عشاق العلم أعظم شغفا به وعشقا له من كل عاشق بمعشوقه !!
قال ابن القيم -رحمه الله- : (( ... وأما عشاق العلم فأعظم شغفا به وعشقا له من كل عاشق بمعشوقه، وكثير منهم لا يشغله عنه أجمل صورة من البشر. وقيل لامرأة الزبير بن بكار أو غيره: هنيئا لك إذ ليست لك ضرة فقالت والله لهذه الكتب أضر علي من عدة ضرائر.
وحدثني أخو شيخنا عبدالرحمن بن تيمية عن أبيه قال: كان الجد إذا دخل الخلاء يقول لي: اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك حتى اسمع. وأعرف من أصابه مرض من صداع وحمى وكان الكتاب عند رأسه فإذا وجد إفاقة قرأ فيه فإذا غلب وضعه فدخل عليه الطبيب يوما وهو كذلك فقال: إن هذا لا يحل لك فإنك تعين على نفسك وتكون سببا لفوات مطلوبك.
وحدثني شيخنا قال: ابتدأني مرض فقال لي الطبيب إن مطالعتك وكلامك في العلم يزيد المرض، فقلت له: لا أصبر على ذلك، وأنا أحاكمك إلى علمك، أليست النفس إذا فرحت وسرت قويت الطبيعة فدفعت المرض، فقال: بلى، فقلت له: فإن نفسي تسر بالعلم فتقوى به الطبيعة فأجد راحة، فقال: هذا خارج عن علاجنا أو كما قال.
فعشق صفات الكمال من أنفع العشق وأعلاه وإنما يكون بالمناسبة التي بين الروح وتلك الصفات، ولهذا كان أعلى الأرواح وأشرفها أعلاها وأشرفها معشوقا كما قيل:
أنت القتيل بكــــل من أحببتـه .... فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي))اهـ(روضة المحبين ص53).