخفض وجزم {وهو} أي: بدل الاسم من الاسم والفعل من الفعل {على أربعة أقسام} على المشهور الأول {بدل الشيء من الشيء} أي: بدل شيء من شيء هو مساوٍ له في المعنى {و} الثاني {بدل البعض من الكل} أي: بدل الجزء من كله، قليلاً كان ذلك الجزء أو كثيراً أو مساوياً للجزء الآخر، {و} الثالث {بدل الاشتمال} وهو أن يشتمل المبدل منه على البدل اشتمالاً بطريق الإجمال لا كاشتمال الظرف على المظروف، {و} الرابع {بدل الغلط} أي: بدل من اللفظ الذي ذكر غلطاً، لا أنَّ البدل نفسه هو الغلط، كما قد يتوهم، كذا حرره في التوضيح، فمثال بدل الشيء من الشيء في الاسم {نحو قولك: جاء زيدٌ أخوك} وإعرابه، جاء: فعل ماض، وزيدٌ: فاعل، وأخوك: بدل من زيد، بدل شيء من شيء، ويسمّى بدل كل من كل، ويسمّيه ابن مالك بالبدل المطابق، {و} مثال بدل البعض من الكل {أكلتُ الرغيفَ ثلثَه} أو نصفَه أو ثلثيه، وإعرابه، أكلت: فعل وفاعل، والرغيف: مفعول به، وثلثه: بدل من الرغيف، بدل بعض من كل، ومنع المحققون دخول أل على كل وبعض، {و} مثال بدل الاشتمال: {نفعني زيدٌ علمه} وإعرابه، نفعني: فعل ومفعول، وزيدٌ: فاعل، وعلمه: بدل من زيد، بدل اشتمال، {و} مثال بدل الغلط: {رأيتُ زيداً الفرسَ} وإعرابه، رأيتُ: فعل وفاعل، وزيداً: مفعول به، والفرس: بدل من زيد، بدل غلط، وذلك أنك {أردت أن تقول} رأيتُ {الفرس} ابتداءً {فغلطت} فجعلت زيداً مكانه، وهذا معنى قوله: {فأبدلت زيداً منه} أي: عوّضت زيداً من لفظ الفرس، فهذه أمثلة أقسام البدل الأربعة في الاسم، وأما في الفعل فقال الشاطبي: تجري فيه الأقسام الأربعة، مثال بدل الشيء من الشيء في الفعل: ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب، فإنَّ معنى مضاعفة العذاب هو لقي الآثام، ومثال بدل البعض من الكل: إن تصلِّ تسجد لله يرحمك، ومثال بدل الاشتمال قوله: إنَّ على الله أن تبايعا تؤخذ كرهاً أو تجيء طائعا لأنَّ الأخذ كرهاً والمجيء طائعاً من صفات المبايعة، ومثال بدل الغلط: إنْ تأتنا تسألنا نعطك، هذا ملخص كلامه والدرك عليه، وأوجه بدل الاسم من الاسم على ما يقتضيه الضرب من جهة الحساب أربعة وستون، حاصلة من ضرب أربعة في ستة عشر، وذلك لأنهما إمَّا معرفتان أو نكرتان، أو الأول معرفة والثاني نكرة أو بالعكس، فهذه أربعة، وكل منها إمَّا مضمر أو مظهر أو مختلفاهما، فهذه ستة عشر، وكل منهما إمَّا بدل شيء من شيء، أو بدل بعض من كل، أو بدل اشتمال، أو بدل غلط، فهذه أربعة وستون، وتفاصيلها من الجواز والامتناع مذكورة في المطولات. وتقدمت منصوبات الأفعال {المنصوبات} من الاسماء {خمسة عشر} منصوباً {وهي} على سبيل الإجمال والتعداد {المفعول به} نحو: ضربتُ زيداً {والمصدر} المنصوب على المفعولية المطلقة، نحو: ضربتُ ضرباً {وظرف الزمان} نحو: صمتُ يوماً {وظرف المكان} نحو: جلست أمام الشيخ، وهذان الظرفان هما المسميان بالمفعول فيه {والحال} نحو: جاء زيدٌ راكباً {والتمييز} نحو: طبت نفساً، {واسم لا} النافية للجنس، نحو: لا غلامَ سفرٍ حاضرٌ {والمستثنى} في بعض أحواله، نحو: جاء القوم إلاَّ زيداً، {والمنادى} نحو: يا عبدالله {والمفعول من أجله} نحو: جئتك قراءةً للعلم {والمفعول معه} نحو: سرت والنيلَ {وخبر كان وأخواتها} نحو: كان الله غفوراً رحيماً {واسم إنَّ وأخواتها} نحو: إنَّ زيداً قائم، وخبر ما الحجازية، نحو: ما هذا بشراً، وقد أخلَّ بذكره، ومفعولا ظننتُ وأخواتها، نحو: ظننتُ زيداً قائماً، وإنَّما أسقطهما لتقدم ذكرهما في المرفوعات أو لكونهما داخلين في قسم المفعول به، {والتابع للمنصوب وهو أربعة أشياء} كما تقدم في المرفوعات {النعت والعطف والتوكيد والبدل} وستمرُّ بك في أبوابٍ متعددة، باباً باباً على ترتيبها في التعداد. الهاء من به تعود إلى أل الموصولة في المفعول، {المفعول به هو الاسم المنصوب الذي يقع به} أي: عليه {الفعل} الصادر من الفاعل {نحو: ضربتُ زيداً} فزيداً اسم منصوب وقع عليه الفعل، وهو الضرب، وهذا تعريف بالرسم ــــ كما مرّ ــــ {وركبتُ الفرس} فالفرس مفعول به؛ لأنَّه وقع عليه فعل الفاعل وهو الركوب {وهو} أي: المفعول به {قسمان} قسم {ظاهر و} قسم {مضمر، فالظاهر ما تقدم ذكره} من نحو: ضربتُ زيداً وركبتُ الفرسَ {والمضمر قسمان} أيضاً قسم {متصل و} قسم {منفصل فالمتصل} هو الذي لا يتقدم على عامله، ولا يفصل بينه وبينه بإلاَّ، وهو {اثنا عشر} نوعاً، الأول: ضمير المتكلم وحده {نحو قولك: ضربني} زيدٌ، فالباء من ضربني مفعول به، وهو مبني لا يدخله إعراب {و} الثاني ضمير المتكلم ومعه غيره او المعظم نفسه، نحو قولك: {ضربَنا} زيدٌ، فنا مفعول به محله نصب؛ لأنه اسم مبني {و} الثالث ضمير المخاطب المذكر، نحو قولك: {ضربك} زيدٌ، فالكاف من ضربك مفعول به مبني محله نصب، وفتحته فتحة بناء لا فتحة إعراب، {و} الرابع ضمير المؤنثة المخاطبة، نحو قولك {ضربكِ} زيدٌ، فالكاف المكسورة من ضربك مفعول به، وهو مبني لا إعراب فيه {و} الخامس، ضمير المخاطب في التثنية مطلقاً، نحو قولك: {ضربكما} زيدٌ، فالكاف ضمير المفعول به في موضع نصب، والميم والألف علامة التثنية، {و} السادس، ضمير جمع الذكور المخاطبين، نحو قولك: {ضربكم} زيدٌ، فالكاف ضمير المفعول به في موضع نصب، والميم علامة الجمع في التذكير، {و} السابع ضمير جمع المؤنث في الخطاب، نحو قولك: {ضربكُنَّ} زيدٌ، فالكاف وحدها ضمير المفعول به في محل نصب، والنون المشددة علامة جمع الإناث في الخطاب، {و} الثامن ضمير المفرد المذكر الغائب، نحو قولك: زيدٌ {ضربه} عمروٌ، فالهاء في موضع نصب على المفعولية، مبني لا إعراب فيه، {و} التاسع ضمير المفردة الغائبة، نحو قولك هندٌ {ضربها} زيدٌ، فالهاء ضمير المفعول به المؤنث وموضعها نصب على المفعولية وفتحتها فتحة بناء لا فتحة إعراب، {و} العاشر ضمير المثنى الغائب مطلقاً، نحو قولك: الزيدان {ضربهما} عمروٌ، فالهاء ضمير المفعول به موضعها نصب والميم والألف علامة التثنية، {و} الحادي عشر، ضمير جمع الذكور الغائبين، نحو قولك: الزيدون {ضربهم} عمروٌ، فالهاء مفعول به والميم علامة الجمع في التذكير، {و} الثاني عشر، ضمير جمع الإناث الغائبات، نحو قولك: الهندات {ضربهنَّ} عمروٌ، فالهاء ضمير المفعول به والنون المشددة علامة جمع الإناث، وما ذكرناه من أنَّ الكاف أو الهاء وحدهما هو الضمير هو الصحيح، ولا تقع الكاف والهاء المتصلتان في موضع الرفع أصلاً، وإنَّما يقعان في موضع النصب أو الخفض فقط، {و} الضمير {المنفصل} وهو الذي يتقدَّم على عامله أو يقع بعد إلاَّ أو ما في معناها، {اثنا عشر} نوعاً أيضاً، الأول: ضمير المتكلم وحده {نحو قولك: إيَّاي} أكرمتَ، أو ما أكرمتَ إلاَّ إيَّاي، فإيَّا وحدها فيهما ضمير المتكلِّم في موضع نصب على المفعولية، والياء المتصلة بها حرف تكلم، {و} الثاني: ضمير المتكلم ومعه غيره أو المعظم نفسه، نحو قولك: {إيَّانا} أكرمتَ، أو ما أكرمتَ إلاَّ إيَّانا، فإيَّا وحدها ضمير المفعول به في موضع نصب ونا المتصلة بها علامة الجمع من المتكلم مع المشاركة أو التعظيم، {و} الثالث ضمير المفرد المخاطب، نحو قولك: {إيَّاك} أكرمتُ أو ما أكرمتُ إلاَّ إيَّاك، فإيَّا ضمير المفعول به والكاف المفتوحة المتصلة به حرف خطاب {و} الرابع ضمير المفردة المخاطبة، نحو قولك: {إيَّاكِ} أكرمتُ أو ما أكرمتُ إلاَّ إيَّاكِ، فإيَّا ضمير المفعول به، والكاف المكسورة حرف خطاب {و} الخامس ضمير المثنى المخاطب مطلقاً، نحو قولك: {إيَّاكما} أكرمتُ، أو ما أكرمتُ إلاَّ إيَّاكما، فإيَّا ضمير المفعول به، والكاف والميم والألف علامة المثنى، {و} السادس ضمير جمع الذكور المخاطبين، نحو قولك: {إيَّاكم} أكرمتُ، أو ما أكرمتُ إلاَّ إيَّاكم، فإيَّا ضمير المفعول به، والكاف حرف خطاب، والميم علامة الجمع، {و} السابع ضمير جمع المؤنث المخاطب، نحو قولك: {إيَّاكنَّ} أكرمتُ، أو ما أكرمتُ إلاَّ إيَّاكُنَّ، فإيَّا ضمير المفعول به والكاف حرف خطاب والنون المشددة حرف دال على جمع المؤنث في الخطاب، {و}الثامن ضمير المفرد المذكر الغائب، نحو قولك: {إيَّاه} أكرمتُ، أو ما أكرمتُ إلاَّ إيَّاه، فإيَّا ضمير المفعول به والهاء علامة على الغيبة في المذكر، {و} العاشر ضمير المثنى الغائب مطلقاً، نحو قولك: {إيَّاهما} أكرمتُ، أو ما أكرمتُ إلاَّ إيَّاهما، فإيَّا ضمير المفعول به، والهاء والميم والألف علامة التثنية في الغيبة، {و} الحادي عشر ضمير جمع الذكور الغائبين، نحو قولك: {إيَّاهم} أكرمتُ، أو ما أكرمتُ إلاَّ إيَّاهم، فإيَّا ضمير المفعول به، والهاء والميم علامة الجمع في التذكير، {و} الثاني عشر ضمير جمع المؤنث الغائب، نحو قولك: {إيَّاهُنَّ} أكرمتُ، أو ما أكرمتُ إلاَّ إيَّاهُنَّ، فإيَّا ضمير المفعول به والهاء والنون المشددة علامة جمع الإناث في الغيبة، وما ذكرته من أنَّ إيَّا وحدها هي الضمير، واللواحق لها حروف تكلم وخطاب وغيبة وتثنية وجمع هو الصحيح. المنصوب على المفعولية المطلقة {المصدر هو الاسم المنصوب الذي يجيء} حال كونه {ثالثاً في تصريف الفعل} كما إذا قيل لك: صرِّفْ {نحو: ضربَ} فإنك تقول: ضرَبَ {يضربُ ضرْباً} فضرْباً مصدرٌ جاء ثالثاً في تصريف الفعل؛ لأنَّ ضرَبَ هو الأوَّل، ويضرِبُ هو الثاني، وضرْباً هو الثالث، {وهو} أي: المصدر المنصوب الواقع مفعولاً مطلقاً، {على قسمين} قسم {لفظي و} قسمٌ {معنوي} لأنَّه لا يخلو إمَّا أن يوافق لفظ المصدر لفظ فعله الناصب له أو لا {فإن وافق لفظه} أي: المصدر {لفظ فعله} في حروفه الأصول ومعناه {فهو} أي: المصدر {لفظي} سواء وافقه مع ذلك في تحريك عينه، نحو: فرح فرحاً، أو لا {نحو: قتلته قتلاً} فحروف قتل هي حروف قتلاً بعينها إلاَّ أنَّ الفعل مفتوح العين والمصدر ساكن العين {وإن وافق} أي: المصدر {معنى فعله} الناصب له {دون} موافقة {لفظه} في حروفه {فهو} أي: المصدر {معنوي} لموافقته للفعل في المعنى دون الحروف {نحو: جلستُ قعوداً وقمتُ وقوفاً} فإنَّ المصدر الذي هو قعوداً موافق لفعله الذي هو جلس في معناه دون لفظه؛ لأنَّ القعود والجلوس بمعنى واحد وحروفهما متغايرة، فحروف جلس: الجيم واللام والسين، وحروف قعوداً: القاف والعين والواو والدال، وكذا تقول في الوقوف والقيام، وهذا التقسيم الذي ذكره المصنف إنَّما يتمشى على مذهب المازني القائل: بأنَّ المصدر المعنوي ينصب بالفعل المذكور معه، وأمَّا على مذهب من يقول: إنَّه منصوب بفعل مقدَّر من لفظه، فتقدير جلستُ قعوداً: جلستُ وقعدتُ قعوداً فلا، وتمثيله في اللفظي بالمتعدي وفي المعنوي باللازم للإيضاح لا للتخصيص، إذ كل منهما يجري مع المتعدي واللازم. {باب ظرف الزمان وظرف المكان}
المسميين بالمفعول فيه {ظرف الزمان هو اسم الزمان المنصوب} باللفظ الدال على المعنى الواقع فيه {بتقدير} معنى {في} الدالة على الظرفية، سواء فيه المبهم والمختص {نحو: اليوم} وهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، تقول: صمت اليوم أو يوماً أو يوم الخميس، {والليلة} وهي من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، تقول: اعتكفتُ الليلة أو ليلةً أو ليلة الجمعة، {وغدوةٍ} ــــ بالتنوين مع التنكير، وبعدمه مع التعريف ــــ وهي من صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، تقول: أزورك غدوةً أو غدوة يوم الاثنين {وبكرةً} ـــ بالتنوين وتركه على ما تقدَّم في غدوة ــــ وهي أول النهار، وأوَّل النهار من طلوع الفجر على الصحيح، وقيل: من طلوع الشمس، تقولُ: أجيئك بكرةً أو بكرة النهار، {وسحراً} بالتنوين إذا لم ترد به سحر يوم بعينه، وبلا تنوين إذا أردت به ذلك، وهو آخر الليل قبيل الفجر، تقول: أجيئك يوم الجمعة سحراً أو سحر يوم الجمعة، أو أجيئك سحراً من الأسحار، {وغداً} وهو اسم اليوم الذي بعد يومك الذي أنت فيه تقول: أكرمك غداً، {وعتمة} وهي ثلث الليل الأول، تقول: آتيك عتمةً أو عتمة ليلة الخميس، {وصباحاً} وهو أول النهار، تقول: انتظرك صباحاً أو صباح يوم الجمعة، {ومساء} ــــ بالمد ـــ وهو من الظهر إلى آخر النهار، تقول: أجيئك مساءً أو مساء يوم الخميس، {وأبداً} وهو الزمان المستقبل الذي لا غاية لمنتهاه، تقول لا أكلِّم زيداً أبداً أو أبد الآبدين، {وأمداً} وهو ظرف لزمن مستقبل، تقول: لا أكلِّم زيداً أمداً أو أمد الدهر أو أمد الداهرين، {وحيناً} وهو اسم لزمن مبهم، تقول: قرأتُ حيناً أو حين جاء الشيخ، {وما أشبه ذلك} من أسماء الزمان المبهمة، نحو: وقت وساعة وأوان، والمختصَّة، نحو: ضحى وضحوة، واعلم أنَّ هذه الأمثلة منها ما هو ثابت التصرف والانصراف كيوم وليلة ومنها ما هو منفي التصرف والانصراف نحو: سحر إذا كان ظرفاً ليوم بعينه فإنه لا ينوّن لعدم انصرافه، ولا يفارق النصب على الظرفية لعدم تصرفه، ومنها ما هو ثابت التصرف منفي الانصراف نحو: غدوة وبكرة علمين، ومنها ما هو ثابت الانصراف منفي التصرف، نحو: عتمة ومساء {وظرف المكان هو اسم المكان} المبهم {المنصوب} باللفظ الدال على المعنى الواقع فيه {بتقدير} معنى {في} الدالة على الظرفية {نحو: أمام} وهو بمعنى قدّام، تقول: جلستُ أمام الشيخ، أي: قدّامه، {وخلف} وهو ضدّ قدّام، تقول: جلستُ خلفك، {وقدَّام} وهو مرادف لأمام، تقول: جلست قدّام الأمير، {ووراء} ــــ بالمدّ ــــ وهو مرادف لخلف، تقول: جلستُ وراءك، {وفوق} وهو المكان العالي، تقول: جلستُ فوق المنبر، {وتحت} وهو ضد فوق، تقول: جلستُ تحت الشجرة، {وعند} وهو لما قرب من المكان، تقول: جلستُ عند زيدٍ، أي: قريباً منه، {ومع} وهو اسم لمكان الاجتماع، تقول: جلست مع زيد، أي: مصاحباً له، {وإزاء} وهو بمعنى مقابل، تقول: جلست إزاء زيدٍ، أي: مقابله، {وحذاء} بالذال المعجمة والمد بمعنى قريباً، تقول: جلستُ حذاء زيدٍ، أي: قريباً منه، {وتلقاء} بمعنى إزاء، تقول: جلستُ تلقاء الكعبة، {وهُنا} بضم الهاء وتخفيف النون، اسم إشارة للمكان القريب، تقول: جلستُ هنا، أي: في المكان القريب، {وثَمَّ} ــــ بفتح الثاء المثلثة ــــ اسم إشارة للمكان البعيد، تقول: جلستُ ثَمَّ، أي: هنالك في المكان البعيد، {وما أشبه ذلك} من أسماء المكان والأمكنة المبهمة، نحو: يمين وشمال وما أشبههما.