مما ينبغي أن يكون محل اعتبار عند طالب العلم في أبواب العلل، أن يقرن الحديث إلى جهة العمل. فإذا كان ثمة عمل مستقر لا يحتاج إلى نقل عِلْية، فإننا لا نلزم في ذلك بالأسانيد القوية. خاصة مع ورود اليقين كالأصول في كثير من الأشياء كالطهارة، فإننا لا نحتاج إلى التماس الطهارة في ذلك
هناك من المسائل ما ينبغي أن يرد فيها عشرة أحاديث وعشرين وثلاثين، ولا يكفيها باعتبار أنها من المسائل الظاهرة القوية التي لابد من نقلها، ولا ارتباط لها بعمل مستديم.
ولهذا ينبغي لطالب العلم أن يفرق بين الأصول العامة الكلية، ويفرق أيضاً فيها بين ما يحتاج إلى إيراد دليل لديه، وبين ما يتلبس في عمل الناس في اليوم والليلة. فإن مثل ذلك، نطلب منه دليل، دليلين، ثلاثة ...ولا نطلب الكثرة. وهناك ما يكون في أيام متباعدة، ونطلب فيه أكثر من ذلك؛ لأن ما كان على سبيل الاستدامة وجاء فيه دليل، الذي لابد أن يظهر هو المخالفة. مخالفة ذلك الدليل هو الذي ينبغي أن يظهر. لهذا مسائل العلل لا ترجع إلى ذوق الإنسان وحسه؛ وإنما ترجع إلى الأصول العامة في الإسلام، وهذا ما ينبغي أن يكون ظاهراً.
-ثمة مسائل ليست من الأصول الكلية ، لكنها أعلام مشهورة تظهر للناس ولا بد أن يتناقلها الناس ، فنتطلّب لها أسانيد أكثر من غيرها، ولا نرجع هذا إلى الحكم.
أمثلة عن أعلام المسائل :الجهر بالقراءة، الأذان، تسوية الصفوف، تقدّم الإمام على المصلين، قراءة "بسم الله" في الصلاة الجهرية.
فالأئمة عليهم رحمة الله إذا وجدوا مسألة من أعلام المسائل ومشهورها، قد تفرّد بها راوي من الرواة، ولو من المتوسطين أو من الثقات وهو واحد، لا يقبلون الرواية. لماذا؟ لأن هذه المسألة علم، ليست أصلاً مستقلاًَ بذاته.
(من دروس الشيخ في الأحاديث المعلة)