روى البخاري رحمه الله في صحيحه: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنْ الْيَهُودِ لآمَنَ بِي الْيَهُودُ"


قال الحافظ بن حجر رحمه الله:‏
قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا قرة‏)‏ هو ابن خالد، ومحمد هو ابن سيرين والإسناد كله بصريون‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏لو آمن بي عشرة من اليهود لأمن بي اليهود‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ لم يبق يهودي إلا أسلم ‏"‏ وكذا أخرجه أبو سعيد في ‏"‏ شرف المصطفى ‏"‏ وزاد في آخره قال ‏"‏ قال كعب هم الذين سماهم الله في سورة المائدة ‏"‏ فعلى هذا فالمراد عشرة مختصة وإلا فقد آمن به أكثر من عشرة، وقيل المعنى لو آمن بي في الزمن الماضي كالزمن الذي قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أو حال قدومه، والذي يظهر أنهم الذين كانوا حينئذ رؤساء في اليهود ومن عداهم كان تبعا لهم، فلم يسلم منهم إلا القليل كعبد الله بن سلام وكان من المشهورين بالرياسة في اليهود عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بني النضير أبو ياسر بن أخطب وأخوه حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف ورافع بن أبي الحقيق، ومن بني قينقاع عبد الله بن حنيف وفنحاص ورفاعة بن زيد، ومن بني قريظة الزبير بن باطيا وكعب بن أسد وشمويل بن زيد، فهؤلاء لم يثبت إسلام أحد منهم، وكان كل منهم رئيسا في اليهود ولو أسلم لاتبعه جماعة منهم، فيحتمل أن يكونوا المراد‏.‏
وقد روى أبو نعيم في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من وجه آخر الحديث بلفظ ‏"‏ لو آمن بي الزبير بن باطيا وذووه من رؤساء يهود لأسلموا كلهم ‏"‏ وأغرب السهيلي فقال‏:‏ لم يسلم من أحبار اليهود إلا اثنان يعني عبد الله بن سلام وعبد الله بن صوريا، كذا قال، ولم أر لعبد الله بن صوريا إسلاما من طريق صحيحة، وإنما نسبه السهيلي في موضع آخر لتفسير النقاش، وسيأتي في ‏"‏ باب أحكام أهل الذمة ‏"‏ من كتاب المحاربين شيء يتعلق بذلك ووقع عند ابن حبان قصة إسلام جماعة من الأحبار كزيد بن سعفة مطولا‏.‏
وروى البيهقي أن يهوديا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة يوسف فجاء ومعه نفر من اليهود فأسلموا كلهم، لكن يحتمل أن لا يكونوا أحبارا، وحديث ميمون بن يامين قد تقدم في الباب‏.‏
وأخرج يحيى بن سلام في تفسيره من وجه آخر عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة هذا الحديث فقال ‏"‏ قال كعب إنما الحديث اثنا عشر لقول الله تعالى ‏(‏وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا‏)‏ فسكت أبو هريرة ‏"‏ قال ابن سيرين‏:‏ أبو هريرة عندنا أولى من كعب، قال يحيى بن سلام وكعب أيضا صدوق لأن المعنى عشرة بعد الاثنين وهما عبد الله بن سلام ومخيريق، كذا قاله وهو معنوي‏.‏