تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

  1. #1

    افتراضي عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

    بسم الله الرحمن الرحيم
    انتبه في الفترة الأخيرة أحد الباحثين المشتغلين بنقد السنة النبوية وهو الأستاذ أبو البراء علي بن رضا المدني وفقه الله إلى دقة مسألة التفرد بالحديث والحكم عليه وأن الأمر يدور عند أئمة النقد رحمهم الله على إعمال القرائن المحتفة بهذا التفرد خلافا لما شاع عند أكثر المتأخرين والمعاصرين
    وقد كتب وفقه الله مبحثا مهما في هذه المسألة أحببت أن أنقل بعض المقاطع منه
    عسى أن يفيق بعض المقلدة الغلاة ويرعووا عن لمز إخوانهم بالمليبارية!!
    فهذا الباحث بذل جهده فيما يبدو ونشد الحق فوفقه الله إليه
    وفهم منهج النقاد في هذه المسألة العويصة
    واتفق في النتيجة مع الباحثين الذين صُنفوا ظلما وعدوانا في خانة أعداء السنة والهدامين لعلوم الحديث !!!
    كالدكتور إبراهيم اللاحم في بحثه تفرد الثقة بالحديث، والدكتور طارق عوض الله في كتابه شرح لغة المحدث، والدكتور خالد الدريس في مبحث تفرد الصدوق بين القبول والتوقف،والدكتو ر بشير عمر في كتابه منهج الإمام أحمد في علال الأحاديث...
    فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

    والآن مع مقاطع من كلامه وفقه الله لمرضاته:

  2. #2

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

    1-فقد منَّ الله تعالى علَّي بعد قراءة المباحث التي كتبت حول هذا الموضوع الشائك من كتب الأئمة الكبار؛ ولعل من أبرزها كتاب الحافظ ابن رجب : " شرح العلل " , وكذا ما سطره الذهبي في : " الموقظة " , " والميزان " له , و " سير أعلام النبلاء " له , و " تلخيص المستدرك " له كذلك , وكذا كتاب : " الأنوار الكاشفة " للمعلمي اليماني , و: " التنكيل " له أيضاً , و :"الفروسية " لابن القيم , و : " مختصر تهذيب أبي داود " له أيضاً , و : " العلل " لابن أبي حاتم , و : " أحوال الرجال " للجوزجاني , و : " العلل الكبير " للترمذي , و" علوم الحديث " لابن الصلاح , و : " النكت " لابن حجر , و"مقدمة صحيح مسلم " لمسلم , و : " التمييز " له أيضاً
    أقول
    ظهر لي بعد القراءة المتفحصة قرابة نصف عام في هذه المراجع ؛ ظهر لي وتبين بحمد الله تعالى أن مسألة " التفرد " و " زيادة الثقة " من أصعب وأدق وأعمق علوم الحديث ؛ كما أنه من أكثر ما اختلفت فيه الأنظار ؛ فهو بحق من أصعب ما يواجه طالب هذا العلم الشريف .

  3. #3

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

    2-تفرد الصدوق ومن دونه منكر بضوابط :
    فالحق والحق أقول : إني إنما اتبعت في مسألة تفرد" الصدوق " الحافظ الذهبي - رحمه الله تعالى وإيانا -الذي يعد - بحق – الإمام ذا المعرفة والاستقراء التامين في علم الرجال والحديث ؛ فإنه هو الذي قرر في كثير من كلامه أن تفرد الصدوق بالحديث دون أن يتابعه عليه أحد ؛ يجعل الحديث منكراً ..

    قال جزاه الله تعالى عن الحديث والقرآن خير الجزاء
    في " الميزان " 3 / 140 – 141 :
    " إن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحاً غريباً .
    وإن تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكراً " .

    ولننظر إلى ما قاله الذهبي في " الموقظة " ص 77 :
    " فهؤلاء الحُفَّاظُ الثقات ، إذا انفرد الرجلُ منهم من التابعين ، فحديثهُ صحيح . وإن كان من الأتباعِ قيل : صحيح غريب . وإن كان منأصحاب الأتباع قيل : غريبُ فَرْد .
    ويَنْدُرُ تفرُّدهم ، فتجدُ الإمامَ منهم عندهَ مِئتا ألف حديث ، لايكادُ ينفرد بحديثينِ ثلاثة .
    ومن كان بعدَهم فأين ما يَنفرِدُ به ، ماعلمتهُ ، وقد يوُجَد .
    ثم نَنْتَقِلُ إلى اليَقِظ الثقةِ المتوسِطِ المعرفةِ والطلب ، فهو الذي يُطلَقُ عليه أنه ثقة ، وهم جُمهورُ رجالِ " الصحيحين" فتابِعِيُّهم ، إذا انفَرَد بالمَتْن خُرَّج حديثهُ ذلك في " الصحاح "
    وقديَتوقَّفُ كثيرُ من النُّقاَّد في إطلاق " الغرابة " مع " الصحة" ،
    في حديثِ أتباعِ الثقات . وقد يُوجَدُ بعضُ ذلك في " الصحاح " دون بعض .
    وقد يُسمِّي جماعةٌ من الحفاظ الحديثَ الذي ينفرد به مثلُ هُشَيْم ، وحفصِ بنِ غِياثٍ : منكراً ؛ فإن كان المنفرد من طبقة مشيخة الأئمة ، أطلقوا النكارةَ على ما انفرد مثلُ عثمان بن أبي شيبة ، وأبي سَلَمة التَّبُوْذَكِي ، وقالوا : هذامنكر.
    فإن رَوَى أحاديثَ من الأفراد المنكرة ، غَمَزُوه وليَّنوا حديثَه ، وتوقفوا في توثيقه ، فإن رَجَع عنها وامَتَنع من روايتها ، وجَوَّز على نفسِه الوَهَمَ ،فهو خيرُ له وأرجَحُ لعدالته ، وليس من حَدِّ الثقةِ : أنَّهُ لايَغلَطُ ولا يُخطِيء ،فمن الذي يَسلمُ من ذلك غيرُ المعصومِ الذي لا يُقَرُّ على خطأ " .


    3-التفرد عند حفاظ الحديث :
    والحق أن المسألة ليست بالسهولة التي ذكرها ابن حجر ؛ فإن تفرد الثقة كان مما يعد منكراً عند كثير من الأئمة ؛ فكيف بتفرد الصدوق !

  4. #4

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق


    4-الحافظ ابن عمار يعل أحاديث في مسلم بالتفرد :
    وهذا ابن عمار الشهيد الحافظ المعروف أعل بالتفرد عدداً من أحاديث " صحيح مسلم " والمتفردون من ثقات " ابن حجر " والألباني !!

    5-حديث موضوع عند جماعة من الحفاظ صححه ابن حجر :
    وماذا سيقول شيخنا الألباني عن حديث تفرد به إسماعيل بن عياش – وعن أهل بلده - وهو موضوع بلا ريب ؛ والحمل فيه عليه عند الحفاظ !
    إنه حديث : " إسماعيل بن عياش، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد، عن عمر بن الخطاب مرفوعاً : " يكون في هذه الأمة رجل يقال له الوليد هو أشد على هذه من فرعون " !
    فهذا من مفاريد إسماعيل بن عياش : منكر جداً ؛ بل أقر الذهبي ابن حبان على قوله : " وهذا باطل " .
    " الميزان " 1 / 244 .
    مع أن الذهبي بين أن سنده نظيف في " السير " 7 / 326 ورد على ابن حبان حكمه بالبطلان !!
    وقد رواه ابن حبان في " المجروحين " 1 / 125 وقال :
    " هذا خبر باطل ، ما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا ، ولا عمر رواه ، ولا سعيد حدَّث به ، ولا الزهري رواه ، ولا هو من حديث الأوزاعي بهذا الإسناد ".
    ورواه ابن الجوزي في " الموضوعات " 2 / 46 من طريق أحمد في" المسند " 1 / 265 ، ونقل كلام ابن حبان فيه ، وقال : فلعل هذا قد أدخل على إسماعيل بن عياش في كبره ، وقد رواه وهو مختلط ، قال أحمد بن حنبل : كان إسماعيل بن عياش يروي عن كل ضرب .
    وقد حكم العراقي على تسعة أحاديث في " المسند " أنها موضوعة ، وهذا أولها .
    انظر " القول المسدد " 4 , 5 و12 , 17.

    الحافظ ابن حجر يدافع عن حديث موضوع :
    وقد دافع ابن حجر عن الحديث دفاعاً مستميتاً بكلام يُتعجب صدوره من مثله ممن يُقدر كلام الحفاظ المتقدمين عليه كابن حبان وابن الجوزي اللذين حكما على الحديث بالوضع ؛ بل وابن القيم الذي قال عن الحديث أنه كذب ! بل وحتى الحافظ العراقي الذي هو من مشايخ ابن حجر قد حكم على الحديث بالوضع .
    ولعلي أفرد – بإذن الله تعالى الكلام عليه في مقال مفرد ؛ لكني سأذكر مثالاً سريعاً على قول حافظ جزم بأن رواية ما موضوعة باطلة مع كون رجالها ثقات ؛
    بل وخيراً من ثقات إسناد حديث إسماعيل بن عياش بمراحل .
    مثال على حديث موضوع نظيف السند رجاله ثقات :
    قال ابن معين عن حديث : عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمرة، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه مسح على الجبائر : " باطل ، ما حدث به معمر قط ، عليَّ بدنة مقلدة مجللة إن كان معمر حدث بهذا ! هذا باطل ! ولو حدث بهذا عبد الرزاق كان حلال الدم!! من حدث بهذا عن عبد الرزاق ؟! قالوا له: فلان . فقال: لا والله! ما حدث به معمر، وعليّ حجة من هاهنا يعني: المسجد إلى مكة إن كان معمر حدث بهذا " !
    فانظر إلى هذا الجزم بالبطلان والوضع على الحديث الذي كل رجاله ثقات ؛ ثم قارن هذا بكلام ابن حبان الذي حكم ببطلانه بنفس طريقة ابن معين ؛ وبعد ذلك انظر إلى رد ابن حجر على ابن حبان !
    فهل نسي ابن حجر رحمه الله كلامه : " وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين وشدة فحصهم وقوة بحثهم وصحة نظرهم وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك والتسليم لهم فيه ." النكت على ابن الصلاح " 2 / 726
    وهل نسي قوله : " فإذا وجدنا حديثاً قد حكم إمام من الأئمة المرجوع إليهمبتعليله ؛ فالأولى اتباعه في ذلك كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صححه.وهذا حيث لم يختلفوا فإذا اختلفوا فلا بد من الترجيح " . " النكت " 1 / 114
    فنقول له : لماذا لم تتبع ابن حبان ولم يخالفه أحد أصلاً من الحفاظ المتقدمين ؟!


  5. #5

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

    6-الإمام أحمد وأحكامه بالنكارة :
    وهذا الإمام أحمد بن حنبل كم له من أحكام على أحاديث تفرد بها ثقات – وليسوا صدوقين وحسب – حكم هو بنكارتها !

    فتفرد الراوي الثقة البارز في الحفظ والإتقان مقبول عند الإمام أحمد ، وليس بمنكر ؛ لكن قد جاء عنه ما يدل على تركه لهذا الأصل في بعض المواضع، وذلك لاعتبارات وقرائن


    7-الاعتبار بالضعيف غير الواهي لا في الشواهد :
    والضعفاء عند الإمام أحمد يُحتاج إليهم في وقت الاعتبار ؛ فالرواية عنهم لها معنى بهذا الاعتبار !
    ولهذا لم يفهم هذا بعض طلابي الذين أدرسهم " شرح العلل " لابن رجب ؛ فقد ظنوا أن عبارة أحمد : " الحديث عن الضعفاء ؛ قد يُحتاج إليهم في وقت ،والمنكَر أبداً منكر".
    ظنوا – والظن أكذب الحديث – أن هذا معناه : لا يقال لتفرد الصدوق فمن دونه : منكر ؛ وإلا فكيف يُحتاج للضعفاء ما دامت أحاديثهم منكرة !؟
    فقلت لهم
    الفهم الصحيح لقول أحمد هو : أن ضعيف الحفظ ( صدوق يخطيء مثلاً ) إذا روى حديثاً فيه شبهة أو مظنة الخطأ ؛ فهذا الذي يُعتبر بحديثه ؛ فينظر هل وافقه أحد ممن هو مثله أو فوقه ؛ فيكون جابراً لضعفه ؛ وبذا يكون الحديث حسناً لغيره لا نكارة فيه .
    أما أن يكون الحديث خطأ على الراجح ؛ فهذا يكون حديثاً منكراً ؛ فلا يُنتفع بالاعتبار هنا ؛ لأن الرواية منكرة ؛والمنكر أبداً منكر .

    فما دام أنه منكر أو شاذ أو خطأ فلا يصلح في الشواهد أصلاً ؛
    لأن المنكر أبداً منكر وكذا الشاذ والخطأ .

    8-النكارة تكون في الأسانيد والمتون :
    والنكارة كما تكون في السند ؛ تكون في المتن كذلك ؛ لكن وقوعها في الأسانيد أكثر كما هو ظاهر من أجوبة أبي حاتم في" علل الحديث "
    ؛ وكما هو معلوم بداهة أن الأسانيد هي السبل أو الطرق للحكم على المتون ؛ وإنما يتم الاعتبار بدراسة الأسانيد ؛ فيُنظر لما يصلح أن يُتقوى به ؛ فيحسن أو يصحح الحديث الذي هو قول أو فعل أو تقرير الرسول عليه الصلاة والسلام ؛ ويُنظر لما لا يصلح أن يُتقوى به ؛ فيحكم بنكارته وعدم جواز نسبته إليه عليه الصلاة والسلام .



  6. #6

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

    القرائن التي تدل على نكارة التفرد :
    والقرائن التي يعمل بها الحفاظ كثيرة لا تنحصر ولا ضابط لها بالنسبة إلى الأحاديث ؛ بل كل حديث له ترجيح خاص ، لا يخفى على أهل الحديث ، الذين أدمنوا النظر في علم العلل والرجال ؛ وهي :
    1- أن يكون لشيخ المتفرد أصحاب وتلاميذ كثيرون يروون عنه ؛ فيتفرد من دونهم هذا الصدوق بالحديث عن هذا الشيخ ؛ مع كونهم كثيرين ؛ بل ومع ملازمة بعضهم واختصاصهم بهذا الشيخ ؛ فيتفرد هذا الصدوق من دونهم بهذا الحديث !
    2- أن يكون الحديث الذي تفرد به الصدوق حكماً شرعياً تفرد به؛ فأين كان الحفاظ والأئمة عن هذا الحكم حتى يتفرد به هذا الصدوق كما قال شعبة : " حكم من الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يشاركه أحد ؟! " .
    3- أن يكون التفرد في الطبقات المتأخرة ؛ فالتناسب طردي بين التأخر في الطبقة من المتفرد وبين رد حديثه ؛ فكلما تأخرت الطبقة زادت احتمالية رد حديث هذا الصنف !

  7. #7

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

    10-وأنا في المسألة أيضاً على مذهب الإمام العلامة في علل الحديث ابن رجب الحنبلي الذي قال في كتابه:"مشكل الأحاديث الواردة في أن طلاق الثلاث واحدة " الذي نقل منه ابن المبرد في كتابه : " سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث ص 28 :
    " وانفراد الراوي بالحديث وإن كان ثقة هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه ؛ وأن يكون شاذاً أو منكراً ؛ إذا لم يُرو معناه من وجه يصح " .
    وقال في " فتح الباري " 2 / 5 له أيضاً :"وقد جاء التصريح بذلك في رواية أخرى من طريق محمد بن أبي عدي، عن محمد بن عمرو عن علقمة، عن ابن شهاب، عن عروة، عن فاطمة بنت أبي حبيش، أنها كانت تستحاض، فقالَ لها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إذا كانَ دم الحيضة، فإنه دم أسود يعرف، فإذا كانَ ذَلِكَ فأمسكي عن الصلاة، فإذا كانَ الآخر فتوضئي وصلي، فإنما هوَ عرق" :
    خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم.
    وقال: صحيح على شرط مسلم.
    وقال الدارقطني: رواته كلهم ثقات.
    وقد تكلم فيهِ آخرون :
    قالَ النسائي: روى هذا الحديث غير واحد، فلم يذكر أحد منهم ما ذكره ابن عدي.
    وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث؟ فقالَ: لم يتابع محمد بن عمرو على هذه الرواية ، وهو منكر.
    وأيضاً ؛ فقد اختلف على ابن أبي عدي في إسناده، فقيل: عنه كما ذكرنا. وقيل عنه في إسناده: عن عروة، عن عائشة.
    وقيل: إن روايته عن عروة، عن فاطمة أصح؛ لأنها في كتابه كذلك.
    وقد اختلف في سماع عروة من فاطمة " .
    ثم قال : "وهذه طريقة أئمة الحديث المتقدمين كالإمام أحمد , ويحيى القطان , ويحيى بن معين , وعلي بن المديني ,
    وغيرهم " . انتهى

    تأكيد الحافظ ابن حجر والحافظ السخاوي لقوة الحجة الملزمة لنا باتباع حفاظ الحديث :
    والحقيقة أن الحافظ ابن حجر هو الذي ألزمنا بنفسه اتباع الحفاظ في قواعدهم هذه ؛ بل تقليدهم (!) عندما قال :"وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين وشدة فحصهم وقوة بحثهم وصحة نظرهم وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك والتسليم لهم فيه ؛ وكل من حكم بصحة الحديث مع ذلك إنما مشى فيه على ظاهر الإسناد كالترمذي ... وكأبي حاتم ابن حبان فإنه أخرجه في صحيحه ... " .
    " النكت على ابن الصلاح " 2 / 726 .
    وقد كان قبل هذا قال :
    " فإذا وجدنا حديثاً قد حكم إمام من الأئمة المرجوع إليهم بتعليله فالأولى اتباعه في ذلك كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صححه. وهذا حيث لم يختلفوا فإذا اختلفوا فلا بد من الترجيح " . " النكت " 1 / 114
    ويقول الحافظ السخاوي في " فتح المغيث " 1 / 274 عن هذه القدرة على التعليل :
    " وهو أمر يهجم على قلوبهم، لا يمكنهم رده، وهيئة نفسانية لا معدل لهم عنها؛ ولهذا ترى الجامع بين الفقه والحديث؛ كابن خزيمة، والإسماعيلي، والبيهقي، وابن عبد البر، لا ينكر عليهم، بل يشاركهم ويحذو حذوهم؛ وربما يُطالبهم الفقيه أو الأصولي العاري عن الحديث بالأدلة " .
    فهؤلاء الجامعون بين الفقه والحديث يتابعون الأئمة الكبار كأحمد وابن المديني وأبي حاتم والنسائي في تعليلاتهم .

  8. #8

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

    11-تفرد الصدوق وشيخنا الألباني :
    وهذا ظني بشيخنا الألباني رحمه الله تعالى فإنه لو تتبع أحكام الحفاظ الكبار في مسالة تفرد الثقة وتفرد الصدوق ومن دونه في الأحاديث ؛ لتبين له يقيناً – إن شاء الله تعالى – صحة ما ذهبوا إليه ؛ في حكمهم بالنكارة على حديث الصدوق وبخاصة من قيل فيه " صدوق يخطيء " أو " صدوق يهم " باصطلاح الحافظ ابن حجر !


    12-تفرد الصدوق وابن رجب :
    قال ابن رجب في " شرح العلل " 1 / 352 – 354 :
    " وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه : أنه لا يتابع عليه ، ويجعلون ذلك علة فيه ، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً ، ولهم في كل حديث نقد خاص ، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه " .
    وقال كذلك في " فتح الباري " له 4 / 174 :
    " لأن قاعدته : أن ما انفرد به ثقة ؛ فإنه يتوقف فيه حتى يتابع عليه ؛ فإن توبع عليه زالت نكارته ، خصوصاً إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والإتقان ، وهذه قاعدة : يحيى القطان وابن المديني وغيرهما " .
    ولعل بعض الناس يظن أن هذا في حق الثقات أو بعضهم ؛ ولا ينطبق على من قيل فيه : " صدوق " ؛ وهذا عكس الطبيعي والمنطقي ؛ فإن الصدوق يدخل من باب أولى في كلام الأئمة هنا !

  9. #9

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق



    13-الشاذ والمنكر لهما تعريفان عند الذهبي :
    وإني لأتعجب جداً من بعض الباحثين الذين يصرون على تعريف ابن حجر للمنكر ؛ وينسون أن ابن الصلاح قد جزم بأن كثيراً من أهل الحديث قد أطلقوا الحكم على التفرد بالرد أو النكارة أو الشذوذ ؛ فانظر إليه وهو يقول :
    " وَإِطْلَاقُ الْحُكْمِ عَلَى التَّفَرُّدِ بِالرَّدِّ أَوِ النَّكَارَةِ أَوِ الشُّذُوذِ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ " .
    وهذا يعني أن تفرد ( الثقة فضلاً عن الصدوق ) بالحديث من قسم الشاذ أو المنكر أو المردود عند كثير من أهل الحديث .
    والحافظ ابن حجر لم يخف عليه كلام ابن الصلاح ؛ فإنه شرحه ووضحه بقوله في " النكت على ابن الصلاح " 1 / 108 :
    "وهذا ما ينبغي التيقظ له ، فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد ولكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده " .
    فلا أدري لماذا اقتصر رحمه الله تعالى على أن المنكر هو فقط مخالفة :
    " من لَا يُحْكَمُ لِحَدِيثِهِمْ بِالْقَبُولِ بِغَيْرِ عَاضِدٍ يُعَضِّدُهُ، بِمَا لَا مُتَابِعَ لَهُ وَلَا شَاهِدَ " ؟!
    مع ظني أنه لم يفته تعريف الذهبي للمنكر والشاذ !!
    فلماذا لم يعتمد كلام الذهبي رحمه الله تعالى وهو ذو الاستقراء التام في هذا العلم عنده والذي اختار كلام الأئمة الحفاظ !!
    فانظر إلى كلام الذهبي في " الموقظة " أيضاً ص42 كيف عرف المنكر بقسميه : القسم الذي يتبعه ابن حجر والألباني دائماً ؛ والقسم الآخر الذي سار عليه الذهبي نفسه في أحكامه الحديثية واختاره على الآخر فقال : " المُنْكَر: وهو ما انفرد الراوي الضعيفُ به. وقد يُعَدُّ مُفْرَدُ الصَّدُوقِ منكَراً " .

    14-الذهبي اطلع على كلام ابن الصلاح في التفرد :
    أي أن الذهبي يعلم كلام ابن الصلاح وغيره من الحفاظ من أن المنكر يطلق على تفرد الضعيف ؛ لكنه لا يهمل مسألة تفرد الصدوق فهو قد يُعد منكراً ؛ وهذه " القدقدة " التي استخدمها الذهبي ( قد يُعد ) هي التي تساهلتُ فيها في أحكامي فلم أحكم على مجرد تفرد الصدوق بالنكارة ؛ بل اشترطت أن يكون من القسم الذي لا يُحتمل منهم التفرد بالحديث من دون أصحاب وتلاميذ الشيخ الذي انفرد بالرواية عنهم هذا الصدوق؛ أو يكون الحديث الذي تفرد به في الأحكام والعقائد أو يكون التفرد في الطبقات المتأخرة خاصة ؛ فهذه هي الأمور التي جعلت الحافظ الذهبي يقول بالقدقدة هذه .
    هذا مع العلم أن الحفاظ قد يستنكرون تفرد الشيوخ من الثقات ؛ بل تفرد كبار الحفاظ لقرائن معينة .



    حمل النكارة دائماً على المعنى اللغوي باطل :
    أما من حمل النكارة عند هؤلاء الأئمة على معناها اللغوي وليس بمعناه الذي يُقصد به – فعلاً - : المردود أو غير المقبول أو الذي لا يُحتج به أصلاً ! فهذا الحمل بعيد عن الصواب بالمرة !
    وأهل الحديث الذين قصدهم ابن الصلاح هم : البرديجي
    ( الحافظ الذي كان في عصر البخاري ومسلم وبقية المحدثين الكبار كأبي داود والترمذي وغيرهما ) ؛ فهذا الحافظ المبرز في علم العلل – كما يصفه ابن رجب – قال :
    " المنكر هو الذي يحدث به الرجل عن الصحابة ، أو عن التابعين ، عن الصحابة ، لا يُعرف ذلك الحديث ، وهو متن الحديث ، إلا من طريق الذي رواه فيكون منكراً " .
    والدليل على أنه لم يقصد المعنى اللغوي للمنكر أنه قال :
    " إذا روى الثقة من طريق صحيح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً لا يُصاب إلا عند الرجل الواحد لم يضره أن لا يرويه غيره ، إذا كان متن الحديث معروفاً ، ولا يكون منكراً ولا معلولاً " . " شرح العلل " 2 / 654 .
    فقد بين أنه لا يضره التفرد لو كان المتن معروفاً وليس منكراً ولا معلولاً ؛ وهذا يعني أنه سيضره لو كان غير ذلك !
    والبرديجي تشدد في قبول الأحاديث إذا كانت من حفاظ لكنهم ليسوا بدرجة المتقنين الكبار كشعبة وسعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي ؛ فقد قبل تفرد أمثال هؤلاء ؛ أما تفرد الشيوخ ويقصد بهم أمثال : حماد بن سلمة وهمام والأوزاعي ؛ فإنه لم يقبل تفردهم إذا لم يُعرف إلا من طريقهم ؛ وصارت منكرة !

    15-خلاصة كلام ابن رجب :
    فتلخص من هذا أن النكارة لا تزول عند يحيى القطان والإمام أحمد والبرديجي وغيرهم من المتقدمين إلا بالمتابعة ، وكذلك الشذوذ كما حكاه الحاكم .
    وأما الشافعي وغيره فيرون أن ما تفرد به ثقة مقبول الرواية، ولم يخالفه غيره فليس بشاذ ، وتصرف الشيخين يدل على مثل هذا المعنى .
    وفرق الخليلي بين ما ينفرد به شيخ من الشيوخ الثقات، وما ينفرد به إمام أو حافظ، فما انفرد به إمام أو حافظ قبل واحتج به، بخلاف ما تفرد به شيخ من الشيوخ، وحكى ذلك عن حفاظ الحديث، والله أعلم .

  10. #10

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق


    16-الذهبي يقرر أن تفرد ابن إسحاق في الأحكام منكر :
    انظر إلى قول الذهبي ( وهو صاحب استقراء تام في الرجال كما شهد له ابن حجر ) ماذا قال عن ابن إسحاق ؛وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث ؛ قال فيه : " ومحمد بن إسحاق، ومالك بن أنس كل منهما قد نال من صاحبه، لكنه أَثَّرَ كَلاَمُ مَالِكٍ فِي مُحَمَّدٍ بَعْضَ اللِّيْنِ، وَلَمْ يُؤثِّرْ كَلاَمُ مُحَمَّدٍ فِيْهِ وَلاَ ذَرَّةٍ ، وارتفع مالك، وصار كالنجم ، والآخر فَلَهُ ارْتفَاعٌ بِحَسْبِهِ، وَلاَ سِيَّمَا فِي السِّيَرِ، وَأَمَّا فِي أَحَادِيْثِ الأَحكَامِ، فَيَنحَطُّ حَدِيْثُه فِيْهَا عَنْ رُتْبَةِ الصِّحَّةِ إِلَى رُتْبَةِ الحَسَنِ، إِلاَّ فيما شذ فيه ، فإنه يعد منكراً " .

    تفرد الصدوق فمن دونه يعد منكراً :
    وقال الذهبي في ترجمة علي بن المديني من " الميزان " 3 / 140 : " وإنَّ تفرد الصدوق ومَن دونه يُعد منكراً " .
    وهذا القول من الذهبي هو الذي اعتمدته في أحكامي بحمد الله تعالى ؛ وهو في نظري خير من أحكام ابن حجر ؛ الذي لا يَعدُّ أحاديث الصدوق ومن دونه إلا من قبيل الحسن لذاته !
    فإن هذا وإن كان في الظاهر عدلاً ؛ إلا أن الحقيقة أن هذا مخالف للصواب ؛ فإن الصدوق – فضلاً – عمن دونه ؛ إنما انحطت رتبته عن الصحيح بسبب وهم هذا الصدوق أو خطئه ؛ فكيف نقبل حديث هذا الضرب من الرواة ؛ وإنما حططنا رتبته بسبب وهمه وخطئه !؟

    وكل شيء قد يقبل حسن الظن به إلا الحكم والحديث ؛ فلا يجوز للحاكم أن يحسن الظن ؛ كما لا يجوز للمحدث أن يحسن الظن ؛ وهذا هو ما نطق به الإمام الكبير عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى :
    " خَصْلَتَانِ لَا يَسْتَقِيمُ فِيهِمَا حُسْنُ الظَّنِّ ;الْحُكْمُ وَالْحَدِيثُ " . " فتح المغيث " 3 / 130 .
    ولهذا كان اشتراط اللقاء هو الأحوط والأسلم لمن استعمله حتى ترتفع شبهة الأسانيد المرسلة والمنقطعة ؛ فكان شرط البخاري أقوى بلا ريب من شرط مسلم .
    ولهذا قال الخطيب البغدادي : " وقول المحدث ثنا فلان قال ثنا فلان أعلى منزلة من قوله ثنا فلان عن فلان إذ كانت "عن" مستعملة كثيرًا في التدليس وما ليس بسماع" .
    " الكفاية " ص 326 .

    17-والحق أن هذا هو عين مذهب مسلم الذي قاله في مقدمته ص6 :
    " فأما من نراه يعمد لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك، قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على اتفاق منهم في أكثره، فيروي عنهما أو عن أحدهما العدد من الحديث، مما لا يعرفه أحد من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح الذي عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس، والله أعلم " .
    فالصدوق ( فضلاً عمن دونه ) هو الذي لا يشارك الثقات في أحاديثهم عن المشهورين ؛ بل هو ينفرد من دونهم بالعدد من الحديث مما لا يعرفه أحد من أصحاب هؤلاء المشهورين ؛ فيكون حديث هؤلاء - بنص الإمام مسلم – غير جائز قبوله !
    فكيف حكم الذهبي ومن قبله أبو حاتم وأحمد وغيرهم من كبار نقاد العلل على الرواة إلا بعد سبرهم لمرويات أولئك الرواة ومقارنتها برواية الآخرين ؛ للوقوف على مواطن الخطأ ؛ ومن ثم العلم بقدر هذا الراوي في ضبطه ؛ ولا شك أن هذه هي الطريقة الوحيدة الصادقة والتي لا سبيل إلى غيرها لمعرفة درجة الضبط عند هذا أو ذاك من الرواة .



    18-المعلمي يقر الذهبي على قاعدته :
    وهذا ذهبي عصره المحدث المعلمي اليماني يقر الذهبي على هذا ؛ فيعتبر حديث ابن إسحاق الذي ينفرد به منكراً كما في كتابه : " عمارة القبور " ص 32 .
    وهذا المذهب ( أعني الصدوق الذي إذا انفرد بما لا يحتمل عد منكراً ) مذهب الإمام أحمد الجامع بين الحديث والفقه ؛ وهو من المعتدلين في جرح الرواة ومن كبار الفقهاء .

  11. #11

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق


    19-والحالة الأخيرة هي التي يقع فيها الإشكال دائماً : فالصدوق المتفرد بحديث ما ؛ ولم يكن تفرده مما يحتمل نعد تفرده منكراً ؛ فما هي هذه الأمور أو الأسباب التي لا يحتمل معها تفرد الصدوق ؟
    الجواب :
    أولها : بل أعظمها هو أن يكون لشيخ المتفرد أصحاب وتلاميذ كثيرون يروون عنه ؛ فيتفرد من دونهم هذا الصدوق بالحديث عن هذا الشيخ ؛ مع كونهم كثيرين ؛ بل ومع ملازمة بعضهم واختصاصهم بهذا الشيخ ؛ فيتفرد هذا الصدوق من دونهم بهذا الحديث !
    فهذا هو الذي أشار إليه مسلم في مقدمة " صحيحه " ص 6 بقوله :
    " فَأَمَّا مَنْ تَرَاهُ يَعْمِدُ لِمِثْلِ الزُّهْرِيِّ فِي جَلَالَتِهِ، وَكَثْرَةِ أَصْحَابِهِ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ لِحَدِيثِهِ وَحَدِيثِ غَيْرِهِ، أَوْ لِمِثْلِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَحَدِيثُهُمَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَبْسُوطٌ مُشْتَرَكٌ، قَدْ نَقَلَ أَصْحَابُهُمَا عَنْهُمَا حَدِيثَهُمَا عَلَى الِاتِّفَاقِ مِنْهُمْ فِي أَكْثَرِهِ، فَيَرْوِي عَنْهُمَا، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا الْعَدَدَ مِنَ الْحَدِيثِ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِمَا، وَلَيْسَ مِمَّنْ قَدْ شَارَكَهُمْ فِي الصَّحِيحِ مِمَّا عِنْدَهُمْ، فَغَيْرُ جَائِزٍ قَبُولُ حَدِيثِ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ النَّاسِ وَاللهُ أَعْلَمُ " .

    غير أن الحديث قد يحتمل من الصدوق ؛ فيكون إسناده حسناً


    20-الفرق بين زيادة الثقة والتفرد :
    ومبحث ( التفرد ) غير مبحث ( زيادة الثقة ) فالأول قد بينا فيه ما تقدم ؛ وأما الآخر ؛ فقد اتفق الحفاظ الكبار على عدم قبول زيادة الثقة غير المبرز في الحفظ ؛ فضلاً عن الصدوق !!
    ونحن لا نرد حديث الثقات الذين يطلق عليهم الحفاظ كلمة ( الشيوخ ) – كما مر معنا من كلام ابن رجب – ما لم يظهر خطؤهم ؛ بينما كبار الحفاظ ردوا حديث هؤلاء الشيوخ !


    21-بعض أوهام الألباني في باب زيادة الثقة :
    وقد وقعت بعض الأوهام لشيخنا الإمام الألباني رحمه الله تعالى في باب ( زيادة الثقة ) فاعتمدها على ظاهر كلام الحافظ ابن حجر في " نزهة النظر " ص 34 والذي يقول فيه" وزِيَادَةُ رَاويهمَا - يعني الثقة والصدوق - مَقْبُولَةٌ مَا لَمْ تَقعْ مُنَافِيَةً لِمَنْ هُوَ أَوْثَقُ " !
    وهذا القول من الحافظ رحمه الله مخالف لكل من ذكرنا عنهم أن ( زيادة الثقة ) لا تقبل إلا من الحافظ المبرز في حفظه !
    ومن هنا نشأ بعض التساهل في تحسينات شيخنا الألباني جمعنا الله تعالى به وبالأئمة والصحابة وسيد المرسلين في ( جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) .


    ثاني الحالات التي لا يُحتمل تفرد الصدوق فيها :
    ثم يلي هذا الأمر الأول من الحالات التي لا يحتمل تفرد الصدوق فيها حالة ثانية وهي كون الحديث الذي تفرد به الصدوق حكم شرعي تفرد به ؛ فأين كان الحفاظ والأئمة عن هذا الحكم حتى يتفرد به هذا الصدوق كما قال شعبة : " حكم من الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يشاركه أحد ؟! " . " العلل " 1 / 92 .
    وكقول أبي حاتم الرازي : " وهذا أصل من الأصول لم يتابع عليه ربيعة ؟! " " العلل " لابن أبي حاتم 1 / 464 .

    كلام عظيم للجوزجاني حول تفرد الصدوق في الأحكام :
    وانظر وتأمل يا طالب الحق في قول الجوزجاني في كتابه
    " أحوال الرجال " ص 44 كيف تكلم بكلام قوي في تفرد "صدوق " : عند ابن حجر و"وسط" : عند الذهبي ؛ ألا وهو : عاصم بن ضمرة الذي حدث بحديث صفة تطوع النبي عليه الصلاة والسلام ؛ قال الجوزجاني :
    " وعاصم بن ضمرة عندي قريب منه ( يعني الحارث الأعور ) وإن كان حكي عن سفيان قال : كنا نعرف فضل حديث عاصم على حديث الحارث .
    روى عنه أبو إسحاق حديثاً في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم ست عشرة ركعة أنه كان يمهل حتى إذا ارتفعت الشمس من قبل المشرق كهيئتها من قبل المغرب عند العصر قام فصلى ركعتين ثم يمهل حتى إذا ارتفعت الشمس وكانت من قبل المشرق كهيئتها من قبل المغرب عند الظهر قام فصلى أربع ركعات ثم يمهل حتى إذا زالت الشمس صلى أربع ركعات قبل الظهر ثم يصلي بعد الظهر ركعتين ثم يصلي قبل العصر أربع ركعات فهذه ست عشرة ركعة .
    فيا لعباد الله ! أما كان ينبغي لأحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه يحكي هذه الركعات إذ هم معه في دهرهم والحكاية عن عائشة رضي الله عنها في الاثنتي عشرة ركعة من السنة وابن عمر عشر ركعات والعامة من الأمة أو من شاء الله قد عرفوا ركعات السنة الاثنتي عشرة منها بالليل ومنها بالنهار ؟!
    فإن قال قائل : كم من حديث لم يروه إلا واحد ؟
    قيل : صدقت كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس فيتكلم بالكلمة من الحكمة لعله لا يعود لها آخر دهره فيحفظها عنه رجل وهذه ركعات كما قال عاصم كان يداوم عليها فلا يشتبهان " .

    22-كلمة أخرى للمعلمي حول التفرد في الأحكام :
    والتعليل بالتفرد قال به المعلمي فقد قال في " التنكيل " 2 / 111: " وهذا الحديث في حكم مختلف فيه تعم به البلوى ، وعطاء إمام جليل فقيه معمر، كان بمكة حيث ينتابها أهل العلم من جميع الأقطار، وله أصحاب أئمة حفاظ فقهاء كانوا أعلم به وألزم له من أيوب بن موسى وعمرو بن شعيب ، فلو كان عنده هذا الحديث عن ابن عباس لما فاتهم " .

    ثالث الحالات التي لا يُحتمل تفرد الصدوق فيها :
    ومن الأمور التي لا يقبل فيها تفرد الصدوق ؛ بل الثقة كما قاله الذهبي : أن يكون التفرد في الطبقات المتأخرة ؛ فالتناسب طردي بين التأخر في الطبقة من المتفرد وبين رد حديثه ؛ فكلما تأخرت الطبقة زادت احتمالية رد حديثه !


    ابن الصلاح والتفرد :
    والحقيقة أن ابن الصلاح قد ظلم من قبل من ظن أنه يحسن حديث الصدوق مطلقاً فيما لو انفرد ؛ بل الصواب أنه قيد وضبط كلامه ؛ كما في تعليقه على ألفاظ التعديل عند أبي حاتم التي أقرها ابن الصلاح .
    فقد نقل :
    " أمَّا أَلْفَاظُ التَّعْدِيلِ فَعَلَى مَرَاتِبَ :
    الْأُولَى : قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: " إِذَا قِيلَ لِلْوَاحِدِ إِنَّهُ " ثِقَةٌ أَوْ مُتْقِنٌ " فَهُوَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ ".
    قُلْتُ : وَكَذَا إِذَا قِيلَ " ثَبْتٌ أَوْ حُجَّةٌ "، وَكَذَا إِذَا قِيلَ فِي الْعَدْلِ إِنَّهُ " حَافِظٌ أَوْ ضَابِطٌ "، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    الثَّانِيَةُ : قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: " إِذَا قِيلَ إِنَّهُ صَدُوقٌ أَوْ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، أَوْ لَا بَأْسَ بِهِ " فَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ ، وَهِيَ الْمَنْزِلَةُ الثَّانِيَةُ " .
    وهنا علق ابن الصلاح بقوله :
    " قُلْتُ: هَذَا كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ لَا تُشْعِرُ بِشَرِيطَةِ الضَّبْطِ ، فَيُنْظَرُ فِي حَدِيثِهِ وَيُخْتَبَرُ حَتَّى يُعْرَفَ ضَبْطُهُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ طَرِيقِهِ فِي أَوَّلِ هَذَا النَّوْعِ " .
    إذاً حد الحسن عند ابن الصلاح الذي في كتابه يجب أن يفهم بناءً على هذا الكلام ؛ فهو يبين لنا بجلاء أن الصدوق إذا تفرد فلا يقبل تفرده حتى ينظر فيه باختبار ضبطه , وهل هو مما يحتمل منه التفرد أم لا ؟


    23-صدوق يهم ويخطيء ولا بأس به عند الذهبي :
    فالذهبي الذي وصفه ابن حجر بأنه " من أهل الاستقراء التام " يطلق على تفرد الصدوق أو صالح الأمر أو غيرهما من الألفاظ التي يستعملها ابن حجر كثيراً في " التقريب " مثل : " صدوق يخطيء " أو " صدوق يهم " أو " لا بأس به " ونحو هذه الألفاظ في الرواة كل هؤلاء الرواة يعتبر الذهبي تفردهم بالحديث منكراً !

    الحسن لذاته اصطلاح مولد عند الذهبي :
    فالحق - والحق أقول - : إن الحسن لذاته ( وهو مولد من اصطلاحنا كما يقول الذهبي ) : منكر مطَرح إذا تفرد به من لا يحتمل منه التفرد ؛ فإذا كان عبد الرزاق ( الإمام الكبير ) قد عد تفرده الذهبي : منكراً ؛ فقال :
    " بل إذا تفرّد بشيء عدّ منكراً " !
    فماذا نقول عن عشرات الأحاديث التي تم تحسينها لذاتها ؛ وهي من رواة لا يحتمل تفردهم بها ؟!



    24-وهناك شبهة وجدتها عند كثير من طلاب العلم ؛ ومنهم بعض الذين أدرسهم كتاب " شرح علل الترمذي " للحافظ ابن رجب بالمسجد النبوي ؛ فقد زعموا أن الحكم بالنكارة على أحاديث من كان في مرتبة الصدوق الذي لا يحتمل تفرده سيعطل كثيراً من الأحكام الشرعية !
    وأقول : هذه شبهة داحضة بحمد الله تعالى ؛ فإن الأحاديث الضعيفة كثيرة جداً ؛ بل هي أكثر بكثير من الأحاديث الواهية فهل نقول : لقد تعطلت كثير من الأحكام الشرعية بسبب اطراحنا لهذه الأحاديث الضعيفة ؟!
    ثم كيف يمكن لأحاديث متذبذبة بين الثبوت وعدمه أن تبنى عليها أحكام شرعية ؟!

    ومن العجيب أن تفوت هذه الأحاديث التي فيها هذا الصدوق الذي لا يحتمل تفرده على كبار الحفاظ ؛ فلا يشاركونهم في روايتها ؛ بل ينفرد بها أؤلئك !

    25-وهم للشيخ الألباني بتخطئته للذهبي :
    وقد وهم شيخنا الألباني رحمه الله تعالى عندما عمم قول الشافعي ( الذي تقدم ذكره عن الشاذ من الحديث ) على الصدوق فمن دونه ؛ فراح يرد على الذهبي قوله بأن حديث الصدوق فمن دونه يعد منكراً في أكثر من حديث ؛ مما يقطع بأن شيخنا رحمه الله لا يعرف قاعدة الذهبي ؛ بل قاعدة كبار الحفاظ من أن تفرد من هو دون الثقة لا يجوز الاحتجاج به ؛ فنراه يعد هذا " منكراً من القول " !!
    قال غفر الله له في " الصحيحة " 1 / 181 : " وقول الذهبي في ترجمة الفرات : " حديث منكر " منكر من القول " !
    فكأنه لم يطلع رحمه الله تعالى على ما جاء في " الموقظة " من تعريف للمنكر والشاذ !؟
    فأصل هذه القاعدة " تفرد الثقة من الشيوخ ممن هو دون الحفاظ الكبار معروف عند أحمد وأبي حاتم والبرديجي ؛ بل هو مذهب كثير من أهل الحديث كما قال النووي , وابن الصلاح ؛ فلا أدري كيف خفي هذا على شيخنا ؟
    وتأكد لي أن شيخنا رحمه الله تعالى نسي أن الثقة المتفرد بالحديث يعد منكراً عند أبي حاتم ؛ فقد قال عندما ذكر قول ابن أبى حاتم فى " العلل " (1/375) عن أبيه: " حديث منكر , لم يروه غير طلق بن غنام ".
    " فلا ندري وجهه , لأن طلقاً ثقة بلا خلاف , وثقه ابن سعد والدارقطني وابن شاهين وغيرهم.
    وقول ابن حزم فيه: " ضعيف " مردود لشذوذه , ولأنه جرح غير مفسر.
    ثم استدركت فقلت : لعل وجهه أن طلقاً لم يثبت عند أبى حاتم عدالته , فقد أورده ابنه فى " الجرح والتعديل " وحكى عن أبيه أسماء شيوخه , والرواة عنه , ثم لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً , وذلك مما لا يضره , فقد ثبتت عدالته بتوثيق من وثقه , لاسيما وقد احتج به الإمام البخاري فى صحيحه " . انتهى
    قلت : بل وجهه أن أبا حاتم يعد تفرد الثقات من الشيوخ ممن لم يبلغ درجة الكبار الضابطين منكراً ؛ وهو ما نسيه شيخنا أو ذهل عنه رحمه الله تعالى !
    ثم إن قول ابن حزم بضعفه لا يعد شذوذاً ؛ لأنه إمام مقبول القول في الجرح والتعديل على ما فيه من تجهيل لبعض المشاهير ؛ وكم انفرد كبار الأئمة بالتضعيف لبعض من وثقه غيرهم فهل نعد ذلك شذوذاً !؟
    ثم إن الذين ذكرهم شيخنا ممن وثق طلقاً هذا ( ابن سعد وابن شاهين والدارقطني ) معروفون بالتساهل في التوثيق على ما بينه ذهبي عصره المعلمي اليماني !
    ولهذا ذكر الذهبي قول أبي حاتم في رواية هذا الراوي حديثاً منكراً في " الميزان " 2 / 345 كالمقر له !

    26-الحفاظ درجات وكلما تأخر العصر قلت المعرفة :
    فإنا وإن كنا لا نتشدد تشدد أولئك الحفاظ الكبار ( أحمد وأبي حاتم والبرديجي وغيرهم ) لكننا نعطي القوس باريها ؛ فإننا إنما نشأنا في هذا العلم على ما تعلمناه من أولئك الأئمة ( بل إن شيخنا الألباني رحمه الله تعالى اعتبر البوصيري ناشئاً في هذا العلم مقارنة بالضياء المقدسي وغيره ؛ فماذا سيقول عن الضياء وغيره مقارنة بأحمد وأبي حاتم والبرديجي والدارقطني وغيرهم ؟ ممن مذهبهم عدم قبول تفرد الثقة هكذا بإطلاق ؛ بل بعضهم يرده بإطلاق إذا لم يتابع هذا الثقة عليه !
    وأقول هذا مع علمي بأن شيخنا الألباني رحمه الله مجتهد ؛ فلا يضيره بإذن الله تعالى أن يخطيء في بعض أحكامه ؛ لكن الحق أحق أن يتبع !



    27-كلمة حق ذهبية من الألباني حول كبار الحفاظ :
    فرد فضيلته علي قائلاً : إن الهيثمي ،والبوصيري ، وابن حجر ، كل هؤلاء نشئوا في هذا العلم ، ولم يصلوا إلى ما وصل إليه أولئك الحفاظ الكبار .
    ( وأقول : فأين هؤلاء من كبار الكبار – إن صح التعبير – من أمثال الإمام أحمد والحافظ أبي حاتم والحافظ البرديجي وغيرهم ) !؟
    ثم وقفت – بحمد الله تعالى وتوفيقه ومنه – على حافظ كبير ؛ بل هو إمام النقاد الحافظ الدارقطني الذي جزم بأن يونس هذا إنما هو ابن خباب كما بين ذلك بالتفصيل في ( العلل ) 11 / 188 – 190 رقم 2213 – فحمدت الله كثيراً على هذا التوفيق ، وعلمت يقيناً- لا ظناً - بأن البحث والتنقيب في بطون الكتب والمصنفات هي السبيل الأمثل لمعرفة الصواب في هذه الأمور ؛ وهكذا يضاف الدارقطني- الذي هو أقدم وأعلم من جميع الحفاظ الذين ذكرهم الألباني بلا ريب - إلى قائمة المضعفين لهذا الحديث ، مع الهيثمي ، والبزار ، والبوصيري ، وعلي رضا - ولا فخر- ويظل الإسناد ضعيفاً جدًا ، فينقل من " الصحيحة السادسة " إلى " الضعيفة السادسة " و غيرها من كتب شيخنا رحمه الله انتهى .


    28-اعتراض الألباني على أحمد وبيان الصواب :
    وخلاصة كلامي هنا أن شيخنا الألباني لم ير كلام الإمام أحمد شيئاً ؛ فقال في " إرواء الغليل " 4 / 177 :
    " وإنكار أحمد على أفلح فى هذا الحديث قوله : " ولأهل العراق ذات عرق " , ولم ينكر الباقي من إسناده ومتنه شيئاً ".
    قلت: ولا وجه عندي لهذا الإنكار أصلاً , فإن أفلح بن حميد ثقة اتفاقاً , واحتج به الشيخان جميعاً , فلو روى ما لم يروه غيره من الثقات لم يكن حديثه منكراً ولا شاذاً , وقد قال الإمام الشافعي في الحديث الشاذ : " وهو أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس , وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره " .

    الجواب على اعتراض الألباني :
    وجواب هذا أن يقال : إن الشافعي على جلالته ليس بأقوى من أولئك الحفاظ وفيهم أحمد وأبو حاتم والبرديجي والدارقطني وغيرهم ؛ فإن كان ذاك مذهب الشافعي ؛ فهذا مذهب هؤلاء الأئمة !

    ثم إن شيخنا رحمه الله تعالى لم يقتصر على الثقة ؛ بل عمم الأمر فجعله في الصدوق والصدوق الذي له أوهام !!
    فلم يتنبه شيخنا إلى أن نص الشافعي موافق لكلام غيره مثل الإمام مسلم في مقدمة " صحيحه " ص6 ؛ فإن كلامه يدور على أن من دون الثقة ( الصدوق ومن دونه ) إذا روى "ما لا يعرفه أحد من أصحابهما ، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح الذي عندهم ، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس " !
    والأعجب أن شيخنا الألباني رحمه الله تعالى جعل مذهب كبار الحفاظ ممن تقدم ذكرهم شاذاً ؛ وجعل تعريف ابن حجر للشاذ والمنكر هو المعتمد ؛ فضرب بأقوال الأئمة السابقين من حيث شعر أو لم يشعر ؛ فكأنه لم يقرأ " شرح العلل " لابن رجب ولا اطلع على ما فيه أصلاً ! بل كأنه لم يقرأ كلام ابن الصلاح والنووي في أن هذا الذي جعله شاذاً من القول هو مذهب أكثر أهل الحديث !



    -وكلام شيخنا الألباني : " وهذا هو الذي عليه جمهور العلماء من المتقدمين والمتأخرين " : غير صحيح ألبتة ؛ فإن النصوص المتكاثرة عنهم من المتقدمين ممن مر ذكرهم ؛ ومن المتأخرين كالذهبي وابن رجب والمعلمي وغيرهم على خلاف ما ذكره رحمه الله تعالى ؛ فقد قال ابن رجب عن المنكر ( وهو دون الشاذ عند شيخنا بلا شك ) : "وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه : أنه لا يتابع عليه ، ويجعلون ذلك علة فيه ، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً " .
    ولا يلزم المحذور الذي ذكره رحمه الله تعالى من تضعيف مئات الأحاديث الصحيحة ؛ فإننا نوافق كلام الحفاظ المتوسطين كالبخاري ومسلم وغيرهما من أن حديث الشيوخ الثقات إذا خلا من علة يقبل ولو تفردوا به ؛ فيكون صحيحاً غريباً كما قال الذهبي ؛ لكننا نخالف من حسن الأحاديث بتفرد الصدوق وبخاصة من كان في حفظه كلام ممن يقول فيهم الحافظ ابن حجر : " صدوق له أوهام " أو " صدوق يخطيء " ؛ فإن حديث هؤلاء منكر كما قال الذهبي !


    انتهى المراد نقله



  12. #12

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

    ما شاء الله ..موضوع جميل جزاكم الله خيرا
    ( ياغفول يا جهول! لو سمعت صرير الأقلام وهي تكتب اسمك عند ذكرك لمولاك لمتّ شوقا إليه!
    (يحيى بن معاذ الرازي )


  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

    الأخ الحبيب اللبيب / أبو عبيدة الكَاتب - وفقه الله - .
    مِن أروع ما قرأت في هاتين المسألتين وهُما : ((
    تفرد الصدوق والثقة )) ، و (( زيادة الثقة )) وهو كما قدمتَ يزيل الغِشاوةَ عَن الذين يَلمزون إخوانهم بالمليبارية! أحسن الله تعالى إليك وإلي الشيخ علي بن رضا المدني ونفع الله تعالى بكما.

  14. #14

    افتراضي رد: عبارات قوية لباحث معاصر في مسألة تفرد الثقة والصدوق

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو زُرعة الرازي مشاهدة المشاركة
    الأخ الحبيب اللبيب / أبو عبيدة الكَاتب - وفقه الله - .
    مِن أروع ما قرأت في هاتين المسألتين وهُما : ((
    تفرد الصدوق والثقة )) ، و (( زيادة الثقة )) وهو كما قدمتَ يزيل الغِشاوةَ عَن الذين يَلمزون إخوانهم بالمليبارية! أحسن الله تعالى إليك وإلي الشيخ علي بن رضا المدني ونفع الله تعالى بكما.
    أحسن الله إليكم ونفع بكم

    وهذه عبارة قالها قديما بعض من يلمز الشيخ علي رضا في هذه الأيام لرجوعه إلى منهج الأئمة في هذه المسألة فنود تذكيره بها!
    قال المشار إليه هداه الله:
    (فالمليباريون أهل بدعة وضلالة، ولكن ليس كل ما يقوله من ينتسب إليهم يكون باطلاً، بل قد يقولون بقول أهل العلم قديماً وحديثاً، فالعبرة في ذم المليبارية ما خالفوا فيه أهل العلم وتنكبوا سبيل أهل الحديث ..)

    ويبقى معنا وقفة سريعة مع لفظة ((المليباريون))
    فلا أعلم من المشتغلين بالحديث من يقلد حمزة المليباري في اختياراته فضلا على أن ينتسب إليه! فكيف إذا علمنا أن هناك من دعا إلى الرجوع إلى طريقة الأئمة في علوم الحديث مستعينا في ذلك بثلة من حذاق الأئمة المتأخرين قبل أن يشتهر أمر المليباري بزمن؟!
    وعلى كل حال:
    (العبرة في ذم (الباحثين في مناهج أئمة الحديث) ما خالفوا فيه أهل العلم (أي الإجماع) وتنكبوا سبيل أهل الحديث
    ..)
    فيبقى الناقد مطالبا بالأدلة على مخالفة القول الذي اختاره الباحث الفلاني لإجماع أهل العلم بالحديث
    وإذا ثبت ذلك فلا يصح نسبة هذا الباطل إلى كل من رضي بسلوك هذه الطريق

    والرجاء بعد هذا من الشيخ علي رضا وفقه الله أن يعيد النظر في بعض المسائل كمسألة المجهول عند ابن معين والنسائي وغيرهم
    وأن يعيد النظر أيضا في مقالاته القديمة وتعقباته على الأئمة الحفاظ و الكتب التي أثنى عليها
    وأسأل الله أن يوفق الجميع إلى معرفة الحق و العمل به
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •