المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني
سبحان الله !! نفس الشبهة، وأعيد نفس الكلام السابق عما نسبتموه خطأ لابن القيم فتأمل: فقد قال عند كلامه على وصف الراوي :" أن لا يشذ عن الناس فيروي ما يخالفه فيه من هو أوثق منه وأكبر، أو يروي ما لا يتابع عليه وليس ممن يُحتمل ذلك منه : كالزهري، وعمرو بن دينار، وسعيد بن المسيب ، ومالك، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة ونحوهم؛ فإن الناس إنما احتملوا تفرد أمثال هؤلاء الأئمة بما لا يتابعون عليه للمحل الذي أحلهم الله به من الإمامة والإتقان والضبط .
فأما مثل: سفيان بن حسين، وسعيد بن بشير، وجعفر بن برقان، وصالح بن أبي الأخضر ونحوهم: فإذا انفرد أحدهم بما لا يتابع عليه فإن أئمة الحديث لا يرفعون به رأساً، وأما إذا روى أحدهم ما يخالف الثقات فيه، فإنه يزداد وهناً على وهن ".
قلنا : وهذا الكلام حجة لأهل السنة على الواقفة، لأنه يقبل تفرد الثقات ، ويرد تفرد المجروحين ومن في حديثهم بعض اللين يجعلهم ممن لا يُحتمل التفرد منهم كسفيان بن حسين وجعفر ومن مثل بهم، فما بالكم تأتون لتفرد المجروحين وتموّهون بتفرد الثقات !!!! بل قد صرح بذلك ابن القيم نفسه لو أنكم تبصرون فقال : أو يروي ما لا يتابع عليه وليس ممن يُحتمل ذلك منه ".
هَذَا الكَلاَمُ حُجَّةٌ عَلَيكَ لَا لَكَ ، وخاصاً مَا وَضَعْتِ تَحْتَه خَطٌّ . فَعَدَمُ رَدِّنَا لِزِيادََاتٍ تُفَرِّدُ بِهَا أَمِثَالُ مَلِكٍ وَشُعْبَةً وَغَيْرَهُمْ مِنْ جِبَالِ الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانَ . هُوَ أَنَّهُمْ مِنَ الرُّوَاةِ الْمُبَرَّزِينَ فِي الْحِفْظِ وَإِلَيهُمْ الْمُنْتَهى فِي الْإِتْقَانِ وَالْغَايَةَ فِي الضَّبْطِ ، وَأَيْنَ ذَكَرُ الْأَخِ الْغالِي أَبَا زرعةً أَنَّه يُرَدْ أَمْثَالٌ هَكَذَا تَفَرُّدٍ ، ثُمَّ قَدْ وَجَدْتُ تَفَرُّدَاتٍ لِبَعْضِ الْأئِمَّةِ الثِّقَاتِ قَدْ رُدَّتْ عَنْدَمَا تُبَيِّنُ مِنْ خِلاَلِ الْمُرَجَّحَاتِ وَالْقرائنَ أَنَّهَا خَطَأٌ أَوْ وَهُمْ !
وَالْأَمْرُ دائر عَلَيهَا ( إِي الْقرائنَ وَالْمُلاَبَسََ اتِ ) ثَمَّ زِيادَةٍ عَلَى ذَلِكً سَعَةُ الْإِطْلاعِ وَقُوَّةُ الْحِفْظِ وَجَوْدَةُ الضَّبْطِ .
وَقَدْ بَيْنَ هَذَا الْأَمْرِ الْحافِظُ اِبْنُ رَجَبٍ بِمَا لامزيد عَلَيه .
وَمَوْضُوعُنَا هُنَا مُخْتَلِفً إِذْ الْأَمْرُ دَائِرَةً رَحَاهُ عَلَى مَسْأَلَةِ تُفْرَدُ (( الصَّدُوقُ )) و (( الثِّقَةُ )) مِمَّنْ هُوَ دُونَ أَوَلاَئِكَ . ثُمَّ أَلَا تُرى أَنَّ تَفَرُّدً راو عَنْ شَيْخٍ بِلَفْظَةٍ أَوْ زِيادَةٌ فِي مَتْنِ الْحَديثِ أَوْ إِسْنادَهُ ، عَنْ باقِي الرواه عَنْ ذَاكَ الشَّيْخِ ، أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ يَحْدُثُ رِيبَةٌ وَشُكُوكً وَوَجْسً فِي قَبُولٍ هَذِهٍ الزِّيادَةُ وإعتبارها !
قَال الحَافظ الذهبي في الموقظة (1/77) : (( وقد يَتوقَّفُ كثيرٌ من النقَّاد في إطلاق "الغرابة" مع "الصحة" في حديثِ أتباعِ الثقات. وقد يُوجَدُ بعضُ ذلك في الصحاح دون بعض ، وقد يُسمِّي جماعةٌ من الحفاظ الحديثَ الذي ينفرد به مثلُ هُشَيْم وحفص بن غِياثٍ: (منكراً) . فإن كان المنفردُ مِن طبقة مشيخة الأئمة، أطلقوا النكارةَ عَلَى ما انفردَ به مثلُ عثمان بن أبي شيبة، وأبي سَلَمة التَّبُوذَكِيّ، وقالوا: (هذا منكر) )) وقَد قال : (( فإن رَوَى أحاديثَ من الأفراد المنكرة، غَمَزُوه وليَّنوا حديثَه، وتوقفوا في توثيقه. فإن رَجَع عنها، وامَتَنع مِن روايتها، وجَوَّز على نفسِه الوَهَمَ: فهُو خيرٌ له، وأرجَحُ لعدالته. وليس مِن حَدِّ الثقةِ أنَّهُ لا يَغلَطُ ولا يُخطِئ، فَمَن الذي يَسْلَمُ مِن ذلك غيرُ المعصومِ الذي لا يُقَرُّ على خطأ ! ))
فَهَذَا الْأَمْرُ وَاضِحٌ جداً ، وَلَمْ أَرَهُ مِنْ يُنْكِرُهُ ، مِمَّنْ أَشْتَهِرُ عَنْه الْمَعْرِفَةَ بِهَذَا الصِّنَاعَةَ والإشتغال بِهَا .
ثُمَّ إِنَّ أَحَسْبَ أَنَّ مَرْجِعَ التَّفَرُّدِ وَمَرَدَّهُ وَمَنْبَعَهُ ، هُوَ مَسْأَلَةٌ :(( زِيادَةُ الثِّقَةِ )) وَهَلْ هى مُعْتَبَرَةُ وَصَحِيحَةٌ فِي كُلُّ الْأَحْوالِ أَوْ هِي مَرْدُودَةٌ عَلَى كُلُّ حالٍ ، أَمْ الْأَمْرَ دائر بَيْنَ الْقَبُولُ وَالرَّدُّ وَيَعْتَمِدُ عَلَى الفرائن والمرلابسات الْمَحْفُوفَةَ
بِهَذَا الزِّيادَةَ ؟!
فإبن حَزْمً الَّذِي نَقَلْتِ عَنْه النُّقُولَ وَأُكْثِرْتِ مِنْهَا ، يرى أَنَّهَا مقبوزلة مُطْلَقًا ، وَهَذَا خِلاَفُ صَنِيعُ الْأئِمَّةِ النَّقَّادَ الْأوائلَ . وَلَعَلَِّي أَفَرَدُّ مَوْضُوعُ مُسْتَقِلٌّ فِي مَزِيدِ بَيَانٍ هَذَا الْأَمْرِ وإيضاحه .
فالأمر كما قال الحَافظ ابن رجب في شرح العلل (1/208) : (( وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه: "إنه لا يتابع عليه " ويجعلون ذلك علة فيه اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفرد الثقات الكبار، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه ))ا.ه
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني
ألا ترونه أنه قسم التفرد والغرابة إلى قسمين: تفرد لم يخالف فيه راويه الثقات فيقبل، وتفرد خالف فيه الراوي غيره فينظر فيه ، فقال ابن القيم في حاشيته على السنن :" وتفرد الثقة لا يوجب نكارة الحديث، فقد تفرد عبد الله بن دينار بحديث النهي عن بيع الولاء وهبته، وتفرد مالك بحديث دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة وعلى رأسه المغفر .. فهذا غايته أن يكون غريبا كما قال الترمذي وأما أن يكون منكرا أو شاذا فلا ".
ثم قال :" قيل التفرد نوعان: تفرد لم يخالف فيه من تفرد به كتفرد مالك وعبد الله بن دينار بهذين الحديثين وأشباه ذلك ..
وتفرد خولف فيه المتفرد كتفرد همام بهذا المتن على هذا الإسناد، فإن الناس خالفوه فيه، وقالوا إن النبي صلى الله عليه و سلم اتخذ خاتما من ورق"، الحديث ، فهذا هو المعروف عن ابن جريج عن الزهري، فلو لم يرو هذا عن ابن جريج وتفرد همام بحديثه لكان نظير حديث عبد الله بن دينار ونحوه فينبغي مراعاة هذا الفرق وعدم إهماله ".
وَهَذَا الْأَمْرُ قَدْ تَكَلَّمْتِ فِيه آنِفًا ، فَلَا حاجَةً لِإِعادَةٍ هُنَا مَرَّةً آخرى ..
ثُمَّ أَلَا تُرى أَنَّ قَوْلَهُ :(( فَقَدْ تُفَرِّدَ عَبْدَ اللهِ بْنُ دِينارٍ بِحَديثِ النَّهْي عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَهِبَتَهُ ، وَتَفَرُّدُ مَالِكَ بِحَديثِ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمُ مَكَّةً وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ .. فَهَذَا غَايَتُهُ أَنْ يَكُونُ غَرِيبَا كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَأَمَّا أَنْ يَكُونُ مُنْكِرَا أَوْ شَاذَّا فَلَا ".))
يأكد مَا اصلناه سَابِقًا ، مِنْ أَنَّ رُدَّ زِيادَةُ الصَّدُوقِ لَا دَخْلً لَهَا بِحالٍ ، فِي مَسْأَلَةِ زِيادَةِ الثِّقَةِ الْمُبَرَّزَ المتوسع الْمُتْقَنَ ، كَأَمْثَالٍ الَّذِينً ذِكْرُهُمْ اِبْنِ الْقَيِّمِ ، فَهَؤُلَاءِ شَيْءُ وَتَفْرُدُ مِنْ دونِهُمْ شَيْءٌ آخَرُ . فَتَأَمُّلٌ . هَذَا وَاَللَّهُ أَعِلْمٌ .
همسةٌ : أَخِي الْحَبيبَ لَا تَتَعَجَّلْ فِي الرَّدِّ ، وَلَا تَطُلْ لِسَانَكَ عَلًّ مُخَالِفَكَ فَالْعلمُ رحمةٌ بَيْنَ أهْلِهِ ، وَلَا تُحَقِّرْ مِنْ عِلْمِ
غَيْرِكَ .!!
وَلِي رَجعَة-بإذن الله- للتَعليّق على بَاقِي ردودك!