جدليةُ المغالبة .. انتصار للذات ، أم انتصار للحق ؟! ..

من الناس من سلك سبيل المغالبة في محاورته ، ونظاره ، لا يهدأ باله إلا بوجود راية الانتصار خفاقةً له ولمن يوافقه ، وتزيد سعادته حين يتربع على أنقاض حطام غيره من المسلمين ..

حظوظ نفسية أهلكت كثيراً ممن نصبوا أنفسهم تغييراً لواقع الحال .. الواحد منهم إنْ تبنى رأياً خالفه أكثيرة الجماعة المتبعة ، ومن كان لهم علم وفضل ودراية ، مع إقامة حجة البيان والبرهان .. لا يعود ذلك المنفرد عن رأيه ، وإنما يأكل < شيطان الهوى > من الناس المنفرد المتعصب لرأيه وهواه !! ..
ويرى الرجوع نوعــاً من الهزيمة المنكرة ، والمنقصة لقدره ومكانته ، فهو يعيش متتبعــًا كــــلَّ صغيرة وكبيرة هنا وهناك ؛ يريد بذلك الانتصار لشـــهوة حب الظهــور والصدارة ..

وهذه العلة : هي سبب هلاك كثير من الناس ، ومنهم ذلك الرأس في النفاق < ابن سلول > لـمَّـا أصر على حب الظهور والصدارة والمغالبة ؛ كان من الهالكين ..

وصاحب الكياسة ، والتجربة ، والعقل والفهم : يكتفي بعرض رأيه وعقله ، مع احترامه لنتاج الآخرين من أهل العلم والاتباع ؛ ثم يترك هادئــاً لا منتصراً لذاته ورأيه .. لأهل العلم والحكمة والدراية قوله ذاك ؛ فيزنوه بميزان قواعد النظر والاستدلال ، والحجة والبرهان المقنع لكل طالب حق صادق في طلبه ..

وقد يُسْقِطُ الإنسانُ نفسَه ، ودعوته < بتعصبه ومغالبته > كلّ يوم درجة ، أو درجات من أعين أهل الإنصاف والعدل ، فكيف بغيرهم ممن هم دون ذلك !! .. وأعظمُ السقوطِ : السقوطُ من عين الحق الذي لا ينفع فيه إلا الرجوع - توبةً وندمــاً - إلى جادة الصواب ..

وكــلُّ المسالكِ المهلكة : ناتجةٌ عن الهوى المتبع ، والمغالبة المذمومة ، وفي الحــديث : ( ثلاث مهلكات : شحٌّ مطاعٌ ، وهوىً متبعٌ، وإعجابُ المرءِ بنفسه ) والموفق من وفقه الله.

[حسن بن محمد الحملي]