05-07-2013 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
بين الباحث أن الشيعة أعلوا من الإمامة حتى جعلوها ركنا من أركان الدين، والأصل الذي تدور عليه أحاديثهم، وترجع إليه عقائدهم، واعتبروها من الأمور التي لا يسع المكلف الجهل بها، فهي شغلهم الشاغل







أثر عقيدة الإمامة على مصادر العقيدة عند الشيعة الإمامية(*)

إعداد: رأفت محمد أحمد الأشقر

ـــــــــــ

إن مشكلة الشيعة مشكلة قديمة حديثة، كلما بليت ودرست وُجد من يجددها ويحييها وهذه المشكلة تفرض نفسها- بصورة متجددة ومستمرة- على الأمة وأبنائها، وذلك أن دينهم يقوم على الطعن بالإسلام وأهله، والتآمر على أمة التوحيد.

والمشكلة تتفاقم أكثر عندما تتواجد لهذه الأمة الطائفية القوة والشوكة، والدولة التي تركن إليها وترعاها وتعمل على نشر عقائدها كما هو الحال في هذا الزمان.

وتتفاقم أكثر وأكثر عندما يوجد من عامة الناس من ينخدع ببعض مظاهر وشعارات القوم، فيظهرهم للأمة على أنهم مسلمون موحدون، وأن الخلاف بيننا وبينهم هو خلاف شكلي فقط، وليس خلاف جوهري عقائدي.

والدارس الملاحظ لفرقة الإمامية "الإثنى عشرية" يجد أن قضية الإمامة والخلافة هي الشغل الشاغل لهم، وهي مركز بحوثهم، ومن أهم الأسس لعقيدتهم، وأكثر المسائل الفرعية ترجع إليها، وأهم ما يدور من الخلاف بينهم وبين أهل السنة، وهذه العقيدة جعلتهم يحرفون دينهم ويخترعون العديد من العقائد- ما أنزل الله تعالى بها من سلطان- وينسبونها للأئمة زوراً وبهتاناً.

لهذا الأمر حرص الباحث في الدراسة التي بين أيدينا على دراسة عقيدة الإمامة عند الشيعة وبيان أثرها على مصادر العقيدة عندهم، وجاء ذلك في مقدمة وفصل تمهيدي وأربعة فصول وخاتمة.

ففي المقدمة: بين الباحث أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، ثم ذكر خطة البحث، ومنهجه الذي سار عليه في كتابة فصول البحث.

وفي الفصل التمهيدي: تحدث عن تعريف عام بالشيعة الإمامية، بذكر نشأتهم، وألقابهم ونبذة عن عقائدهم، وكتبهم الرئيسة، ونبذة عن مصادر تلقي العقيدة عندهم.

وفي هذا التمهيد بين الباحث أن الشيعة أعلوا من الإمامة حتى جعلوها ركنا من أركان الدين، والأصل الذي تدور عليه أحاديثهم، وترجع إليه عقائدهم، واعتبروها من الأمور التي لا يسع المكلف الجهل بها، فهي شغلهم الشاغل، وهي مركز بحوثهم، ومن أهم الأسس لعقيدتهم، وأكثر المسائل الفرعية ترجع إليها، ويظهر أثر ذلك بشكل كبير في فقههم وأصولهم، وتفاسيرهم وسائر علومهم، وقد اهتم الشيعة بأمرها في القديم والحديث وأنزلوها منزلة عظيمة.

الفصل الأول: أثر عقيدة الإمامة عند الشيعة في اعتقادهم بالقرآن الكريم.

تحدث الباحث في هذا الفصل عن أثر عقيدة الإمامة عند الشيعة في اعتقادهم بالقرآن الكريم، ويشمل على اعتقادهم بالتحريف، والتأويل، وعدم حجيته إلا بقيم وهو الإمام.

فبين الباحث أن القول بوقوع التحريف والتغيير في القرآن الكريم ونقصانه هو إجماع المتقدمين من علماء الشيعة، حيث صرحوا بذلك في مؤلفاتهم وشحنوها بالراويات المنسوبة إلى أئمتهم، وكلها صريحة في وقوع التحريف في القرآن، ولم يخرج عن إجماعهم هذا إلا أفراد قلائل منهم.

كما وضع الشيعة أدلة كثيرة تؤكد معتقدهم الباطل في تحريف القرآن الكريم.

وعلى الأساس السابق زعم الشيعة أن النص القرآني لا يمكن أن يحتج به إلا بالرجوع إلى قول الإمام، فالحجة هي في قول الإمام لا قول الله تعالى، لأن الإمام هو الأقدر على البيان في زعمهم، كما أن القرآن لم يفسر إلا لرجل واحد وهو علي رضي الله عنه.

الفصل الثاني: أثر عقيدة الإمامة عند الشيعة في اعتقادهم بالسنة النبوية.

في هذا الفصل تحدث الباحث عن أثر عقيدة الإمامية عند الشيعة في اعتقادهم بالسنة النبوية، واشتمل ذلك عل بيان موقفهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وموقفهم من السنة وذلك برد نصوصها وتأويلها.

وفيه بين الباحث أن الشيعة خالفوا جمهور الأمة في معنى السنة، حيث عرفوها بأنها كل ما يصدر عن المعصوم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ، والمعصوم عندهم ليس رسول الله فقط، وإنما يعطون صفة العصمة لآخرين غير الرسول صلى الله عليه وسلم، ويجعلون كلامهم مثل كلام الله وكلام رسول الله، وهم الأئمة الاثنا عشر.

إضافة إلى ذلك فهم ينكرون السنة بمفهومها عند أهل السنة، ولذلك فهم يردون كتب السنة التي بين أيدي المسلمين ولا يعتبرونها ولا يقرونها، بل أوجدوا بدائل عنها نسبوها إلى أئمتهم ظلما وكذبا وزورا، لذلك لا تجد في كتبهم من الأحاديث ما هو مرفوع إلى النبي إلا نادراً.

ولذلك أيضا فالشيعة يعدون صحيحي البخاري ومسلم من الكتب المليئة بالخرافات والأساطير، ويتهجمون عليهما بعبارات مشينة، ولا يقبلون بالأحاديث الواردة فيهما إلا بالقليل ومن قبيل المجادلة والعناد.

وهذا كله راجع إلى مبدأهم الخبيث في تكفير الصحابة رضوان الله عليهم، حيث يزعم الشيعة أن الصحابة ارتدوا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم.

ولذلك حصر الشيعة أنفسهم في نطاق ضيق في الرواية، وهو ما يُنقل عن بعض أهل البيت من روايات، ولم يكتفوا بأهل العلم منهم، بل أدخلوا فيهم من لم يشتهر بعلم، حتى عملوا برقاع منسوبة إلى طفل مختلف في وجوده، وهو ما زعموه مما أسموه حكايات الرقاع وتوقيعات المهدي الغائب.

الفصل الثالث: أثر عقيدة الإمامة في اعتقادهم بالإجماع:

ناقش الباحث في هذا الفصل أثر عقيدة الإمامة في اعتقاد الشيعة بالإجماع، وشمل ذلك مفهوم الإجماع عندهم، واعتقادهم عدم حجيته إلا بالإمام المعصوم عندهم.

وفيه بين الباحث أنه لا معنى للإجماع عند الشيعة ولا حقيقة ملموسة له، لأن عقيدة الإمامة مقتضى مذهبهم، فهم جعلوا الإمام بمثابة النبي أو أعظم؛ فهو عندهم ينكت في أذنه، ويأتيه الملك، بل يرى خلقاً أعظم من جبريل وميكائيل فهم ليسوا بحاجة إلى الإجماع؛ لأن الإمام حاضر بينهم، كما أن الصحابة ليسوا بحاجة إلى الإجماع والرسول صلى الله عليه وسلم حاضر بينهم، فعندهم في كل عصر نبي يسمى الإمام، والحجة في قوله لا في الإجماع، فمدار حجية الإجماع هو على قوله لا على نفس الإجماع، فهم في الحقيقة لم يقولوا بحجة الإجماع، وإنما قالوا بحجية قول المعصوم، ودعواهم الاحتجاج بالإجماع تسمية لا مسمى لها، وبذلك تكون حقيقة الإجماع الصحيح عندهم غائبة.

الفصل الرابع: أثر عقيدة الإمامة في اعتقادهم بالعقل:

جعل الباحث هذا الفصل للحديث عن مفهوم العقل ومكانته في الاستدلال عند الشيعة، وأثر عقيدة الإمامة في اعتقادهم في هذا المصدر.

فبين الباحث أن الشيعة جعلوا العقول البشرية القاصرة أصلا من أصول الدين، وبرهنوا بالعقل- على الرغم من اختلافهم الشكلي في مفهومه وحجيته- على عقائدهم التي لم ترويها النصوص الشرعية، أو روتها وحاولوا بالعقول تبرير مدلولاتها، وأهم هذه العقائد عقيدة الإمامة، فالمتأمل يجد أن الإمامية استدلوا على عقيدة الإمامة بأدلة عقلية كثيرة لإثباتها، مع ما حرفوه وأولوه من نصوص الكتاب والسنة، فعقليات الشيعة هي انعكاس لاعتقادهم بالإمامة التي هي أصلا ثابتا من أصول الدين عندهم.

وختم الباحث دراسته بخاتمة جمع فيها أهم ما توصل إليه من نتائج، ومنها:

- تعريف الشيعة مرتبط بأطوار نشأتهم، ومراحل التطور العقدي لهم، لأن عقائد الشيعة وأفكارها في تغير وتطور مستمر، وهذا ما تؤيده أقوال الشيعة أنفسهم، وعلى ذلك فالتعريف المختار للشيعة هو: اسم لكل من فضل عليا على الخلفاء الراشدين قبلهم رضي الله عنهم، ورأي أن أهل البيت أحق بالخلافة، وأن خلافة غيرهم باطلة.

- الشيعة لم تظهر فجأة، بل أخذت طورا زمنيا، ومرت بمراحل عديدة، ولكن أصل النشأة ظهرت، على يد اليهودي الخبيث: عبد الله بن سبأ، الذي ادعى الإسلام وزعم محبة أهل البيت، وغالى في علي رضي الله عنه، وادعى له الوصية والنبوة إلى أن رفعه إلى مرتبة الألوهية، وهذا أشهر الأقوال، وما تؤيده الأدلة، وتؤيده أقوال علماء السنة وبعض علماء الشيعة.

- أعلى الشيعة الإمامية من الإمامة، وجعلوا لها مكانة عظيمة في عقيدتهم ودينهم، حتى عدوها ركنا من أركان الدين، وأصلا ثابتا تدور عليه أحاديثهم، وترجع إليها عقائدهم واعتبروها من الأمور التي لا يسع المُكلف الجهل بها، فهي شُغلهم الشاغل، ومركز بحوثهم، ومن أهم الأسس العقائدية عندهم.

- اعتقدت الإمامية في القرآن الكريم عقائد تناقض أمة الإسلام أجمع، فقالوا: إن القرآن محرف، وذلك لخلوه من النص على أئمتهم وعقائدهم الباطلة، واستدلوا على ذلك بأدلة باطلة نسبوها ظلما وزوراً إلى الأئمة.

- وفي السنة النبوية المطهرة خالفت الشيعة الإمامية إجماع المسلمين، وصار لهم في السنة مفهوم خاص، فالسنة عندهم: كل ما يصدر عن المعصوم، من قول، أو فعل، أو تقرير، ويقصدون بالمعصوم: النبي صلى الله عليه وسلم، والأئمة الاثنى عشر الذين يؤمنون بهم.

- قامت عقيدة الشيعة الإمامية في الصحابة الكرام رضي الله عنهم على التكفير والسب والشتم بألفاظ كلها بذاءة وإسفاف يترفع عنها العقلاء في حق كرام الناس، فكيف بحق أكرم الناس بعد الأنبياء وهم الصحابة رضي الله عنهم، فكفروا جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا النادر منهم، وخصوا بهذا التكفير والشتم والسب خلفاء المسلمين الثلاثة الأوائل، وكذلك أمهات المؤمنين وعلى رأسهن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

- أعدت الإمامية الإلهام أحد المصادر الأساسية، وأصل من أصولها المهمة في تلقي الدين، وهو عندهم وحياً من الله تعالى لا يقل عن الوحي الذي خُص به الرسول صلى الله عليه وسلم.

- ودليل الإجماع عند الشيعة الإمامية لا حُجة فيه أبداً إلا بدخول الإمام المعصوم عندهم في عداد المُجمعين، فلو نُسب قول لأحد الأئمة وخالفته الأمة كلها لكانت الحُجة في قوله لا في قول الأمة، بل إن مُخالفة الأمة أصل مقرر في مذهبهم حتى زعموا: أن في مخالفة الأمة الرشاد.

- اختلفت الشيعة الإمامية في دليل العقل إلى قولين بين الإفراط والتفريط، فذهبت طائفة إلى رفض دليل العقل ورده بالجملة، والاعتماد على الكتاب والسنة من منظورهم، وطائفة قدسوا العقل، وجعلوه حُجة شرعية، وبرهنوا بالعقل على عقائدهم الفاسدة، والطائفتين مختلفتان في الظاهر لكنهما في الأصل متفقتان على تقديم قول الإمام وفعله وتقريره على قول العقل في كل الأحوال.

ــــــــــ

(*) بحث مقدم لاستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في العقيدة والمذاهب المعاصرة من قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة- كلية أصول الدين- بالجامعة الإسلامية بغزة- 1432هـ، 2011م.

لتحميل هذه الدراسة انقر هنا: