حمل هذا الكتاب من هنا؛ فقد تستفيد من طريقة الشيخ
http://majles.alukah.net/t84062/
بارك الله فيك محمد طه .. على استئنافك للشرح وأما أخونا عبد الله عمر المصري فالظاهر أنه مبتدأ والذي يقصده من معرفة الفوائد والمعلومات من الكتب وكيفية ذلك؟ فيوجه أخونا إلى التدرج في طلب العلم أولا بقراءة المختصرات كالذي نحن بصدده وعليه بالصبر والجلد والتحمل فالعلم يِؤخذ بمرور الأيام والليالي لأن من رام العلوم جملة خرج منها جملة ولهذا أنصحه بمتابعة هذا الشرح السهل الجيد ولايتعجل المعلومات, من سلك الجدد أمن العثار) وبالله تعالى التوفيق
نفع الله بك أبا يوسف ، في الحقيقة أفدت وأجدت وأسعدت .
لكن اسمح لي بالمناقشة المختصرة في النقطة السابقة .
لقد استدللت بالحديث المذكور ، مع أن ابن حزم رحمه الله استدل به أيضا على عكس ما ذكرت ، وأنه لا يشرع المسح على الجبيرة ، فقال في محلاه ( المحلى ) : برهان ذلك قول الله تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه المرء ، وكان التعويض منه شرعا والشرع لا يلزم إلا بقرآن أو سنة ، ولم يأت قرآن ولا سنة بتعويض المسح على الجبائر والدواء من غسل ما لا يقدر على غسله فسقط القول بذلك " .اهـ ثم ذكر رحمه الله عن الشعبي ما يوافق قوله ومثله عن داود وأصحابه .
وأجاب عن أثر ابن عمر الذي صح عنه أنه مسح على الجبيرة ـ وهو عند البيهقي وغيره بإسناد صحيح ـ بأنه فعل منه رضي الله عنه واجتهاد منه ، وليس إيجابا للمسح عليها ، وقد صح عنه أنه كان يدخل الماء في باطن عينيه في الوضوء والغسل ، ولا يشرع ذلك فضلا عن أن يكون فرضا .
هذا ما أردت أن أتذاكر به معكم ، لعل في جعبتكم أحسن منه ، وعندكم الحسن ، أحسن الله إليكم جميعا .
بارك الله فيك ، ونفع بك .حديث بسرة هو الصحيح ، وأما حديث أم حبيبة ـ وإن كان قد صححه بعض أهل العلم ـ فلا يصح ، وكذا حديث أبي أيوب ، وأما حديث طلق ففيه الخلاف المعروف ، والصواب عدم صحته ، وقد جرت مناظرة ـ عند الحاكم وعنه البيهقي ـ بين علي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل في حديث بسرة وحديث طلق ، وكان ابن معين وأحمد يريان صحة حديث بسرة وضعف حديث طلق ، وأما علي بن المديني فعكسهم ، وفي نهاية المناظرة ترجح قول الاثنين على الواحد ، وقيل : إن علي بن الميني رجع إلى قولهما في تصحيح حديث بسرة وإعلال حديث طلق . وبهذا يظهر ولا حاجة للجمع ، والقول بالوجوب في الوضوء من مس الفرج مطلقا ، وهو مذهب الْأَوْزَاعِيِّ . وَأَكْثَرِ أَهْلِ الشَّامِّ. وَالشَّافِعِيِّ . وَأَحْمَدَ. وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، كما قاله الزيلعي في نصب الراية .وأما حديث عائشة في تقبيله بعض أزواجه ، فهو معلول عند الحفاظ ، وهو عندهم خطأ ، كما بينه مسلم ـ وغيره ـ في التمييز .
جزاكم الله خيرًا شيخنا الحبيب
والحقيقة أن هذه المسألة توقفت عندها كثيرًا لقوة أدلة الفريقين، والذي جعلني أرجح هذا القول:
أولًا: أنني لما تأملت قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ووجدت أن الله تعالى يقول {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} تبين لي أن المقصود هنا هو مَنْ عَدِمَ الماء تمامًا سواء كان انعدامه للماء بسبب عدم وجود الماء أصلًا، أو كان المرض لا يستطيع معه ملامسة الماء تمامًا؛ فهذا الذي تدل عليه الآية.
وأما من وجد بعض الماء بحيث إنه يستطيع المسح، فهذا أقرب للأصول الشرعية، كما رجحه شيخ الإسلام.
ثانيًا: مما جعلني أرجح هذا القول أنه إن كان يجوز المسح على الخف - الذي يستطيع الإنسان خلعه ولو بمشقة - فلِأنْ يكون المسح على الجبيرة التي لا يستطيع الإنسان خلعها، من باب أولى. والله أعلم.
نفع الله بك .
لكن المريص ربما يتحمل بعض الماء ، ولا يتضرر به ، فهل دله الشارع إلى مسح أعضاءه ؟ قطعا لا ، إنما دله على التيمم .
وكذلك المسح على الجبيرة لم يأت به نص صحيح ، ولو كان مشروعا ـ وهو أمر سهل ـ لدلنا عليه الشارع لأنه في وسعنا ، فلما لم يفعل ، علم أنه ليس مشروعا .وكذلك لا ننس أن هذه عبادة والعبادة ـ كما تعلم ـ توقيفية ، لابد لها من نص صحيح ، ولا نص هنا . والقياس على الخف الذي يستطيع الإنسان أن يخلعه ـ ولو بمشقة ـ فلأن يدله الشارع إلى المسح على الجبيرة التي لا مشقة في المسح عليها ، من باب أولى ، ومع ذلك لم يفعل . وكذلك المسح على الخفين منصوص عليه ، أما هذا فلا . والخطب في ذلك سهل إن شاء الله ، بورك فيك أبا يوسف ـ وفي الجميع ـ على إفادتك .
وحديث بسر صحيح كما سبق ، وما عداه فلا يصح ، على النحو المذكور أعلاه . والله أعلم .
جزاكم الله خيرًا شيخنا الحبيب
تابع الدرس السابعوَمَنْ شَكَّ فِي طَهَارَةٍ أَوْ حَدَثٍ بَنَى عَلَى يَقِينِهِ([1]).
وَحَرُمَ عَلَى مُحْدِثٍ: مَسُّ مُصْحَفٍ([2])، وَصَلَاةٌ([3])، وَطَوَافٌ([4]).
وَعَلَى جُنُبٍ وَنَحْوِهِ ذَلِكَ([5])، وَقِرَاءَةُ آيَةِ قُرْآنٍ([6])، وَلُبْثٌ فِي مَسْجِدٍ بِغَيْرِ وُضُوءٍ([7]).
[1])) لأن اليقين لا يزول بالشك؛ ودليل ذلك ما في الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه، قال: شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّجُلُ، يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: «لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا».
وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا، فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا».
[2])) ودليل ذلك قوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ } [الواقعة: 79]، وما رواه مالك والدارمي والدارقطني والحاكم والبيهقي، وصححه الألباني، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لعمرو بن حزم: «أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ».
[3])) ودليل ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].
وما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».
وما رواه مسلم عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ».
[4])) واستدلوا على ذلك بما رواه أحمد والترمذي والنسائي والدارمي والحاكم، وغيرهم، وصححه الألباني، ومحققو المسند، وحسين سليم أسد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ الْكَلَامَ، فَمَنْ يَتَكَلَّمُ فَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِخَيْرٍ».
فقالوا: هذا الحديث يدل على أن الطواف كالصلاة؛ فيُشترط فيه الوضوء، كما يشترط في الصلاة.
ولكن الحديث لا يدل على اشتراط الوضوء للطواف؛ وإلا فالطواف يخالف الصلاة في أشياء كثيرة؛ فإنه لا يُشترط فيه القيام، ولا قراءة الفاتحة، ولا تكبيرة الإحرام، ولا غير ذلك مما هو شرط في الصلاة.
وإنما يدل الحديث على أن الطواف أبيح فيه الكلام؛ فلا يُتكلم فيه إلا بخير، ولا يُكثَر فيه من الكلام؛ لأن له حرمة كالصلاة.
ويتبين ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ يَتَكَلَّمُ فَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِخَيْرٍ»، وفي لفظ للحديث: «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلَامِ».
والصحيح أن الوضوء مستحب فقط؛ وذلك لما في ((الصحيحين)) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَجَّ.
وهذا فعل مجرد منه صلى الله عليه وسلم
وإنما يُشترط للطواف الطهارة الكبرى فقط؛ ودليل ذلك ما في ((الصحيحين)) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «أَنَفِسْتِ؟» - يَعْنِي الْحَيْضَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِي».
[5])) أي: ويحرم على الجنب ونحوه كحائض أو نفساء: مس المصحف، وصلاة وطهارة.
[6])) واستدلوا على ذلك بما رواه أحمد وأبو داود والنسائي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى عَلِيٍّ، أَنَا وَرَجُلانِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَأْكُلُ مَعَنَا اللَّحْمَ، وَلا يَحْجِزُهُ - وَرُبَّمَا قَالَ: يَحْجُبُهُ - مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ. والحديث ضعيف.
وقد روى مسلم ما يخالف ذلك، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ.
قال الشوكاني رحمه الله ((نيل الأوطار)) (1/ 283): ((ويجاب عن ذلك بأن حديث الباب ليس فيه ما يدل على التحريم؛ لأن غايته أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك القراءة حال الجنابة، ومثله لا يصلح متمسكًا للكراهة، فكيف يُستدل به على التحريم؟
وقد أخرج البخاري عن ابن عباس أنه لم ير في القراءة للجنب بأسًا، ويؤيده التمسك بعموم حديث عائشة))اهـ.
[7])) ودليل ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43].
قال ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (2/ 267): ((فتأويل الآية: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا المساجد للصلاة مصلين فيها وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، ولا تقربوها أيضا جنبا حتى تغتسلوا، إلا عابري سبيل.
وكأنه تعالى نهى عن تعاطي الصلاة على هيئة ناقصة تناقض مقصودها، وعن الدخول إلى محلها على هيئة ناقصة، وهي الجنابة المباعدة للصلاة ولمحلها أيضا، والله أعلم.
وقوله: {حتى تغتسلوا} دليل لما ذهب إليه الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي: أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد حتى يغتسل أو يتيمم، إن عَدِمَ الماء، أو لم يقدر على استعماله بطريقة. وذهب الإمام أحمد إلى أنه متى توضأ الجنب جاز له المكث في المسجد، لما روى هو وسعيد بن منصور في سننه بإسناد صحيح: أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك؛ وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، فالله أعلم))اهـ.
وروى سعيد بن منصور في ((تفسيره)) (646)، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمْ مُجْنِبُون؛ إِذَا تَوَضَّئُوا وُضُوءَ الصَّلَاةِ. قال ابن كثير: صحيح على شرط مسلم.
ودليل ذلك - أيضًا - ما رواه البخاري ومسلم عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَمَرَنَا - تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ، الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ.
وأما ما رواه أبو داود عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال «إِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ». فهو حديث ضعيف لا يصح.
بارك الله فيك محمد طه واصل ولاتتوقف مأجور إن شاءالله
ملاحظة الشيخ فقيه العصر يجيز المسح على الجبيرة وتكلم بكلام نفيس في شرحه الممتع وفي فتاويه وغيرذلك ,بخلاف محدث العصر كأنه يؤيد ابن حزم في المنع فقد ضعف الأحاديث والآثارالواردة في ذلك رحم الله الجميع وبالله تعالى التوفيق
السلام عليكم
أشكر صاحب الشرح شكرا
والأخ الذي جعله pdf
الدرس الثامنمُوجِبَاتُ الْغُسْلِ سَبْعَةٌ([1]): خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْ مَخْرَجِهِ بِلَذَّةٍ([2])، وَانْتِقَالُهُ([3])، وَتَغْييبُ حَشَفَةٍ فِي فَرْجٍ([4]) أَوْ دُبُرٍ([5])؛ وَلَوْ لِبَهِيمَةٍ، أَوْ مَيِّتٍ([6])، بِلَا حَائِلٍ([7])، وَإِسْلَامُ كَافِرٍ([8])، وَمَوْتٌ([9])، وَحَيْضٌ([10])، وَنِفَاسٌ([11]).
فَصْلٌ
[1])) أي الأشياء التي توجب على صاحبها الغسل.
[2])) ودليل ذلك ما رواه مسلم، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ».
وما في ((الصحيحين))، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ».
ولكن قَيَّد المصنف خروج المني هنا بقيدين: القيد الأول: خروج المني من مخرجه؛ فلو أصيب رجل – مثلًا – في ظهره فخرج منه المَنِيُّ، فليس عليه غسل.
القيد الثاني: أن يكون خروج المنيِّ بلذة؛ فلو خرج المني بغير لذة؛ لمرض ونحوه؛ فلا يوجب الغسل.
وهذان قيدان صحيحان؛ وذلك لِمَا رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وغيرهم، وصححه الألباني، ومحققو المسند، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ فِي الشِّتَاءِ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ ذُكِرَ لَهُ - قَالَ: فَقَالَ: «لَا تَفْعَلْ، إِذَا رَأَيْتَ الْمَذْيَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، فَإِذَا فَضَخْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ».
وفي لفظ: «إِذَا حَذَفْتَ فَاغْتَسِلْ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ حَاذِفًا فَلَا تَغْتَسِلْ».
فدل هذا الحديث على أن المنيَّ إذا خرج من غير مخرجه لا يوجب الغسل؛ لأنه ليس متدفقًا.
ودل - أيضًا – على أنه إذا خرج بغير لذة – لمرض ونحوه - لا يوجب الغسل؛ لأنه لا يكون بهذه الصفة – وهي صفة التدفق – إلا إذا كان لشهوة.
ويستثنى من قيد اللذة: النائم؛ فعليه الغسل إذا رأى الماء، وإن لم يشعر بلذة؛ وذلك لحديث أم سلمة المتقدم: هَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ إِذَا رَأَتِ المَاءَ».
فعلَّق النبيُّ صلى الله عليه وسلم الغسلَ على مجرد رؤية الماء، وإن لم يشعر بلذة؛ وذلك لأن النائم قد تحدث اللذة ولا يشعر بها؛ لنومه.
[3])) أي أن الغسل واجب بمجرد الشعور بانتقال المني، وإن لم يخرج، وهو المشهور عن أحمد، وفي رواية لا يجب عليه الغسل؛ وهو الصحيح، وهو ما رجحه ابن قدامة في ((المغني)) (1/ 147)؛ حيث قال رحمه الله: ((ولم يذكر القاضي في وجوب الغسل خلافًا، قال: لأن الجنابةَ تَباعُدُ الماءِ عن محله، وقد وُجد، فتكون الجنابة موجودة، فيجب الغسل بها؛ ولأن الغسل تُرَاعى فيه الشهوة، وقد حصلت بانتقاله، فأشبه ما لو ظهر.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّق الاغتسال على الرؤية وفضخه، بقوله: «إذا رأت الماء» و«إذا فضخت الماء فاغتسل» فلا يثبت الحكم بدونه))اهـ.
ورجحه أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله.
[4])) ودليل ذلك ما رواه مسلم عن عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ».
وما في ((الصحيحين)) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الغَسْلُ». وفي لفظ لمسلم: «وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ».
[5])) قياسًا على الفرج.
[6])) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع)) (1/ 339): ((وقال بعض العلماء: إِنه لا يجب الغُسل بِوَطْءِ الميْتَةِ إِلا إِذَا أَنْزَلَ؛ والدَّليل قوله صلى الله عليه وسلّم: «إِذا جلس بين شُعَبِها الأربع ثم جَهَدَهَا»، وهذا لا يحصلُ إِذا كانت ميتة، لأنه لا يُجْهِدها.
وأيضًا: تلذُّذه بها غير تلذُّذه بالحيَّة.
أما البَهِيمَة فالأمر فيها أبعدُ وأبعدُ، لأنَّها ليست محلًّا لجِمَاع الآدميِّ))اهـ.
[7])) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع)) (1/ 340): ((وهل يُشْتَرط عدم وجود الحائل؟
قال بعض العلماء: يُشْتَرَط أن يكون ذلك بلا حائل؛ لأنَّه مع الحائل لا يَصْدُق عليه أنه مَسَّ الختانُ الختانَ، فلا يجب الغُسْلُ.
وقال آخرون: يجب الغُسْلُ لعُموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ثم جَهَدَهَا»، والجَهْدُ يحصُل ولو مع الحائل.
وفَصَّل آخرون فقالوا: إنْ كان الحائلُ رقيقًا بحيث تَكْمُل به اللَّذَّةُ وجب الغُسْلُ، وإن لم يكن رقيقًا فإِنه لا يجب الغُسْل، وهذا أقرب، والأَولَى والأحوط أن يغتسل))اهـ.
[8])) أي: ومن موجبات الغسل: إسلام الكافر؛ ودليل ذلك ما رواه أحمد والبيهقي، وصححه الألباني، وقال محققو المسند: حديث قوي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ - أَوْ أُثَالَةَ - أَسْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبُوا بِهِ إِلَى حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ، فَمُرُوهُ أَنْ يَغْتَسِلَ».
وهذا الحديث في ((الصحيحين)) وغيرهما، دون أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولفظه: « . . . أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. . .
ودليل وجوب الغسل على الكافر إذا أسلم – أيضًا – ما رواه أحمد والترمذي والنسائي، وغيرهم، وصححه الألباني ومحققو المسند، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ أَسْلَمَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ.
[9])) ودليل ذلك ما في ((الصحيحين)) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ - فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا».
وما في ((الصحيحين)) أيضًا، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّة ِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ زَيْنَبُ، فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا - أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ - فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي»، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ، فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» تَعْنِي: إِزَارَهُ.
[10])) ودليل ذلك ما ((الصحيحين))، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ، سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ؟ فَقَالَ: «لَا إِنَّ ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي». فيجب الغسل عند انقطاع دم الحيض.
[11])) وهذا هو الموجب السابع والأخير من موجبات الغسل، والدَّليل على وجوب الغُسْل منه: أنه نوع من الحيض، ولهذا أَطْلقَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم اسمَ النِّفاس على الحيض؛ كما في ((الصحيحين)) عن عائشة رضي الله عنها، لمَّا حاضت، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «لَعَلَّكِ نُفِسْتِ».
قال ابن المنذر رحمه الله في ((الإجماع)) (37) ((وأجمعوا على أن على النفساء الاغتسالُ إذا طهرت))اهـ