الدرس السابع عشر


نواسخ المبتدأ والخبر- كان وأخواتها

تقدم أن المبتدأ والخبر مرفوعان وهنالك أدوات تدخل على المبتدأ والخبر وتزيل حكمهما،وهي مِنْ حيثُ العملُ ثلاثةُ أنواع:
الأول: يرفع المبتدأ وينصب الخبر، وهو كان وأخواتها.
الثاني: ينصب المبتدأ ويرفع الخبر، وهو إنَّ وأخواتها.
الثالث: ينصب الاثنين معا، وهو ظنَّ وأخواتها.
ولنبدأ ببيان النوع الأول.

كان وأخواتها هي ثلاثة عشر فعلا، كلها ترفع المبتدأ ويسمى اسمها، وتنصب الخبر ويسمى خبرها وهي:

1- كانَ مثل: كانَ العملُ شاقًا في النهارِ. وهي تدل على اتصاف الاسم بالخبر في الزمن الماضي.
2- أمسى مثل: أمسى الجوُّ حارًا، وهي تدل على اتصاف الاسم بالخبر في وقت المساء أي وقت المساء الجو حارّ.
3- أصبحَ مثل: أصبحَ الجوُّ ممطرًا، وهي تدل على اتصاف الاسم بالخبر في وقت الصباح.
4- أضحى مثل: أضحى الشارعُ مزدحمًا، وهي تدل على اتصاف الاسم بالخبر في وقت الضحى.
5- ظلَّ مثل: ظلَّ زيدٌ صائمًا، وهي تدل على اتصاف الاسم بالخبر في وقت النهار.
6- باتَ مثل: باتَ الفقيرُ جائعًا، وهي تدل على اتصاف الاسم بالخبر في وقت الليل.
7- صارَ مثل: صارَ الطينُ حجرًا، وهي تدل على التحول أي تحول الطين إلى الحجر.
8- ليسَ مثل: ليسَ عمرٌو جالسًا، وهي تدل على نفي الحال أي هو ليس جالسا الآن ويمكن أن يجلس بعد.
وهذه الثمانية تعمل هذا العمل بلا شرط.

9- ما زالَ مثل: ما زالَ الكافرُ معاندًا وهي تدل على الاستمرار أي استمرَّ الكافر معاندا والفعل هو زال وما نافية.
10- ما انفكَّ مثل: ما انفكَّ الحرُ شديدًا، وهي تدل على الاستمرار أيضا والفعل هو انفكَّ وما حرف نفي.
11- ما فَتِئَ مثل: ما فتِئَ عليٌّ شجاعًا، وهي تدل على الاستمرار أيضا والفعل هو فتئَ وما حرف نفي.
12- ما بَرِحَ مثل: ما برحَ المطرُ هاطلًا، وهي تدل على الاستمرار أيضا والفعل هو برحَ وما حرف نفي.
وهذه الأربعة تعمل هذا العمل بشرط هو أن يسبقها نفي أو نهي أو دعاء، فالنفي قد تقدمت أمثلته، ومثال النهي قولك توصي شخصا: لا تَزَلْ حَذِرًا، أي تنهاه عن عدم الحذر، ومثال الدعاء قولك لشخص تدعوا له: لا زالَ بيتُكُمْ عامرًا.
13- ما دامَ مثل: لا أنْقُضُ العهدَ ما دمتُ حَيًّا، وشرطه أن يسبق بـ ما المصدرية الظرفية، سميت مصدرية لأنها تؤول مع ما بعدها بمصدر وهو دوام، وسميت ظرفية لأنها تقدر بظرف وهو مدة الدالة على الزمان والوقت، والتقدير هو: لا أنقض العهدَ مدة دوامي حيا، فهي تدل على الاستمرار في تلك المدة المحددة.
ومثل: لا أصحبُكَ ما دمتَ منحرفًا والتقدير
مدة دوامك منحرفا، أي أن دوام واستمرار عدم الصحبة مقيد بمدة ووقت محدد وهو الانحراف فإذا صلُح حاله صحبه.

توسط وتقدم خبر الفعل الناقص

يجوز أن يتوسط خبر الفعل الناقص، فيقع بين الفعل واسمه مع جميعها.
قال تعالى: ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) كانَ: فعل ماض ناقص مبني على الفتح، حقًّا: خبر كان مقدم منصوب، علينا: جار ومجرور، نصرُ: اسم كان مرفوع وهو مضاف، والمؤمنينَ: مضاف إليه مجرور بالياء.
وتقول: ظلَّ نائمًا زيدٌ ، وأضحى في الدارِ خالدٌ، وما يزالُ قائما زيدٌ، وليسَ حاضرًا سعيدٌ، ولن أقربَكُمْ ما دامَ حاضرًا زيدٌ.
ويجوز أن يتقدم خبر الفعل الناقص على الفعل واسمه مع جميعها إلا مع ليس ودام.
تقول: صائمًا كانَ زيدٌ، ونائمًا ظلَّ زيدٌ، وفي الدارِ أضحى خالدٌ.
ولا يصح أن تقول: حاضرًا ليسَ زيدٌ، ولا لنْ أقربكُمْ حاضرًا ما دامَ زيدٌ.

مجيء بعض الأفعال بمعنى صار

الأفعال: ( كانَ، وأصبحَ، وظلَّ، وأمسى، وأضحى ) وردت بمعنى صارَ التي تدل على التحول.
قال تعالى: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا* فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا ) أي فصارت غبارا متفرقا.
وقال تعالى: ( فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) أي فصرتم بنعمته إخوانًا؛ لأنَّ أصبح تفيد الحصول وقت الصباح وهذا ليس مرادا في الآية.
وقال تعالى: ( ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا ) أي صار، وليس المراد أن الاسوداد مقيد بوقت الظل والنهار.
وتقول: أمسى زيدٌ غنيًّا، وأضحى الزرعُ مخضرا، وفي كل ذلك يراد به معنى صار من دون تقيد بوقت.

ورود بعض هذه الأفعال تاما

الأفعال الناقصة ماعدا ( ما فتئ، وما زالَ، وليسَ ) ترد تامة، أي تكتفي بالمرفوع على أنه فاعل ولا تحتاج إلى الخبر المنصوب، وحينئذ يحدث لها معنى فعل جديد لازم، ولا تعد من الأفعال الناقصة.
مثال: قال الله تعالى: ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) كان هنا بمعنى حَصَلَ ووُجِدَ فكانَ: فعل ماض تام مبني على الفتح، ذو: فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة.

وقال تعالى: ( فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) أي حين تدخلونَ في المساء، وحين تدخلونَ في الصباح، فتمسون وتصبحون فعلان تامان وفاعلهما.

وقال تعالى: ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) أي ما بقيت السموات والأرض، فدامَ: فعل ماض تام مبني على الفتح، والتاء تاء التأنيث الساكنة، السمواتُ: فاعل مرفوع بالضمة.

زيادة كان

الأصل في كانَ أن تستعمل ناقصة فتحتاج إلى اسم مرفوع وخبر منصوب، مثل: كانَ زيدٌ نائمًا، وتستعمل تامة كما سبق قبل قليل، ولها استعمال ثالث تختص به دون أخواتها وهو أن تكون زائدة فلا تحتاج إلى اسم ولا خبر.
ولاستعمالها زائدة شرطان:
أحدهما: أن تكون بلفظ الماضي لا المضارع أو الأمر.
ثانيهما: أن تقع بين شيئين متلازمين كالفعل وفاعله أو نائب فاعله.
تقول: لمْ يُوجدْ كانَ مثلُكَ، أي لم يوجدْ مثلُك، وقد وقعت هنا بين الفعل ونائب فاعله.
وتقول عند التعجب: ما كانَ أحسنَ الصدقَ، ما: تعجبية في محل رفع مبتدأ، كانَ: زائدة، أحسنَ: فعل ماض، والفاعل مستتر تقديره هو على ما ، الصدقَ: مفعول به منصوب، والجملة خبر ما، وقد وقعت كان هنا بين ما التعجبية وفعل التعجب.

حذف نون مضارع كان

يجوز حذف النون من مضارع كان في حالة الجزم، بشرط أن لا يتصل به ضمير نصب، ولا يليه حرف ساكن.
قال تعالى حكاية عن مريم: ( وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ) وأصله أكونُ، فلما دخل الجازم حذفت الضمة فصار أَكُونْ فالتقى ساكنان فحذفت الواو فصار أَكُن، ثم حذفت النون تخفيفا فصار أكُ، وهذا الحذف جائز وليس بواجب.
فإن اتصل به ضمير نصب لم تحذف النون، مثل قوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث ابن صياد الذي ظن عمر أنه هو المسيح الدجال فأراد قتله: ( إنْ يكُنْهُ فلَنْ تُسلَطَ عليهِ، وإن لمْ يكنْهُ فلا خيرَ لكَ في قتلهِ ) رواه البخاري ومسلم، والشاهد هو أن الفعل المجزوم يكنه اتصل به ضمير نصب فلا يجوز حذف النون منه، فلا يقـال : إن يكُـهُ، وإلاَّ يكُـهُ.
وإعراب يكن في الموضعين هو: فعل مضارع مجزوم بالسكون، واسمها محذوف تقديره هو عائد على ابن الصياد، والهاء: خبرها يعود على الدجال والمعنى إن يكنْ ابنُ الصيادِ الدجالَ فلنْ تسلطَ عليه، لأنك لن تتمكن من قتله.
ويجوز هنا فصل الضمير أي إنْ يكنْ إياه فلن تسلط عليه وإن لم يكن إياه فلا خير لكَ في قتله.
وإن كان بعد الفعل الناقص ساكنا فلا يجوز حذف النون نحو: لمْ يكنِ الْرجلُ حاضرا، فهنا بعد النون همزة وصل وهي تسقط عند الوصل فيتصل الفعل بلام التعريف الساكنة فلا يصح حذف النون فلا يقال: لمْ يكُ الرجلُ حاضرًا.

ثم إذا قلتَ: لمْ يكُ زيدٌ حاضرًا، وأردت الوقوف على لمْ يكُ قلتَ: لم ْ يكنْ أي ترجع النون عند الوقف.

حذف كان

وتختص كان أيضا بجواز حذفها وذلك في موضعين هما:
1- بعد أَنْ المصدرية، وذلك في كل موضع أريد به تعليل فعل بفعل، تقول: أمَّا أنتَ منطلقًا انطلقتُ.
وأمّا هذه هي أنْ المصدرية المدغمة بما الزائدة، وأصلُ الجملةِ:( انطلقتُ لِأَنْ كنتَ منطلقًا ) فقدمت اللام وما بعدها على الفعل بقصد إفادة الاختصاص فصار: لِأَنْ كنتَ منطلقًا انطلقتُ، ثم حذفت اللام وكانَ للاختصار فصار: أَنْ أنتَ منطلقا انطلقتُ، فانفصل الضمير الذي كان متصلا بكان، ثم عوض عن كان بما الزائدة وأدغمت مع أنْ فصار: أَمَّا أنتَ منطلقا انطلقتُ، أي أني انطلقتُ لأنك انطلقتَ، وفي قولك: أَمَّا أنتَ منطلقًا انطلقتُ، أنت: اسم كان المحذوفة، ومنطلقا: خبرها.
ومثله أمَّا أنت غنيًا فتصدقْ، وأصلها تصدقْ لِأَن كنتَ غنيًّا ثم جرت فيه نفس الخطوات السابقة.
2- بعد إنْ ولو الشرطيتين، مثل: الناسُ مجزيونَ بأعمالِهم إنْ خيرًا فخيرٌ أو شرًا فشرٌ، والأصل: الناسُ مجزيونَ بأعمالِهِمْ إن كانَ عملُهم خيرًا فجزاؤهم خيرٌ وإن كان عملُهم شرًا فجزاؤهم شرٌ، فحذفت كان واسمها وأبقي الخبر في الموضعين.
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم لمن طلب أن يزوجه امرأة ولا مهر عنده : التمسْ ولو خاتمًا من حديد. رواه البخاري ومسلم، أي التمسْ ولو كانَ الملتمَسُ خاتمًا من حديد، فخاتما: خبر لكان المحذوفة مع اسمها.

( شرح النص )

بابٌ: النواسخُ لحكمِ المبتدأِ والخبرِ ثلاثةُ أنواعٍ:
أَحدُها: كانَ، وأمسى، وأصبحَ، وأضحى، وظلَّ، وباتَ، وصارَ، وليسَ، وما زالَ، وما فَتِئَ، وما انفكَ، وما بَرِحَ، وما دامَ، فيرفعْنَ المبتدأَ اسمًا لهُنَّ، وينصبنَ الخبرَ خبرًا لهُنَّ، نحوُ ( وكانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ).
وقدْ يتوسطُّ الخبرُ نحوُ : فليسَ سواءً عالمٌ وجهولُ.
وقدْ يتقدمُّ الخبرُ إلا خبرَ دامَ وليسَ.
وتختصُّ الخمسةُ الأُوَلُ بمرادفةِ صارَ.وغيرُ ليسَ، وفتئَ، وزالَ بجوازِ التمامِ أي الاستغناءِ عنِ الخبرِ نحوُ: ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) ( فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ).
وكانَ بجوازِ زيادتِها متوسطةً نحو ما كانَ أحسنَ زيدًا.
وحذفِ نونِ مضارِعها المجزومِ وصلًا إنْ لمْ يلقَها ساكنٌ، ولا ضميرُ نصبٍ متصلٌ.
وحذفِها وحدَها مُعوِّضًا عنها ما في مثل: أَمَّا أنتَ ذا نفرٍ، ومعَ اسمِها في مثل: إنْ خيرًا فخيرٌ، والتمسْ ولو خاتمًا من حديدٍ.
.
......................... ......................... ......................... ......................... ...................
لما أنهى الكلام على المبتدأ والخبر شرع يتكلم على نواسخهما وبدأ بكان وأخواتها فقال: ( بابٌ ) أي هذا بابٌ، فهذا المحذوف مبتدأ، وباب خبره ( النواسخُ لحكمِ المبتدأِ والخبرِ ثلاثةُ أنواعٍ ) كانَ وأخواتها، وإنَّ وأخواتها، وظنَّ وأخواتها.
( أَحدُها: كانَ، وأمسى، وأصبحَ، وأضحى، وظلَّ، وباتَ، وصارَ، وليسَ ) وهذه الثمانية لا يشترط في عملها شيء.( وما زالَ، وما فَتِئَ، وما انفكَ، وما بَرِحَ ) وهذه الأربعة يشترط في عملها أن يتقدمها نفي أو نهي أو دعاء ( وما دامَ ) ويشترط في عمل هذا الفعل أن تسبقه ما المصدرية الظرفية ( فيرفعْنَ المبتدأَ اسمًا لهُنَّ، وينصبنَ الخبرَ خبرًا لهُنَّ، نحوُ وكانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ) كانَ: فعل ماض ناقص، ربُّك: اسمها، قديرًا: خبرها ( وقدْ يتوسطُّ الخبرُ نحوُ : فليسَ سواءً عالمٌ وجهولُ ) هذا شطر بيت تمامه: سَلِي إنْ جَهَلْتِ الناسَ عنا... فليسَ سواءً عالمٌ وجهولُ، والشاهد فيه أن سواءً خبر ليس وقد تقدم على اسمها مع بقاء نفس العمل لليس ( وقدْ يتقدمُّ الخبرُ إلا خبرَ دامَ وليسَ ) أي يجوز أن يتقدمَ الخبر على الفعل الناقص مثل: نائمًا كانَ زيدٌ ويستثنى خبر دام وليس فلا يقال: لنْ أقربَكُمْ حاضرًا ما دامَ زيدٌ، ولا حاضرًا ليسَ زيدٌ ( وتختصُّ الخمسةُ الأُوَلُ ) وهي كانَ وأمسى وأصبح وظلَّ وباتَ( بمرادفةِ صارَ ) أي تكون بمعناها فستعمل للتحول كقوله تعالى: ( فكانت هباءً منبثًا ) أي صارت، ( و ) تختص ( غيرُ ليسَ، وفتئَ، وزالَ بجوازِ التمامِ أي الاستغناءِ عنِ الخبرِ ) أي تأتي كان وأخواتها تامة عدا ليس، وفتئ، وزال،مثل: أصبحَ زيدٌ أي دخل في وقت الصباح، فأصبح هنا فعل تام لا يحتاج المنصوب.( نحوُ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ )أي وجد ذو عسرة ( فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) أي حين تدخلون في الصباح وفي المساء ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) أي ما بقيت السموات والأرض، فكان وتمسون وتصبحون ودامت أفعال تامة ترفع فاعلا ولا تحتاج إلى الخبر ( و ) تختص ( كانَ بجوازِ زيادتِها متوسطةً )بين المتلازمين كالمبتدأ والخبر نحو زيدٌ كانَ عالمٌ، والفعل وفاعله نحو لمْ يتكلمْ كانَ غيرُكَ، والصفة والموصوف مثل: قصدتُ لزيارةِ صديق كانَ مريضٍ، أو بين ما التعجبية وفعل التعجب ( نحو ما كانَ أحسنَ زيدًا ) والأصل ما أحسنَ زيدًا ثم زيدت الكاف والغرض من زيادتها إفادة التوكيد فليس معنى زيادتها أنه جيء بها عبثا، بقيت مسألة وهي: هل زيادة كان قياسية في أي موضع توسطت فيه بين متلازمين أو أن الأمر مقصور على السماع ؟ والجواب زيادة كان سماعية فلا يقاس على ما جاء عن العرب فلا تضع بين المبتدأ وخبره كان الزائدة أو بين الفعل وفاعله وإنما يقتصر في ذلك على المسموع عن العرب إلا بين ما التعجبية وفعل التعجب فالزيادة قياسية فلك أن تضع بين ما التعجبية وفعلها كان الزائدة، في أي جملة وهذا هو السبب الذي جعل المصنف يقتصر في التمثيل على ما التعجبية وفعلها ( و ) تختص كانَ بجواز ( حذفِ نونِ مضارِعها المجزومِ وصلًا إنْ لمْ يلقَها ساكنٌ، ولا ضميرُ نصبٍ متصلٌ ) مثل: لمْ يكُ زيدٌ قائمًا، وشروط جواز الحذف أن يكون الحذف في المضارع المجزوم، وفي حالة الوصل لا الوقف لأنه عند الوقف على لمْ يكُ ترجع له النون، وأن لا يكون بعدها حرف ساكن لأنها ستكون عصية على الحذف بسبب تحريك النون بالكسر مثل: لم يكنِ الرجلُ قائمًا، وأن لا يتصل بها ضمير نصب مثل: إنْ يكنْه فلنْ تسلطَ عليه ( و ) تختص كان بوجوب ( حذفِها وحدَها مُعوِّضًا عنها ما في مثل: أَمَّا أنتَ ذا نفرٍ )في قول الشاعر: أَبا خُراشَةَ أمَّا أنتَ ذا نفرٍ ... فإنَّ قومِي لمْ تأكلْهُمُ الضَّبُعُ، أبا خُراشَة: كنية المخاطب بهذا البيت، ذا نفر: أي صاحب جماعة وكثرة من قومك، الضبُع: حيوان معروف وهو هنا مستعار للسَّنَة المجدبة المهلكة للخلق، والمعنى يا أبا خراشة لا تفخر علي بالنفر من قومك فإن قومي أيضا كثر ولم تهلكهم السنين المجدبة، والشاهد فيه أَمَّا أنتَ ذا نفرٍ، وأصله لأنْ كنت ذا نفرٍ، فحذفت اللام وكان وانفصل الضمير فيها فصار أنْ أنتَ ذا نفر ثم عوض عن كان المحذوفة بما الزائدة وأدغمت في أن فصار أمَّا أنتَ ذا نفر، وهنا قد حذفت كان وحدها دون اسمها وخبرها ( و ) تختص أيضا بجواز حذفها ( معَ اسمِها ) وبقاء خبرها ( في مثل: إنْ خيرًا فخيرٌ ) أي بعد إنْ الشرطية، والأصل الناسُ مجزيونَ بأعمالهم إنْ كانَ خيرًا فجزاؤُهم خيرٌ، فحذفت كان واسمها ( و ) في مثل( التمسْ ولو خاتمًا من حديدٍ ) أي بعد لو الشرطية، والأصل التمس ولو كان ما تلتمسه خاتما من حديد، فحذفت كانَ واسمها.

( تدريب )

أعرب ما يلي:
1- مَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ.
2- قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلهِ.
3- كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ.