حديث الشريد عن أبيه: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل متكأ على يده اليسرى خلف ظهره، قال أتقعد قعدة المغضوب عليهم". رواه ابو داود.
فما صحة هذا الحديث.
الإخوة الكرام أريد تخريج تفصيلي له.
حديث الشريد عن أبيه: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل متكأ على يده اليسرى خلف ظهره، قال أتقعد قعدة المغضوب عليهم". رواه ابو داود.
فما صحة هذا الحديث.
الإخوة الكرام أريد تخريج تفصيلي له.
للتذكير...
· أخرج أبوداود (5/ 176) رقم (4848) ، ومن طريقه البيهقي في " السنن الكبرى " (3/ 236) ، وفي " الآداب " (ص202) ، وأحمد (32/ 204) ، وابن حبان (12/ 488 ـ الإحسان ) رقم (5674) ، والطبراني في " المعجم الكبير " (7/ 378) رقم (7242) ، والحاكم (4/ 269) جميعاً من طريق عيسى بن يونس ، حدثنا ابن جريج ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه الشريد بن سويد ، قال : مر بي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنا جالس هكذا ، وقد وضعت يدي اليسرى ، وأتكأت على ألية يدي ، فقال : ( أتقعد قعدت المغضوب عليهم ) ؟!!
هذا إسناد صحيح على شرط مسلم لولا عنعنة ابن جريج لكنه صرح بالتحديث عند عبدالرزاق كما سيأتي .
وقد رواه عن عيسى : علي بن البحر ، والمغيرة بن عبدالرحمن الحرني ، وعمرو بن خالد الحراني .
وقد توبع عيسى ، تابعه : مندل ، عن ابن جريج به .
أخرجه الطبراني في " الكبير " (7/ 378) رقم (7243) .
ومندل هو ابن علي العنزي وهو ضعيف كما في " التقريب " .
وأخرجه عبدالرزاق في " المصنف " (2/ 198) رقم (3057) ، ومن طريقه ابن حزم في " المحلى " (4/ 19) : عن ابن جريج ، قال : أخبرني إبراهيم بن ميسرة أنه سمع عمرو بن الشريد يخبر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان يقول في وضع الرجل شماله إذا جلس في الصلاة : هي قعدة المغضوب عليهم .
وهذه الرواية فيها بعض الإشكالات :
أولاً : كونها مرسلة ، ولا ندري من أين تلقاها عمرو ؟! أمن والده الصحابي الجليل ؟ أو من غيره .
ثانياً : عبدالرزاق وهو الصنعاني وهو مع ثقته وجلالته تغير في آخر حياته ، وليس عندنا يقين أن هذه الرواية حدث بها قبل تغيره أو بعد ، وإذ لم نعلم فليس لنا إلا التوقف حتى يتبين لنا الأمر . قُلْتُ : مع العلم أن الأصل تمشية رواية عبدالرزاق وعدم الوقوف عندها ، إلا إذا اضطر الباحث عن كشف علة ما في سند ما ولم يجد متمسك إلا تغيره فيقال حينئذ : لعل ذلك مما حدث به بعد تغيره .
ثالثاً : راوي المصنف هو إسحاق بن إبراهيم الدبري ، قال الذهبي في " ميزان الإعتدال " (1/ 181) : سمع من عبدالرزاق تصانيفه ، وهو ابن سبع سنين أو نحوها ، لكن روى عن عبدالرزاق أحاديث منكرة ، فوقع التردد فيها ، هل هي منه فانفرد بها ، أو معروفة مما تفرد به عن عبدالرزاق .
رابعاً : رواية عمر بن الشريد مقيدة بالصلاة أما رواية والده الشريد بن سويد المتقدمة فهي مطلقة .
قال أبو عبدالرحمن : وقد صحح هذا الحديث أسد السنة شيخنا الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في كتابه الماتع " جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة " (ص196) بناء على تصريح ابن جريج بالسماع من ابن ميسرة ، لكن يشكل عليّ أن التصريح بالسماع قد ورد في نفس الرواية المشكلة .
قُلْتُ : لعل الصواب في هذا النهي عن هذه القعدة أنه خاص بالصلاة ، فقد :
أخرج أبوداود (992) ، وأحمد (10/416) رقم (6347) ، وتمام في " فوائده " (2/ 297) رقم (1793) ، والحاكم (1/ 230) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (2/ 135) ، وابن حزم في " المحلى " (4/19) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (36/ 162) ، كلهم عن عبدالرزاق وهو في " مصنفه " (2/197) رقم (3054) عن معمر ، عن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يديه .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . قُلْتُ : وهو كما قال .
وأخرجه الحاكم (1/ 272) ، ومن طريقه البيهقي في " السنن الكبرى " (2/136) من طريق هشام بن يوسف ، عن معمر ، عن إسماعيل بن أمية ، عن ابن عمر أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ نهى رجلاً وهو جالس معتمد على يده اليسرى في الصلاة ، فقال : إنها صلاة اليهود .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . قُلْتُ : هشام بن يوسف ـ وهو الصنعاني ـ لم يُخرّج له مسلم .
وأخرج أبو داود (993) ، فقال : حدثنا بشر بن هلال ، حدثنا عبدالوارث ، عن إسماعيل بن أمية ، سألت نافعاً عن الرجل يصلي وهو مشبك يديه ، قال : قال ابن عمر : تلك صلاة المغضوب عليهم .
قُلْتُ : وهذا إسناد صحيح ، رجاله جميعاً ثقات على شرط مسلم ، وهو موقوف .
وقد سبقت رواية معمر ، عن إسماعيل بن أمية . . . به مرفوعاً بلفظ ومعنى آخر .
فالذي يبدو أنهما حديثان ؛ أحدهما موقوف والآخر مرفوع . ويشهد للمرفوع ما :
أخرجه أبو داود (994) واللفظ له ، والبيهقي (2/ 136) من طريق هشام بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر، أنه رأى رجلاً يتكىء على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة ، ساقطاً على شقه الأيسر ، فقال له : لا تجلس هكذا ، فإن هكذا يجلس الذين يُعذَّبون .
رواه عن هشام : زيد بن أبي الزرقاء ، وابن وهب ، وجعفر بن عون .
وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات ، وفي هشام بن سعد كلام من قبل حفظه لا ينزل به حديثه عن هذه المرتبة التي ذكرنا .
وأخرجه الإمام أحمد مرفوعاً ، فقال (10/180) رقم (5972) : حدثنا محمد بن عبدالله بن الزبير ، حدثنا هشام ـ يعني ابن سعد ـ ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى رجلاً ساقِطاً يَدَه في الصَّلاةِ ، فقال : " لا تَجْلِسْ هكذا ، إنما هذه جِلْسَةُ الذينَ يُعَذَّبُونَ " .
وهذا إسناد حسن ، لكن قد يقال : أن الموقوف أصح من رواية المرفوع ؛ لأن رواية الثلاثة أقوى من رواية الواحد ، ويمكن أن يقال : الموقوف والمرفوع كلاهما صحيح .
وأخرجه عبدالرزاق موقوفاً ، (2/ 197) رقم (3055) : عن ابن جريج ، قال : أخبرني نافع أن ابن عمر رأى رجلاً جالساً معتمداً على يديه ، فقال : ما يجلسك في صلاتك جلوس المغضوب عليهم ؟ .
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين .
وأخرجه أيضاً عبدالرزاق موقوفاً ، (2/197) رقم (3056) : عن ابن عيينة ، عن محمد بن عجلان ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه رأى رجلاً جالساً معتمداً بيده على الأرض ، فقال : إنك جلست جلسة قوم عُذِّبوا .
وهذا إسناد جيد ، رجاله كلهم ثقات .
( تنبيه ) : أخرج أبو داود (992) حديث ابن عمر المرفوع بلفظ : " نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة " ، وهو منكر بهذا اللفظ ، تفرد به شيخ أبي داود محمد بن عبدالملك الغزَّال ، وهو وإن كان ثقة ، فقد خالفه الإمام أحمد وغيره في لفظه ، أنظر تفصيل ذلك في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " للإمام الألباني ـ رحمه الله ـ رقم (967) .
منقول من ملتقى أهل الحديث
تخريج حديث : " أتقعد قعدة المغضوب عليهم ؟! " - ملتقى أهل الحديث
جزاكم الله خيرًا على هذه التخريجات... وبارك الله فيكم
بارك الله فيكم . يلاحظ أن ابن جريج لما روى الحديث موصولا عنعن ـ وكأنه دلس ـ ولما صرح بالتحديث رواه مرسلا . والأقرب عندي أن الحديث لا يصح ، وإن كان قد قواه البعض كالشيخ عبد الله السعد فيما أذكر مِن شرحه على كتاب التمييز للإمام مسلم ، والله أعلم .
جزاكم الله خيرا
وهذا ما بالرابط نقلته لتكتمل الفائدة
عَنْ عَمْرِو بْنِ شَرِيدٍ عَنْ أَبِيهِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَالِسٌ هَكَذَا وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِي الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي وَاتَّكَأْتُ عَلَى أَلْيَةِ يَدِي فَقَالَ أَتَقْعُدُ قَعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ " .
أخرجه الإمام أحمد في ( مسنده ) ( 32/204 - رسالة ) ، وأبوداود ( 4848 ) ، والحاكم ( 4/299 ) ، والطبراني في ( الكبير ) ( 7/317 ) ، وابن حبان في ( صحيحه ) ( 12/ 488 ) ، والبيهقي في ( الكبرى ) ( 3/236 ) .
قلت :إن الحديث بهذا اللفظ العام في كل وقت ومكان أرى أنه لا يصح ؛ لأن فيه عنعنة ابن جريج وهو مدلس قبيح التدليس ، كما هو مذكور في ترجمته ؛ ولم يصرح بالتحديث في كل طرق هذا اللفظ العام .
ومن وجد تصريحه بالتحديث في هذا اللفظ العام فليفدنا ؛ وجزاه الله خيرا .
نعم صرح بالتحديث عند عبد الرزاق في ( المصنف ) ولكن مقيد بالصلاة . ( 2 / 198 ) :
عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني إبراهيم بن ميسرة أنه سمع عمرو بن الشريد يخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول في وضع الرجل شماله إذا جلس في الصلاة هي قعدة المغضوب عليهم ) .
هذا اللفظ الذي صرح فيه ابن جريج بالتحديث ؛ فتكون القعدة مقيدة ، وليست مطلقة . والله أعلم .