تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: نقض الكلام المجزوء، بنكارة زيادة التيمي «خذوا عني» و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء»

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي نقض الكلام المجزوء، بنكارة زيادة التيمي «خذوا عني» و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء»

    الحمد لله، وبعد
    هذه الزيادة في حديث جبريل عليه السلام عندما جاء للنبي يسأله عن الإسلام، فاجابه النبي صلى الله عليه وسلم باركان الإسلام، وزاد التيمي في روايته لهذا الحديث قوله و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء» يعني: أنها كذلك من الإسلام كالزكاة، والصلاة، والصيام، والحج.
    وقد توهم البعض نكارتها مستدلا ببعض الحجج الواهية.
    وقد تعرضت لتخريج حديث جبريل عليه السلام تخريجا شاملا موسعا، أرجو أن أكون لم اسبق إليه، فيه من الفوائد الكثيرة الجمة، وكان من فوائد هذا التخريج، أن تعرضت لهذه الزيادة، ونقض الشبهات التي قد يتعلل بها البعض لردها، مستعينا بالله سبحانه وتعالى
    ..........يتبع
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي رد: نقض الكلام المجزوء، بنكارة زيادة التيمي «خذوا عني» و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء»

    قَالَ أَبُو حَاتِمٍ-ابن حبان-(ت354): تَفَرَّدَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ بِقَوْلِهِ: «خُذُوا عَنْهُ». وَبِقَوْلِهِ: «تعتمر وتغتسل وتتم الوضوء». اهـ
    قال ابن منده (ت395) : هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، عَنِ الْمُعْتَمِرِ بِلَفْظَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَبَرَيْنِ أَلْفَاظٌ لَيْسَتْ فِي الْآخَرِ مِنَ الزِّيَادَاتِ، وَعَلَى هَذَا رَوَى عَنْهُ (يعني: عن يونس) حَجَّاجٌ الشَّاعِرُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ الْمُنَادِي (يعني: متابعًا لحجاج) فَأَمَّا الْخَبَرُ الْأَوَّلُ: فَوَافَقَهُ (يعني: وافق يونسَ) مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْكِرْمَانِيُّ وَهُوَ أَحَدُ الثِّقَاتِ، مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ فِي الْجَامِعِ، وَاعْتَمَدَهُ وَوَثَّقَهُ. وَأَمَّا الْخَبَرُ الثَّانِي: فَرَوَاهُ يُوسُفُ بْنُ وَاضِحٍ الْهَاشِمِيُّ الْبَصْرِيُّ (يعني: موافقًا ليونس كذلك) وَغَيْرُهُ،)، عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ مِنْ نَحْوِ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَذَكَرَ فِيهِ الزِّيَادَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا يُونُسُ فِي الْخَبَرِ الْأَخِيرِ. اهـ
    يستفاد من قول ابن منده أنَّ الاختلاف في ألفاظ الحديث من هذا الوجه عن سليمان التيمي، جاءت من غير واحد عن المعتمر، فلا يكون الاختلاف منهم، ولا من المعتمر، إنما بل يكون الاختلاف من سليمان التيمي، وهو ما ذهب إليه غيره من النقاد، وقد زدت بعض العبارات للتوضيح بين القوسين.
    وقوله (تغتسل) جاءت في الحديث من وجه آخر، من حديث علقمة، عن سليمان بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنهم أجمعين .
    وقد أكَّد ابن خزيمة قبوله لهذه الزيادة بعد إخراجه لها في صحيحه بعدة أشياء: منها تخصيصه بالحكم عليها بالثبوت في ترجمته بقوله «بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الثَّابِتِ...»، ثم يشير إلى هذه الزيادة في الترجمة كذلك وأنه ما ساق الحديث إلا من أجلها فقال:«...بِأَنَّ إِتْمَامَ الْوُضُوءِ مِنَ الْإِسْلَامِ».
    وقد وافق ابنُ خزيمة -وغيرُه من أئمة الحديث والفقه- أئمةَ العلل، كالدارقطني، ومسلم، وغيرهما، في قبول زيادة التيمي هذه، وإليك بعض أقوالهم:
    قال الدارقطني (ت385) مصححًا له بعد إخراجه له في السنن: إِسْنَادٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.اه وقد اعتمد كثيرٌ من العلماء بعد الدارقطني على تصحيحه لهذه الزيادة.
    وقَالَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ (ت428) كما في [طبقات الحنابلة/1/303-المعرفة]: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ.اهـ
    وقال ابن الجوزي (ت597) في:[التحقيق/2/123/1224-العلمية] فَإِنْ قِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ مَذْكُورٌ فِي الصِّحَاح وَلَيْسَ فِيهِ ويعتمر، قُلْنَا: قَدْ ذَكَرَ فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَبُو بَكْرٍ الْجَوْزَقِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُخَرَّجِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ وَرَوَاهَا الدَّارَقُطْنِي ُّ وَحَكَمَ لَهَا بِالصِّحَّةِ وَقَالَ هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.اه
    ثم جاء ابن عبد الهادي (ت744) في [التنقيح/3/423/2077-]على التحقيق فقال: وهذه الزيادة فيها شذوذ. اهـ ولم يذكر أيَّ دليل من الأدلة التي تعوَّد أن يسوقها دائمًا في مثل هذا الموطن، كأن تكون الزيادة ليست عند أحد من أصحاب كتب الصحاح والسنن والمسانيد المعروفة وهم محتاجون إليه أشد الحاجة كما في [3/276]، أو أن ينص أحد العلماء عليها كما في [3/130]، ولعلَّ عذر ابن عبد الهادي في ذلك ما يعلمه من عدم وجود هذه الأمور في مثل هذه الزيادة كما نبَّه على ذلك ابن الجوزي، فمن أين سيأتي بها؟! فلعله أراد مجرَّد «التنقيح» بإشارة على «التحقيق» لا يترتب عليها شيء، وهذه ليست عادته، وعلى كلٍ، فلا تنتهض هذه العبارة أمام كلِّ من قَبِلَ هذه الزيادة من الأئمة المتقدمين -كالدارقطني، ومسلم- اللذين لا ينتهجون نهج أئمة الفقه وأصوله في قبول الزيادات، وحكموا عليها بالصحة.
    ثم جاء الذهبي (ت748) فأعاد على ابن عبد الهادي كلام ابن الجوزي مرًة أخرى بقوله في [التنقيح/2/14/380-الوطن]: قالُوا: (هَذَا) فِي الصِّحَاح بِلَا هَذِه الزيادةِ. قُلْنَا: قد أخرجهَا الجوزقي فِي كتابهِ الْمخْرج على "الصَّحِيحَيْ ِ" وقالَ الدارقطنيُّ: إسنادُهُ صحيحٌ. اهـ
    وصححه هذه الزيادة كذلك :
    ابن القطان الفاسي (ت628ه) في [بيان الوهم والإيهام/5/582/2797-طيبة].
    والضياء المقدسي (ت 643ه) في [الأحكام/4/11/3876-ماجد].
    وابن تيمية الجد (ت 653) في المنتقى [النيل/4/334/1788-الحديث] بنقل كلام الدارقطني، وابن الجوزي.
    وقال ابن تيمية (ت728) في [شرح العمدة/2/99-العبيكان]مبينًا أنَّ هذه الزيادة ليست من الزيادات المخالفة المعلَّة والمنكرة، وإنما هي من الزيادات المفسِّرة والمقبولة، فقال: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُخَالِفَةً لَهَا، لَكِنْ هِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا أُجْمِلَ فِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ، فَإِنَّ الْحَجَّ يَدْخُلُ فِيهِ الْحَجُّ الْأَكْبَرُ وَالْأَصْغَرُ، كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ يَدْخُلُ فِيهَا الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِالِاسْمِ الْخَاصِّ تَبْيِينًا، خَشْيَةَ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي الْأَوَّلِ.اهـ
    ولم يستدركه ابن التركماني (ت750) في [الجوهر النقي/4/350-الفكر] على تأكيد البيهقي على قبولها تأكيدًا لمذهب الشافعي الجديد في وجوب العمرة، ولو وجد منفذًا لذلك لفعل رحمه الله.
    قال السبكي (ت771) : قَالَ أَبُو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِي ّ هَذَا إِسْنَاد ثَابت صَحِيح أخرجه مُسلم بِهَذَا الْإِسْنَاد. قلت- يعني: السبكي- مُرَاده أَن مُسلمًا أخرج أصل الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَأما بِهَذَا الْمَتْن فَلَا، وهوَّن أَمرَ الْمَتْن لمِا قَدمتُه لَك من أَن الْمُحدِّث لَا يُعَظِّم الْخطبَ عِنْده فِي الِاخْتِلَاف عَلَى هَذَا الْوَجْه، وَإِن كَانَ رُبمَا رَآهُ عِلّة وَلَكِن الْعلَّة هُنَا منتفية لِأَن الحَدِيث بِاتِّفَاق الجهابذة الفحول ثَابت. اهـ
    قلت: وموطن الشاهد هنا قوله : (الحَدِيث بِاتِّفَاق الجهابذة الفحول ثَابت. اهـ) وأما ما يُفهم من باقي عبارة السبكي أنَّ الإمام مسلم لم يذكر زيادة التيمي لإعلاله لها، فسيأتي تعقب هذا الفهم والرد عليه.
    وعلَّق على هذه الزيادة ابن حجر(ت852) في [الفتح/1/120-المعرفة]فقال: إِنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ ضَبَطَ مَا لَمْ يَضْبِطْهُ غَيْرُهُ. اهـ، فجعل تفرُّدَ التيمي بهذه الزيادة من ضبطه الذي لم يضبطه غيره، لا من خطئه الذي يُنكرُ عليه، وهذا التعليق من ابن حجر مفيدٌ جدًا في ما يتعلق بإخراج مسلم لهذا الحديث بإسناده دون لفظه كما سيأتي التنبيه عليه .
    ......يتبع
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي رد: نقض الكلام المجزوء، بنكارة زيادة التيمي «خذوا عني» و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء»

    فإن قيل: إن عدول الدارقطني عن قول «هذا حديث صحيح» أو «هذا ثابت صحيح» إلى قوله «إسناد صحيح ثابت» يدل على نكارته، فلو كان يعتقد صحته فلِمَ لم يصرح بذلك دون تقييده بالإسناد؟ وقد قال عمرو بن الصلاح في مقدمته [38-الفكر]: قَوْلُهُمْ "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، أَوْ حَسَنُ الْإِسْنَادِ" دُونَ قَوْلِهِمْ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَوْ حَدِيثٌ حَسَنٌ"؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ"، وَلَا يَصِحُّ، لِكَوْنِهِ شَاذًّا أَوْ مُعَلَّلًا.اهـ وقال ابن حجر كما نقل عنه السيوطي في [تدريب الراوي/1/175-طيبة]: وَالَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ مِنْهُمْ لَا يَعْدِلُ عَنْ قَوْلِهِ: صَحِيحٌ إِلَى قَوْلِهِ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ إِلَّا لِأَمْرٍ مَا. اهـ
    أجيبب بـ:
    أنَّ في تكملة كلام عمرو بن الصلاح المتقدِّم الجواب، وهذا نصه كاملاً دون اجتزاء: قَوْلُهُمْ "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، أَوْ حَسَنُ الْإِسْنَادِ" دُونَ قَوْلِهِمْ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَوْ حَدِيثٌ حَسَنٌ" لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ"، وَلَا يَصِحُّ، لِكَوْنِهِ شَاذًّا أَوْ مُعَلَّلًا. غَيْرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمْ إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ عِلَّةً، وَلَمْ يَقْدَحْ فِيهِ، فَالظَّاهِرُ مِنْهُ الْحُكْمُ لَهُ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلَّةِ وَالْقَادِحِ هُوَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.اهـ
    وهذا التفصيل وإن كان يوضح كلام ابن حجر كذلك، إلا أنَّ ابن حجر نفسه يوضحه بتعليقه على كلام ابن الصلاح فقال في [النكت/1/474-ربيع]: والذي يظهر لي أنَّ الصواب التفرقة بين من يفرِّق في وصفه الحديث بالصحة بين التقييد والإطلاق وبين من لا يفرق، فمن عرف من حاله بالاستقراء التفرقة يحكم له بمقتضى ذلك ويحمل إطلاقه على الإسناد والمتن معا، وتقييده على الإسناد فقط، ومن عرف من حاله أنه لا يصف الحديث دائمًا وغالبًا إلا بالتقييد فيحتمل أن يقال في حقه ما قال المصنف آخرا. والله أعلم.اهـ
    ومن اطلع على كتاب السنن للدارقطني واستقرأه بجرده من أوله لآخره عَلِم أنَّه إذا أراد الحكمَ على الحديث بالصحة يطلق القول بالتصحيح فيقول: «هذا حديث صحيح» «هذا صحيح» «هذا ثابت صحيح» ولكنه في الغالب يقيِّده بالإسناد، فيسوق الحديث ثم يقول «إسناده صحيح» وأحياناً يسوق جملة من الأحاديث تترى ثم يجمل حكمها فيقول «هذه أسانيد صحاح» وقد تنوعت عباراته في تصحيح الأسانيد مثل قوله: «صحيح الإسناد» «هذا إسناد صحيح لا يختلف في عدالة رواته» «إسناد صحيح ثابت» «إسناد ثابت صحيح» «إسناد ثابت» «إسناد صحيح وكلهم ثقات» «هذا إسناد متصل صحيح».
    أما إذا أراد الحكم على الحديث بالضعف أو إعلاله أو نكارته فإنه يصرح بذلك دون مواربة، وفي بعض الأحيان يكتفي الدارقطني بوصف الراوي الضعيف دون وصف الحديث، وأكثر مادة سنن الدارقطني الحديث المعل بالمخالفة سواء كانت العلة في المتن أو السند، وهو موضوع حديثنا، وله منهج خاص في ذلك، فجرى الدارقطني في التعبير عن الرواية الراجحة بلفظ «المحفوظ»، «الصواب»، «الصحيح»، ولم يستعمل مطلقا لفظ «معروف»، ويعبر عن الرواية المرجوحة بلفظ «خطأ» «وهم» «غير محفوظ» «لا يثبت» «لا يصح» ولا تراه يستعمل مصطلح شاذ أو منكر في وصف ذلك .
    ومما يدل على صحة ما استظهرتُه وإن كان ظاهراً: أن العلماء اللذين ذكروا عبارة الدارقطني على هذا الحديث ممن تقدَّم ذكرهم، ومنهم ابن الجوزي، وابن تيمة، والذهبي، نقلوه مؤيدين تصحيحه لهذه الزيادة، ولم يفهموا من كلام الدارقطني إعلاله، وهو كافٍ لمن هداه الله.
    والحاصل: أنَّ الدارقطني إذا أراد إعلال زيادة سليمان التيمي هذه في حديثنا لعبَّر عنها بهذه الألفاظ وغيرها مما وضعه لذلك، ولا يجمع له الثبوت والصحة لإسناده، فالدارقطني عندما يقول: «هذا إسناد ثابت» أو «هذا إسناد صحيح» هو حكم على السند والمتن، فكيف إذا جمعهما لمثل حديثنا فقال: «إسناد ثابت صحيح» ثم يزيد ذلك تأكيدًا بقوله «أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ»، ثم يتواتر العلماء على نقله مؤيدين ثبوته؟!
    ...........يتبع
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي رد: نقض الكلام المجزوء، بنكارة زيادة التيمي «خذوا عني» و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء»

    فإن قيل: إن الإمام مسلم لم يخرجه بلفظه بل أخرجه في نهاية طرق الحديث كلها فقال: حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ .اهـ وهذا دليل على أنَّ مسلم ذكره في المتابعات والشواهد، ولم يذكره اعتمادًا .
    ولعلَّ هذا القائل يستدلُّ على صحة هذا الفهم بقولِ السبكي وهو يفسر رواية الإمام مسلم لهذه الزيادة بقوله الآنف الذكر: قَالَ أَبُو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِي ّ: هَذَا إِسْنَاد ثَابت صَحِيح أخرجه مُسلم بِهَذَا الْإِسْنَاد. قلت- يعني: السبكي- مُرَاده أَن مُسلمًا أخرج أصل الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَأما بِهَذَا الْمَتْن فَلَا، وهوَّن أَمرَ الْمَتْن لمِا قَدمتُه لَك من أَن الْمُحدِّث لَا يُعَظِّم الْخطبَ عِنْده فِي الِاخْتِلَاف عَلَى هَذَا الْوَجْه، وَإِن كَانَ رُبمَا رَآهُ عِلّة، وَلَكِن الْعلَّة هُنَا منتفية؛ لِأَن الحَدِيث بِاتِّفَاق الجهابذة الفحول ثَابت. اهـ
    أجيب بـ:
    أولاً: إنَّ مشكلة حديثنا لا تتعلق بضعف رواته، أو انقطاع في إسناد، أو غير ذلك مما يصلح لأن يكون متابع أو شاهد، إنما الإشكال في حديثنا هو أنَّ الثقة سليمان التيمي الذي تفرَّد بما لم يتابعه عليه أحد، فكيف يذكره مسلم في صحيحه على كونه متابعًا؟! وكيف يكون التيمي شاهدًا على شيء هو متهم به؟! والأولى أن يقال ذَكَرَه «عاضدًا» كما قال «الفاسي» في كتابه «الوهم».
    ثانيًا: إن الإمام مسلم لا يستشهد ويتابع بحديث منكر، أو حديث به زيادة منكرة غير مقبولة، أو يسند الحديث ثم يتركنا نخمِّن مِن وراءِه، بل لا يذكر ذلك في كتابه أصلًا إلا إذا نبَّه عليه تنبيهًا واضحًا لا لبس فيه، كما أشار إلى ذلك في مقدمته فقال: وَسَنَزِيدُ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى شَرْحًا وَإِيضَاحًا فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْكِتَابِ عِنْدَ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُعَلَّلَةِ، إِذَا أَتَيْنَا عَلَيْهَا فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يَلِيقُ بِهَا الشَّرْحُ وَالْإِيضَاحُ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.اهـ
    ثالثًا: إنَّ الإمام مسلم عندما يذكر حديثًا بإسناده دون متنه إنما ذلك من أجل الاختصار، أو التنبيه على زيادة مفيدة مقبولة عنده، إلا أنه قد لا يذكر لفظ هذه الزيادة لأسباب أخرى ليس لكونها معلولة عنده، بل إنه قد يذكر لفظ الزيادة المعلَّة مع التنبيه عليها، ولا يذكر الزيادة غير المعلَّة مع ذكر إسنادها إشارة لقبولها لا لردها، وهنا يُذكر قول ابن حجر المتقدم في [الفتح/1/120-المعرفة] تعليقًا على زيادات هذا الحديث: إِنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ ضَبَطَ مَا لَمْ يَضْبِطْهُ غَيْرُهُ. اهـ ولم يجعل هذا من الإعلال بالتفرد.
    رابعًا: وأما قول السبكي: (..وهوَّن أَمرَ الْمَتْن..) ليس معناه أنَّه أعلَّه، ولكن معناه أنه لم يهتم بإيراد اختلاف ألفاظ المتن من أجل الاختصار، فما من حديث إلا وفيه اختلاف، إلا أنَّ المحدِّثين لا يعتنون في الغالب إلا بما يرونه عِلِّة، ولذلك قال السبكي بعده: (.. لمِا قَدَّمتُه لَك من أَن الْمُحدِّث لَا يُعَظِّم الْخطبَ عِنْده فِي الِاخْتِلَاف عَلَى هَذَا الْوَجْه..) يعني: أن الفقهاء هم اللذين يعتنون بذكر هذه الزيادات التي تدل على مسائلهم. (..وَإِن كَانَ رُبمَا رَآهُ عِلّة..) يعني: أنَّ المحدِّث ربما رأى بعض هذه الزيادات علِّة، وفي هذه الحالة لابد أن يهتَّم بها، ويشير إليها، واهتمام المحدِّثون بالأفراد والغرائب من هذا الباب، وهذا ما جعل الإمام مسلم يُعرض عن هذه الزيادة وهوَّن من أمرها، ويؤكد هذا قول السبكي بعده: (.. وَلَكِن الْعلَّة هُنَا منتفية..) وهذا ما جعل الإمام مسلم يهوِّن منها ولم يذكرها (..لِأَن الحَدِيث بِاتِّفَاق الجهابذة الفحول ثَابت. اهـ) فلا يصح أن نفهم فعل الإمام مسلم خارجًا عن هذا الاتفاق، لِأنَّ الاتفاق على قبول هذه الزيادة من الجهابذة الفحول يدخل فيه الإمام مسلم كذلك، وهذا يدل على أنَّ السبكي لم يفهم من فعل الإمام مسلم إعلاله لهذه الزيادة، بل العبارة دليل على قبول مسلم لهذه الزيادة لا إعلالها.
    خامسًا: لقد سبق للإمام مسلم تصحيح وقبول ما تفرَّد به سليمان التيمي، وهذا في حَدِيث «وَإِذا قَرَأَ فانصتوا» قال الإمام مسلم [صحيحه/1/304/404-إحياء التراث]: ... فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ قَتَادَةَ مِنَ الزِّيَادَةِ «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا».. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: قَالَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ أُخْتِ أَبِي النَّضْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. فَقَالَ مُسْلِمٌ: تُرِيدُ أَحْفَظَ مِنْ سُلَيْمَانَ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ فَقَالَ: هُوَ صَحِيحٌ يَعْنِي «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ. فَقَالَ: لِمَ لمَ تَضَعْهُ هَا هُنَا؟ قَالَ: لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي صَحِيحٍ وَضَعْتُهُ هَا هُنَا إِنَّمَا وَضَعْتُ هَا هُنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ. اهـ فكيف لقائلٍ أن يفهم بعد كلِّ هذا أنَّ الإمام مسلم يعل هذه الزيادة، ويستدل بأموٍر كلها تدل على قبوله لها.
    ..........................يت بع
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي رد: نقض الكلام المجزوء، بنكارة زيادة التيمي «خذوا عني» و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء»

    فإن قيل: أخرج الإمام البيهقي بسند صحيح في [الكبرى/8757-الحديث]فقال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي رَزِينٍ -«احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ»- هَذَا فَقَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: لَا أَعْلَمُ فِي إِيجَابِ الْعُمْرَةِ حَدِيثًا أَجْوَدَ مِنْ هَذَا وَلَا أَصَحَّ مِنْهُ وَلَمْ يُجَوِّدْهُ أَحَدٌ كَمَا جَوَّدَهُ شُعْبَةُ .اهـ فهذا الإمام مسلم يجيب بإجابة الإمام أحمد عن حديث أبي رزين أنَّه أجود ما في الباب، ولا أصح منه، وهذا دليل على نكارة الإمام مسلم وأحمد لزيادة التيمي في حديث جبريل التي في الباب .
    أجيب بـ :
    أنَّه يظهر من العبارة أمرٌ آخر ليس له أي علاقة بزيادة التيمي في حديث جبريل، هذا الأمر هو أنَّ الإمام أحمد معجب بتجويد شعبة لهذا الإسناد وتفرده المطلق به من وجه صحيح كعادته، دون أن يكون فيه أي نكارة، فحديث أبي رزين من هذه الجهة أجود وأصح ما في الباب، أما حديث التيمي فقد انفرد فقط ببعض الألفاظ، مع متابعة غيره له، وقول الإمام أحمد هذا شبيه بقول ابن حبان -الآتي في هذا التعليق قريبًا- على حديث ابن عمر «أمرت أن اقاتل الناس»: «تفرَّد به شعبة»، وهو متفق عليه، فحديث أبي رزين من هذه الجهة يفرح به مثل الإمام أحمد، ولا أظن أنَّ هذه الفرحة لها أي علاقة بزيادة التيمي في حديث جبريل .
    >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>يتب
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي رد: نقض الكلام المجزوء، بنكارة زيادة التيمي «خذوا عني» و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء»

    فإن قيل: قد حكم ابن حبان بعد إخراجه لهذا الحديث بأن التيمي تفرَّد بهذه الزيادة التي زعمتَ بأنَّه حكم لها بالصحة، وذلك بقوله: تَفَرَّدَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ بِقَوْلِهِ: «خُذُوا عَنْهُ» وَبِقَوْلِهِ: «تعتمر وتغتسل وتتم الوضوء» ؟!
    أجيب بـ:
    أولاً: إنَّ ابن حبان ذكر منهجه في مقدمة كتابه، وذكر فيها أنه لا يضع في كتابه إلا ما اعتقد أنه مقبول بشروط خمسة في ناقليه وهي: العدالة، والصدق، والعقل، والعلم، انظرها على التفصيل في مقدمة كتابه [1/151-الرسالة]، وهذا يعني: أنَّه لن يضع في كتابه إلا ما كان مقبولاً عنده وتحققت في ناقليه هذه الشروط الخمسة، فينبغي أن نفهم عباراته في الصحيح المتعلقة بالتفرد على ضوء ذلك .
    ثانيًا: لقد بيَّن ابن حبان في مقدمة كتابه منهجه في قبول زيادة الألفاظ من المحدِّث الثقة، وأنَّه كان يحتاط في ذلك أشدَّ الاحتياط، لا كما يظنه البعض فيه أنَّه متساهل، فكان لا يقبل زيادة الثقة من الحافظ المتقن إلا أن يغلب عليه الفقه، ويحدِّث من كتابه لا من حفظه، فلا يقبل الزيادة إلا بهذه الشروط الثلاثة، وهي أن تكون هذه الزيادة من محدِّث متقن، يحدِّث من كتاب، يغلب عليه الفقه إذا كانت الزيادة متعلقة بالمتن، فقال: وأما زيادة الألفاظ في الروايات فإنا لا نقبل شيئا منها إلا عن من كان الغالب عليه الفقه حتى يُعلَم أنَّه كان يروي الشيء ويعلمُه حتى لا يشك فيه أنه أزاله عن سَننه أو غيَّره عن معناه أم لا؛ لأن أصحاب الحديث الغالب عليهم حفظ الأسامي والأسانيد دون المتون، والفقهاء الغالب عليهم حفظ المتون وأحكامها وأداؤها بالمعنى دون حفظ الأسانيد وأسماء المحدثين، فإذا رفعَ محدِّثٌ خبرًا وكان الغالب عليه الفقه لم أقبل رفعه إلا من كتابه؛ لأنه لا يعلم المسند من المرسل ولا الموقوف من المنقطع، وإنما همته إحكام المتن فقط، وكذلك لا أقبل عن صاحب حديث حافظ متقن أتى بزيادة لفظة في الخبر؛ لأن الغالب عليه إحكام الإسناد وحفظ الأسامي والإغضاء عن المتون وما فيها من الألفاظ إلا من كتابه، هذا هو الاحتياط في قبول الزيادات في الألفاظ.اهـ
    وعليه فإنَّ كلَّ زيادات الألفاظ التي أشار إليها ابن حبان في كتابه قد تحقق فيها هذا الشرط عنده، فينبغي أن نفهم عباراته في الصحيح المتعلقة بالتفرد على ضوء ذلك، وسليمان التيمي كان من عبَّاد أهل البصرة، وصالحيهم ثقة وإتقاناً وحفظاً وسنة، هكذا قال عنه ابن حبان في [الثقات/1/300/3011-الفكر]. كأنه يشير إلى مسألة الفقه بقوله «من عباد أهل البصرة، وصالحيهم ... وسنة»، ويؤكد على شدة تثبته وإتقانه مع ذلك بقوله«ثقة وإتقاناً وحفظاً» .
    ثالثًا: إنَّ قول ابن حبان بعد إخراجه لهذا الحديث : تَفَرَّدَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ بِقَوْلِهِ: «خُذُوا عَنْهُ» وَبِقَوْلِهِ: «تعتمر وتغتسل وتتم الوضوء» ليس حكمًا منه برد هذه الزيادة، وعدم قبولها، فإنَّ هذا يتعارض مع ما ذكره في مقدمته، وإنَّ النظر المجرَّد لهذه العبارة من ابن حبان دون الرجوع إلى كتابه والصبر على جرده لمعرفة مراده لمن التهور، وحتى لا أقع في ما وقع فيه غيري جردتُ كتاب ابن حبان من أوله لآخره حتى تيقنت بأنه لا يريد أبدًا بهذه العبارة ردَّ الزيادة المشار إليها، بل إنَّه يريد الإشارة إلى مجرَّد عدم المتابعة من الرواة علي هذه الزيادة الثابتة التي يترتب على ثبوتها حكمٌ شرعي، ويشير كذلك إلى أنّه منتبه إلى تفرد الراوي بهذه الزيادة، وأنه لم يغفل عن ذلك، وأنَّها زيادة مقبولة، وأنَّه لم يخرجِّ هذه الزيادة إلا وهو يعلم أنَّ الراوي المتفرِّد بهذه الزيادة قد تحققت فيه الشروط الثالثة المتقدِّم ذكرها، ومما يدل على صحة هذه النتيجة:
    أنَّه كثيراً ما يذكر في كتابه هذه العبارة : «ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به فلان»اهـ، ثم يذكر الراوي الذي قد يكون أحياناً صحابي كما في رقم (1551)، (6608) ، أو تابعي كبير لا يتكلم العلماء في تفرد طبقته كما في رقم (1038)، فهو لا يقصد بالمتابعة وإزالة التفرد هنا إزالة النكارة عن الحديث الذي قد يكون متفق عليه كما في رقم (6608)، أو أنه يرويه من لا تحتاج طبقته إلى متابع لقبول روايتهم.
    ثمَّ إنني لاحظتُ أيضاً أنَّ ابن حبان كثيراً ما يقول :«تفرد به فلان» ويكون الحديث متفق عليه ، كما في رقم (175) قال:أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى بِالْمَوْصِلِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ حدثنا شعبة عن واقد بن محمد عن أبيه عن بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ" قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تَفَرَّدَ بِهِ شُعْبَةُ اهـ فهو لا يعني النكارة بلا شك، بل يعني مجرد الإشارة إلى التفرد وعدم المتابعة، وهو مع ذلك تفرد مقبول، فقد أخرج الحديث [البخاري /25]،و[مسلم/22]، وهو قريب من قول الإمام أحمد في حديث أبي رزين، وقد تقدمت الإشارة لذلك .
    ومن الأمثلة كذلك التي توضح المراد [2445]قال: أخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالْوِتْرِ» «تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَهُ الشَّيْخُ».اهـ وهذا الحديث عند مسلم [750] بلفظه .
    بل ستجد أيضاً عبارة :«تفرد به سليمان التيمي» في لفظة أخرجها مسلم، كما في رقم [1346]قال: ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ «وَمَسَحَ نَاصِيَتَهُ» فِي هَذَا الْخَبَرِ تَفَرَّدَ بِهِ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ.اه وهي عند مسلم [247] بلفظ « مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَمُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ».
    ثمَّ إنك تجده أحياناً يشير إلى بعض الشروط التي اشترطها في قبول هذه الزيادة من الراوي ، كما في رقم [2500] قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَا: «دَخَلَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ الْمَسْجِدَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» «تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَهُوَ قَاضِي الْكُوفَةِ قَالَهُ الشَّيْخُ».اهـ وقاضي الكوفة لابد أن يكون الغالب عليه الفقه، وهي أحد الشروط الثلاثة في قبول زيادة المتن عند ابن حبان .
    وتجده أحياناً يفسر بهذا التفرد في اللفظ حكمًا مجملاً ، ولا يكون هذا التقييد بالتفرد إلا لثبوته لا لرده، كما [5623]قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِيرَوَيْهِ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ خَمْسِ فَوَاسِقَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ.اهـ ثم قال : ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُتَقَصِّي لِلَّفْظَةِ الْمُخْتَصَرَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا بِأَنَّ قَتْلَ الْغُرَابِ إِنَّمَا أُبِيحَ الْأَبْقَعُ مِنَ الْغِرْبَانِ دُونَ غَيْرِهِ [5633]: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْعَقْرَبُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «الْمُخْتَصَرُ مِنَ الْأَخْبَارِ هُوَ رِوَايَةُ صَحَابِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِوَايَةِ الْعُدُولِ عَنْهُ بِلَفْظِهِ يَتَهَيَّأُ اسْتِعْمَالُهَا فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، وَالْمُتَقَصِّي هُوَ رِوَايَةُ ذَلِكَ الْخَبَرِ بِعَيْنِهِ، عَنْ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ نَفْسِهِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ بِزِيَادَةِ بَيَانٍ، يَجِبُ اسْتِعْمَالُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ الَّتِي تَفَرَّدَ بِهَا ثِقَةٌ عَلَى السَّبِيلِ الَّذِي وَصَفْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ .اهـ
    والأمثلة على إثبات ما ذهبتُ إليه كثيرة جداً تحتاج إلى فصل خاص ضمن رسالة في منهج ابن حبان أسأل الله سبحانه وتعالى إخراجها بعنوان «توفيق المنان بمعرفة منهج ابن حبان» .
    والحاصل:
    أنَّ ابن حبان يريد بالتفرد في كتابه عدم المتابعة، ويريد بعدم التفرد عدم المتابعة، ويريد بالتنبيه على اللفظة المتفرَّد بها قبولهَا وقبول الأحكام المترتبة عليها، والرد على من لم يقبل هذه الزيادة من أجل التفرد، وأنَّ هذا التفرد المقبول في الإسناد أو المتن لابد أن يتحقق فيه شروط ثلاثة: أن يكون من محدِّث متقن، وأن يحدث من كتاب، وأن يغلب عليه الفقه إن كانت الزيادة متعلقة بالمتن.
    .............................. ......يتبع
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي رد: نقض الكلام المجزوء، بنكارة زيادة التيمي «خذوا عني» و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء»

    فإن قيل: أعله البزار بعدم الاهتمام بضبطه.
    أجيب: بأن الإمام البزار إذا أراد أن يعل حديثا فله منهج في ذلك، ليس منه عدم الاهتمام بضبط الحديث، بل اختصار الحديث يدل على عدم العلة في الغالب، وهذا قريب جدًا من منهج الإمام مسلم رحمة الله على الجميع .
    ...................يتبع
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي رد: نقض الكلام المجزوء، بنكارة زيادة التيمي «خذوا عني» و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء»

    وأخيراً:
    لقد أطلت الكلام على زيادة التيمي هذه؛ لأني لم أقف على من بحثها، ومع ذلك وجدت بعض المعاصرين يسارع بقبولها لأنها زيادة من ثقة، وزيادة الثقة مقبولة!! هكذا بدون أي ضوابط، أو قَبِلَها لِأنَّها تؤيد حكمًا ذهب إليه كوجوب العمرة، وآخرين يتسارعون بردها لأنها تؤيد حكمًا مرجوحًا عندهم، والذي ينبغي على العبد فعله أولاً التجرد من الهوى، وأن لا يقرر في نفسه شيئًا ثم يبحث عنه فلا يرى غيره، على أنَّ بعض الفقهاء اللذين ثبتت عندهم زيادة التيمي لم ير فيه دليل على وجوب العمرة.
    ثم إنه قد يرى البعض أنَّ الإيرادات على ضعف زيادة التيمي متهافتة، ويراني أعطيتها أكثر من حقها، وكلامه صواب، لولا ادعياء العلم والفهم في هذا الوقت اللذين قد يوردوا بعد كل هذا التفصيل ما يسبب عند البعض إشكالات، لقُضي الوقتُ في غير هذا، وعزاؤنا ما في هذا الرد من الفوائد العلمية، فإنه لم يكن مجرَّد رد.
    وقبل المغادرة ألفت النظر إلى كتاب نافع ماتع اسمه «منهج الدارقطني في كتابه السنن» للدكتور كيلاني محمد خليفة، استفدت منه كثيرا في الجواب على الإشكال الوارد على كلام الدارقطني.
    هذا وقد كان هذا البحث جزأ من بحث في تخريج حديث جبريل عليه السلام، لا زالت مشاركته مفتوحة في هذا الرابط
    http://majles.alukah.net/t123685/

    بارك الله في جهودكم
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي رد: نقض الكلام المجزوء، بنكارة زيادة التيمي «خذوا عني» و«تعتمر، وتغتسل، وتتم الوضوء»

    للرفع
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •