لاحظ الفارق بين الخطاب القرآني في حال المتبوع المجادل والتابع المقلد

تجد ذلك التابع المقلد الذي يسير خلف كل شيطان مضل قد تم ترهيبه من ذلك الاتباع وتحذيره من مشاركته مصير متبوعه في نهاية الأمر ثم تلى ذلك حديث منطقي بديع لدحض شبهات البعث والنشور والاستدلال بخلق الإنسان من تراب ثم من نطفة ثم من علقة وأيضا ضرب المثال بالأرض الهامدة التي تهتز وتنبت من كل زوج بهيج حين يصيبها الماء
حديث مقنع يخاطب العقول والقلوب ويوقظ الأفهام مع المشاعر مثبتا حقيقة أن " اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .. وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ"

بينما في حال المتبوع المستكبر الذي يضل الناس عن سبيل الله بغير علم ولا هدىً فيقتدون بضلالته ويتبعون باطله تجد الحديث مختلفا
تجد مع ذلك الصنف ترهيبا خالصا وتخويفا مزلزلا من ذلك المصير المرعب الذي ينتظره في الدنيا والآخرة
لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ. ..ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ"

هذا الفارق الواضح في الخطاب القرآني للمتبوع والتابع يبين مسألة مهمة وهي أن فكرة النموذج الخطابي الثابت للجميع هي فكرة غير صحيحة ولا يُتوقع أن تؤتي نفس الثمرة مع الجميع
لابد من تفريق بين أحوال الناس والتنويع بين لغة الخطاب بما يناسب طبيعتهم
إن ما يناسب المتبوع المجرم الثاني عطفه متعاليا ويلوي عنقه مستكبرا ورافضا لمجرد النقاش والدعوة والذي هو رأس داعي لضلاله وقائد موجه في باطله ليس أبدا كالتابع المقلد الذي قد لا يعي تفاصيل الأمور وربما هو أحوج ما يكون لبيان ومنطق يأخذ بيده إلى الحق الذي قد حجبه عنه متبوعه
قد يشتركان في المصير الأخروي إن أصرا على ما هم فيه لكن ذلك شىء لا يعلم مآله إلا الله الذي هو وحده يعلم غيب مصير العباد ومن منهم يعود ومن يصر فيموت على ذلك
ومن ثم كان على المصلحين المتدبرين في كتاب الله أن يحاولوا قدر وسعهم التفريق في خطابهم بين صنوف الناس ومخاطبة الناس بما يناسبهم وبما يعقلونه ذلك إن كانوا فعلا حريصين على تغييرهم للأفضل والإصلاح ما استطاعوا وما توفيقهم إلا بالله

د/محمد علي يوسف.