كيف يكون التوفيق بين الروايات التي ثبتت عن ابن عمر في جمعه بين المغرب و العشاء عندما استصرخ على صفية, فبعضها جاءت بمعنى الجمع الصوري , و بعضها جاءت بمعنى جمع التأخير؟ و إليكم هاته الروايات:

الروايات التي تفيد جمع التأخير:
روى أبو داود:
حدّثنا سليمان بن داود العتكيّ,نا حماد,نا أيوب,عن نافع,أن ّابن عمر استصرخ على صفيّة و هو بمكّة , فسار حتى غربت الشمس و بدت النّجوم, فقال:إنّ النّبي صلى الله عليه و سلم كان إذا عجّل به أمر في سفر جمع بين هاتين الصلاتين,فسار حتّى غاب الشفق,فنزل فجمع بينهما
و روى أبو داود أيضا :
حدّثنا عبد الملك بن شعيب ,نا ابن وهب عن الليث قال: قال ربيعة-يعني:كتب إليه-:حدّثني عبد الله بن دينار,قال:غابت الشمس و أنا عند عبد الله بن عمر,فسرنا ,فلما رأيناه قد أمسى قلنا :الصلاة فسار حتى غاب الشفق و تصوبت النّجوم,ثمّ إنّه نزل فصلّى الصلاتين جميعا,ثمّ قال:رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا جدّ به السير صلّى صلاتي هذه,يقول يجمع بينهما بعد ليل

قال صاحب عون المعبود:
و في هذا الحديث دليل واضح على أنّ الجمع بينهما من ابن عمر كان بعد غروب الشفق و هذا هو الصحيح المشهور من فعله

الروايات التي تفيد الجمع الصوري:

روى أبو داود:
حدّثنا محمّد بن عبيد المحاربي ،نا محمّد بن فضيل،عن أبيه عن نافع و عبد الله بن واقد أنّ مؤذن ابن عمر قال: الصلاة,قال سر,سر حتّى إذا كان قبل غيوب الشفق نزل فصلّى المغرب, ثم ّ انتظر حتّى غاب الشفق فصلى العشاء , ثمّ قال:إنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا عجل به أمر صنع مثل الذي صنعت,فسار في ذلك اليوم و الليلة مسيرة ثلاث
قال العلامة آبادي في عون المعبود في شرحه لهذا الحديث
و في هذا دليل على معنى الجمع الصوري الذي تأول به الحنفية أحاديث الجمع بين الصلاتين.

و روى الدّار قطني في سننه:
حدّثنا الحسين بن اسماعيل حدذثنا يوسف بن موسى حدثنا وكيع و جرير بن عبد الحميد –و اللفظ لوكيع-عن الفضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر قال استصرخ على صفية و هو في سفر, فسار حتّى إذا غابت الشمس قيل له: الصلاة ,فسار حتى كاد يغيب الشفق,فنزل فصلى المغرب ثمّ انتظر حتى غاب الشفق صلى العشاء ثمّ قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم:إذا نابته حاجة صنع هكذا
و روى أيضا:
حدّثنا أبو بكر النيسابوري حدّثنا العبّاس بن الوليد بن مزيد قال :أخبرني أبي قال سمعت ابن جابر يقول حدثني نافع قال:
خرجت مع عبد الله بن عمر و هو يريد أرضا له فنزل منزلا فأتاه رجل فقال له :إن ّصفية بنت أبي عبيد لما بها و لا أظن أن تدركها و ذلك بعد العصر قال فخرج مسرعا و معه رجل من قريش فسرنا حتى إذا غابت الشمس و كان عهدي بصاحبي و هو محافظ على الصلاة, فقلت: الصلاة ,فلم يلتفت إليّ و مضى كما هو , حتّى إذا كان من آخر الشفق نزل فصلّى المغرب ثمّ أقام الصلاة و قد توارى الشفق فصلّى بنا العشاء , ثمّ أقبل علينا فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا عجل به أمر صنع هكذا .