تمـهـّل .. يا هـذا ولبـّــِث قليـــلا ..

..

تمهـّل .. يا هذا ولبـّـِث قليلا ..
أنظر لذرات الثرى التي تطؤها بقدميك .. وتنهبها بسيرك المتعجرف نهبا ,, !

لسان قدمك يخاطب الثرى :
آه لو أن السحاب مكانكِ
فإن مكاني فوق السحاب !

لبـّث وضع قدمك هونا كما نضع أقدامنا ..
فليس يفرق بين مراتبنا سوى موازين أعمالنا ..

أما فكرت يوما ..
أن التراب الذي تتعالى عليه سيؤويك حين تلفظك الحياة من الوجود ؟
أن الطين الذي تحتقره سيمتزج بعظامك يوما ما .. ولن يفرق احد بينكما في اللحود ؟

أما مررت بمقبرة أثناء سيرك في الصبح وفي الليالي ..
ورأيت القبور متراصة تحوي المسكين بجانب ابن عمك المتعالي ؟

تمهـّل .. يا هذا ولبـّـِث قليلا ..

تمهل قبل أن تصعر خدك لأحد ..
فإن خالقه هو خالقك الفرد الصمد ..

لبَث قليلا قبل أن تمشي في الأرض مرحا
فإن للدنيا سنة تقضي بأن تحيا بعد ذاك المرح ترحا ...

وتضع يدك على خدك محتارا ..
وتقول : يا ويلتى لقد مكرت بي الدنيا مكرا كُبّارا ..

فيناديك صوت بعيد .. بنبرة حزينة من أعماقك
بل مكرت بنفسك يا مسكين .. وما نفعتك صولة الكبر وبريق مالك ..

ويقابلك رجل ضعيف .. يحاول مسح دموعك دون جدوى ...
يقول لك : أنا عملك الصالح ضيعتني بغرورك وأوصدت أمام نفسك سبل التقوى ...

يا ليتك حافظتَ عليّ وزينتني بالباقيات الصالحات ..
يا ليتك اقتحمت العقبة وأبعدت نفسك عن الموبقات ...

تمهّل !

تمهـّل .. يا هذا ولبـّـِث قليلا ..
ما دمت لا تزال سائرا على وجه البسيطة ...

تمهل في سيرك وامشِ في الأرضِ هونا ...
لعلك أن تسكن الفردوس وتنعم فيها ... راحة وأمنا ...

بقلم ... تسنيم أم يوسف ( جوهرة )