(3) باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب.
مقصود الترجمة: بيان أن من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب, وهذا من جملة فضل التوحيد المتقدم في الترجمة السابقة, لكن أفرد لبيان جلالة هذا الفضل, وعظم الموجب, فالفضل: دخول الجنة بغير حساب, والموجب هو: تحقيق التوحيد, وتحقيق التوحيد يحصل بالسلامة مما يضاد أصله أو كماله, وجماع مضادات التوحيد يرجع إلى ثلاثة أصول:
أولها: الشرك, وثانيها: البدعة, وثالثها: المعصية.
فالشرك ينافي التوحيد بالكلية, والبدعة تنافي كماله الواجب, والمعصية تقدح فيه وتُنقص ثوابه, فيكون تحقيق التوحيد وهو السلامة من الشرك والبدعة والمعصية.
والمراد بالانفكاك عن المعصية هو: المبالغة في شدة اجتنابها, لأن العبد كُتب عليه حظهُ منها, فتقدح في توحيده وتُنقص ثوابه إذا لم يبادر بالتوبة منها.
وتحقيق التوحيد له درجتان:
الأولى: درجة واجبة, جماعها السلامة من المضادات المذكورة.
الثانية: درجة نافلة, جماعها امتلاء القلب بالإقبال إلى الله, واللجوء إليه, والانطراح بين يديه, وخلع كل رقٍّ في القلب لسواه, فإنه لا ينبغي أن يكون في قلب العبد إرادة لغير الله.