بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, أما بعد :
مكتبة النسيم, في حي النسيم شرق مدينة الرياض, شارع الأربعين, عمرها يتجاوز العشرين عامًا, المساحة كبيرة جدًا _ ست فتحات تقريبًا _ مكونة من دورين, الدور الأول : قرطاسية, والدور الثاني للكتب, وهي متنوعة في العلوم الشرعية وغيرها من بقية العلوم والمعارف, عرفت المكتبة منذ أكثر من عشر سنوات, يشدني فيها طبعاتها القديمة, التي لم أرها في مكتبة أخرى إلا مكتبة أضواء السلف, وكنت في كل مرة أقول لك يوم آتيك وأقتني كنوزك.
ولكن بحثت عنها قبل سنة تقريبًا فلم أجدها إلا خاوية على عروشها وقد أغلقت أبوابها, وقد أزيلت الرفوف, وهدمت الجدران, وأعمال الترميم ظاهرة لمحل ونشاط آخر, فسألت عنها فقالوا : بيعت, فقلت : أين ؟ قالوا : لا نعلم!
وشاءت قدرة الله أن أمر بيوم الأمس على مكتبة صغيرة في أول الشارع فدخلتها, فتفاجأت بالأخ : إحسان الباكستاني الجنسية, العامل في قسم الكتب في مكتبنا الآنفة الذكر, فتأملته فإذا هو هو, فقلت : أين أنتم يارجل ؟ وما حل بكم ؟
فزفر زفرة, وقال : بيعت الكتب والمكتبة !!
فقلت : لماذا ؟
فقال : صاحب المحل, يقول : خسرت.
يقول : فقلت له أعطني الكتب, وأعطيك 25 ألف ريال شهريًا.
قال : فرفض.
قال: فقلت : اعرض الكتب للبيع.
قال: فعرضها بالوزن : الطن من الكتب بـ 750 ريال !!
قال : فلم يشتر أحد منه.
فقلت له : لماذا لم تعلنوا ذلك في مزاد؟
قال : لا أعلم.
قال : فعرضها مرة أخرى , فأعطي في كل مجلد 3 ريالات.
قال : فرفض.
قال : ووصل به الحال في آخر الأمر إلى أن عرضها على شركة لتدوير الورق, فأخذوا المجلد الواحد بـ 10 هللات !!
قال : فقلت له : رفضت المجلد بـ 3 ريالات, ووافقت على 10 هللات!!
قال : فقال : أنا مضطر لبيعها, والأجار مرتفع جدًا .
قال : فجاءت الشركة بسياراتها فحملنا الكتب في 12 دينا كبيرة _أي : سيارة شحن _, إلى شركة الورق, حيث حولت إلى بودرة فيما بعد.
فقلت له : حسبنا الله ونعم الوكيل, مازلت أكررها.
فوالله مانظر لي وحبسها في نفسه, وعرفت الحزن في وجهه وخرجت.
والذي أراه بعد هذه المأساة التي ماكنت أظن أنها تحصل في بلاد عرفت بنشر العلم الشرعي وطباعة كتبه, أن تمنع شركات الورق من شراء الكتب وخاصة الشرعية, وتفرض عليها أقصى العقوبات, وهنا يأتي دور وزارة الإعلام بالمقام الأول.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد, على آله وصحبه وسلم.