تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: فتح العَلِيّ المُعِين بِتَبيّن المرادِ مِنْ مَقُولة (لَيْس بِشَيْء) عند ابن معين

  1. #1

    افتراضي فتح العَلِيّ المُعِين بِتَبيّن المرادِ مِنْ مَقُولة (لَيْس بِشَيْء) عند ابن معين

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    فتح العَلِيّ المُعِين
    بِتَبيّن المرادِ مِنْ مَقُولة (لَيْس بِشَيْء)
    عند ابن معين

    [ دِرَاسَةُ نَظَرِيَّةُ تَطْبِيقِيَّةٌ ]


    إنّ الحمد لِلّه نحمدُه ونستعينُه ونستغفِرُه ونعوذ بِالله مِن شُرور أنفسُنا ومِن سيِّئات أعمالِنا.
    مِن يهِده الله فلا مُضِلّ له ومِن يُضلِّل فلا هادي له وأشهد أنّ لا إله إلّا الله وحدِه لا شريك له وأشهد أنّ مُحمّدا عبدُه ورسولُه

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.
    أمّا بعد..
    لا يُخالِف عاقِل أو يَشكُّ فاهِم ، أنّ السّنة النّبويّة على صاحِبِها أفضل الصّلاة وأتم السلام ، أحد أهم مَصادر التّشريع في دينِنا الإسلاميّ الحنيف ، والآيات والآحاديث والأقوال في ذلِك كثيرة جداً ، ليْس هذا موْضِع ذِكرِها أو مكان سردِها ، إنّما هى إشارة لطيفة لِهذا الإمر . ولمّا كانت السّنة كذلِك ، كان لابِد مِن حفظِها والعمل على تدوينِها ومِن ثَمَّ غربلتِهُا ، وتَميِّزُ صحيحها مِن عليلِها ، فَقيَّد الله لها رجّال أئِمّة أعلام جهابِذة حُفَاظ ، سهِروا الليال وأتموها بالعمل في النّهار ، في دِراسة هذِه الأحاديث وسبر طُرُقِها ، والإدلاج في الرحلة مِن أجل التّنقيب عن رواتِها ، والسُّؤال عنهُم ، ثُمَّ إطلاق الأحكام عليهُم تجرحاً كان أم تعديلاً .

    قال خطيب أهل السُّنّة الإمام أبي مُحمّد عبد الله بن مُسلِم بن قُتيْبة - رحِمه الله تعالى -، مُتحدِثا عن مزية أهلّ الحديث وبعدهُم عن البِدع ومضان الغّي والهوَى فأما أصحاب الحديث فإنهم التمسوا الحق من جهته، وتتبعوه من مظانه، وتقربوا إلى الله تعالى باتباعهم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلبهم لآثاره وأخباره، براً وبحراً وشرقاً وغربا.
    يرحل الرجل منهم راجلاً مُقُوياً في طلب الخبر الواحد، أو السنة الواحدة، حتى يأخذها من الناقل لها مشافهة.
    ثم لم يزالوا في التَّنْقِير عن الأخبار والبحث لها، حتى فهموا صحيحها من سقيمها، وناسخها من منسوخها، وعرفوا من خالفها من الفقهاء إلى الرأي.

    فنبَّهوا على ذلك حتى نجم الحق بعد أن كان عَافِيَا، وبسق بعد أن كان دَارساً، واجتمع بعد أن كان متفرقاً، وانقاد للسنن من كان عنها معرضا، وتنبه عليها من كان عنها غافلاً، وحكم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن كان يحكم بقول فلان وفلان وإن كان فيه خلاف على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وقد يعيبهم الطاعنون بحملهم الضعيف، وطلبهم الغرائب، وفي الغريب الداء.
    ولم يحملوا الضعيف والغريب، لأنهم رأوهما حقاً، بل جمعوا الغَثَّ والسمين والصحيح والسقيم، ليُميِّزُوا بينهما، ويدلوا عليهما، وقد فعلوا ذلك.[1]ا.ه

    وقال الإمام أمير المُؤمِنين في الحديث سُفيان الثّوْري - رحِمه الله -: ((الملائكة حراس السماء، وأهل الحديث حراس دين الله في الأرض))[2]
    معناه: أن الملائكة حرسوا السماء من الشياطين كما في الآية الثامنة من سورة الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا[الجن:8]

    وعلماء الحديث حرسوا الأرض عن شياطين الإنس لئلا يفسدوا الشرع بأكاذيبهم.
    وصدق من قال: (العلماء حراس الله في الأرض، والملائكة حراس السماء).
    وقال الشّيْخ المُحدث مُحمّد الأثيوبي - حفِظه اللّه - أبيّات مِن الشِّعر مِلئُها الحُسن وكِسائِها الرّوْنق والجمّال ، مادِحا أهل الحديث دائرا في فلك قوْل سُفيان الثّوْري السّابِق ، فقال:

    لَمّا حَمَى اللَّهُ الكِتَابَ المُنْزَلاَ**** عن أن يُزَادَ فيه أوْ يُبَـــــدَّلا
    أَخَذَ أَقْــــــــوَا مٌ يزيدون عَلَى **** أخْبَارِ مَن أَرْسَلَهُ لِيَفْصِلاَ
    فَأَنشـــــــــ ــأ اللَّهُ حُماةَ الدِّين **** مُميِّزِين الغـــثَّ عن سَمــينِ
    قَـــدْ أيَّـــدَ اللهُ بِهِمْ أعْصــــارَا**** وَنَـــــوَّرُو ا البِلاَدَ، والأَمْصارا
    وَحَرَسُوا الأرضَ كَأمْلاكِ السّمَا **** أكْرِمْ بِفُرْسَانٍ يَجُولُونَ الحِمى
    وقال ســــــفيان: الملائكةُ قَــدْ **** حرَسَتِ السَّمَاءَ عن طَاغِ مَرَدْ
    وَحَرَسَ الأَرضَ رُوَاةُ الخَبَرِعَنْ **** كُلِّ مَنْ لِكَيْدِ شَرْعٍ يَفْتَرِي
    وابـــن زُرَيْعٍ قَال قَوْلاً يُعْتَبَرْ*** لِكــُـــــلِّ دِينٍ جَاء فُرْسَانٌ غُرَرْ
    فُرْسَانُ هَذَا الدّين أصْحاب السَّنَدْ*** فَاسْلك سَبيلَهم فإنه الرَّشدْ[3]

    قال الإمام الحافِظ اِبن حبّان البستي - رحِمه الله -، واصِفاً حالهم وفضلهم وعظيم ما قاموا بِه وفيه مِن عمل:
    ((أمعنوا في الحفظ ، وأكثروا في الكتابة ، وأفرطو في الرحلة ، وواظبوا على السنة والمذاكرة والتصنيف والمدارسة ، حتى أخذ عنهم من نشأ بعدهم من شيوخنا هذا المذهب ، وسلكوا هذا المسلك ، حتى أن أحدهم لو سئل عن عدد الاحرف في السنن لكل سنة منها عدها عدا ولو زيد فيها ألف ، أو واو لاخرجها طوعا ولاظهرها ديانة ، ولولاهم لدرست الاثار واضمحلت الاخبار ، وعلا أهل الضلالة والهوى)) [4]

    ثُمّ بعدّ هذِه الرّحلات الكثيرة الشّاقّة العظيمة ، أوَدعوا أسماء الرّجّال وأحوال الرّواة في كُتُب خاصّة ، فأُسّسَ ما عاد يُعرف ب :(( علِم الجرح والتّعديل )). ومِن أوَلائِك الأعلام الحفاظ ، عَلمٌ جهذ إمام ، يُدعى يحيَى بن معيّن .
    هذا الثِّقة الثّبت الحُجّة ، كان مِن أكابِر مِن تكلّموا في الرّجّال جرحاً و تعديلاً ، وكانت له نظرة ثاقِبة وحُجّة باهِرة ، في توْصيف الرِّجّال وتصنيفهُم ، وله عبّاراتُه الخاصّة ، في التّجريح أو التّعديل ، كما كُلّ إمام جليل في هذا الفنّ ، ومِن تِلك العِبارات الّتي يُطلِقُها بِكثرة على الرّواة قوْله - رحِمه الله -:(( ليْس بِشيْء )) وقد تكلَّم الحُفاظ والعُلماء قديماً وحديثاً ، على تفسير هذِه العِبارة وتوْضيح مُراد الإمام مِنها ، ولكِن مع كُلّ هذا ، لم أر أحداً قد أفردَّها بِتصنّف وطول تحقيق ، وتطيبق مِن خِلال الكُتُب المُعتنيَة بِهذا الشّأن ، إذ مِن أنجع الطُّرُق لِلوُصول لِلمُراد والصّواب والفهِم الصّحيح لِعِبارة الأئِمّة مِن المُتقدِّمين ، هو النّظر في تطبّقاتِهُم العمليّة في كُلّ فنّ سواء أكان في الجرح والتعديل أم في التّصحيح والتّعليل أو في باقي قواعِد هذا الفنّ ونظريّاتِه.

    قال الحافظ الذهبي-رحمه الله-: (ثم نحن نفتَقِرُ إلى تحرير عباراتِ التعديلِ والجرح، وما بين ذلك مِن العباراتِ المُتَجَاذَبَة. ثم أهَمُّ مِن ذلك، أن نَعلمَ بالاستقراءِ التامِّ عُرْفَ ذلك الإمامِ الجِهْبِذ، واصطلاحَه، ومقاصِدَه، بعباراتِه الكثيرة.)[5] ا.ه

    فأحببت أن أُزاحِم الأفاضل ، وأن أتطفّل على موائدِهُم ، وألِج هذا المِضمار ، فأخترت أنّ أقوَم بِدِراسة هذا القوْل الصّادِر بِكثرة عن هذا الإمام ، مِن خِلال كُتُب الجرح والتّعديل مِثل :
    - الجرح والتّعديل لإبن أبي حاتِم
    - الضّعفاء الكبير لِلعقيلي
    - الكامِل في الضّعفاء لإبن عدّي
    - ميزان الإعتدال لِلذّهبيّ
    - تهذيب التّهذيب لإبن حجر العسقلانيّ
    وغيْرها ..
    والإمام الحافِظ اِبن معيّن له أقوّالٌ كثيرة عظيمة في هذا الشّأن ، وتحديد عِبارات الأئِمّة بِدِقّة يُعِدّ مِن أهمّ ما يبذُلُه طالِب هذا العِلم ، لمّا له مِن شديد خطر ، وعظيم زلل إنّ لم تفهم أطلاقاتِهم على الوَجه المُراد الصّحيح ، إذ مِن أعظم أسباب وأدواة الحُكم على الأحاديث والأثار هو هذا العِلم ، وتصنيف راوة السّند تعديلاً أو تجرحاً ، لِتصِل لِلحُكم الصّائِب والإطلاق الصّحيح على الأحاديث صِحّة وضِعفاً ، وأحسب أنّ هذا الأمر لايخفى على كُلّ مُمارِس لِهذا العمل وسائِر فيه ومُتعاطيَه . فكانت هذِه الرِّسالة اللّطيفة ، وقد حوَت :

    الفصل الأوّل : ترجمة الإمام يحيَى بن معيّن ، وفيه :
    - الباب الأول : أسمّه ونسُبُّه .
    - الباب الثّاني : موْلِدُه .
    - الباب الثّالِث : شُيوخُه .
    - الباب الرّابع : تلاميذُه .
    - الباب الخامس : ثناء العُلماء عليه .
    الباب السّادس : وفاته .

    الفصل الثّاني :
    - ذِكر أقوال العُلماء في تفسير قوْل الإمام يحيَى بن معيّن :(( ليْس بِشيْء )) ومناقشتها وتبين الرّأي الرّاجِح مِنها، وفيه:
    - من قال أنه يريد بها قلة أحاديث الراوي.
    - من قال أنه يريد بقوله الجرح الشديد للراوي.

    الفصل الثّالِث :
    - الدِّراسة التّطبيقيّة ، لِهذا القوْل مِن خِلال النقول التي الّتي نقلت عنه في حق الراوة ، مع مُقارنتِها بِأقوال الأئِمّة النقاد.
    ثُمّ خَتمتُ هذِه الدِّراسة ، بِخُلاصة ما توصِلتُ إليه ، وأتبعتِها بِفهارِس ، لِكُلٍّ مِن :
    - سرد الرّواة الّذين تمّ ذِكرُهُم في هذِه الرِّسالة بحسب حُروف المُعجم .
    - فهرس لِلأعلام .
    - فهرس لِلمراجِع .
    - فهرس لِلموْضوعات .
    هذا وقد بذلت جُهدِي وكامِل وُسعي ، لِلوُصول لِنتيجة صائِبة مِن تحديد مُراد الإمام اِبن معيّن مِن هذِه العِبارة.
    فإنّ أصبتُ فمنّ اللّه ، وإنّ أخطأت فمِني ومِن الشّيْطان . هذا واللّه أعلم وصلّى اللّه على نبيِّنا مُحمّد وعلى آله وصحله وسلّم .
    وكتبه؛
    أبو بكر الأثري
    (أبو يعلى)


    --------------------------------
    [1] تأويل مختلف الحديث، لإبن قتيبة ص(266)
    [2] انظر :سير أعلام النبلاء (7/274) وشرف أصحاب الحديث ص(91) ومفتاح الجنة في الإحتجاج بالسنة للحافظ السيوطي ص(49
    وتاريخ أهل الحديث لأحمد الدهلوي المدني ص(43).

    [3] انظر: قناص الشوارد الغالية وإبراز الفوائد والفرائد الحديثية للحدوشي ص(3-4) .
    وإمداد السقاة لدلو الرواة. له إيظاً. ص(13-14).

    [4] المجروحين من المحدثين لإبي حاتم البستي (1/55) وانظر: منهج المتقدمين في التدليس ص (45-46).
    [5] الموقظة. ص(82)


    إن الأهــلة للشهور خناجرٌ ** بشفارها تتقرض الأعمار
    فبما يهني بعضنا بعضا بها ** ومجيئها بذهابنا إنــــذار



  2. افتراضي رد: فتح العَلِيّ المُعِين بِتَبيّن المرادِ مِنْ مَقُولة (لَيْس بِشَيْء) عند ابن معين

    بارك الله فيك.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  3. #3

    افتراضي رد: فتح العَلِيّ المُعِين بِتَبيّن المرادِ مِنْ مَقُولة (لَيْس بِشَيْء) عند ابن معين

    _____{ترجمة موجزة للإمام يحيى بن معين([6])}_____

    [الباب الأول] أسمه ونسبه:
    هو: الإمام، الحافظ، الجهبذ، شيخ المحدثين، أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام.
    وقيل: اسم جده: غياث بن زياد بن عون بن بسطام الغطفاني، ثم المري مولاهم، البغدادي، أحد الأعلام.

    [الباب الثاني] مولده:
    ولد: سنة ثمان وخمسين ومائة.

    [الباب الثالث]شيوخه:
    وسمع من: ابن المبارك، وهشيم، وإسماعيل بن عياش، وعباد بن عباد، وإسماعيل بن مجالد بن سعيد، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومعتمر بن سليمان، وسفيان بن عيينة، وغندر، وأبي معاوية، وحاتم بن إسماعيل، وحفص بن غياث، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الرزاق، ومروان بن معاوية، وهشام بن يوسف، وعيسى بن يونس، ووكيع، ومعن، وأبي حفص الأبار، وعمر بن عبيد، وعلي بن هاشم، ويحيى القطان، وابن مهدي، وعفان، وخلق كثير بالعراق والحجاز والجزيرة والشام ومصر.

    [الباب الرابع] تلاميذه:
    روى عنه: أحمد بن حنبل، ومحمد بن سعد، وأبو خيثمة، وهناد بن السري، وعدة من أقرانه، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وعباس الدوري، وأبو بكر الصاغاني، وعبد الخالق بن منصور، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإسحاق الكوسج، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، ومعاوية بن صالح الأشعري، وحنبل بن إسحاق، وصالح بن محمد جزرة، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو معين الحسين بن الحسن الرازي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، ومطين، ومضر بن محمد الأسدي، والمفضل بن غسان الغلابي، وأبو زرعة النصري، وأحمد بن محمد بن عبيد الله التمار، وعبد الله بن أحمد، ومحمد بن صالح كيلجة، وعبيد العجل، وحسين بن محمد، ومحمد بن وضاح، وجعفر الفريابي، وموسى بن هارون، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وخلائق.

    [الباب الخامس] ثناء العلماء عليه:
    - قال ابن المديني: انتهى العلم بالبصرة إلى: يحيى بن أبي كثير، وقتادة، وعلم الكوفة إلى: أبي إسحاق، والأعمش، وعلم الحجاز إلى: ابن شهاب، وعمرو بن دينار، وصار علم هؤلاء الستة إلى اثني عشر رجلا: ابن أبي عروبة، ومعمر، وشعبة، وحماد بن سلمة، والسفيانين، ومالك، والأوزاعي، وابن إسحاق، وهشيم، وأبي عوانة، ويحيى بن سعيد، ويحيى بن أبي زائدة ... ، إلى أن ذكر ابن المبارك، وابن مهدي، ويحيى بن آدم، فصار علم هؤلاء جميعهم إلى يحيى بن معين.
    - قال عبد الخالق: فقلت لابن الرومي: حدثني أبو عمرو، أنه سمع أحمد بن حنبل يقول: السماع مع يحيى بن معين شفاء لما في الصدور.
    - قال عبد المؤمن النسفي: سألت أبا علي صالح بن محمد: من أعلم بالحديث: يحيى بن معين، أو أحمد بن حنبل؟
    فقال: أحمد أعلم بالفقه والاختلاف، وأما يحيى، فأعلم بالرجال والكنى.
    - قال بكر بن سهل: حدثنا عبد الخالق بن منصور، قلت لابن الرومي:
    سمعت بعض أصحاب الحديث يحدث بأحاديث يحيى، ويقول: حدثني من لم تطلع الشمس على أكبر منه، فقال: وما تعجب؟ سمعت علي بن المديني يقول: ما رأيت في الناس مثله.
    - قال أبو الحسن بن البراء: سمعت عليا يقول:
    لا نعلم أحدا من لدن آدم كتب من الحديث ما كتب يحيى.
    قال الحافظ الذهبي: بإسنادي إلى الخطيب: أخبرنا الماليني، أخبرنا ابن عدي، حدثنا موسى بن القاسم بن الأشيب، عن بعض شيوخه، قال:
    كان أحمد ويحيى وعلي عند عفان - أو عند سليمان بن حرب - فأتى بصك، فشهدوا فيه، وكتب يحيى فيه.
    فقال عفان: أما أنت يا أحمد، فضعيف في إبراهيم بن سعد، وأما أنت يا علي، فضعيف في حماد بن زيد، وأما أنت يا يحيى فضعيف في ابن المبارك.
    فقال يحيى: وأنت يا عفان، فضعيف في شعبة.
    ثم قال الخطيب: لم يكن واحد منهم ضعيفا، وإنما هذا مزاح.
    قلت: كل منهم صغير في شيخه ذلك، ومقل عنه.
    عبد الخالق بن منصور: سمعت ابن الرومي يقول:
    ما رأيت أحدا قط يقول الحق في المشايخ غير يحيى، وغيره كان يتحامل بالقول.
    قلت: هذا القول من عبد الله بن الرومي غير مقبول، وإنما قاله باجتهاده، ونحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل، لكن هم أكثر الناس صوابا، وأندرهم خطأ، وأشدهم إنصافا، وأبعدهم عن التحامل.
    وإذا اتفقوا على تعديل أو جرح، فتمسك به، واعضض عليه بناجذيك، ولا تتجاوزه، فتندم، ومن شذ منهم، فلا عبرة به.
    فخل عنك العناء، وأعط القوس باريها، فوالله لولا الحفاظ الأكابر، لخطبت الزنادقة على المنابر، ولئن خطب خاطب من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام، وبلسان الشريعة، وبجاه السنة، وبإظهار متابعة ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فنعوذ بالله من الخذلان.

    [الباب السادس] وفاته:
    قال عباس الدوري مات يَحْيَى بْن معين بالمدينة أيام الحج قبل أن يحج وهو يريد مكة سنة ثلاثة وثلاثين ومائتين وصلى عليه والي المدينة فكلم الخزامي الوالي فأخرج له سرير النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فحمل عليه وصلّى عليه الوالي ثم صلّى عليه مراراً ومات يحيى وسنه سبع وسبعون سنة إلا أياما وقيل مات وقد استوفى خمسا وسبعين سنة ودخل فِي الست وهو الصحيح ودفن بالبقيع.

    --------------------------------

    [6] انظر: سير أعلام النبلاء (11/71) طبقات ابن سعد (7 / 354)، التاريخ الكبير( 8 / 307)، التاريخ الصغير( 2 / 362)، الجرح والتعديل ( 1 / 314)، الفهرست (287)، تاريخ بغداد (14 / 177، 187)، طبقات الحنابلة (1 / 402، 407) وفيات الأعيان( 6 / 139، 143)، تهذيب الكمال (1518، 1521) تذكرة الحفاظ( 2 / 429، 431)، العبر (1 / 415)، ميزان الاعتدال( 4 / 410)، تذهيب التهذيب( 4 / 165، 167)، تهذيب التهذيب( 11 / 280، 288) النجوم الزاهرة (2 / 273)، طبقات الحفاظ: (185)، خلاصة تذهيب الكمال( 428)، الرسالة المستطرفة: (129).

    إن الأهــلة للشهور خناجرٌ ** بشفارها تتقرض الأعمار
    فبما يهني بعضنا بعضا بها ** ومجيئها بذهابنا إنــــذار



  4. #4

    افتراضي رد: فتح العَلِيّ المُعِين بِتَبيّن المرادِ مِنْ مَقُولة (لَيْس بِشَيْء) عند ابن معين


    مَنْ قَالَ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهَا قِلَّة أَحادِيثِ الرَّاوِي

    1- قال الإمام أبي عبد الله الحاكم:
    قول بن معين فيه ليس بشيء هذا يقوله بن معين إذا ذكر له الشيخ من الرواة يقل حديثه ربما قال فيه ليس بشيء يعني لم يسند من الحديث ما يشتغل به)[1]

    قال الحافظ ابن القطان الفاسي-رحمه الله-:
    وَإِذا وجدت فِيهِ عَن ابْن معِين أَنه قَالَ: لَيْسَ بِشَيْء فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنه قَلِيل الرِّوَايَة )([2]) ا.ه

    قلت قد تابع الحافظ السخاوي-رحمه الله- القول بأن مراده من هذه اللفظة، قلة أحاديث الراوي، أو أن أحاديثه ليست بالكثيرة، ولم يقيدها بقيد أو يفصل في الأمر، إنما أكتفا بهذا الإطلاق وحسب. انظر: فتح المغيث

    4- قال العلامة المناوي-رحمه الله-:
    (وقول ابن معين ليس بشيء أراد به قلة حديثه)[3]ا.ه

    5- قال العلامة اللكنوي-رحمه الله-، تحت باب بيان المراد من قول بن معين ليس بشيء:
    (كثيرا مَا تَجِد فِي ميزَان الِاعْتِدَال وَغَيره فِي حق الروَاة نقلا عَن يحيى بن معِين انه لَيْسَ بِشَيْء فَلَا تغتر بِهِ وَلَا تَظنن ان ذَلِك الرَّاوِي مَجْرُوح بِجرح قوي فقد قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي مُقَدّمَة فتح الْبَارِي فِي تَرْجَمَة عبد العزيز بن الْمُخْتَار الْبَصْرِيّ ذكر ابْن الْقطَّان الفاسي ان مُرَاد ابْن معِين من قَوْله لَيْسَ بِشَيْء يَعْنِي ان احاديثه قَليلَة)[4] أ.ه

    6- العلامة التهانوي-رحمه الله-، حيث قال:
    (إذا قال ابن معين في رجل: ليس بشيء، فليس معناه أنه مجروح بجرح قوي.)[5] أ.ه

    7- الإستاذ الكوثري-رحمه الله وعفا عنه-، قال في تأنيبه:
    (وقال ابن معين: ليس بشيء، وهو كثيراً ما يقول هذا فيمن قل حديثه)[6] أ.ه
    هذا ما وجت من أقوال وتوجيهات لأصحاب هذا الرأي، وستأني مناقشتهم،بإذن الله تعالى، وبيان ضعف قولهم وبعده عن الصواب.



    --------------------------------

    ([1]) تهذيب التهذيب (8/419)
    ([2]) بيان الوهم والإيهام (5/377) وانظر: هدي الساري (2/1120) وفتح المغيث (2/127)
    ([3]) فيض القدير (5/118)
    ([4]) الرفع والتكميل. ص (212)
    ([5]) قواعد في علوم الحديث ص(263)
    ([6]) التنكيل (1/50)

    إن الأهــلة للشهور خناجرٌ ** بشفارها تتقرض الأعمار
    فبما يهني بعضنا بعضا بها ** ومجيئها بذهابنا إنــــذار



  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: فتح العَلِيّ المُعِين بِتَبيّن المرادِ مِنْ مَقُولة (لَيْس بِشَيْء) عند ابن معين

    الشَيخ الحَبيب اللبيب / أبو بكر الأثري - نفع الله بك - .
    أحسن الله إليكم كَم لبحثِكم مِن نفحاتٍ علمية طَيبة ، زادنا الله وإياكم من فضله ، وأرجوا أن يثبت المَوضوع .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •