تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: مناظرة في رفع اليدين في تكبيرات الجنازة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي مناظرة في رفع اليدين في تكبيرات الجنازة

    مناظرة في رفع اليدين في تكبيرات الجنازة
    فضيلة الشيخ / وحيد عبد السلام بالي
    -------------------------
    قضية رفع اليدين مع تكبيرات الجنازة من القضايا الخلافية ، وقد كنت قديمًا أقول بعدم الرفع استدلالاً بحديث ابن عباس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ثم لا يعود ، ثم تبين لي ضعفه ، فبحثت الموضوع بشيء من الاستقصاء ، ثم اختصرته في هذه المناظرة ، وهذه الطريقة استقيتها من كتاب شيخ شيوخنا الشيخ عبد الرحمن السعدي ، رحمه الله ، ومن قبله ابن القيم ، رحمه الله .
    والمناظرة هاكم نصها :
    قال أبو الفضل :الأولى للمسلم أن يرفع يديه مع تكبيرات الجنازة ؛ لأن ذلك وارد عن بعض الصحابة ، رضوان الله عليهم ، والعمل بقول الصحابي عند عدم وجود الدليل المرفوع أولى من الأخذ بالرأي ، لا سيما إذا لم يعارضه قول صحابي آخر .
    قال أبو المجد : بل الأولى للمسلم أن لا يرفع يديه مع تكبيرات الجنازة إلا مع التكبيرة الأولى فقط ، ثم يضع اليمنى على اليسرى ولا يرفع يديه بعد .
    قال أبو الفضل : وهل هناك دليل على ذلك يا أخي ؟
    قال أبو المجد : نعم هناك دليلان مرفوعان ، وآخران موقوفان .
    قال أبو الفضل : هات هذه الأدلة .
    قال أبو المجد : أولاً ؛ حديث أبي هريرة ، رضي الله عنه ، الذي رواه الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على جنازة فرفع يديه في أول تكبيرة ووضع يده اليمنى على اليسرى .
    فهي دليل صريح على عدم الرفع فيما عدا التكبيرة الأولى .
    قال أبو الفضل : نعم هو صريح في عدم الرفع كما ذكرت إن صح إسناده ، ولكن إسناده ضعيف جدًا لا تقوم به حجة .
    قال أبو المجد :وما سبب ضعفه ؟
    قال أبو الفضل : هذا الحديث أخرجه الترمذي (3 / 388 شاكر) ، والدارقطني (2/75) ، والبيهقي (4/38) من طريق يحيى بن يعلى ، عن يزيد بن سنان ، عن زيد بن أبي أنيْسة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة به .
    وهذا إسناد ضعيف جدًا فيه ثلاث علل :
    الأولى : يحيى بن يعلى الأسلمي ضعيف .
    الثانية : يزيد بن سنان التميمي ضعيف .
    الثالثة : الاضطراب ، فإنه قد روي على ثلاثة أوجه :
    الوجه الأولى : يحيى بن يعلى عن يزيد بن سنان عن زيد بن أبي أنيسة عن الزهري به ، وهذا الوجه رواه الترمذي (1077) ، والدارقطني (2/75) ، والبيهقي (4/38) .
    الوجه الثاني : يحيى بن يعلى عن يزيد بن سنان عن الزهري به ؛ أخرجه الدارقطني (2/74) ، وابن عدي (7/271) ، فأسقط زيد بن أبي أنيسة .
    الوجه الثالث : يحيى بن يعلى عن يونس بن خباب عن الزهري به ، ذكره المزي في (التحفة) (10/9) ، ورواه أبو الشيخ في (طبقات المحدثين بأصبهان) (4/258) من هذا الطريق ، فتبين لك الآن أن الحديث ضعيف جدًا لا تقوم به حجة في الفضائل ، فضلاً عن الأحكام التي نحن بصددها .
    قال أبو المجد : جزاك الله خيرًا يا شيخ ، لقد أوقفتني على علل عزيزة في هذا الحديث ، ولكن تتوقع ممن يكون هذا الاضطراب في الإسناد ؟
    قال أبو الفضل : الظاهر ، والله أعلم ، أن يكون الاضطراب من يحيى بن يعلى الأسلمي ؛ لأن البخاري ، رحمه الله ، قال فيه : مضطرب الحديث ، وقال البزار ، رحمه الله : يغلط في الأسانيد .
    قلت : فلعل هذا من أغلاطه .
    قال أبو المجد : هل تسمح لي يا شيخ أن أسرد لك باقي الأدلة .
    قال أبو الفضل : تفضل يا أخي الكريم ، بارك الله فيك .
    قال أبو المجد : ما جاء عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ، ثم لا يعود ، رواه الدارقطني (2/75) .
    قال أبو الفضل :هذا الحديث رواه الدارقطني (2/75) ، والعقيلي (3/ 449) من طريق الفضل بن السكن الكوفي ، حدثنا هشام بن يوسف عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس به . وهذا إسناد ضعيف فيه علتان :
    الأولى : الفضل بن السكن مجهول ، قال عنه الذهبي في (الميزان) (3/352) : لا يعرف ، وضعفه الدارقطني .
    الثانية : الاضطراب بين الرفع والوقف ، فقد جاء على وجهين :
    الوجه الأول : الفضل بن السكن الكوفي ، حدثنا هشام بن يوسف ، عن معمر ، عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس (مرفوعًا) عند الدارقطني (2/75) والعقيلي (3/ 449) .
    الوجه الثاني : إبراهيم بن موسى الفراء عن هشام بن يوسف عن معمر عن بعض أصحابه عن ابن عباس من فعله (موقوفًا) .
    هكذا رواه العقيلي (3/449) ، وهو عند عبد الرزاق (3/470) عن معمر به سواء .
    فالحديث ضعيف لا تقوم به حجة ، ولذلك ضعفه الحافظ في (التلخيص الحبير) (2/291) ، ومن هنا يتبين لنا أنه لم يصح حديث مرفوع إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه كان لا يرفع يديه في تكبيرات الجنازة .
    قال أبو المجد : قد جاء عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أنه كان يرفع يديه في التكبيرة الأولى في الجنازة ثم لا يرفع بعد .
    وعبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، من فقهاء الصحابة ، فالأخذ بفعله أولى من العمل بالرأي ، فماذا تقول في ذلك ؟
    قال أبو الفضل : نعم ؛ العمل بقول الصحابي أولى من العمل بالرأي المحض ؛ لأنهم أعلم منا بالتنزيل وبالأحكام وبلغة العرب فضلا عن معاشرتهم للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، في حَلِّهِ وتَرْحَالِه . ولكن هل صح ذلك عن ابن مسعود ؟
    قال أبو المجد : لا أدري .
    قال أبو الفضل : هذا الأثر رواه عبد الرزاق في (مصنفه) (3/470) عن معمر قال : بلغه ذلك عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، فهذا إسناد ضعيف ، منقطع بن معمر وابن مسعود كما ترى ، فلا يجوز حينئذ أن ننسبه إلى ابن مسعود حتى يصح إسناده إليه ، والله المستعان .
    قال أبو المجد : وماذا تقول - بارك الله فيك - فيما يُعزى إلى عبد الله بن عباس ، رضي الله عنه ، أنه كان يرفع يديه في التكبيرة الأولى ثم لا يرفع بعد ؟
    قال أبو الفضل : اعلم يا أخي - علمك الله ما ينفعك - أن القول في هذا الأثر كالقول في سابقه ، فقد رواه عبد الرزاق ، رحمه الله ، في (المصنف) (3/430) عن معمر عن بعض أصحابنا أن ابن عباس كان يرفع يديه في التكبيرة الأولى ثم لا يرفع بعد .
    وهذا إسناد ضعيف لجهالة أصحاب معمر كما هو واضح من الإسناد المذكور . فلا يجوز أيضًا أن ننسبه إلى عبد الله بن عباس إلا بعد التيقن من صحته ، ومن هنا يتبين لنا أنه لم يصح عن أحد من أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في عدم الرفع شيء .
    قال أبو الفضل : ولكن قد صح عن بعض أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنهم كانوا يرفعون أيديهم مع تكبيرات الجنازة .
    قال أبو المجد :ثبت عمن من الصحابة ؟
    قال أبو الفضل :
    أولاً : عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ، فقد روى ابن أبي شيبة (2/490) ، والبخاري في (رفع اليدين) (رقم 110) ، وابن المنذر في (الأوسط) (5/ 426) ، والبيهقي في (الكبرى) (4/44) من طريق نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة على الجنازة .
    وإسناده صحيح ، وذكره البخاري في (صحيحه) معلقًا بصيغة الجزم (3/226 فتح / ريان) .
    ثانيًا : الصحابي الجليل عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما ، قال الحافظ في (التخليص) (2/291) : وقد صح عن ابن عباس أنه كان يرفع يديه في تكبيرات الجنازة ، ورواه سعيد بن منصور . اهـ .
    قُلْتُ : ولأن (سنن) سعيد بن منصور مفقودة - إلا الجزة المطبوع وهو قليل - فسوف نعتمد كلام الحافظ على الإسناد فهو من الأئمة في هذا الشأن ، والله المستعان .
    ثالثًا : يبدو أن رفع اليدين في تكبيرات الجنازة كان مشهورًا عند أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،ويدلك على ذلك صنيع الإمام أبي عيسى الترمذي ، رحمه الله ، في (سننه) ، حيث قال (3/ 388) : واختلف أهل العلم في هذا ، فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وغيرهم ، أن يرفع الرجل يديه في تكبيره على الجنازة ، وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق .
    وقال بعض أهل العلم : لا يرفع يديه إلا في أول مرة ، وهو قول الثوري وأهل الكوفة . اهـ .
    قال أبو المجد:يبدو أن رفع اليدين في تكبيرات الجنازة هو قول جمهور أهل العلم .
    قال أبو الفضل : أجل هو كذلك .
    قال أبو المجد: هل يمكن أن تجمل لنا من أخذ بهذا القول من أهل العلم من الصحابة وغيرهم ؟
    قال أبو الفضل :سوف أذكر لك من أعلمه منهم :
    1 - عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما .
    2 - عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما .
    3 - قيس بن أبي حازم ، رحمه الله .
    4 - نافع بن جبير ، رحمه الله .
    5 - موسى بن نعيم ، رحمه الله .
    6 - محمد بن سيرين ، رحمه الله .
    7 - الحسن البصري ، رحمه الله .
    8 - عطاء بن أبي رباح ، رحمه الله .
    9 - مكحول الشامي ، رحمه الله .
    10 - ابن شهاب الزهري ، رحمه الله .
    11 - الإمام مالك ، رحمه الله .
    12 - الإمام الشافعي ، رحمه الله .
    13 - الإمام أحمد ، رحمه الله .
    14 - داود بن علي الظاهري ، رحمه الله .
    15 - عبد الله بن المبارك ، رحمه الله .
    16 - إسحاق بن راهويه ، رحمه الله .
    قال أبو المجد:علمك الله كما علمتني ، وفهمك الله كما فهمتني ، وجزاك الله عني خيرًا .
    نعم ؛ الأولى أن نأخذ بما ثبت عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن جمهور أهل العلم ، ونرفع أيدينا مع تكبيرات الجنائز .
    قال أبو المجد:ولكن يبدو أنك تقول بحجية قول الصحابي ، وهذا القول فيه ما فيه .
    قال أبو الفضل : هذه مسألة يطول النقاش فيها ، ولكن في مسألتنا هذه نأخذ بقول الصحابي لأمور :
    1 - أن ابن عمر وابن عباس لم يوجد لهما معارض من الصحابة الآخرين - فيما نعلم - فكان إجماعًا سكوتيًا ؛ لأن الصحابة لا يقرون المنكر والباطل ، لا سيما في العبادات .
    2 - أن الصحابة رافقوا النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وسمعوا أقواله وأفعاله وتقريراته وأحكامه ، فكانوا بذلك أعرف الأمة بربها ، وأعلم الناس بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهم أكثر الناس إخلاصًا وحرصًا على الخير ، فالأخذ بقولهم أولى من الأخذ بقول غيرهم .
    3 - أن فعل الصحابي الجليل عبد الله بن عمر له مزية خاصة لما عُرِفَ عنه من شدة التحري في اتباع السنة كما هو معروف عند علماء الحديث وغيرهم ، وقد ثبت عنه - كما مر - أنه كان يرفع يديه مع تكبيرات الجنازة ، فيبعد جدًا - والحالة هذه - أن يكون عبد الله بن عمر قد استحسن ذلك من قبل نفسه ، بل الغالب على الظن - إن لم يكن اليقين - أن يكون ابن عمر قد رأى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يرفع فرفع.
    والله المستعان .
    كتبه وحيد بن عبد السلام بالي
    http://www.ansaralsonna.com/web/play-1747.html
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    الدولة
    الجزائر العميقة ولاية الجلفة
    المشاركات
    494

    افتراضي رد: مناظرة في رفع اليدين في تكبيرات الجنازة

    بارك الله فيك أخي على هذا النقل القيم والفائدة الجيدة وليتعلم الإخوة الكرام أدب النقاش والمباحثة دون طعن وسب وشتم وتقزيم ,وحالة هؤلاء العلماء في غاية من الأدب والإحترام رحمهم الله

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: مناظرة في رفع اليدين في تكبيرات الجنازة

    بارك الله فيك ، وفي الشيخ وحيد .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: مناظرة في رفع اليدين في تكبيرات الجنازة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك ، وفي الشيخ وحيد .
    وفيكم بارك الله شيخنا الحبيب
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •