أسباب الطلاق ونظرة المجتمع للمطلقة!عبدالحميد بن حسنلا تلجأ إلى الطلاق إلا حينما تستعصي الحلول، فهو أبغض الحلال إلى اللّه تعالى، ويكون مباحًا إذا لم يكن فيه إيذاء بالباطل، ومتى طلق الرجل المرأة فقد آذاها، قال تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا}. أي فإن أطعن أمركم فلا تلتمسوا طريقًا لإيذائهن {إنّ اللّه كان عليًّا كبيرًا}، أي فإن اللّه تعالى أعلى منكم وأكبر، وهو وليهن ينتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن.وبناء على ما تقدم، علينا معرفة الأسباب المتفشية في المجتمع، تلك التي تؤدي إلى الطلاق، ولاسيما آثارها على الأسرة والمجتمع، والأهم، نظرة المجتمع للمطلقة، وبذلك، ينبغي لمن يرغب في الطلاق أن يراعي جملة من الأمور.ثمة أسباب كانت تقف وراء الطلاق - قديمًا- منها:< إيغار صدور الرجال من قبل الأهلإذا حصل للرجل مع الأيام تعلق شديد بأمه، مما يؤثر على حياته الزوجية إذا لم تكن الزوجة على وفاق مع حماتها، فإذا صادف ووقع الطلاق بين الزوجين، زاد إيغار الصدر من قبل الأهل.< ما قد يحدث من هنات أو ذنب عادي، مثل إجابة غير مستحبة.< الرغبة في تبديل الزوجة.< اشتراط الجديدة طلاق القديمة.< استبدال زوجة جديدة بواحدة من الزوجات الأربع، تكون غالبًا الأضعف، وهي حالة شديدة الندرة.ولكن من خلال استقراء أسباب الطلاق ومبرراته، نجد أنها متعددة ومتنوعة، ويهمنا أن نذكر الأسباب المتفشية في المجتمع حاليًّا:السبب الأولعدم التزام الطرفين أو أحدهما بشرع الله جل وعلا، وهذا هو أعظم سبب لتفشي الطلاق في المجتمع، ولذلك وجهان:1- أن يكون الزوج غير محافظ على طاعة الله جل وعلا، ومرتكبًا للمحرمات من مسكرات ومخدرات، مما لا يمكن معه الاستمرار في الحياة الزوجية، وخاصة إذا كانت المرأة مستقيمة على شرع الله.2- قد تكون الزوجة غير مستقيمة على شرع الله، فلا تطيع ربها، ولا تطيع زوجها، وتحب مخالفته، ولو أطاعت ربها لأطاعت زوجها في غير معصية الله، من هنا تتعثر العشرة الزوجية بينهما، فيحصل الطلاق والفرقة.السبب الثانيالغضب لأتفه الأسباب، فإن كثيرًا من حالات الطلاق تحصل بسبب إغضاب أحد الطرفين للآخر، أو غضب أحد الطرفين من الآخر، فيشتد الخصام، بطول النزاع حتى يصل الأمر إلى التلفظ بالطلاق.السبب الثالثتدخل بعض أفراد الأسرة في الحياة الزوجية مثل والدي الزوج أو والدي الزوجة وغيرهما، ويكون التدخل بما يضر الحياة الزوجية، ويعكرها لا بما ينفعها ويصفيها، أما التدخل لقصد الإصلاح والخير، فأمر مطلوب شرعًا.السبب الرابعالجهل بالسنة في الطلاق، فإن المسلم لو التزم بشرع الله في إيقاع طلاقه لا يطلق إلا بالسنة فلا يوقعه إلا في طهر لم يجامعها فيه، وتكون طلقة واحدة، فلا يوقع الطلاق في الحيض ولا في طهر جامعها فيه، ولا يزيد على طلقة واحدة، لو حصل ذلك لقلّت حالات الطلاق، ففي اتباع شرع الله الخير والصلاح، وفي مخالفته الشر والفساد.ووجه الغرابة في هذه الكارثة المدمرة - الطلاق - ومن خلال قراءة ملفات المحكمة، أن إيقاع الطلاق قد يحصل لأسباب تافهة، ومن ذلك أن تقلب المرأة بيت زوجها جحيمًا، لأنه لم يحقق رغبتها في شراء ثوب معين، أو في زيارة في مناسبة معينة، أو لم يقم بتجديد فرش المنزل وهكذا... بل قد تطلب منه الطلاق لذلك، ومن ذلك أن يأتي الزوج فيجد المرأة لم تجهز حاجته من طعام أو لباس، فيقلب المنزل رأسًا على عقب، وأخيرًا يتلفظ بالطلاق، وقد طرقت امرأة الباب على زوجها، وهو نائم، فطلقها، لأنها أزعجته، وطلق رجل زوجته، لأن ولده مرض، وطلبت امرأة طلاقها، لأنها سمعت أن زوجها فكر في الزواج بأخرى، وهكذا...إنعكاسات الطلاقبعد الطلاق مباشرة، تحصل فورة من الشعور بالحرية، تدوم عدة أيام أو أكثر، ثم يليها شعور قوي بالانكسار والندم ناتج من الاعتياد والفشل سواء كان هذا الطلاق تم في سبيل تحقيق رغبة أخرى أم لا.ويشعر المطلقان مهما كانت رغبتهما في الانفصال بأنهما فقدا قدرًا من سنين العمر الجميلة التي ذهبت عبثًا. وبالتالي فإن ندبة نفسية سوف ترتسم وتثبت في القلب مهما كان المطلق راغبًا في الانفصال.ومقابل هذه الندبة تشكل ندبة اجتماعية، ترتسم خاصة على حياة المرأة، ما يؤدي الى موقف اجتماعي جديد تجاه المطلقة، يتمثل في كثير من الأحيان فيما يلي:1- في استبعادها عن حياتها الاجتماعية السابقة، ومن بعض التخوف منها.2- في تشديد الأهل عليها ومنعها من التصرفات العادية التي كانت تقوم بها، وذلك حفاظًا على سمعة الأسرة.3- في نظرة الرجل للمرأة المطلقة بكونها مفقودة الحواجز.4- في الإحجام عن التفكير بالزواج من المطلقة حتى لو كانت مغبونة.5- في حال وجود بنات شابات، يتشدد المجتمع في الإقدام على الزواج من بنات المرأة المطلقة.6- يسارع الأب الى تزويج بناته من زوجته المطلقة خاصة عند وجود زوجة جديدة.7- تحول الأولاد المفتقرين الى الرعاية الحقيقية نحو طريق الفساد، أو تحول الأولاد الى أدوات استخدام لايصال رسائل الكره بين الزوجين المطلقين، مما يؤدي الى (الانكشاف المبكر) لمشكلات الحياة الحقيقية بالنسبة للأطفال، وتراكم العقد النفسية في المستقبل، فقل من ينظر بمرآة الفهم الى قلوب الأطفال، كما يتحول الأطفال الى كرة مضرب يرمي بها كل من الطرفين في هدف الآخر، مدعيًا عدم رغبته في تربية الصغار، أو يتظاهر بعدم اهتمامه بتدريس الأطفال والإنفاق عليهم، إضافة الى تعلم الأطفال نقل الكلام والنميمة والتصرف السيئ، ناهيك عن شعور المعنيين بالأسى والإهانة، إضافة الى الصعوبات المالية التي تتعرض لها المرأة المطلقة.نظرة المجتمع للمطلقةينبغي أن يعيد المجتمع نظرته الخاطئة الى المطلقة، فهي تحتاج إلى نظرة عطف وحنان، ثم ان كثيرًا من المطلقات لم يكن هن السبب في طلاقهن، فهناك من تطلق وهي المظلومة، وهناك من تطلق، لأن الله جل وعلا بعدله لم يجعل في قلبها حبًّا لزوجها أو العكس وغير ذلك. ثم إن هناك من المطلقات المستقيمات على شرع الله من يكن خيرًا من البكر، بل هناك من تركت زوجها أو رغبت في الطلاق منه ابتغاءً لوجه الله، كأن يكون الرجل الذي طلقها تاركًا للصلاة أو مرتكبًا لكبائر الفحشاء والمنكر، لا يمكن للصالحة العفيفة العيش معه، فهذه ينبغي أن تجل وتحترم أكثر من غيرها لصلاحها وتقواها، ثم إن على المطلقة أمورًا هي:أولًا: أن تتقي الله جل وعلا، وتصبر وتعلم أن الخيرة فيما اختاره الله، {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم}.ثانيًا: أن تعلق رجاءها بخالقها جل وعلا، فهو يرزق من يشاء بغير حساب.ثالثًا: أن تعلم أن الدنيا متاع، والآخرة خير لمن اتقى، ولتكن نظرة المسلم والمسلمة مطلقة أو ذات بعل الى الآخرة ومستقبلها الجنة والنجاة من النار، وتعمل لذلك.رابعًا: أن تراجع حساباتها مع نفسها، فتنظر إلى السبب في طلاقها، فإن كان لها فيه مشاركة فلتقلع عن ذلك، ولتعدل من تصرفاتها ومعاملتها مع الآخرين.