دِراسةُ قَول الإمام البُخاري : (( في حديثه نظر )) ، (( في بعض حديثه نظر )) مِن رسالتي
قَول الإمام البُخاري : (( في حديثه نظر )).وأما هذه فمن العبارات التي قد أطلقها الإمام البُخاري في الرواة ، قَال اللكنوي[1] : (( حَتَّى انه قَالَ اذا قلت فلَان فِي حَدِيثه نظر فَهُوَ مُتَّهم واه وَهَذَا معنى قَوْله لَا يحاسبني الله الني اغتبت احدا وَهَذَا هم وَالله غَايَة الْوَرع )).
وقال المُعلمي[2] : (( وذكروا أن البخاري يقول: «فيه نظر» أو «سكتوا عنه» فيمن هو عنده ضعيف جداً، قال السخاوي في (فتح المغيث) ص 161 «وكثيراً ما يعبر البخاري بهاتين ... فيمن تركوا حديثه، بل قال ابن كثير: إنهما أدنى المنازل عنده وأردؤها» ولم يقل البخاري في الحنيني: «فيه نظر» إنما قال: «في حديثه نظر» وبينها فرق فقوله: «فيه نظر» تقتضي الطعن في صدقه وقوله: «في حديثه نظر» تشعر بأنه صالح في نفسه وإنما الخلل في حديثه لغفلة أو سوء حفظ )).
قال الدُكتور الجديع[3] : (( وإذا عرف هذا في دلالة هذا اللفظ، تبين المراد بقوله أيضاً: (في حديثه نظر)، فالمعنى فيه غير خارج عما ذكرت من توقف البخاري في قبول حديث ذلك الراوي، أو إسناده، تارة بسببه، وتارة من جهة علة دونه في الإسناد، لا يقضى معها بقبول خبره، أو بالدلالة على أمره في إدخاله في جملة رواة العلم )).
قال الشيخ خَليل العربي : (( الإمام البخاري يطلقها – على ما استقرأته – على من كان مقلاً في حديثه، وجاء بما لا يحتمل )) أهـ.
ولا يُمكن الحَكم بحُكمٍ مُعينٍ في هذا إلا بعد استقراء والنظر في أحوال الرواة الذين قال فيهم الإمام البُخاري في التَاريخ الكبير والضعفاء الصغير في حديثه نظر ثُم يتسنى لنا الحُكم بحُكم مُطردٍ في هذه العبارة ، وقد أجاد ذهبي العصر المعلمي اليماني والشيخ العربي في تبيان مدلول هذه العبارة ومعناها ولكننا نُريد أن نُبين ذلك بالدراسة التطبيقية على الرواة في التاريخ الكبير والصغير ليتبين لحال إن شاء الله .
[ المَوضع الأول ] مُحَمد بْن سَعِيد، القُرَشِيُّ، البَصرِيُّ : قال الإمام البُخاري – رحمه الله تعالى رحمة واسعة – [4] : (( قَالَ لِي مُحَمد، وسُلَيمان بْن حَرب: حدَّثنا حَفص بْنُ أَسلم الأَصفَر البَصرِيُّ، وَهُوَ الجَحدَرِيُّ ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لعُمَر: إِنَّ الرَّجُلَ ليُزَين سِلعَتُه بِأَكْثَرَ مِن ثَمَنِها، وَإِنَّمَا بَاعَ الْجَارِيَةَ، وَلَمْ يَبِع الحُلِيَّ. وقَالَ بعضُهم: جَعفر بْن أَسلم. ولا يصح حديثُه. فِي حديثه نَظَرٌ )).
قُلت : وأما مُحمد بن سعيد فلم أجد فيه جرحاً أو تعديلاً ، وأما الجحدي والذي قال الإمام البُخاري : " في حديثه نظر " قال ابن حبان[5] : (( مُنكر الْحَدِيث جدا يَرْوِي عَن ثَابت مَا لَيْسَ لَهُ أصل من حَدِيثه حَتَّى يسْبق إِلَى الْقلب أَنَّهُ الْوَاضِع لَهَا )) ، قال ابن عدي[6] : (( لَهُ عجائب )) ، وقال الإمام البُخاري مرة[7] : (( روى عنه سليمان، وحرمى بن عمارة صاحب عجائب )) ، فإطلاق الإمام البُخاري لهذه العبارة أراد بها الحَديث والراوي في إسناد الحديث وهو الجحدي ، وجهالة مُحمد بن سعيد القرشي إذ لم أجد لهُ ذكراً بجرح أو تعديل إلا أن الحافظ ذكرهُ في مُغنيه.
[ الموضع الثاني ] إسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي : قال الإمام البخاري – رحمه الله تعالى رحمة واسعة – [8] : (( اسمعيل بْن إياس بْن عفِيف الكندي روى عَنْهُ يحيى بْن أَبِي الأشعث، فِي حديثه نظر )).
قُلت : وإسماعيل بن إياس بن عفيف قال ابن عَدي[9] : (( إسماعيل بن إياس هذا ليس هو بالمعروف، وما أظن له إلا حديثًا واحدا )) ، وقال الإمام البُخاري[10] : (( لم يَصح حَدِيثه وَلم يثبت )) فالذي يتضحُ من مقال الإمام البُخاري أنهُ يُريد بقوله في حديثه نظر جَرحاً لهُ ولحَديثه الذي رواهُ والذي أظنهُ في خصائص علي.
[ المواضع الثالث ] إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يعقوب الحنيني : قال الإمام البخاري[11] : (( إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم أَبُو يعقوب الحنيني عَنْ مالك بْن أنس وهشام بْن سعد وأسامة بْن زيد بْن أسلم هو (أَبُو يعقوب - 2) ، فِي حديثه نظر سكن طرسوس )).
قُلت : قال النسائي[12] : (( ليس بثقة )) ، قال أبو زُرعة[13] : (( صالح )) ، قال ابن عدي[14] : (( وَهَذَا الْحَدِيثُ لا يَرْوِيهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، إِلا الْحُنَيْنِيُّ وَالْحُنَيْنِيّ ُ مَعَ ضَعْفِهِ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ )) ، وعَن الإمام مالك[15] : ((كَانَ أَحْمد بن صَالح لَا يرضاه )) ، وقال الأزدي[16] : (( أَخطَأ فِي الحَدِيث )) ، وقال ابن حبان[17] : (( يخطئ )) ، والحنيين هذا ليس مَن يروي المُوطأ عن الإمام مالك – رحمه الله – .
[ الموضع الرابع ] سَعِيد التمار : قال الإمام البخاري[18] : (( سَعِيد التمار، عَنْ أنس بْن مالك، روى عنهُ مروان ابْن نهيك، فِي حديثه نظر )).
قُلت : قَال ابن معين[19] : (( لا أدري )) ، قال ابن حبان[20] : (( شيخ يَرْوِي عَن أَنَس روى عَنْهُ مَرْوَان بْن نهيك قَلِيل الْحَدِيث مُنكر الرِّوَايَة يَرْوِي عَن أنس مَالا أصل لَهُ وَقَدِ امتحن أَنَس بْن مَالِك بِجَمَاعَة مثل هَؤُلاءِ لَهُمْ مِنْهُ رِوَايَة فَلَمَّا احْتِيجَ إِلَيْهِم أخذُوا يروون عَنْهُ مَا لَمْ يسمعوا ويتقولون عَلَيْهِ مَا لم يقل بكثر عَددهمْ إِلَّا أَنا نأتي عَلَى جمل مِنْهُم فِي هَذَا الْكتاب إِن قضى اللَّه ذَلِكَ وشاءه )) ، قال ابن عدي[21] : (( وما أرى أن لسعيد التمار، عَن أَنَس حديثا غير هذا والذي قَالَ عثمان بْن سَعِيد سألت يَحْيى بْن مَعِين عن سَعِيد التمار، عَن أَنَس من هو؟ قَال: لاَ أدري إنما؟ قَال: لاَ أعرفه بنسبته لأنه لم ينسب: ابْن مَنْ؟ وإنما عرف سَعِيد التمار )) ، قال الأزدي[22] : (( متروك الحديث )) ، وقال الحافظ الذهبي[23] : (( قال البخاري فيه نظر )) ، وقال[24] : (( واهٍ قال البُخاري : فيه نظر )) فهذا جَرحهُ البخاري كما نقل الحافظ الذهبي الإمام البُخاري مرةً بقولهِ " فيه نظر " ، وهذه كما تقرر فيما مضى مِن الجرح الشديد.
[ الموضع الخامس ]عَلِيّ بْن علقمة الأنماري الانصاري : قال الإمام البخاري[25] : (( عَلِيّ بْن علقمة الأنماري الانصاري عن على رضى الله عَنْهُ2، روى عَنْهُ سالم بْن أَبِي الجعد، فِي الْكُوفِيِّينَ، فِي حديثه نظر )) أهـ.
قُلت : قال ابن حبان[26] : (( مُنكر الحَدِيث ينْفَرد عَن عَليّ بِمَا لَا يشبه حَدِيثه فَلَا أَدْرِي سمع مِنْهُ سَمَاعا أَو أَخذ مَا يروي عَنهُ عَن غَيره وَالَّذِي عِنْدِي ترك الِاحْتِجَاج بِهِ إِلَّا فِيمَا وَافق الثِّقَات من أَصْحَاب عَليّ فِي الرِّوَايَات )) ، قال ابن عدي[27] : (( ولاَ أرى بحديث علي بْن علقمة بأسا فِي مقدار ما يرويه وليس لَهُ عَن علي غير ما ذكرت إلاَّ الشيء اليسير )) ، وقال مغلطاي[28] : (( ذكره أبو جعفر العقيلي في كتاب " الضعفاء " وكذلك ابن الجارود )) ، وهو مقبول .
[ الموضع السادس ] يمان بْن عدي : قال الإمام البخاري[29] : (( قَالَهُ إِسْحَاق سَمِعَ يزيد بْن عَبْد ربه وسمع منه اسمعيل بْن يوسف الحمصي عَنْ برد بْن سنان، فِي حديثه نظر، قَالَ يحيى بْن (حسان ثنا يحيى بْن - 7) حمزة قَالَ نا يمان سَمِعَ أبا منيب الجرشي سَمِعَ سَعِيد بْن المسيب (قولَهُ - 7) )).
قُلت : قال ابن عدي[30] : (( ولليمان أحاديث يروي عن الزبيدي وعن غيره من أهل حمص بأحاديث غرائب وأرجو أَنَّهُ لا بأس بِهِ )) ، قال الدارقطني[31] : (( ضعيف )) ، وقال الإمام أحمد[32] : (( ضَعِيف رفع حَدِيث التَّفْلِيس قَالَ فِيهِ (عَن أبي هُرَيْرَة) )) ، قال أبو حاتم[33] : (( شيخ صدوق )) ، قال الذهبي[34] : (( مُختلفٌ فيه )) ، وهو ضعيف الحَديث ، قال مصنفوا التَحرير : (( ضعيف قد ضعفه البخاري )).
[ الموضع السابع ] إسماعيل بن إبراهيم بن مُهاجر البجلي : قال الإمام البخاري[35] : (( إسماعيل بن إبراهيم بن مُهاجر البجلي الكوفي: عن أبيه، وعبد الملك بن عمير، روى عنه أبو نُعيم، في حديثه نَظَر )).
قُلت : قال أبو حاتم : (( ليس بالقوي ، يكتب حديثه )) ، قال ابن حبان : (( فاحش الخطأ )) ، قال أبو داود : (( ضعيف ، ضعيف أنا لا أكتب حديثه )) ، قال أبو نعيم الأصبهاني : (( ليس بالقوي )) ، قال الإمام أحمد : (( أبوه أقوى في الحديث منه ، وأبوه لا بأس به )) ، قال النسائي : (( ضعيف )) ، قال ابن الجارود : (( ضعيف )) ، قال ابن حجر : (( ضعيف )) ، قال الدارقطني : (( ضعيف )) ، قال الذهبي : (( ضعيف )) ، قال الساجي : (( فيه نظر )) ، قال الإمام البخاري : (( في حديثه نظر عنده عجائب، لا يصح حديثه )) ، وقال ابن معين : (( ضعيف )) .
[ الموضع الثامن ] إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس : قال الإمام البخاري[36] : (( إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس أبو يعقوب: مولى كثير بن الصلت، عن سعد بن إسحاق، وإسماعيل بن مصعب، روى عنه مَرْحوم، وابن أبي أويس، في حديثه نظر )).
قُلت : قال النسائي[37] : (( ضعيف )) ، قال أبو حاتم[38] : (( شيخ ليس بالقوي )) ، قال ابن حبان[39] : (( كَانَ يخطىء لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ إِذَا انْفَرد )) ، قال ابن عدي[40] : ((وإسحاق بن إبراهيم هذا ليس له كبير رواية )) ، قال الدارقطني[41] : (( ضعيف )) ، قال البُخاري[42] : (( منكر الحديث )) ، وقال الحافظ الذهبي[43] : (( ضعفوه )) وهو على الأرجح ضعيف الحديث لا يُحتج بخبره .
[ الموضع التاسع ] سويد بن عبد العزيز الدمشقي : قال الإمام البخاري[44] : (( سويد بن عبد العزيز الدمشقي: سمع ثابت بن عجلان، وحصين بن عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري، في حديثه نظر، لا يحتمل )).
قُلت : وقال الإمام البُخاري[45] : (( عِنْده مناكير، أنكرها أَحْمَد )) ، قال النسائي[46] : (( ضعيف )) ، قال الإمام أحمد[47] : (( متروك الحديث )) ، وقال ابن معين : (( سويد ليس بشيء )) ، قال أبو حاتم : (( في حديثه نظر، هو لين الحديث )) ، قال ابن عدي[48] : (( وأَبُو عُبَيد قَالَ ابْن هشام وقد نظر يَحْيى بْن مَعِين في حديثي كله إلاَّ في حديث سويد بْن عَبد العزيز وقال سويد ضعيف )) ، وقال ابن معين مرة : (( وحديثه ليس بشيء )) ، قال ابن عدي : (( ولسويد أحاديث صالحة غير ما ذكرت وعامة حديثه مما لا يتابعه الثقات عليه، وَهو ضعيف كما وصفوه )) ، وهو ضعيف الحَديث لا أكاد أراهم إلا أكثروا من تضعيفه . والله أعلم.
[ الموضع العاشر ] محمد بن عبد الله بن إنسان : قال الإمام البخاري[49] : (( محمد بن عبد الله بن إنسان: في حديثه نظر )) .
قلت : قال ابن معين : (( ليس به بأس )) ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال أبو حاتم : (( في حديثه نظر )).
قَال الحَافظ الذهبي – رحمه الله تعالى – [50] : (( حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: إِذَا قُلْتُ: فُلاَنٌ فِي حَدِيْثِهِ نَظَرٌ، فهو متهم وَاهٍ )) ، قال الإمام الألباني[51] : (( قلت: وهو متهم كما أشار إليه البخاري بقوله:" في حديثه نظر " )) ، وقال في موضعٍ آخر [52] : (( ثم روى عن البخاري أنه قال في الحنيني: " في حديثه نظر ". وهذا من الإمام كناية عن أنه شديد الضعف عنده، كما هو معلوم )) قُلت : وهذه والله نظرةُ مُتحرٍ مُدققٍ فرحم الله الإمام الألباني رحمةً واسعة ومَن رأى أحكامه ونَظراته في هذا الفن عرف منزلة هذا الإمام العلم في هذا العِلم وطُول اطلاعه وعُمره الذي أفناهُ فيه فجزاه الله كل خير.
والذي تقرر بعد النَظر إلي تَرجم الرواةِ وَجدت أن الإمام البُخاري – رحمه الله – لا يُطلق هذه العبارة بعد الاستقراء التام للرواة الذين قال فيهم الإمام البخاري : (( في حديثه نظر )) إلا وهو متُهمٌ كما قال الإمام الحافظ الذهبي ، وما ذكرناهُ آنفاً مِن كِتاب الإمام البُخاري التاريخ وكِتاب الضعفاء ، وتبين أن أكثر مَن قال الإمام البخاري فيهم عبارته مُتهمون وضعفاء ، وسنقومُ باستقراء المَزيد من الرواة مِن غير كِتاب الإمام البخاري – رحمه الله – حَتى يزداد الأمرُ بينةً ووضوحاً إن شاء الله تعالى.
مِن كتاب تهذيب الكَمال للحافظ المزي – رحمه الله – وإليكَ البيان :سَعِيد بْن مسلمة بْن أمية بْن هشام[53].قال ابن معين : (( ليس بشيء )) ، قال أبو حاتم : (( ليس بقوي، ضعيف الحديث، منكر الحديث )) ، قال البخاري : (( منكر الحديث ، في حديثه نظر )) ، قال النسائي : (( ضعيف )) ، قال ابن حبان : (( يخطئ )) ، قال ابن عدي : (( وأرجو أنه ممن لا يترك حديثه، ويحتمل فِي رواياته فإنها متقاربة )) ، قال الدارقطني : (( ضعيف يعتبر به )) ، روى لهُ الترمذي وابن ماجة .سُفْيَان بن أَبي العوجاء السلمي[54].قال البُخاري : (( فيه نظر )) ، قال أبو أحمد الحاكم : (( حديثه ليس بالقائم )).عُبَيد اللَّه بن سَعِيد بن مُسْلِم بن عُبَيد بن مسلم الجعفي[55].قَال الإمام البخاري : (( في حديثه نظر )) ، قال أبو داود : (( قائد الأَعْمَش عنده أحاديث موضوعة )) ، قال ابن حبان : (( يخطئ )) ، قال العقيلي : (( في حديثه عن الأعمش وهمٌ كثير )) ، وقال الدارقطني : (( ثقة )) ، وقال العقيلي : (( يكتب حديثه وينظر فيه )) ، وقال الحافظ ابن حجر : (( ضعيف )) .عُثْمَان بن فائد القرشي[56].قال البخاري : (( في حديثه نظر )) ، قال دحيم : (( ليس بشيء )) ، قال ابن عدي : (( قليل الحديث وعامة ما يرويه ليس بمحفوظ )) .علي بن محمد بن أَبي سارة، الشيباني[57].قال الإمام البخاري : (( في حديثه نظر )) ، قال أبو حاتم : (( شيخ ضعيف الحديث )) ، وقال في موضع آخر : (( ديلم بن غزوان أحب إلي من علي بن أبي سارة )) ، قال أبو داود : (( قد ترك الناس حديثه )) ، قال ابن حبان : (( غلب على روايته المناكير فاستحق الترك )) ، قال ابن عدي : (( وهذه الأحاديث التي ذكرتها لعلي بن أَبي سارة عن ثابت كلها غير محفوظة، وله غير ذلك عن ثابت مناكير أيضا )).قبيصة بن حريث[58].قال الإمام البخاري : (( في حديثه نظر )) ، جهله ابن قطان الفاسي ، قال البيهقي : (( لا يعرف ونقل عن أحمد أنه قال : شيخ لا يعرف )) ، قال النسائي : (( لا يصح حديثه )) ، قال الجيلي : (( ثقة )) ، قال ابن حجر : (( صدوق )) ، قال الشيخ بشار عواد وشعيب الأرنؤوط : (( ضعيف )) .مُحَمَّد بن عَبد اللَّه بن علاثة[59].قال ابن معين : (( ثقة )) ، قال أبو زرعة : (( صالح )) ، قال أبو حاتم : (( يكتب حديثه ولا يحتج به )) ، وقال البخاري : (( في حديثه نظر )) ، قال ابن سعد : (( كان ثقة إن شاء الله )) ، قال ابن عدي : (( حسن الحديث وأرجوا أن لا بأس به )) ، قال الدارقطني : (( متروك )) .
فهذه كَما ترى سُباعية في قَول الإمام البخاري – رحمه الله – في الرواة في حديثه نظر وهي غَالبةٌ على ضعفاءٍ عِند غير الإمام البخاري – رحمه الله – إلا في بن علاثة وهو حسن الحَديث إن شاء الله فأنت ترى أنهُ لا يقولها غالباً إلا في الضعفاء .
بل قال الحَافظ ابن حجر[60] : (( في حديث أبي ثفال المري في التسمية على الوضوء: " قال البخاري: في حديثه نظر، وهذه عادته فيمن يضعفه )) .وقد قال الإمام البُخاري في مُحمد بن حميد الرازي : (( في حديثه نظر )) ومُحمد بن حُميد الرازي قد جرحهُ أبو زُرعة وأبو حاتم بجرحٍ وجرح أهل البلد مقدمٌ على التعديل ، والذي يتضحُ مِما سبق أن الإمام البخاري – رحمه الله – يريد في لفظهِ هذا الجرح على الغَالب وقلما يقولها فيمن هُو صدوقُ اللهجةِ ، بل إن الصواب مع الحافظ الذهبي – رحمه الله – في تَوجيه مُراد الإمام البخاري : (( في حديثه نظر )) كما كان لهُ الصواب في تَوجيه : (( فيه نظر )) إلا في مواطن قليلةٍ ويريد بها ما أشرنا إليه في الأبواب السابقة ، واللفظان مُتقاربان في المدلول على جَرح الرواة ، وأما " فيه نظر " فالضمير يعود على الراوي غالباً إلا في حَالاتٍ قليلةٍ يتبين أمرها بالاستقراء للرواة الذين قال فيهم البخاري – رضي الله عنه – عبارته الشهيرة في جرح الرواة.
قال الحَافظ[61] : (( نحن لاَ نَدَّعِي العِصْمَةَ فِي أَئِمَّةِ الجَرحِ وَالتَّعدِيلِ، لَكِنْ هُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ صَوَاباً، وَأَنْدَرُهُمْ خَطَأً، وَأَشَدُّهُم إِنصَافاً، وَأَبْعَدُهُمْ عَنِ التَّحَامُلِ، وَإِذَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعدِيلٍ أَوْ جَرْحٍ، فَتَمَسَّكْ بِهِ، وَاعضُضْ عَلَيْهِ بِنَاجِذَيْكَ، وَلاَ تَتَجَاوَزْهُ، فَتَنْدَمَ، وَمَنْ شَذَّ مِنْهُم، فَلاَ عِبْرَةَ بِهِ، فَخَلِّ عَنْكَ العَنَاءَ، وَأَعطِ القَوسَ بَارِيَهَا، فَوَاللهِ لَوْلاَ الحُفَّاظُ الأَكَابِرُ، لَخَطَبَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلَى المَنَابِرِ، وَلَئِنْ خَطَبَ خَاطِبٌ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ، فَإِنَّمَا هُوَ بِسَيفِ الإِسْلاَمِ، وَبِلِسَانِ الشَّرِيعَةِ، وَبِجَاهِ السُّنَّةِ، وَبِإِظهَارِ مُتَابَعَةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُوْلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ الخذلان )) أهـ.
قُلت : لله دَرها مِن كَلماتٍ عَظيماتٍ بَيناتٍ مرضيات ، رحمكَ الله فأنتَ كما وصفك الحَافظ ابن حجر مِن اهل الاستقراء التَام وأنتَ مِن اهل الجَرح والتَعديل ونَحسبكَ كذلك فقد جَرحت وعدلتَ وصنفتَ في الجرح والتعديل واستقرئت أقوال الأئمةَ وخلصت بأحكامٍ في كُتبٍ نفيسة كالسير والميزان والتاريخ العَظيم والمُغني في الضعفاء فرضي الله عنك وعن أئمة الجرح والتعديل جميعاً وجزاكم عنا كل خير.
قَال شَيخنا المُحدث مَاهر الفَحل : (( والحديث ضعيف؛ لأن أبا ثفال قَالَ عَنْهُ البخاري: في حديثه نظر، وهذه عادة البُخَارِيّ عِنْدَ تضعيفه لراوٍ كَمَا قَالَ ابن حجر في التلخيص 1/ 74. وذكره ابن حبان في ثقاته 8/ 157، وَقَالَ ابن حجر عَنْهُ: مقبول. التقريب (856). وانظر: تنقيح التحقيق 1/ 102 و 103، ونصب الراية 1/ 4 )) ، وفي الخُلاصة نَقول أن الإمام البُخاري – رضي الله عنه – لا يُطلق عبارة في حديثه نظر إلا فيمن عَرفنا ضَعفهُ وأنهُ مُتكلمٌ فيه عند المُحدثين وذلك بالنَظر مَع أقوال غيره مِن الأئمةِ المُحدثين – رضي الله عنهم – وهذا الذي يترجح بعد الاستقراء.
فالرواةُ الذين تَكلم فيهم الإمام البُخاري بعبارته : (( في حديثه نظر )) مَعروفين بالضعف والتَرك عِندَ الأئمة غيره مما يتضح أن مَدلولاها في جَرح الرواة جَرحاً شديداً وهذا عَين ما نقله الحافظ الذهبي – رحمه الله – في السير وهو الصواب لأنك ما تجد راوٍ وصفهُ الحافظ أمير المؤمنين الإمام البخاري بأن في حديثه نظر إلا وهُو مجروح عند غيرهِ مِن الأئمةِ الأعلام – رضي الله عنهم – وهذا ما يرجح كفةَ أنهُ لا يقولها إلا فيمن هو متُهم عندهُ رحمه الله وعند غيره من الأئمة وهو الصواب إن شاء الله.
قَول الإمام البخاري : (( في بعض حديثه نظر )).قَال الشيخ خَليل بن مُحمد العَربي : (( أنهُ وجد الإمام البُخاري لا يُطلق هذه العبارة إلا على مَن لهُ مِن الحديث الكثير ولهُ ما يستنكر عليه )) ، والعِبارةَ مَدلولها على أنها ليست جَرحاً يطرحُ بِها حَديث الراوي وأن لهُ ما يستنكر عليه . والله أعلم.
[ مُلاحظة ] نُريد آرائكم ومُلاحظاتكم الكِتاب لم يُنقح بعد ولم يُدقق وسنقومُ بإرساله لفضيلة الشيخ المُحدث ماهر بن ياسين الفحل بعد التدقيق اللغوي والتنقيح مِن حيث العبارات والتنسيق إن شاء الله تعالى .
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو زُرعة الرازي
