حديث : (( فأكثروا فيهن من التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل )) عن عشر ذي الحجة ، مع الخلاف في صحته ، إلا أن فقهه صحيح ، وله أدلة عديدة :
منها قوله تعالى { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ } ، وقد صح عن ابن عباس أنه فسر الأيام المعلومات بعشر ذي الحجة .
والآية تحث على عبادة خاصة في العشر ، وهي عبادة الذكر .
وثبت عن عدد من السلف تخصيص هذه الأيام بالتكبير : كابن عمر وأبي هريرة ( رضي الله عنهما) ، وعدد كبير من فقهاء التابعين ، خاصة بمكة ( زادها الله شرفا) ، كمجاهد بن جبر وغيره .
فعن مجاهد بإسناد حسن ، قال : «كان أبو هريرة وابن عمر (رضي الله عنهما) يخرجان أيام العشر إلى السوق , فيكبران , فيكبر الناس معهما , لا يأتيان السوق إلا لذلك» .
وثبت عن مجاهد :(( أن رجلا كبر أيام العشر ، فقال مجاهد : أفلا رفع صوته ! فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر في المسجد ، فيرتج بها أهل المسجد ، ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي ، حتى يبلغ الأبطح ، فيرتج بها أهل الأبطح ، وإنما أصلها من رجل واحد )) .
واستمرت هذه السنة مأثورة بمكة ، ونص عليها الإمام الشافعي ( خريج مدرسة الفقه المكي ) وغيره .
قال مؤرخ مكة الفاكهي ( من علماء القرن الثالث الهجري ) : (( والأمر بمكة على ذلك إلى اليوم ، يكبر الناس في الأسواق في العشر )) .
وصح عن يزيد بن أبي زياد أنه قال : (( رأيت سعيد بن جبير وجاهدا وعبدالرحمن بن أبي ليلى ، أو اثنين من هؤلاء الثلاثة ، ومن رأينا من فقهاء الناس = يقولون في أيام العشر : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد )) . ومع الضعف الخفيف الذي في يزيد ، لكن أثره هذا ثابت ؛ لأنه هو الحاكي له عن مشاهدة وإدراك ، وليس نقلا وسماعا لرواية ، ويُستبعد الخطأ المحيل في مثل هذا النقل .
وفي حين شيوع هذه السنة في مكة المكرمة وعند فقهاء آخرين من غيرها ، فقد خفيت على فقهاء آخرين ، رغم شيوعها بمكة على مر القرون .
وأول من كان سببا لإخفائها : الأمير الظلوم الغشوم الحجاج بن يوسف ، فقد صح عن ثابت البناني أنه قال : (( كان يكبرون أيام العشر حتى نهاهم الحجاج )) .
فما أحرانا بإحياء هذه السنة ، سنة التكبير والذكر في عشر ذي الحجة ، وهي أخص العبادات التي تبدأ من أول هذه العشر استحبابا وأثبتها أثرًا .
كتبه حاتم العوني على صفحته الشخصية (الفيس بوك).