أصالة الاتباع .. < وسطية واعتدال > ..

حين يـُـؤتى العلم من بابه ؛ يوصل إلى السلامة أصلاً وفرعــاً ..

وهذا أصل يقرره واحد من كبار علماء أهل السنة - رحمه الله - وكأنه يخاطب عصرنا الذي نعيش فيه زمناً من غرائب التنقل والافتراعات من أصحاب فكر بنيات الطريق الذين جعلوا الـمُسَّلـمَ في دلائل الشرع ، على غير الجادة إيماناً وتسليماً ، بل خاضوا بناقص فكرهم وعلومهم قضايا اطَّرد الإيمانُ بها عند الجيل الأول ، وسار على ذلك التسليم كبارُ أهل العلم والنظر ، حتى جاء عصر المتزبـبة ؛ فأوجدوا فرقة في المسلمين هم في غنى عنها ، والله محاسب كل واحد على نيته وعمله ..

يقول الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (11/ 362 - 363 ) :
( الإيمان ذو شعب ويزيد وينقص، فالكامل الإيمان من اتصف بفعل الخيرات، وترك المنكرات وله قُرَبٌ ماحية لذنوبه، كما قال تعالى: ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) إلى قوله: (أولئك هم المؤمنون حقا ) .

وقال: (قد أفلح المؤمنون) إلى قوله: ( أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس) ودون هؤلاء خلق من المؤمنين الذين خلطوا عملا صالحــاً وآخر سيئا، ودونهم عصاة المسلمين، ففيهم إيمان ينجون به من خلود عذاب الله تعالى وبالشفاعة .

ألا تسمع إلى الحديث المتواتر : ( أنه يخرج من النار من في قلبه وزن ذرة من إيمان ) وكذلك شعب النفاق من الكذب والخيانة والفجور والغدر والرياء، وطلب العلم ليقال، وحب الرئاسة والمشيخة، < وموادة الفجار والنصارى > .

فمن ارتكبها كلها، وكان في قلبه غلُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أو حرج من قضاياه !! ، أو يصوم رمضان غير محتسب، < أو يجوز : أنَّ دين النصارى أو اليهود دينٌ مليح، ويميل إليهم !!! >.

فهذا لا ترتبْ في أنه : كامل النفاق، وأنه في الدرك الأسفل من النار، وصفاته الممقوتة عديدة في الكتاب والسنة ، من قيامه إلى الصلاة كسلان ، وأدائه الزكاة وهو كاره، وإن عامل الناس فبالمكر والخديعة ، قد اتخذ إسلامه جنة، نعوذ بالله من النفاق ، فقد خافه سادة الصحابة على نفوسهم .

فإن كان فيه شعبة من نفاق الأعمال، فله قسط من المقت حتى يدعها، ويتوب منها، أما من كان في قلبه شك من الإيمان بالله ورسوله، فهذا ليس بمسلم وهو من أصحاب النار، كما أنَّ من في قلبه جزم بالإيمان بالله ورسله وملائكته وكتبه وبالمعاد، وإن اقتحم الكبائر، < فإنه ليس بكافر>، قال تعالى: ( هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) وهذه مسألة كبيرة جليلة، قد صنف فيها العلماء كتباً .. نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا إيماننا حتى نوافيه به ) .

حسن بن محمد الحملي.