تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 26 من 26

الموضوع: الإشارة بالسبابة بين السجدتين؟

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    36

    افتراضي رد: الإشارة بالسبابة بين السجدتين؟

    جزاك الله خيرا

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    406

    افتراضي رد: الإشارة بالسبابة بين السجدتين؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرا على المشاركات الطيبة وبارك الله فيكم
    إخوتي في الله أحب التذكير أننا هنا في مجلس مبارك في هذا المنتدى الطيب نتعلم بأدب ورفق مع من خالفنا فلنراعي أدب الخلاف بارك الله فيكم اليوم صار الاشكال كبيرا في الانكار متى ننكر؟ ومتى لا ننكر ؟ويا حبذا لو يقوم أحد من المشرفين بتثبيت موضوع يتكلم عن أدب الخلاف ، وكيفية التعامل مع المخالف لأنه صار اليوم ضرورة حتمية لهذا الموضوع .
    الذي فهمت من خلال هذه المناقشة والله أعلم مايلي : أن السنة الثابتة المنقولة والمحفوظة عن النبي عليه الصلاة والسلام هو الإشارة في التشهد بنص الحديث من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد، وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثة وخمسين، وأشار بالسبابة)) وهذا يدل على أن الإشارة بالسبابة إنما في التشهد .
    أما الإشارة غير التشهد فالجمهور على عدم مشروعية الاشارة لان الذي نقله ابن القيم مخالف للروايات المحفوظة والمنقولة عن النبي عليه الصلاة والسلام وبعض العلماء كابن عثيمين وغيرهم لايرى باس في فعله.
    يعني ان فعله العبد أحيانا لا باس به هذا والله أعلم حسب قصور فهمي
    جزاكم الله خيرا على النقول الطيبة

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    في خير بلاد
    المشاركات
    111

    افتراضي رد: الإشارة بالسبابة بين السجدتين؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
    فإني اسأل المولى الهداية والتوفيق ..
    لكن ثمة أمور أود التنبيه إليها ::
    المنتدى طيب ويزخر بالفوائد والمواضيع الجيدة .. بيد أني أثناء التصفح خصوصا في الأمور الخلافية أجد تحاملا لا داعي له وخلقا ينبغي لطالب العلم التخلص منه وهو إن صح القول داء عضال يفتك بإخلاص طالب العلم على المدى الطويل .. وذلك أن الخلق الحسن مطلب ضروري .. فالأدب في التخاطب أمر كان عليه الأنبياء والرسل .. واللين في القول من غير إضعاف للحق مما أمر به الشارع مع ممن ادعى الربوبية .. بل إن من صفات المؤمن مع أخيه الذل .. كل هذا وغيره من الدلائل .. تأمر المسلم بأن يكون لبقا في رده .. ووالله عندما اقرأ كلاما طيبا علميا من غير تجريح .. أكبر كاتبه وإن داوم على خلقه هذا مع جد في الطلب لأورثه الله علما جما ونفعا كبيرا بإذنه تعالى .. فالخلق مطلب مهم .. في حياة المسلم .. ويتأكد في شخصية طالب العلم مع مخالفيه ..
    **
    الأمر الثاني
    لا شك أن الاختلاف في تفاصيل المسائل الشرعية أمر معهود منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فاختلافهم في صلاة العصر ومتى تؤدى يوم بني قريظة أكبر دليل .. فمعرفة فقه الخلاف يوسع فقه الطالب ويجعل فرصة إصابة الحق له أكبر .. كما أن الأمور التعبدية لها جانب عملي .. وجانب نفسي .. فتعظيم الشعائر من تقوى القلوب .. وحقيق بالمسلم أن يحرص على قلبه أثناء تعبده ويوافق في خشوعه خشوع النبي صلى الله عليه وسلم كما يوافق في هيئة العبادة ولئن اختلف العلماء في صفة من الصفات فإنهم اتفقوا في الأمور الباطنة من خشوع ونحوه .. وفي هذا دلالة على أهمية هذا الجانب ..
    الأمر الثالث
    هذه المسألة وأمثالها لا تصل إلى مسألة التبديع ونحو ذلك .. بل المسألة فيها سعة فليست من الأركان ولا الواجبات التي لا تتم الصلاة إلا بها .. إنما مدار المسألة هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أم لا ..

    وقد سئل فضيلة الشيخ د. خالد بن عبدالله المصلح هذا السؤال :
    فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله و بركاته، هل يسن الإشارة بالسبابة في الدعاء بين السجدتين ؟
    الجواب:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد ..
    فإجابة عن سؤالك نقول :
    جمهور العلماء على أنه لا يرفع السبابة إلا في التشهد، وذهب طائفة إلى أنه يرفع بين السجدتين، وهو ما قد يفهم من كلام ابن القيم في زاد المعاد، في كلامه على ما رواه الإمام أحمد (18379) من طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال ـ في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ـ: ((وسجد فوضع يده حيال أذنيه، ثم جلس وافترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم أشار بسبابته، ووضع الإبهام على الوسطى، وقبض سائر أصابعه، ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه)) وهذا واضح في دلالته على أن المصلي يشير بسبابته بين السجدتين، وأما الجمهور فقد قالوا: إن هذه الرواية مخالفة للمحفوظ المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث، من كونه لا يفعل ذلك إلا في التشهد، كما في صحيح مسلم (580) من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد، وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثة وخمسين، وأشار بالسبابة)) وهذا يدل على أن الإشارة بالسبابة إنما تكون في التشهد.
    والذي يظهر أن الإشارة بالسبابة في التشهد سنة ثابتة منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما بين السجدتين فإنه يفعل ذلك أحياناً، ولذلك لم تنقل كما نقل فعله لها في التشهد، والله أعلم.
    أخوكم/ د.خالد المصلح
    6/4/1427هـ

    **
    في الختام ..
    ما دوّن أعلاه .. من الكلام العام والوصايا التي لا أعني بها أحدا أو أشير بها إلى شخص أو مسألة بعينها .. إنما هي شبه قواعد يحسن بالمرء الأخذ بها .. والله الموفق .
    """ محبرة الداعي """
    ** متوقف عن الكتابة من 30 / 8 / 1429هـ
    ريشة تقاوم أعاصير !
    http://me7barh.maktoobblog.com

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    406

    افتراضي رد: الإشارة بالسبابة بين السجدتين؟

    بارك الله فيك أخي محبرة الداعي على النقل الطيب
    كلام متين من الشيخ حفظه الله زال الإشكال إن شاء الله
    جزاكم الله خيرا

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    48

    افتراضي رد: الإشارة بالسبابة بين السجدتين؟

    الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام دينا ونصب لنا الدلالة على صحته برهانا مبينا وأوضح السبيل إلى معرفته واعتقاده حقا يقينا ووعد من قام بأحكامه وحفظ حدوده أجرا جسيما وذخر لمن وافاه به ثوابا جزيلا وفوزا عظيما وفرض علينا الانقياد له والتمسك بدعائمه وأركانه والاعتصام بعراه وأسبابه فهو دينه الذي ارتضاه لنفسه ولأنبيائه ورسله وملائكة قدسه فبه اهتدى المهتدون وإليه دعا الأنبياء والمرسلون أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون فلا يقبل من أحد دينا سواه من الأولين والآخرين ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله الطيبين الطاهرين ورفع درجتهم في علين أما بعد!

    أن الإشارة بين السجدتين سنة ثابتة لكن يعتري عليها أوهام الناس و إشكالات العلماء وشبهات المحققين فالآن أبين لكم كيف الذب عن هذه السنة من حيث يبطل حجج المانعين

    روي الإمام أحمد في مسنده فقال: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر يعني استفتح الصلاة ورفع يديه حين كبر ورفع يديه حين ركع ورفع يديه حين قال سمع الله لمن حمده وسجد فوضع يديه حذو أذنيه ثم جلس فافترش رجله اليسرى ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى وقبض سائر أصابعه ثم سجد فكانت يداه حذاء أذنيه { مسند أحمد 4/317 (حـ 183798) }

    فقال بعضهم: رواه سفيان الثوري عن عاصم بن كليب معنعنا وهو مدلس فهذا الحديث لا يصلح للإحتجاج

    فأجاب البعض : بأن هذا السفيان ليس بالثوري بل هو ابن عيينة لأنه رواه الحميدي في مسنده فقال : ثنا سفيان قال ثنا عاصم بن كليب الجرمي قال سمعت أبي يقول سمعت وائل بن حجر الحضرمي قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ........ الحديث. {2/392 (885) }

    وأخرجه أيضا الشافعي في مسنده وقال : أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب قال سمعت أبي يقول حدثني وائل بن حجر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ...... الحديث { 1/176 }

    والثوري ليس من شيوخ الحميدي و الشافعي بل سفيان الذي أخذ عنه الحميدي وكل من كان في الطبقة العاشرة هو ابن عيينة و أما عبد الرزاق ومعاصروه من الطبقة التاسعة رووا عن الثوري وابن عيينة كما في التهذيب وغيره ( تهذيب الكمال 18/53 ) وأما الشافعي فإن كان من التاسعة لم يرو عن الثوري إنما روى عن ابن عيينة فقط .

    وأخرجه أيضا البيهقي فقال في آخره : وكذلك رواه الحميدي وغيره عن ابن عيينة {سنن الكبرى للبيهقي 2/24 }

    وهكذا يتبين أن سفيان هذا ليس بالثوري بل هو ابن عيينة

    قلت : هذا قول باطل جدا لأن عبد الرزاق وروى عن السفيانين كما في تهذيب الكمال و طبقات الحفاظ وغيره {طبقات الحفاظ 1/158(337) , تهذيب الكمال 18/56 }

    لكن عبد الرزاق ومعاصروه من الطبقة التاسعة والذين فوقهم من الطبقة الثامنة و السابعة - الذين أدركوا الثوري ورووا عنه - إذا رووا عن سفيان وأطلقوا ولم ينسبوا فالمراد منه الثوري لا ابن عيينة

    قال الذهبي : فأصحاب سفيان الثوري كبار قدماء وأصحاب ابن عيينة صغار لم يدركوا الثوري وذلك أبين فمتى رأيت القديم قد روى فقال حدثنا سفيان وأبهم فهو الثوري وهم ****ع وابن مهدي والفريابي وأبي نعيم فإن روى واحد منهم عن ابن عيينة بينه فأما الذي لم يحلق الثوري وأدرك ابن عيينة فلا يحتاج أن ينسب لعدم الإلباس فعليك بمعرفة طبقات الناس [سير أعلام النبلاء 7/466]

    ويتضح من كلام الذهبي أن سفيان الذي روى عنه عبد الرزاق وأبونعيم فضل بن دكين و محمد بن يوسف الفريابي مبهما هو الثوري وإن رووا عن ابن عيينة بينوا و نسبوا

    ومن العجب أن عبد الرزاق أخرجه في مصنفه ما لفظه : عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رمقت النبي صلى الله عليه وسلم ..... الحديث . { مصنف عبد الرزاق 2/68 (2522) } وهذا ابن حنبل يرويه عن عبد الرزاق و عبد الرزاق يقول عن الثوري وهؤلاء يقولون: لا, لا, ليس الثوري بل ابن عيينة فالعجب كل العجب..............!!!!

    فالحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه هو عن أبي عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي , قال عنه ابن حجر : ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة ، و كان ربما دلس وهويروي هذا الحديث معنعنا وعنعنة المدلس ليس بحجة .

    فأجبت عنه : صرح الثوري بالسماع لهذا الحديث عن عاصم بن كليب وهو أيضا في المسند ما لفظه : حدثنا يحيى بن آدم وأبو نعيم قالا ثنا سفيان حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد جعل يديه حذاء أذنيه { مسند أحمد 4/318 (18388) }

    وفي هذا السند صرح الثوري بالتحديث فرفعت مظنة التدليس . فالحديث صحيح صالح للاحتجاج . -كما لايخفى على من كان له أدنى خبرة بعلم أصول الحديث والتخريج ودراسة الأسانيد ومعرفة الرجال- والله تعالى أعلم .

    شبهة ثانية : زعم بعض الناس أن عبد الرزاق خالف فيه الفريابي بأن الفريابي لم يذكر كلمة ’’ ثم سجد ‘‘عن الثوري وذكره عبد الرزاق عن الثوري , وكان الفريابي ملازما للثوري من عبد الرزاق ومنهم الألباني فإنه قال في الصحيحة : قد روى عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم بن كليب بإسناده المتقدم عن وائل .. فذكر الحديث و الافتراش في جلوسه قال : " ثم أشار بسبابته و وضع الإبهام على الوسطى حلق بها و قبض سائر أصابعه , ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه " . فهذا بظاهره يدل على أن الإشارة كانت في الجلوس بين السجدتين , لقوله بعد أن حكى الإشارة : " ثم سجد .. " . فأقول : نعم قد روى ذلك عبد الرزاق في " مصنفه ", و رواه عنه الإمام أحمد ( 4 / 317 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " و زعم الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه عليه : " أنه أخرجه الأربعة إلا الترمذي و البيهقي مفرقا في أبواب شتى " . و هو زعم باطل يدل على غفلته عن موجب التحقيق فإن أحد منهم ليس عنده قوله بعد الإشارة : " ثم سجد " , بل هذا مما تفرد به عبد الرزاق عن الثوري , و خالف به محمد بن يوسف الفريابي و كان ملازماللثوري , فلم يذكر السجود المذكور . رواه عنه الطبراني. و قد تابعه عبد الله بن الوليد حدثني سفيان ... به . أخرجه أحمد ( 4 / 318 ) . و ابن الوليد صدوق ربما أخطأ , فروايته بمتابعة الفريابي له أرجح من رواية عبد الرزاق , و لاسيما و قد ذكروا في ترجمته أن له أحاديث استنكرت عليه , أحدها من روايته عن الثوري , فانظر " تهذيب ابن حجر " و "‎ ميزان الذهبي " , فهذه الزيادة من أوهامه {السلسلة الصحيحة 5 / 309 }

    فأجبت : أولا ننظر ما هو الحديث الشاذ عند المحدثين , ثانيا هل يطابق عليه تعريف الشاذ فإن وافقت فقولنا سمعنا وأطعنا وإلا فالحديث صحيح صالح للعمل والإحتجاج , وثالثا حكم زيادة الثقة .

    أولاً : الحديث الشاذ :

    قال النواوي في التقريب : الشاذ هو عند الشافعي وجماعة من علماء الحجاز : ما روى الثقة مخالفا لرواية الناس لا أن يروي ما لا يروي غيره ، قال الخليلي : والذي عليه حفاظ الحديث ،أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة ، أو غيره ، فما كان عن غير ثقة فمتروك ، وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به ، وقال الحاكم : هو ما انفرد به ثقة وليس له أصل بمتابع . وما ذكراه مشكل بأفراد العدل الضابط كحديث « إنما الأعمال بالنيات » والنهي عن بيع الولاء وغير ذلك مما في الصحيح ، فالصحيح التفصيل : فان كان بتفرده مخالفا أحفظ منه وأضبط ، كان شاذا مردودا وإن لم يخالف الراوي ، فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان تفرده صحيحا ، وإن لم يوثق بضبطه ولم يبعد عن درجة الضابط كان حسنا ، وإن بعد كان شاذا منكرا مردودا ، والحاصل أن الشاذ المردود : هو الفرد المخالف والفرد الذي ليس في رواته من الثقة والضبط ما يجبر به تفرده .

    فالشاذ : هو مارواه الثقة مخالفا لما رواه الثقات أو أوثق منه . وهو المردود لايصلح للإحتجاج به.

    ثانياً : إطلاق تعريف الشاذ على هذا الحديث : اعلم أن الفرق بين رواية الفريابي وعبد الرزاق بأن الفريابي إما ذكر أمر التشهد ولم يذكر أمر الجلوس بين السجدتين وإما ذكر أمر الجلوس بين السجدتين وأبهم ما لفظه : ثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى وإذا جلس افترش رجله اليسرى ووضع ذراعيه على فخذيه وأشار بالسبابة . { المعجم الكبير للطبراني 22/33 (78) }

    و أما عبد الرزاق فذكر أمر الجلوس بين السجدتين وأوضح ما لفظه : أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر يعني استفتح الصلاة ورفع يديه حين كبر ورفع يديه حين ركع ورفع يديه حين قال سمع الله لمن حمده وسجد فوضع يديه حذو أذنيه ثم جلس فافترش رجله اليسرى ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى وقبض سائر أصابعه ثم سجد فكانت يداه حذاء أذنيه { مسند أحمد 4/317 (18379) , مصنف عبد الرزاق 2/68 (2522) }

    وفي كلا الأمرين لايخالف عبد الرزاق الثوري ولا الثوري عبد الرزاق إما ذكر الفريابي أمرا وعبد الرزاق أمرا أخر وإما ذكرا أمرا واحدا فنقص الفريابي و أتم عبد الرزاق

    قال المزى:قال أبو بكر بن أبى خيثمة : سمعت يحيى بن معين و سئل عن أصحاب الثورى ، فقال : أما عبد الرزاق ، و الفريابى ، و عبيد الله بن موسى ، و أبو أحمد الزبيرى ، و أبو عاصم ، و قبيصة و طبقتهم فهم كلهم فى سفيان قريب بعضهم من بعض ، و هم دون يحيى بن سعيد و عبد الرحمن بن مهدى ، و وكيع ، و ابن المبارك ، و أبى نعيم . [تهذيب الكمال 18 / 56]

    فدرجة الفريابي قريب من درجة عبد الرزاق لكن الفريابي أولى من عبد الرزاق في حديث الثوري كما ذكره ابن حجر فقال : ثقة فاضل ، يقال أخطأ فى شىء من حديث سفيان ، و هو مقدم فيه مع ذلك عندهم على عبد الرزاق { تقريب التهذيب 1/515 (6415) }

    لكن لايقتضي هذه الأولوية أن ما لم يذكر الفريابي وذكره عبد الرزاق فهو شاذ كما زعمه بعضهم لأن الفريابي إن كان مقدم من عبد الرزاق – وهذا التقديم ليس من كل الوجوه- لكنه أخطأ في حديث سفيان وإن كان له طول الملازمة معه فيحتمل أن يكون الفريابي قد أخطأ في هذا الحديث أيضا وذكره عبد الرزاق لأن عبد الرزاق إن كان تغير في آخره بعد ما عمي لكن كان قبل ذلك أحفظ من الفريابي ومن المعلوم أن سماع أحمد بن حنبل منه قبل هذه العارضة قبل تمام المائتين من الهجرية كما ذكره السيوطي في الطبقات { طبقات الحفاظ 1/158 ,159 (337) }

    ويتضح من هذا البحث أن إطلاق تعريف الشاذ على هذا الحديث لايصلح . والله تعالى أعلم .

    ثالثاً : حكم زيادة الثقة : يتبين مما سبق أن عبدالرزاق أحد الأعلام , ثقة حافظ مصنف شهير عمى فى آخر عمره فتغير ، نقل منه زيادة في حالة صحته مالم يذكره غيره فعلينا أن نعلم ما حكمه

    قال ابن جماعة: زيادة الثقة وهي أقسام:

    أحدها زيادة تخالف ما رواه الثقات وحكم هذه الرد كما سبق في الشاذ

    الثاني زيادة حديث يخالف فيه غيره بشيء أصلا فهذا مقبول ونقل الخطيب اتفاق العلماء عليه

    الثالث زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر من رواه ويمثله بزيادة مالك في حديث الفطرة لفظ من المسلمين ذكر الترمذي أن مالكا تفرد بزيادة قوله من المسلمين وأخذ بهذه غير واحد من الأئمة واحتجوا بها منهم الشافعي وأحمد الترمذي قد وافق مالكا على هذه الزيادة عن ناف عمرو بن نافع والضحاك بن عثمان خرج الأول البخاري والثاني مسلم قال الخطيب مذهب الجمهور من الفقهاء وأهل الحديث أن الزيادة من الثقة مقبولة إذا انفرد بها سواء أكانت من شخص واحد بأن رواه مرة ناقضا ومرة بالزيادة أم كانت من رواه ناقصا خلافا لمن رد ذلك مطلقا من أهل الحديث ولمن ردها منه وقبلها من غيره { المنهل الروي 1/58 }

    فالحاصل أن عبد الرزاق زاد كلمة ’’ ثم سجد ‘‘ وهو ثقة حافظ وزيادة الثقة مقبولة عند المحدثين وأن الثوري سمع من عاصم بن كليب هذا الحديث فكلتا الشبهتين مردودة والحديث صحيح ثابت صالح للعمل قابل للاحتجاج به .

    هذا ماعندي والله أعلم بالصواب وهو الموفق وإليه مآب

    الراجي إلى مغفرة ربه القاهر

    أبوعبد الرحمن محمد رفيق الطاهر

    أستاذ كلية الحديث و علومه بمركز ابن القاسم الإسلامي

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    48

    افتراضي رد: الإشارة بالسبابة بين السجدتين؟

    هذه نقول عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في هذه المسألة:

    وسئل فضيلة الشيخ: هل ورد حديث صحيح في تحريك السبابة بين السجدتين في الصلاة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: نعم، ورد الحديث الذي في صحيح مسلم عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في الصلاة وذكر أنه يشير بإصبعه(1)، وفي لفظ، إذا قعد في التشهد(2). فاللفظ الأول عام، والثاني خاص، والقاعدة أن ذكر الخاص بحكم يوافق العام لا يقتضي التخصيص، ومثال ذلك أن يقول رجل لآخر: أكرم طلبة العلم، ويقول له: أكرم محمداً، ومحمد من طلبة العلم، فهذا لا يقتضي أنه لا يكرم بقية طلبة العلم، وقد نص علماء الأصول على هذا، وذكره الشيخ الشنقيطي – رحمه الله – في أضواء البيان.
    لكن لو قال: أكرم الطلبة، ثم قال: لا تكرم من ينام في الدرس، فهذا يقتضي التخصيص؛ لأنه ذكر بحكم يخالف الحكم العام.
    ثم في هذا حديث خاص، رواه الإمام أحمد في مسنده(3) بسند قال فيه صاحب الفتح الرباني: سنده حسن(4)، وقال بعض المحدثين على زاد المعاد(5): سنده صحيح. "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس بين السجدتين قبض أصابعه وأشار بالسبابة".
    ومن قال لا يحركها، فنقول له: فماذا يصنع باليد اليمنى؟ إذا قلت يبسطها على الفخذ فنطالبك بالدليل. ولم يرد في الأحاديث أنه كان يبسط يده اليمنى على فخذه، ولو كان يبسطها لبينه الصحابة كما بينوا أنه كان يبسط يده اليسرى على الفخذ اليسرى. فهذه ثلاثة أدلة.

    529 وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم تحريك السبابة حال الدعاء بين السجدتين في الصلاة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الذي أرى أنه سنة، لحديث وائل بن حجر(6) في مسند الإمام أحمد، وقد صححه من المتقدمين ابن خزيمة، وابن حبان(7)، ومن المتأخرين الساعاتي في مسند الإمام أحمد فقد قال عنه: إن سنده جيد، قاله في الفتح الرباني(8)، والأرناؤوط في زاد المعاد(9).
    وفيه التصريح بأن وضع اليد اليمنى بين السجدتين كوضعها في التشهد سواء، ولي سلف من أهل العلم وهو ابن القيم – رحمه الله تعالى – في زاد المعاد فقد صرح أن وضع اليدين بين السجدتين كوضعهما في التشهدين.
    ثم يقال: إنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وضع يده اليمنى على فخذه مبسوطة.
    أما اليسرى فالسنة في هذا صريحة أنها تبسط على الفخذ أو تلقم الركبة، كل ذلك جائز، وهم صفتان.
    لكن يبقى النظر، متى يشير بإصبع اليمنى.
    والجواب: الذي بلغني من السنة أنه يشار بها عند الدعاء، فيحركها الإنسان إلى فوق كلما دعا، والمناسبة في ذلك أن الدعاء موجه إلى الله عز وجل؛ والإشارة إلى العلو إشارة إلى الله عز وجل، هذا ما تبين لي في هذه المسألة، والله أعلم.

    530 وسئل فضيلة الشيخ: عن دليل مشروعية قبض أصابع اليد اليمنى والإشارة بالسبابة بين السجدتين؟
    فأجاب فضيلته بقوله: دليل ذلك عموم حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – فإن في بعض ألفاظه: "إذا قعد في الصلاة أو قعد يدعو"(1)، وكذلك حديث وائل بن حجر الذي رواه الإمام أحمد في مسنده(2)، وجوده صاحب الفتح الرباني قال: إسناده جيد، وكذلك نقول، إذا قلنا لا يقبض بين السجدتين فماذا يصنع باليمنى؟ فإن بسطها فما الدليل؟ لأن البسط ورد في اليسرى، واليمنى ما فيها إلا عموم حديث ابن عمر، وهذا الحديث بخصوصه حديث وائل بن حجر فيؤخذ به، وهذا الحديث وإن كان بعض أهل العلم ضعفه، فيؤخذ به لقوته بشاهد، وهو عموم حديث ابن عمر رضي الله عنهما في بعض ألفاظه.


    رسالة
    بسم الله الرحمن الرحيم

    من محمد الصالح العثيمين إلى أخيه الشيخ المكرم الفاضل: .... حفظه الله تعالى.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    وبعد: فإليكم إيضاح ما حصل فيه الإشكال في كيفية وضع اليد اليمنى بين السجدتين، فقد دلت السنة على أن وضعها بين السجدتين كوضعها في التشهدين، وأن المصلي يرفع أصبعه يدعو بها، ففي صحيح مسلم 1/408-409(1) عن عبد الله بن عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – قال: "كان (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى". وفي رواية له: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها، ويده اليسرى على ركبته اليسرى باسطها عليها"، فقوله: "إذا قعد في الصلاة" عام أو مطلق يتناول كل قعود حتى ما بين السجدتين، ويدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد في المسند 4/317 من حديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر – فذكر الحديث وفيه – فسجد فوضع يديه حذو أذنيه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى، وقبض سائر أصابعه، ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه (وفي رواية) عقـد ثلاثين وحلـق واحـدة، وأشـار بإصبعه السبابة". قال في الفتح الرباني 3/147: وسنده جيد. وقال الأرناؤوطان في التعليق على زاد المعاد 1/238: وسنده صحيح. وقد رواه بنحوه أبو داود 1/219 والنسائي 3/30.
    وأما ما ورد في بعض ألفاظ حديث ابن عمر في صحيح مسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثاً وخمسين وأشار بالسبابة"(2) فإن ذلك لا يقتضي تقييد المطلق؛ لأن ذكر بعض أفراد المطلق بحكم يوافق حكم المطلق غير مقتض للتقييد عند جمهور الأصوليين وهو الحق.
    وأما ما ادعاه بعضهم من أن حديث وائل بن حجر شاذ، فغير صحيح؛ لأن الشاذ عند أهل العلم بالحديث ما خالف فيه الثقة من هو أرجح منه، وأين المخالفة في حديث وائل؟! فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يبسط يده اليمنى على فخذه اليمنى بين السجدتين، فيكون مؤيداً لحديث وائل وشاهداً له.
    ولهذا ذهب ابن القيم – رحمه الله – إلى أن ما بين السجدتين كالتشهدين في وضع اليد اليمنى. (زاد المعاد 1/238- تحقيق الأرناؤوطين).
    وفي قول ابن عمر – رضي الله عنهما -: "ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها" دليل على أن السبابة ترفع عند الدعاء، وهو يؤيد حديث وائل بن حجر في المسند 4/318 "فرأيته يحركها يدعو بها". وعلى هذا يشرع تحريكها عند كل جملة دعائية إشارة على علو من يدعوه وهو الله تعالى، وهذا التحريك أمر زائد على مطلق الإشارة التي جاءت في حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – فإن هذه الإشارة تكون في جميع الجلوس لا حال الدعاء فقط، فيرفعها كأنه يشير إلى شيء، لكن تكون محنية شيئاً يسيراً كما في سنن النسائي 3/32(3).
    هذا وأرجو أن يكون فيما كتبته إيضاح للإشكال. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حرر في 2/8/1411هـ.

    رسالة


    بسم الله الرحمن الرحيم

    من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم... حفظه الله

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    كتابكم الكريم وصل وسرنا صحتكم، والحمد لله على ذلك، تهنئتكم بعيد الفطر لكم منا مثلها ونسأل الله أن يتقبل من الجميع.

    تذكرون أنكم تصفحتم (رسالة في الوضوء، والغسل، والصلاة) وأنه لفت نظركم كيفية وضع اليد اليمنى بين السجدتين.

    فيا محب إن الذي في الرسالة هو مقتضى ما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم(1) ص408 تحقيق محمد فؤاد من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: "كان (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها، وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى". وفي رواية: "وضع يديه على ركبتيه ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها، ويده اليسرى على ركبته اليسرى باسطها عليها"، وظاهرة أن رفعها للدعاء بها، وهو رفع فوق مطلق الإشارة التي جاءت في الرواية الأولى، وفي حديث ابن الزبير(2)، وعلى هذا فتكون السبابة مرفوعة رفع إشارة، فإذا ذكر الجملة الدعائية رفعها زيادة، إشارة إلى علو من دعاه وهو الله تعالى، ويؤيد ذلك حديث وائل بن حجر(3)، "ثم رفع إصبعه، فرأيته يحركها يدعو بها"، وفي حديث ابن الزبير عند الدارمي: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو هكذا في الصلاة وأشار ابن عيينة بإصبعه". رواه الدارمي(4).

    ولم يرد التفريق بين جلوس التشهد، والجلوس بين السجدتين فيما أعلم، ويدل على أنه لا فرق بين الجلستين ما رواه الإمام أحمد في المسند ص317 ج4 من حديث وائل بن حجر قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر" فذكر الحديث، وفيه: "وسجد فوضع يديه حذو أذنيه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع ذارعه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم أشار بسبابته، ووضع الإبهام على الوسطى، وقبض سائر أصابعه، ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه". وفي رواية: "عقد ثلاثين، وحلق واحدة، وأشار بإصبعه السبابة" وذكر الحديث في الفتح الرباني ترتيب المسند ص147 ج3 وقال: سنده جيد. وقد رواه بنحوه أبو داود(5) وقال فيه: "وقبض اثنتين وحلق حلقة" يعني حلق الإبهام مع الوسطى، وبهذا تبين أن لا فرق بين جلستي التشهد والجلوس بين السجدتين، فأما تقييد الجلوس في بعض روايات حديث ابن عمر بالجلوس للتشهد، فلا ينافي الإطلاق لأن ذكر بعض أفراد المطلق بحكم يطابق حكم المطلق لا يستلزم تقييده، وإن كان قد يقتضيه إذا لم يقم دليل على الإطلاق.



    531 وسئل فضيلة الشيخ عن حكم تحريك الإصبع وضم أصابع اليد اليمنى بين السجدتين؟

    فأجاب فضيلته بقوله: حكم تحريك الإصبع وضم أصابع اليد بين السجدتين كحكمه في التشهد لما روى مسلم ص408 ج1(6) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي في باب صفة الجلوس في الصلاة، وكيفية وضع اليدين على الفخذين عن عبد الله بن الزبير عن أبيه(1) قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قعد يدعو"، وفي رواية: "إذا قعد في الصلاة وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بإصبعه السبابة، ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى، ويلقم كفه اليسرى ركبته". وروي في نفس الصفحة عن ابن عمر – رضي الله عنهما – "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها، ويده اليسرى على ركبته اليسرى باسطها عليها". ففي حديث الزبير: "إذا قعد يدعو" والقعود بين السجدتين قعود دعاء، وفي حديث ابن عمر "إذا جلس في الصلاة" وهو عام في جميع الجلسات، فيشمل ما بين السجدتين لاسيما وأنه قال: "ورفع إصبعه اليمنى فدعا بها" ويؤيد العموم ما رواه الإمام أحمـد في المسند ص317 ج4 عن وائل بن حجر – رضي الله عنه(2) – قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر" فذكر الحديث وفيه: "وسجد فوضع يديه حذو أذنيه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ثم أشار بسبابته، ووضع الإبهام على الوسطى، وقبض سائر أصابعه ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه". وفي رواية في الصفحة التي تليها: "فحلق حلقة، ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها". قال في الفتح الرباني ص147 ج3 سنده جيد. وفي حديث ابن عمر ووائل دليل على أن تحريك الإصبع يكون عند الدعاء فقط وليس كما فهمه بعض الناس، من كونه يحرك دائماً كالعابث بها، فالإشارة بالإصبع وهي رفعه تكون في كل الجلسة، وأما التحريك فلا يكون إلا حال الدعاء. تقول: "رب اغفر لي". فتحرك. "وارحمني"، فتحرك، وتقول: "السلام عليكم أيها النبي"، فتحرك، "السلام علينا"، فتحرك، "اللهم صل على محمد"، فتحرك، وهكذا.



    532 سئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى-: ما حكم الإشارة بالسبابة بين السجدتين؟ وما جواب فضيلتكم لمن زعم أن حديث وائل ابن حجر شاذ؟

    فأجاب فضيلته بقوله: الإشارة بالسبابة بين السجدتين عند الدعاء مشروع وسنة، وذلك لعموم حديث ابن عمر الثابت في صحيح مسلم(3) في بعض ألفاظه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قعد يدعو حلق بإبهامه والوسطى" وذكر بقية الحديث؛ ولأن في مسند الإمام أحمد(4) من حديث وائل بن حجر "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك بين السجدتين ويشير بها ويحركها"، وهذا الحديث ذكر صاحب الفتح الرباني بأن إسناده جيد، وذكر المعلق على زاد المعاد أن إسناده صحيح(5)، وابن القيم – رحمه الله – ذكره في زاد المعاد جازماً به، وذكر أنه يشرع للمصلي بين السجدتين أن يحلق إبهامه مع الوسطى، ويرفع السبابة ويشير بها عند الدعاء.

    ونقول لمن زعم أن هذا الحديث شاذ: آت بالدليل الذي يثبت شذوذ ذلك؟ أين الدليل على أن اليد اليمنى تبسط على الفخذ؟

    لا يوجد دليل على ذلك، فإذا لم يكن دليل، وكان لدينا دليل عام، أو دليل خاص بأنها تضم أصابعها كما في التشهد فأين الشذوذ؟

    ولو قال قائل: إن عقد الأصابع أمر زائد عن طبيعة الوضع فيحتاج إلى دليل، ولو كان هذا ثابتاً لذكره الصحابة، ولا حاجة لذكر البسط لأنه الأصل.

    قلنا: هذا ليس بصحيح، فالصحابة ذكروا أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يبسط يده اليسرى على فخذه اليسرى، فلما ذكروا البسط في اليسرى، علم أن ذكر البسط لابد منه، ولو كانت اليد اليمنى تبسط لكان ذكر بسطها في السنة ظاهراً كما كان ذكر بسط اليد اليسرى ظاهراً، والله أعلم.



    533 سئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى-: ما حكم رفع السبابة بين السجدتين؟

    فأجاب فضيلته بقوله: نقول: إن رفع السبابة بين السجدتين مستحب وهو السنة، ودليل ذلك حديث ابن عمر – رضي الله عنهما(1) – في بعض ألفاظه حيث قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة" وذكر قبض الخنصر والبنصر والوسطى والإبهام، ورفع السبابة. وهذا عام، وأما ذكر التشهد في بعض ألفاظ الحديث فهذا لا يقتضي التخصيص؛ لأن في علم الأصول قاعدة مهمة وهي: "أن ذكر بعض أفراد العام بحكم لا يخالف العام لا يقتضي التخصيص، وإنما يقتضي التنصيص على هذا الفرد من إفراد العام فهو مقتض للتنصيص لا للتخصيص". هكذا حديث ابن عمر رضي الله عنهما إذا قعد يدعو في الصلاة فعل كذا وكذا لا يقتضي قوله "إذا قعد في التشهد" أن يكون مخصصاً لهذا العموم؛ لأنه ذكر هذا الخاص بحكم يوافق العام، ويؤيد ذلك حديث وائل بن حجر عند الإمام أحمد رحمه الله(2) وهو نص صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم سد ثم جلس وذكر قبض الأصابع قال ثم سجد. وقد قال مرتب المسند الساعاتي قال: إن سنده جيد. وقال المعلق على زاد المعاد: إن سنده صحيح، وابن القيم – رحمه الله – مشى على ذلك في زاد المعاد، وذكر أنه بين السجدتين يقبض كما يقبض في التشهد.

    ثم نقول ثالثاً: لم يرد في السنة أن اليد اليمنى تبسط على الفخذ أبداً، ومن وجد في السنة أن اليد اليمنى تبسط على الفخذ بين السجدتين فليسعفنا به؛ لأننا نعتقد الآن أنه ليس في السنة ما يدل على أن اليد اليمنى تبسط على الفخذ اليمنى، لا في التشهد، ولا بين السجدتين، وإذا لم يكن هناك دليل على أنها تبسط بقيت على الحالة الموصوفة وهي أنها تقبض. والله أعلم.



    534 وسئل فضيلة الشيخ: هل هناك أدلة شرعية على تحريك الإصبع في الجلسة بين السجدتين؟

    فأجاب بقوله: نعم، هناك أدلة شرعية، كل الأدلة التي أثبت بها من اثبت تحريك الأصابع في التشهد فإنه يدخل فيها الجلوس بين السجدتين، فحديث عبد الله بن الزبير، وحديث عبد الله بن عمر(3) في إثبات الإشارة يقول: "إذا قعد يدعو أشار بإصبعه" هذا لفظ حديث عبد الله بن الزبير. ومعلوم أننا لو سألناكم جميعاً ما هي القعدة التي فيها الدعاء، هل هي التشهد أو الجلوس بين السجدتين أو التشهد وحده أو هما جميعاً؟ والجواب: هما جميعاً. كل الجلستين محل للدعاء، بل إن الجلسة بين السجدتين ليس فيها إلا دعاء، بينما الجلوس في التشهد فيه تشهد ودعاء. فعلى هذا يكون دخول الجلسة بين السجدتين دخولاً أولياً في الإشارة بالإصبع وقبض الخنصر والبنصر، والتحليق بالإبهام مع الوسطى.

    ثم إنه قد روى الإمام أحمد(4) من حديث وائل بن حجر حديثاً صريحاً في ذلك حيث ذكر صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وذكر أنه يسجد، ثم يقعد ويقبض الخنصر والبنصر، ويحلق بالإبهام والوسطى، ويشير بسبابته، ثم يسجد ثم يصنع في صلاته كذلك ما بقي. وهذا الحديث قال صاحب الفتح الرباني في ترتيب المسند إن إسناده جيد، وذكر الأرناؤوط الذي علق على زاد المعاد: أن سنده صحيح(1). وابن القيم ذكر ذلك أيضاً في زاد المعاد. وعلى هذا فالذي ينبغي للإنسان أن يصنع في الجلسة بين السجدتين كما يصنع في التشهد. والفقهاء فرقوا بينهما فقالوا: إذا جلس بين السجدتين فإنه يبسط أصابع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأما في التشهد فإنه يقبض الخنصر والبنصر، ويحلق الإبهام مع الوسطى، ويشير بالسبابة. لكن مقتضى السنة هو ما ذكرنا من قبل.

    فإن قيل: هل يحرك في جلسة الاستراحة؟ قلنا: لا يحركها لأن جلسة الاستراحة ليس فيها دعاء، والحديث يقول: "إذا قعد في الصلاة حرك إصبعه يدعو بها".

    وعلى هذا فالتحريك في الدعاء فقط، أما تحريكها كما يفعل بعض الناس الذين يحركون دائماً كأنهم يلعبون بأصابعهم، فهذا ليس من السنة، إنما يحرك الإنسان إصبعه يدعو به، كلما قال مثلاً: "رب اغفر لي"، رفعه، "وارحمني"، رفعه، لأنه يدعو من في السماء تبارك وتعالى، فيشير، أما تحريكها سواء يحركها بتدوير أو بغير تدوير دائماً فهذا من العبث الذي تنزه الصلاة عنه.



    535 سئل فضيلة الشيخ: نرى بعض الإخوان يرفع إصبعه أثناء التشهد، أو في الجلسة بين السجدتين، فهل لهذا أصل؟ وكذلك هل يرفع الإصبع عند النطق بالشهادة؟

    فأجاب فضيلته بقوله: قلنا من قبل إنه يقبض الخنصر والبنصر والإبهام والوسطى، أو يحلق الإبهام مع الوسطى، وتبقى السبابة مفتوحة، لكنها عند الدعاء تحرك.

    أما التشهد فقد ذكر الفقهاء أنه يشير بها أيضاً عند التشهد لكن قيل: إن الأحاديث الواردة في هذا ضعيفة، فالله أعلم لا أعلم عنها الآن.



    رسالة



    بسم الله الرحمن الرحيم



    "بحث حول كيفية وضع اليد اليمنى على الفخذ بين السجدتين"



    حديث وائل بن حجر الذي أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/317 من طريق عبد الرزاق صريح في ذلك، وسياقه: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر – يعني استفتح الصلاة – ورفع يديه حين كبر ورفع يديه حين قال: سمع الله لمن حمده، وسجد فوضع يديه حذو أذنيه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى، وقبض سائر أصابعه، ثم سجد فكانت يداه حذاء أذنيه".

    وأخرجه من حديث عبد الصمد قال: حدثنا زائدة قال: حدثنا عاصم بن كليب، ثم تم السند إلى وائل أنه قال: "لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، قال: فنظرت إليه قام فكبر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ، والساعد، ثم قال لما أراد أن يركع رفع يديه مثلها، ووضع يديه على ركبتيه، ثم رفع رأسه فرفع يديه مثلها، ثم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه ثم قعد فافترش رجله اليسرى فوضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض بين أصابعه لحلق حلقة، ثم رفع إصبعه، فرأيته يحركها يدعو بها".

    وهذا صريح في أن هذه القعدة هي القعدة التي بين السجدتين؛ لأنه قال: "ثم رفع رأسه فرفع يديه مثلها ثم سجد... ثم قعد فافترش رجله اليسرى..." إلخ. وهل هذه القعدة إلا قعدة ما بين السجدتين؟!

    وأخرجه أيضاً من حديث أسود بن عامر قال: حدثنا زهير بن معاوية عن عاصم بن كليب به، ولفظه أن وائل بن حجر قال: "قلت لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي"، وذكر الحديث، وفيه قال بعد ذكر الرفع من الركوع، "ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم قعد فافترش رجله اليسرى ووضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى فخذه – في صفة عاصم – ثم وضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثلاثاً، وحلق حلقة، ثم رأيته يقول هكذا" وأشار زهير بسبابته الأولى وقبض إصبعين، وحلق الإبهام على السبابة الثانية.

    وظاهر هذا اللفظ أو صريحه كسابقيه في أن القبض والإشارة بين السجدتين كما في التشهدين.

    وعلى هذا فلا يصح توهيم عبد الرزاق بذكر السجود بعد هذه القعدة؛ لأن ذكره زيادة لا تنافي ما رواه غير بل توافقه كما علم.

    ولم أعلم من السنة حديثاً واحداً فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبسط يده اليمنى حين يجلس بين السجدتين، ولا وجدت ذلك عن الصحابة.

    وما رواه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثاً وخمسين وأشار بالسبابة"(1) فإنه لا ينافي حديث وائل، ولا يبطله لاختلاف الموضعين على أن حديث ابن عمر رضي الله عنهما قد رواه مسلم بلفظ الإطلاق: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها، ويده اليسرى على ركبته اليسرى باسطها عليها"(1) وفي لفظ آخر: "وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها، وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى"(2).

    فقد روى مسلم هذا الحديث بثلاثة ألفاظ: اثنان مطلقان والثالث مقيد بالتشهد، ولا منافاة أيضاً لدخول المقيد في المطلق، ولم يرد في السنة التفريق بين الجلوس بين السجدتين والتشهدين.

    وقد قال البنا في ترتيب مسند الإمام أحمد 3/149 عن حديث وائل بن حجر: سنده جيد. وقال الأرناؤوط في حاشية زاد المعاد 1/238: سنده صحيح.

    وكلام ابن القيم – رحمه الله – لا غبار عليه في ذلك، والنسبة إليه صحيحة وهذا نص عبارته قال 1/322: ثم كان يكبر ويخر ساجداً ولا يرفع يديه، وساق كلاماً كثيراً ثم قال 1/338 فصل: ثم كان صلى الله عليه وسلم يرفع رأسه مكبراً غير رافع يديه، ويرفع من السجود رأسه قبل يديه، ثم يجلس مفترشاً، يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى. وذكر النسائي عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: "من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة والجلوس على اليسرى"(3) ولم يحفظ عنه في هذا الموضع جلسة غير هذه. وكان يضع يديه على فخذيه يجعل مرفقه على فخذه، وطرف يده على ركبته ويقبض ثنتين من أصابعه، ويحلق حلقة، ثم يرفع إصبعه يدعو بها ويحركها، هكذا قال وائل بن حجر عنه. إلى أن قال 339: ثم كان يقول (بين السجدتين) رب اغفر لي... إلخ وكان هديه إطالة هذا الركن بقدر السجود، وهكذا الثابت عنه في جميع الأحاديث انتهى المقصود منه.

    والمقوس عليه بين السجدتين هو هكذا في الأصل وهو محذوف في نسخ أخرى.

    وهذا صريح في إثباته القبض والتحريك بين السجدتين فإن قوله: "وكان يضع يديه على فخذيه" إلخ. إما أن يكون حاكماً به مستدلاً عليه بحديث وائل كما هو الظاهر من عبارته هنا وفي كثير من عباراته كما قال هنا: ثم كان يقول بين السجدتين رب اغفر لي إلخ. هكذا ذكره ابن عباس – رضي الله عنهما(4) -، وذكر حذيفة(5) أنه كان يقول: رب اغفر لي رب اغفر لي.

    وإما أن يكون حاكياً له عن وائل مخبراً به عنه.

    فإن كان حاكماً به مستدلاً عليه بقول وائل فنسبة القول به إليه واضحة.

    وإن كان حاكياً مخبراً فمن البعيد أن يجزم به عن وائل، ثم يكون المراد به أن يتعقبه لأنه – أي وائلاً – صحابي عدل مقبول الخبر فلا يمكن أن يجزم ابن القيم بما قاله بقصد تعقبه، وإنما يريد ابن القيم بقوله هذا: دفع حديث أبي داود عن عبد الله بن الزبير – رضي الله عنهما – "أنه كان يشير بإصبعه إذا دعا ولا يحركها"(6) حيث قال: فهذه الزيادة في صحتها نظر، ثم قال بعد ذلك: وأيضاً فليس في حديث أبي داود أن هذا كان في الصلاة، وأيضاً لو كان في الصلاة لكان نافياً، وحديث وائل مثبتاً وهو مقدم وهو حديث صحيح ذكره أبو حاتم في صحيحه(7). انتهى.

    536 وسئل فضيلة الشيخ – أعلى الله درجته في المهديين-: عن الحكمة من تحريك الإصبع في الصلاة، وكيفية التحريك، وما صحة استدلال بعض العلماء بحديث عائشة – رضي الله عنها – في صحيح مسلم: "عندما أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه، قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه"(1) على تحريك الإصبع يميناً وشمالاً، وعن تضعيف بعض أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يشير بإصبعه إذا دعا، لا يحركها"(2)، وما معنى حديث: "لهي أشد على الشيطان من الحديد – يعني السبابة-"(3) وما حكم الدعاء في السجود وإذا كان طول السجود يتعب المصلي؟ أفتونا وفقكم الله وجزاكم خيراً؟

    فأجاب فضيلته بقوله: تحريك الإصبع في الصلاة من أسفل إلى أعلى إشارة إلى علو من يدعوه وهو الله تعالى، وأما الحديث الذي ذكرت فلا يدل على ما ذهب إليه بعضهم من التحريك يميناً وشمالاً في الصلاة بل ربما يدل على عكس ذلك لأننا نهينا أن نتشبه بالبهائم.

    وأما تضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحركها فيحتاج إلى مراجعة سبب الضعف الذي وصفه به من ضعفه.

    وأما كون الإشارة بها أشد على الشيطان من الحديد، فالظاهر والله أعلم أن معناه أشد من الطعن بالحديد.

    وأما الدعاء في السجود: فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الرجوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم"(4).

    وثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"(5).

    وعلى هذا فإن الساجد أقرب ما يكون إلى ربه، واقرب ما يكون من الإجابة وأحرى ما يكون بها، فينبغي بعد أن يسبح التسبيح الواجب والمستحب أن يكثر من الدعاء بما شاء من أمور الدنيا والآخرة، ومن أجمع الدعاء وأفضله أن يقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار).

    والأفضل أن يطيل المرء الدعاء في صلاة الليل، كما ينبغي أن تكون الصلاة متجانسة متفقة، إذا أطال فيها الركوع أطال القيام بعد الركوع، وأطال السجود، وأطال الجلسة بين السجدتين لقول البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال: "كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده، وإذا رفع رأسه من الركوع وبين السجدتين قريباً من السواء"(6). فهذا هو الأفضل الذي ينبغي.

    أما إذا كان الأمر يتعبك فإنك تدعو الله بما تستطيع ولا تكلف نفسك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالعمل بما نطيق فقال: "عليكم بالعمل بما تطيقون"(7) ونهى أن يكلف الإنسان نفسه ويتعبها بالعمل، فإن النفس إذا تعبت كلت وملت، وأما إذا يسر الإنسان على نفسه وأعطاها من العمل ما تقدر عليه فإنه ينصرف منه وهو أشد ما يكون فيه حباً وأسلم عاقبة. والله أعلم.



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) رواه مسلم في المساجد باب 21- صفة الجلوس في الصلاة 1/408 ح114 (580).

    (2) الموضع السابق ح115.

    (3) يأتي ص196.

    (4) الفتح الرباني 3/147.

    (5) زاد المعاد 1/231.

    (6) انظر ص195.

    (7) رواه ابن خزيمة في الصلاة باب وضع اليدين على الركبتين في التشهد وتحريك السبابة عند الإشارة بها 1/714 وصحح الألباني إسناده في تعليقه على ابن خزيمة، وابن حبان 5/170 (1860) "الإحسان".

    (8) الفتح الرباني 4/14.

    (9) زاد المعاد 1/231 أو 1/238.

    (1) رواه مسلم في المساجد باب 21- صفة الجلوس في الصلاة 1/408 ح114 و 115 (580).

    (2) المسند 4/318.

    (1) رواه مسلم وتقدم في ص194.

    (2) رواه مسلم وتقدم في ص194.

    (3) سنن النسائي في الافتتاح باب موضع اليمين من الشمال في الصــلاة 2/463 ح(888). وفي السهو باب: موضــــع المرفقين 3/42 (1264).

    (1) في المساجد باب 21- صفة الجلوس في الصلاة 1/408 ح114 و 115 (580).

    (2) رواه مسلم في الموضع السابق ح112 (579).

    (3) تقدم تخريجه ص196.

    (4) في الصلاة/ باب صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    (5) في الصلاة/ باب رفع اليدين في الصلاة (726).

    (6) في المساجد عن ابن عمر ح114 و 115 (580).

    (1) رواه مسلم أيضاً ح112 و 113 (579).

    (2) تقدم تخريجه ص196.

    (3) رواه مسلم في المساجد ح114 و 115 (580).

    (4) المسند 4/317 وتقدم تخريجه ص196.

    (5) الفتح الرباني 4/14، وزاد المعاد 1/231.

    (1) رواه مسلم في المساجد ح114 و 115 (580) وتقدم ص194.

    (2) المسند 4/ 317 ورواه غيره أيضاً راجع ص196.

    (3) رواهما مسلم في المساجد باب 21- صفة الجلوس في الصلاة وحديث ابن الزبير برقم 112 و 113 (579) وحديث ابن عمر 114 و 115 و 116 (580).

    (4) المسند 4/317 وتقدم ص196.

    (1) راجع زاد المعاد 1/231.

    (1) رواه مسلم في المساجد باب 21 – صفة الجلوس في الصلاة... 1/408 ح115 (580).

    (1) المرجع السابق ح114 (580).

    (2) المرجع السابق ح116 (580).

    (3) رواه النسائي في التطبيق باب الاستقبال بأطراف أصابع القدم القبلة (1157)، والحديث عند البخاري بالمعنى في الأذان باب سنة الجلوس في التشهد (827).

    (4) روى حديث ابن عباس وفيه: "رب اغفر لي وارحمني وعافني..." أبو داود في الصلاة باب الدعاء بين السجدتين (850) ورواه الترمذي في الصلاة باب ما يقول بين السجدتين (284)، ورواه ابن ماجة في إقامة الصلاة باب ما يقول بين السجدتين (898).

    (5) رواه أبو داود في الصلاة باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده (874)، ورواه النسائي في التطبيق (الصلاة) باب الدعاء بين السجدتين (1144)، ورواه ابن ماجة في إقامة الصلاة باب ما يقول بين السجدتين (897).

    (6) رواه أبو داود في الصلاة باب الإشارة في التشهد ح(989).

    (7) الإحسان 5/170 (1860).

    (1) رواه مسلم في فضائل الصحابة باب 34- فضائل حسان 4/1935 ح157 (2490)، رواه في أثناء حديث.

    (2) تقدم تخريجه ص211.

    (3) رواه أحمد 2/119.

    (4) رواه مسلم في الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود (482).

    (5) رواه مسلم في الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود (479).

    (6) تقدم تخريجه ص162.

    (7) رواه البخاري في الإيمان (43) ومسلم في صلاة المسافرين (782).

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •