قد اخْتُلِفَ في تاريخ غزوة بني المصطلق؛ فَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهَا كَانَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ.
رواه عنه البيهقي في ((الدلائل)) (4/ 44).
وَإلى ذلك ذهب موسى بن عقبة ورواه عن ابن شهاب الزهري أنها كانت في شعبان سنة خمس. ((مغازي موسى بن عقبة)) (229).
وأما ما ذكره البخاري في ((صحيحه) (5/ 115), وتبعه ابن سيد الناس في ((عيون الأثر)) (2/ 128) عن موسى بن عقبة أنها كانت في سنة أربع, فهو خطأ, كما ذكر ابن حجر.
وذكرها – أيضًا - الطبري في ((تاريخه)) (2/ 594) ضمن أحداث السنة الخامسة.
وأما ابن إسحاق – ((سيرة ابن هشام)) (2/ 289), فقال: ((كانت فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ)), وتبعه خليفة بن خياط في ((تاريخه)) (80).
وقد رجح الحافظ ابن حجر رحمه الله أنها كانت في السنة الخامسة, حيث قال في ((الفتح)) (7/ 430):
((قَوْلُهُ: "وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ" كَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ وَكَأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ, أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ سَنَةَ خَمْسٍ فَكَتَبَ سَنَةَ أَرْبَعٍ, وَالَّذِي فِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ وَأَبُو سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِ يُّ وَالْبَيْهَقِيُ ّ فِي الدَّلَائِلِ وَغَيْرُهُمْ, سَنَةَ خَمْسٍ, وَلَفْظُهُ عَنْ مُوسَى بن عقبَة عَن ابن شِهَابٍ: "ثُمَّ قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَبَنِي لِحْيَانَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ" وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْجِهَاد عَن ابن عُمَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ, وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْقِتَالِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ فِي الْخَنْدَقِ, كَمَا تَقَدَّمَ, وَهِيَ بَعْدَ شَعْبَانَ, سَوَاءٌ قُلْنَا إِنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ, أَوْ سَنَةَ أَرْبَعٍ, وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ: "قَوْلُ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ إِنَّهَا كَانَتْ فِي سَنَةَ خَمْسٍ أَشْبَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ". قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ تَنَازَعَ هُوَ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فِي أَصْحَابِ الْإِفْكِ, كَمَا سَيَأْتِي, فَلَوْ كَانَ الْمُرَيْسِيعُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ مَعَ كَوْنِ الْإِفْكِ كَانَ فِيهَا لَكَانَ مَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ ذِكْرِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ غَلَطًا؛ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مَاتَ أَيَّامَ قُرَيْظَةَ, وَكَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ عَلَى الصَّحِيحِ - كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ - وَإِنْ كَانَتْ كَمَا قِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ فَهِيَ أَشَدُّ, فَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَيْسِيعَ كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ فِي شَعْبَانَ, لِتَكُونَ قَدْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْخَنْدَقِ؛ لِأَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَتْ فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ أَيْضًا, فَتَكُونُ بَعْدَهَا, فَيَكُونُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مَوْجُودًا فِي الْمُرَيْسِيعِ, وَرُمِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَهْمٍ فِي الْخَنْدَقِ, وَمَاتَ مِنْ جِرَاحَتِهِ فِي قُرَيْظَةَ, وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا أَنَّ حَدِيثَ الْإِفْكِ كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ؛ إِذِ الْحَدِيثُ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ بَعْدَ نُزُولِ الْحِجَابِ, وَالْحِجَابُ كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ عِنْدَ جَمَاعَةٍ فَيَكُونُ الْمُرَيْسِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُرَجَّحُ أَنَّهَا سَنَةَ خَمْسٍ)) ا ه.