الدرس الرابع والثلاثون

اسم الفاعل
ومما يعمل عمل فعله اسم الفاعل وهو: اسم مشتق للدلالة على ذات قام بها حدث، ككاتب يدل على ذات متصفة بالكتابة
وهو يصاغ من الثلاثي على وزن فاعل ككاتب، ومن غير الثلاثي على وزن مضارعه بعد إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل الآخر مثل: مُكْرِم مشتق من يُكْرِم.
واسم الفاعل لا يخلو من حالتين:
الأولى: أن يكون مقترنا بأل.
الثانية: أن يكون مجردا منها.
فإن كان مقترنا بأل عمل بلا شرط سواء دل على الماضي أو الحال أو الاستقبال، تقول: هذا الفاتحُ بابَهُ أمسِ، أي الذي فتح بابه، فبابَه مفعول به لاسم الفاعل وفاعله ضمير مستتر تقديره هو.
وتقول: هذا الفاتحُ بابَهُ الآنَ أو غدا أي الذي يفتح بابَه.
وإن كان مجردا من أل فإنه لا يعمل إلا بشرطين:
الأول: أن يكون للحال أو الاستقبال لا المضي فلا يقال: هذا فاتحٌ بابَهُ أَمسِ،بل يجب الإضافة فتقول: هذا فاتحُ بابِهِ أمسِ.
الثاني: أن يقع بعد نفي أو استفهام أو يكون خبرا عن مبتدأ أو صفة لموصوف كما في الأمثلة التالية:
1- ما كاتبٌ زيدٌ رسالةً، فما: نافية: وكاتبٌ: مبتدأ وهو اسم فاعل، زيدٌ: فاعل لاسم الفاعل سد مسد الخبر، رسالةً: مفعول به، وقد عمل اسم الفاعل لاعتماده على نفي.
2- هل كاتبٌ زيدٌ رسالةً: فهل: حرف استفهام، والباقي إعرابه كما سبق، وقد عمل اسم الفاعل لاعتماده على استفهام.
3- زيدٌ كاتبٌ رسالةً: فزيدٌ: مبتدأ، كاتبٌ خبر وفاعله مستتر، ورسالةً: مفعول به، وقد عمل لوقوعه خبرا عن مبتدأ.
4- هذا رجلٌ كاتبٌ رسالةً: فهذا رجل: مبتدأ وخبر، وكاتبٌ: صفة رجل وهو اسم فاعل وفاعله مستتر، ورسالة: مفعول به، وقد عمل لكونه صفة لموصوف وهو رجل.

صيغ المبالغة
وهي أوزان معينة تدل على المبالغة في اسم الفاعل فعاجن يدل على ذات اتصفت بالعجن بلا مبالغة فإذا أردت الدلالة على شخص اتصف بالمبالغة في الفعل وهو العجن قلت: عجَّان.
ولما كانت محولة عن اسم الفاعل فهي تعمل عمله بنفس الشروط المذكورة فيه.
ولها خمسة أوزان:
1- فعَّال مثل: اللهُ غفَّارٌ ذنوبَ التائبينَ، فالله: لفظ الجلالة مبتدأ، غفارٌ: خبر وهو صيغة مبالغة وفاعله مستتر، وذنوبَ: مفعول به وهو مضاف والتائبين مضاف إليه.
2- فَعُول مثل: زيدٌ شكورٌ ربَّهُ، فزيدٌ: مبتدأ، شكور خبر وهو صيغة مبالغة وفاعله مستتر، وربَّه: مفعول به ومضاف إليه.
3- مِفْعَال مثل: زيدٌ مِعْوانٌ أصحابَهُ.
4- فعيل مثل: اللهُ سميعٌ دعاءَ المضطرينَ.
5- فَعِل مثل: زيدٌ حَذِرٌ أعداءَهُ.


اسم المفعول
وهو: اسم مشتق للدلالة على ذات وقع عليها الحدث، مثل: مقتول يدل على شخص وقع عليه القتل.
وهو يصاغ من الثلاثي على وزن مفعول كمقتول، ومن غير الثلاثي على وزن مضارعه بعد إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وفتح ما قبل الآخر مثل مُكْرَم مشتق من يُكْرَم أي من المضارع المبني للمجهول.
وهو يعمل عمل فعله المبني للمجهول فإن كان محلى بأل عمل مطلقا بلا شرط نحو المذمومُ خلُقُهُ مبغَضٌ، فالمذموم مبتدأ وهو اسم مفعول، وخلقُ: نائب فاعل لاسم المفعول وهو مضاف والهاء مضاف إليه، ومبغض: خبر.
وإن كان مجردا من أل عمل إذا تحققت فيه الشروط التي تحققت في اسم الفاعل، تقول:
1- ما مفتوحٌ بابُكَ، فما: حرف نفي، مفتوح: مبتدأ وهو اسم مفعول، بابُكَ: نائب فاعل سد مسد الخبر، وهو مضاف والكاف مضاف إليه، وقد عمل اسم المفعول لاعتماده على نفي.
2- هل مفتوحٌ بابُكَ، فهل: حرف استفهام، والباقي إعرابه كما سبق، وقد عمل لاعتماده على استفهام.
3- أنتَ مفتوحٌ بابُكَ، فأنت: مبتدأ، مفتوح: خبر، بابُكَ: نائب فاعل وقد عمل لوقوعه خبرا عن مبتدأ.
4- أنتَ رجلٌ مفتوحٌ بابُكَ: فأنتَ رجلٌ: مبتدأ وخبر، مفتوحٌ: صفة للخبر، بابُك: نائب فاعل، وقد عمل لوقوعه صفة لموصوف وهو رجل.
ويجوز أن يضاف اسم المفعول إلى نائب فاعله فتقول: زيدٌ مفتوحُ البابِ، فتكون الإضافة من إضافة اسم المفعول إلى نائب فاعله.

( شرح النص )
واسمُ الفاعلِ كضَارِبٍ ومُكْرِمٍ، فإنْ كانَ بـ ألْ عَمِلَ مطلقًا، أو مجردًا فبشرطينِ: كونُهُ حالًا أوِ استقبالًا، واعتِمادُهُ على نفيٍ أوِ استفهامٍ، أوْ مُخْبَرٍ عنهُ، أوْ موصوفٍ، وَ ( بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ ) على حكايةِ الحالِ خلافًا للكِسائِيِّ، وخبيرٌ بَنُو لَهَبٍ على التقديمِ والتأخيرِ، وتقديرُ خبير كظهيرٍ خلافًا للأخفشِ.
والمِثالُ وهوَ ما حُوِّلَ للمبالغةِ من فاعلٍ إلى فَعَّالٍ أو فَعُولٍ أو مِفْعالٍ بكثرةٍ أو فَعِيلٍ أو فَعِلٍ بقلةٍ نحو أَمَّا العسلَ فأنا شرَّابٌ.
واسمُ المفعولِ كمضروبٍ ومُكْرَمٍ، ويعملُ عملُ فعلِهِ، وهما كاسمِ الفاعلِ.
......................... ......................... ......................... ......................... ...................
( وَ ) الثالث مما يعمل عمل الفعل ( اسمُ الفاعلِ ) وهو اسم مشتق للدلالة على ذات قام بها حدث ( كضَارِبٍ ومُكْرِمٍ ) الأول على وزن فاعل لأنه من الثلاثي، والثاني على وزن مضارعه مع إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل الآخر لأنه من غير الثلاثي، ولاسم الفاعل حالتان ( فإنْ كانَ ) مقرونا ( بـ ألْ عَمِلَ مطلقًا ) بلا شرط نحو هذا الفاتحُ بابَهُ أمسِ ( أو ) كان (مجردًا ) من أل ( فَـ ) يعمل عمله فعله ( بشرطينِ ) الأول ( كونُهُ حالًا أوِ استقبالًا ) لا ماضيًا نحو هذا الفاتحُ بابَهُ الآنَ أو غدًا، ( و ) الثاني ( اعتِمادُهُ على نفيٍ ) نحو ما كاتبٌ زيدٌ رسالةً ( أوِ استفهامٍ ) نحو أكاتبٌ زيدٌ رسالةً ( أوْ ) اعتماده على شيء ( مُخْبَرٍ عنهُ ) بأن يكون اسم الفاعل خبرا عن مبتدأ نحو زيدٌ كاتبٌ رسالةً ( أوْ ) اعتماده على (موصوفٍ ) بأن يكون صفة لموصوف نحو: هذا رجلٌ كاتبٌ رسالةً.
( وَ ) لا يرد قوله تعالى وكَلْبُهُمْ ( بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ ) على ما ذكرناه من عدم عمل اسم الفاعل المجرد من أل إذا كان للماضي لأنه ( على حكايةِ الحالِ خلافًا )للإمام ( للكِسائِيِّ ) الذي أجاز عمل اسم الفاعل إذا كان للماضي محتجا بقوله تعالى: وكلبهم باسطٌ ذراعيه، فكلبهم: مبتدأ، وباسط: خبره وهو اسم فاعل، وذراعيه: مفعول به منصوب بالياء لاسم الفاعل، وباسط دال على الماضي لأن البسط قد وقع وانقضى، وأجاب الإمام ابن هشام وغيره بأن هذا على إرادة حكاية حال ماضية وهي حال أهل الكهف، ومعنى ذلك: أن يفرض المتكلم حين كلامه أن القصة واقعة الآن فهو يصفها حتى كأن المخاطب يشاهدها بعينيه وعليه لا يكون باسطٌ ماضيا وإنما هو حاضر، والدليل على ذلك هو الواو في وكلبهم فإنها واو الحال والمعنى هو: ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال حال كون كلبهم يبسط ذراعيه.
( و ) لا يرد قول الشاعر ( خبيرٌ بَنُو لَهَبٍ ) فلا تكُ مُلغِيًا... مقالةَ لِهْبِيٍّ إذا الطيرُ مَرَّتِ، على ما ذكرناه من اشتراط اعتماد اسم الفاعل على نفي أو استفهام أو مخبر عنه أو موصوف، لأنه ( على التقديمِ والتأخيرِ ) فخبير خبر وبنو لهب مبتدأ، (وتقديرُ خبير كظهيرٍ ) فلا يرد أن خبير مفرد وبنو لهب جمع ولا يخبر بالمفرد عن الجمع ( خلافًا للأخفشِ ) الذي أجاز عمل اسم الفاعل مطلقا وإن لم يعتمد على شيء مما ذكر، وهذا كلام يحتاج إلى توضيح فنقول:
قد خالف الإمام الأخفش في اشتراط اعتماد اسم الفاعل على ما ذكرنا محتجا بقول الشاعر: خبيرٌ بَنُو لَهَبٍ فلا تكُ مُلغِيًا... مقالةَ لِهْبِيٍّ إذا الطيرُ مَرَّتِ، خبير: هو من الخبرة وهي العلم بالشيء، بنو لهب: قوم من العرب كانوا يتكهنون اعتمادا على العيافة وهي التكهن بوقوع الأمور اعتمادا على طيور السماء وما يصدر منها من حركات وأصوات، والمعنى هو أن بني لهب عالمون بالعيافة فلا تكن ملغيا لكلامهم إذا ذكر لك أحدهم مقالة وتكهن لك بشيء إذا الطير مرت ولا يخفى أن هذا من اعتقاد أهل الجاهلية الفاسد، والشاهد فيه قوله خبيرٌ بنو لهبٍ، فإن الإمام الأخفش يرى أنه قوله خبيرٌ مبتدأ وهو صيغة مبالغة، وبنو: فاعل لصيغة المبالغة سد مسد الخبر وهو مضاف، ولهبٍ: مضاف إليه، وقد عمل الوصف خبير من غير اعتماده على نفي أو استفهام أو غيرهما، وأجاب الجمهور عليه بأن هذا من باب التقديم والتأخير، فخبيرٌ: خبر مقدم، وبنو لهبٍ: مبتدأ مؤخر، والأصل: بنو لهبٍ خبيرٌ، فإن قيل: يلزم عليه أن يخبر بالمفرد عن الجمع وهو لا يجوز، أجيب بأن صيغة فعيل يجوز فيها ذلك فيجوز أن تقول: القومُ صديقٌ لزيدٍ، وذلك كقوله تعالى: والملائكةُ بعدَ ذالكَ ظهيرٌ، فأخبر عن الملائكة الذي هو جمع بظهير الذي هو مفرد.
ثم شرع في صيغة المبالغة فقال: ( وَ ) الرابع من الأسماء التي تعمل عمل الفعل ( المِثالُ ) وهو صيغة المبالغة ( وهوَ ما حُوِّلَ للمبالغةِ من فاعلٍ إلى فَعَّالٍ ) نحو ضرَّاب حول من اسم الفاعل ضارب للتكثير في الفعل وهو الضرب ( أو فَعُولٍ ) كضروب ( أو مِفْعالٍ ) كمضراب، والتحويل من اسم الفاعل إلى هذه الثلاثة ( بكثرةٍ ) في كلام العرب ( أو فَعِيلٍ ) كسميع ( أو فَعِلٍ ) كحذِر، والتحويل لهذين الاثنين ( بقلةٍ ) في كلام العرب ( نحو أَمَّا العسلَ فأنا شرَّابٌ ) فالعسلَ مفعول به مقدم لشرَّاب الذي هو صيغة مبالغة، وأنا شرَّاب مبتدأ وخبر.
ثم شرع في اسم المفعول فقال: ( وَ ) الخامس من الأسماء التي تعمل عمل الفعل ( اسمُ المفعولِ كمضروبٍ ومُكْرَمٍ ) الأول على وزن مفعول لأنه مشتق من الثلاثي، والثاني على وزن المضارع المبني للمجهول مع إبدال الحرف الأول بميم مضمومة لكونه مشتق من المزيد على الثلاثي ( ويعملُ عملُ فعلِهِ ) المبني للمجهول نحو ما مفتوحٌ بابُكَ ( وهما )أي المثال واسم المفعول( كاسمِ الفاعلِ ) في جميع ما اشترط لصحة عمله، فإن كانا مقرونين بأل عملا مطلقا، وإن كانا مجردين من أل فلا بد أن يكونا للزمان الحال أو الاستقبال وأن يعتمدا على استفهام أو نفي أو مبتدأ أو موصوف.

( تدريب )
أعرب ما يلي:
1- لَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ.
2- رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا.
3- إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ.