هل صفة الربوبية من صفات الذات أم من صفات الفعل؟
هل صفة الربوبية من صفات الذات أم من صفات الفعل؟
وجه هذا السؤال للشيخ د. فلاح السعيدي دكتور في علم العقيدة :
" لا أنصحك ببحث الصفات على هذا النحو فهذا طريقة أهل الكلام
ابحثي في معنى الرب في لغة القران وستعرفين الأمور التي يتناولها هذا الإسم "
الذي فهمته أن الربوبية وصف ذات قولاً واحداً لأنها لا تخضع للمشيئة
فالله يمكن أن يرزق ويمكن ألا يرزق ، يمكن أن يخلق ويمكن ألا يخلق ، يمكن أن يتكلم ويمكن ألا يتكلم ، يعني الأمر يخضع لمشيئته سبحانه، يرزق من يشاء ويتكلم وقتما يشاء ويخلق ما يشاء
لكن لا يصح أن يُقال: إن الله يميت نفسه وقتما يشاء لأن الحياة صفة ذاتية لا تدخل في المشيئة
لا يصح أن يُقال: إن الله يكون فقير وقتما يشاء لأن الغِنى صفة ذاتية ملازمة للذات الإلهية
لا يصح أن يُقال: إن الله يكون جاهلاً وقتما يشاء لأن العِلم صفة ذاتية ملازمة لله عز وجل
فهل يصح أن نقول: بما أن الله على كل شئ قدير: هل يقدر الله عز وجل على أن يجعل نفسه ضعيفاً ؟
نقول: هذا السؤال غير صحيح لأن القدرة من صفات الله الذاتية التي لا تدخل في المشيئة
بما أن الله على كل شئ قدير: هل يقدر الله عز وجل أن يجعل من نفسه عبد ؟؟؟
هذا السؤال غير صحيح لأن الربوبية من صفات الله الذاتية التي لا تنفصل عن الذات الإلهية بمعنى أنها لا تدخل في المشيئة لأنها ملازمة لله عز وجل
والله أعلم
أقول: هو كما قال أخونا عبد الله عمر, فصفة الربوبية لا تدخل تحت المشيئة ولا تتعلق بزمان؛ فعلى هذا هي صفة ذات.
ولكني وجدت القرطبي يقول:
وَالرَّبُّ: السَّيِّدُ, وَالرَّبُّ: الْمُصْلِحُ وَالْمُدَبِّرُ وَالْجَابِرُ وَالْقَائِمُ . . . فَعَلَى أَنَّهُ مُدَبِّرٌ لِخَلْقِهِ وَمُرَبِّيِهِمْ يَكُونُ صِفَةَ فِعْلٍ، وَعَلَى أَنَّ الرَّبَّ بِمَعْنَى الْمَالِكِ وَالسَّيِّدِ يَكُونُ صِفَةَ ذَاتٍ.
((تفسير القرطبي)) (1/ 137).
وهل القرطبي يؤخذ منه الكلام في الصافات أساساً ؟؟
القرطبي يقول في تفسيره في الأعراف الآية 54 أن الاستواء الذي هو بمعنى العلو والارتفاع ينبغي أخذ العلو فيه بمعنى علو القدر والمكانة حتى لا يوهم التشبيه والجسمية والتحيز !!!!!!!!!
القرطبي نأخذ منه آيات الأحكام لا العقائد وقد نَبّه الشيخ عبد الكريم الخضير إلى أنه أشعري المعتقد
معلومة :
الرب: يتضمن صفة الربوبية وهي صفة ذات وصفة التربية وهي صفة فعل
يُنظَر كتاب " أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة " شرح اسم الرب
مثل اسم القدوس: يتضمن صفة القدسية وهي صفة ذات وصفة التقديس وهي صفة فعل
دلالة الاسم على أوصاف الله :
الرب اسم يدل على ذات الله وعلى صفة الربوبية بدلالة المطابقة وعلى ذات الله وحدها بالتضمن، وعلى الصفة وحدها بالتضمن، ويدل باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والعلم والمشيئة والقدرة والملك والغنى والقوة والإحياء والإبقاء والهداية والرزق والإمداد والعطاء، والرعاية والإحاطة والعزة والرحمة والحكمة والخبرة، وكل ما يلزم لتخليق الشيء وتصنيعه وإيجاده واختراعه، فصفة الخالق أن يستغني بنفسه فلا يحتاج إلى غيره، وأن يفتقر وإليه كل من سواه، قال ابن القيم: ( دل البرهان الضروري والعقل الصريح على استغنائه سبحانه بنفسه، وأنه الغني بذاته عن كل ما سواه؛ فغناه من لوازم ذاته، ولا يكون غنيا على الإطلاق إلا إذا كان قائما بنفسه؛ إذ القيام بالغير يستلزم فقر القائم إلى ما قام به ) ([1]) .
والله عز وجل لما نفى الألوهية عمن سواه بين أن الرب المعبود الذي يخلق لا بد أن يتصف بالحياة والقوة والمشيئة والقدرة، وكل ما يلزم للقيام بالنفس قبل إقامة الآخرين قال تعالى: { وَالذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}
[النحل:20/21]، وقال أيضا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحج:73/74] .
واسم الله الرب يدل باللزوم أيضا على انفراد الله بتدبير أمر المخلوقات وتقدير أحوالهم، والقيام على شئونهم، واللطف بهم، والعناية والهداية إلى ما يصلحهم والقضاء والحكم بينهم وتهيئة الكون لتحقيق الغاية من خلقهم وغير ذلك من صفات الكمال، واسم الله الرب دل على صفة من صفات الذات والأفعال .
[1] الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم 4/1331 .