تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 20 من 20

الموضوع: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَفي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَفي

    مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَفي
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الأمين ، الذي بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، فتركها على المحجة البيضاء ، وسنة غراء ، ورثها عنه العلماء الأفاضل النُبلاء ، فنفوا عنها تحريف المبطلين ووضع الوضاعين ، وتأويل الجاهلين .
    ألا وإن لأهل الحديث السبق الأول في هذا الشأن فقد حصنوها بتحقيق الصحيح والضعيف وبينوا منها السقيم من الصحيح فكانت لهم الكلمة الأولى واليد الطولى في الذب عن تلك المحجة البيضاء والسنة الغراء والحصن الحصين لأمة نبي الإسلام التي ورثها العُلماء عَن الأنبياء أخرج أبو داود والترمذي من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( من سلك طريقا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع.وإن العالم ليستغفرُ له مَنْ فى السموات ومن فى الأرض حتى الحيتانُ فى الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب.وإن العلماء ورثة الأنبياء.وإن الأنبياء لم يُوَرِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما وَرَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر )) .فحاز أهل الحديث كل الإحترام والمحبة فأدخل الله لهم القبول في قلوب البشر جمعاء وكانوا أكثر أهل الناس إبتلاءاً فهذا الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة يبتلى بفتنة خلق القرآن فيصبر ويثبت بقوةٍ على الحقِ ويأمر بالاعتقاد بأن القرآن كلام الله ليس مخلوقاً وغيرهُ مِنْ الأئمة الأثبات الثقات أصحاب الحديث الأعلام ممن صبر واحتسب عند الله وكان له الأجر والقبول في كل بقاع الأرد فقال الإمام الشافعي - رحمه الله - ذم الكلام وأهله (ص401) : (( إِذَا رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ ، فَكَأَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )) وفي رواية عَنه كما روى عنه الحافظ الذهبي في كتابهِ النفيس سير أعلام النبلاء- (ج10/ص59-60-60) : (( إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث ، فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، جزاهم الله خيرا ، هم حفظوا لنا الأصل ، فلهم علينا الفضل )) ولذلك قال داود الأصبهاني - رحمه الله - ذم الكلام وأهله (3/26) : (( أَصْحَابُ الْحَدِيثِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْفُقَهَاءِ وَذَاكَ أَنَّ كَدَّهُمْ ضَبْطُ الْأُصُولِ )) .
    ووروي عن الإمام الشافعي في ذم الكلام وأهله (3/26) : (( عَنِ الْبُوَيْطِيِّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ صَوَابًا )) ، وقد قال الأعمش - رحمه الله - كما روى عنه صاحب ذم الكلام وأهله (5/173) : (( لَا أَعْلَمُ لِلَّهِ قَوْمًا أَفْضَلَ مِنْ قَوْمٍ يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ وَيُحْيُونَ هَذِهِ السُّنَّةَ كَمْ أَنْتُمْ فِي النَّاسِ لَأَنْتُمْ أَقَلُّ مِنَ الذَّهَبِ )) وإعلم أن حفظ السنة لا يكون إلا ببيان الصحيح والضعيف ولهذا كان أشرف ما عني به أهل الحديث هو النظر في أحوال الرجال وتمييز من كان منهم على إستقامة ومن كان منهم مخرومُ العدالةِ منتقدٌ مِن ناحية العلم أو الحفظ أو الضبط أو الإختلاط أو جرحٌ مفسر بالضعف أو الوضع أو الكذب على رسول الله ، فكان لأهل الحديث شرف تمييز الخبيث من الطيب قال الله تبارك وتعالى : (( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ )) ولذلك لا يكون تمييز القوي من الضعيف ولا الصحيح من السقيم إلا لأهل الحديث وقد أكرمهم الله تبارك وتعالى بهذه الشرف العظيم وانتفضوا لهذا العلم ووهبوا له الحياة وأفنوا الأعمار في نقد الرجال وبيان الضعفاء من القائم أمرهم بالعلم والبيان وحفظ سنة خير الأنام وكان منهم حفظةٌ أتقياءٌ أئمةٌ علماءٌ أثباتٌ .
    ودليل ذلك لم يتركوا هذا المجال العظيم والعلم المتين والقول الرزين وهو قول الجارحين والمعدلين علمٌ لا يتقنه إلا الحفاظ المتقنين الأثبات الأئمةِ المُحدثين فكان على رأسهم الصحابة الكرام المؤمنين العدول سرج الليل وفرسان النهارِ - رضوان الله عليهم أجمعين - فكان على رأسهم : (( الشعبي وابن سيرين وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير )) وإليك أيها المُتقن المحدث الكريم ما كان من آخر عصر التابعين وَهُوَ حُدُود الْخَمِيس ومئة تَكَلَّمَ فِي التَّوْثِيقِ وَالتَّرْجِيح طَائِفَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ المُؤمِنين الصَالحينء فمِنهُم :
    (1) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا رَأَيْتُ أَكْذَبَ مِنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ.
    (2) وَضَعَّفَ الْأَعْمَشُ جَمَاعَةً وَوَثَّقَ آخَرِينَ.
    (3) وَنَظَرَ فِي الرِّجَالِ شُعْبَةُ وَكَانَ مثبتا لَا يَكَادُ يَرْوِي إِلَّا عَنْ ثِقَةٍ.
    (4) وَكَذَا كَانَ مَالِكٌ.
    (5) وَمِمَّنْ إِذَا قَالَ فِي هَذَا الْعَصْرِ قبل قَول معمر.
    (6) وهَاشِم الدَّسْتَوَائِي ُّ .
    (7) وَالْأَوْزَاعِي ُّ .
    (8) وَالثَّوْرِيُّ.
    (9) وَابْنُ الْمَاجِشُونِ .
    (10) وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ .
    (11) وَاللَّيْث بن سعد وَغَيْرُهُمْ .
    فهذه الطبقة من الأئمة الذين تكلموا في الرجال في آخر عصرٍ للتابعين كما نقل الإمام السخاوي - رحمه الله - في كتابه النفيس المتكلمون في الرجال (1/99) فعني هؤلاء ومن تلاهم بنقد الرواة وتبيين حالهم وأول لبنةٍ وضعوا ذلك وقعدوا لهذا العلم العظيم فذكروا أقوال أئمة الجرح والتعديل منهم مَن نقله عَن شيخه المحدث الثين الأمين ! ومنهم من نقله عن اللبنة الأولى بإسناده إلي الأئمة الأعلام المثبتين فساقوها بأسانيدها كما ساقوا الأحاديث ، فعني الإمام الحافظ الناقد الثقة البارع جمال الدين بن يوسف المزي فنقل في كتابه تهذيب الكمال أقوالهم مسندةً لأئمةِ الجرح والتعديل - رضي الله عنهم - وإن كان هذا الكتاب النفيس لم يستوعب كامل شيوخ من ترجم لهم في الكتاب فمن القصص المنقولة في تدليس أبي الزبير المكي - رحمه الله - ما روي من طريق الليث بن سعد وهو إمامٌ ثبتٌ ثقةٌ من الطبقة التي كانت آخر عصر التابعين ممن تكلم في الرجال ونقد الرواة وعرفَّ بالثقات وروي عنه ما يثبت تدليس أبي الزبير المكي ومثل هذا عَنهُ لا يمكن أن يرد وإلا اعتبر رداً لأقوال الأئمة الأثبات الثقات .
    فالتدليس لهُ حكمهُ الخاص سواءٌ أكان تدليس الإسناد أو تدليس التسوية أو تدليس الشيوخ أو تدليس البلدان أو العطف فكلُ واحدٍ منهم لهُ حكمه الخاص فإذا ثبت التدليس لابد من تحديد نوع التدليس الذي وقع فيه ذلك الراوي ، والرجوع كونه من المكثرين أم من المقلين لأننا كما قررنا في دراسة تدليس أبي الزبير المكي أنهُ لم ثبت على الراوي أنه مقلٌ من التدليس فإنهُ لا يعامل أبداً معاملة المكثر من التدليس ، وإخترت الإمام الثقة الثبت الفقيه المحدث المشهور حبيب بن أبي ثابت بعد أن رأيت الحافظ ابن حجر - رضي الله عنه - قد وضعهُ في المرتبة الثالثة من المدلسين وهي طبقة لا يقبل من أصحابها إلا ما صرحوا بهِ بالسماع ، ودليلهُ ما روي عن الأعمش - رضي الله عنهُ - في المحدث الفاصل للرامهرمزي (1/455) : حَدَّثَنِي شِيرَانُ ثَنَا إِسْحَاقُ الشَّهِيدِيُّ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ [ص:456]، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ لِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَنِي عَنْكَ بِحَدِيثٍ مَا بِالَيْتُ أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْكَ» فكان هذا دليلاً في اتهامهِ بالتدليس وأن حبيب بن أبي ثابت يتساهل في إسقاط هذا الراوي بينه وبين الاعمش - رضي الله عنهما - وإن كان في صحتها نظرٌ عندي إلا أننا لا يمكن أن ننكر أنهُ قد حكم عليه الأئمة بأنهُ مدلسٌ ويكفي أهل الحديث فضلاً أن قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي هَذِهِ فَحَمَلَهَا فَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ فِيهِ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ صَدْرُ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمُنَاصَحَةُ أُولِي الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ )) فكفى والله بان النبي صلى الله عليه وسلم أثنى عليهم بذلك الثناء العظيم فجزاهم الله تعالى كل خيرٍ لما نقلوه ، فقد وصفهُ بالتدليس عددٌ لا بأس به من العلماء كابن حبان والدارقطني والبيهقي وأقدم ما روي عن الإمام الأعمش - رحمه الله - فإذا قلنا أن حبيب بن أبي ثابت - رضي الله عنه - في الطبقة الثالثة من المدلسين فإننا عندها سنهدر من السنة العدد الكثير ، فكم من حديثٍ رواهُ حبيب بن أبي ثابت وقد رواهُ بالعنعنة ! أنضعفها بالتدليس فنرد سنةً صحيحةً عَن النبي - صلى الله عليه وسلم - ! .
    فليس في قولهم دليلٌ على فحش التدليس ، ولم يصفهُ احدٌ منهم بالإكثار والتدليس المردود من العلماء المتقدمين ، بل كان يقول : (( كان مدلساً )) وقال فيه ابن حبان : (( على تدليس فيه )) فهذا لا يمكن أن يكون جزماً بأنهُ من المكثرين وإنما دليلٌ وقرينةٌ بينةٌ على أنه مقلٌ منه عند ابن حبان - رضي الله عنهما - ولهذا فلابد أن يحقق الباحث وأن لا يكتفي أبداً برد حديث من وصف بالتدليس لأنهُ عندها قد يكونُ اخطأ فيرد أحاديثاً صحاحاً لأجل التدليس ! وإنا والله لنحسن الظن بالأئمة الأعلام الذين وصفوهُ بالتدليس ولا نعلم البيهقي أعل حديثاً لحبيب بن أبي ثابت ولا ابن حبان بالتدليس وقد يراد بوصفهم لهُ مدلساً الإرسال فكثيراً ما كان الأئمة يطلقون هذه اللفظة ويريدون بها الإرسال الخفي وهو علمٌ بديعٌ وفنٌ جزيلٌ لا يتقنه إلا من رزقه الله فهماً ثاقباً وحُسناً وسمتاً في العلمِ وطول صبرٍ وبحثٍ وتنقيب في كُتب الأئمةِ ، ذلك إن غاية ما نقولهُ أن الوصف جاء في تعيين من لم يسمع منهم وكانوا يطلقون التدليس فيمن روى عمَّن عاصرهُ ولا يعرفُ له سماعٌ منهُ كالحجاج بن أرطأة وغيرهُ ، كقتادة بن دعامة السدوسي ، ويحيى بن أبي كثير وهؤلاء وحبيب بن أبي ثابت وغيرهُ من المكثرين ممن تدور عليهم الأسانيد وأكثروا مِن الرواية وقد أعل كثيرٌ من المتأخرين أحاديثاً يرويها حبيب بن أبي ثابت بالتدليس وقالوا أنهُ لم يصرح بالسماع وما كان صنيعهم إلا إحساناً بما رأوهُ موصوفاً به من التدليس ، ولا نعلم إلا الحافظ ابن حجر - رضي الله عنه - قد وصفهُ بالكثرةِ ومثلهُ لا يكون في المرتبة الثالثة من المدلسين فهذا ليس بمسلمٍ أبدأ فوصفهُ : كان مدلساً كما مضى فهذا وصفٌ عامٌ لا يلزم الإكثار من التدليس ، ووالله إنا لنرى أن حبيباً ممن احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح فهذا البخاري يخرج لهُ في الصحيح ويحتمل حديثهُ وقد عنعن فيه صحيح البخاري (4/113/ح3222) من حديث حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن وهب ، وأخرج لهُ معنعناً في صحيحه (4/160) فتارة تجد حديثه عن ابن عباس بواسطةٍ وتارةً تجدهُ عنهُ دون واسطة وفي سماعه من ابن عباس مبحثٌ سنحققه إن شاء الله تبارك وتعالى ، وإنما عابوا عليه أحاديثاً لا يتابع عليها عن عطاء ولم يصفه بالكثرة إلا الحافظ وقد عمدت إلي هذه الدراسة الواسعة لمرويات حبيب بن أبي ثابت وطبقته في التدليس وسماعه من شيوخه الذين تكلم في سماعه منهم فهذه الدراسة أسأل الله تعالى أن تكون خالصةً لوجه الله تبارك وتعالى وأن يجعلني فيها مسدداً بإذن الله تبارك وتعالى .

    وكَتب /
    أبو الزهراء بن أحمد آل أبو عودة الغزي
    9/ رمضان /1434 ه
    ـ
    حامداً الله تبارك وتعالى ومصلياً لهُ وعلى الحبيب
    محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وسلم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    البَاب الأول : الإرسال الخفي وعلاقته بالتدليس .
    [ الفصل الأول ] تعريف المرسل الخفي إصطلاحاً .
    [ الفصل الثاني ] علاقة المرسل الخفي بالتدليس .
    [ الفصل الثالث ] حكم رواية من عرف بالإرسال الخفي .
    الفصل الأول : المرسل الخفي إصطلاحاً .
    سمي المرسل الخفي بهذا المسمى احترازاً لأنه لا يمكن أن يكشف عنه إلا من الحافظ الجهبذ وبهِ عني جمعٌ من الحفاظ إلا أن المرسل الخفي لم يكن معروفاً في عهد المتقدمين كابن حبان - رحمه الله - والنسائي والبخاري وأحمد بن حنبل وغيرهم من جهابذة النقد وأعمدة العلم - رحمهم الله - ولذلك تجد أكثرهم يطلق لفظة التدليس على الإرسال الخفي ولهُ بيانهُ ، وعليه المرسل الخفي هو : (( أن يروي عَمَّنْ عاصرهُ ولم يُعرف لهُ لقاءٌ بهِ ما لم يسمعهُ )) واعلم أن ما ذكره الحافظ ابن حجر في المرسل الخفي كان معروفاً ومنتشراً عند الأئمة المتقدمين ولكن كما أشرت في بداية المقال أنه لم يكن يعرف بذلك المسمى قال العراقي في تعريف المرسل الخفي في التذكرة والتبصرة (2/306) : (( ليس المراد هنا بالإرسال ما سقط منه الصحابي، كما هو المشهور في حدّ المرسل، وإنّما المراد هنا مطلق الانقطاع، ثمّ الإرسال على نوعين: ظاهر وخفي. فالظاهر: هو أن يروي عمن لم يعاصره، بحيث لا يشتبه إرساله باتصاله على أهل الحديث.... والخفي هو أن يروي عمن سمع منه ما لم يسمعه منه، أو عمن لقيه ولم يسمع منه، أو عمن عاصره ولم يلقه، فهذا قد يخفى على كثير من أهل الحديث، لكونهما قد جمعهما عصر واحد، وهذا النوع أشبه بروايات المدلسين، وقد أفرده ابن الصلاح بالذكر عن نوع المرسل، فتبعته على ذلك )) ومما يجب الإشارة لهُ وهو أن منطوق الأئمةِ وألفاظهم أصبحت تختلف في مدلولاتها ولابد من التحري في المسألة بحث أنك ترى على منطوقه المذكور يريد التدليس كتعريف البزار يقول فيه في التقييد والإيضاح (ص97) : (( أن يروي عمن قد سمع منه ما لم يسمع منه، من غير أن يذكر أنّه سمعه منه )) فإنك لو أمعنت النظر فإنك ستجد أن المنطوق المذكور هنا مراده التدليس إلا أن العلماء الجهابذة أن غير هذه الصورة لا يسمى تدليساً وتعريق البزار - رحمه الله - هو تعريف التدليس وهو أن يروي عمَّن عاصرهُ وسمع منه مالم يسمع منهُ دون أن يذكر أن يسمع منه والمراد هنا ان الصيغة المستعملة هي : (( عن )) وبقية ألفاظ التي توهم بالسماع وليس هو الإرسال الخفي لأنك قد تجد كثيراً من العُلماء يطلقونهُ ولا يريدون به إلا الإرسال الخفي ، لذلك فإني أترك القارئ في متسعٍ كبيرٍ لفهم أقوال الأئمة .
    وقد اخترت أن أعرف الانقطاع وهو : [ ما سقط من إسناده واحدٌ او أكثر بشرط أن لا يكون على التوالي ] إلا أن الانقطاع مردودٌ ومقبول كما أنه ظاهرٌ وخفيٌ كما في التبصرة والتذكرة (2/306) وعليه فإن الانقطاع يكون في الإسناد كالتالي :
    (1) ظَاهر :
    هو أن يروي عمن لم يعاصره، بحيث لا يشتبه إرساله باتصاله على أهل الحديث.
    (2) خفي : رواية الراوي عمَّن عاصرهُ أو - لقيه - ما لم يسمع منه .
    والأصل أن الخفي في تعريفه يختلفه عن تعريف التدليس حيث أنك تجد أن أكثر أهل العلم يفرق بينهما بصيغة التحمل ، فالتدليس أخص من الإرسال الخفي عمّن سَمع منه ما لم يسمع على خِلاف الإرسال الخفي فإنه الرواية عمّن عاصرهُ ولم يلقهُ ما لم يسمع منه ، وقد تتبع الحافظ ابن حجر العسقلاني قول العراقي بأن تعريف ابن الصلاح للتدليس في المقدمة هو المشهور عند المُحدثين وفرق بينهما مُبيناً أن التَدليس أخصُّ مِنْ المُرسل الخفيِّ كَون الأول سمعَ مِنْ الثاني وروى عنه ما لم يسمعهُ ! أما الثاني فيروي ما لم يسمعه عمَّنْ لم يلقهُ ولكنهُ عاصرهُ ولا يعرفُ لهُ لقاءٌ بهِ ولا سماعٌ مِنْهُ واحتج الحافظ ابن حجر العسقلاني بقول الخطيب البغدادي في تعريف المرسل الخفي فقال : (( أن من روى عمن لم يثبت لقيه ولو عاصره أن ذلك مرسل لا مدلس )) ، وقد سبق بيان هذا الأمر في دراستنا حول الإمام الثبت قتادة - رحمه الله - وهذا التعريف الذي بين يديك هو ما استقر عليه عند المحدثين - رضي الله تعالى عنهم - .
    قال الخطيب البغدادي في الكفاية (357) : (( لَوْ بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ [يَسْمَعْهُ] مِنَ الشَّيْخِ الَّذِي دَلَّسَهُ عَنْهُ وَكَشَفَ ذَلِكَ لَصَارَ بِبَيَانِهِ مُرْسِلاً لِلْحَدِيثِ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فِيهِ لأَنَّ الإِرْسَالَ لِلْحَدِيثِ لَيْسَ بِإِيهَامٍ مِنَ الْمُرْسِلِ كَوْنَهُ سَامِعًا مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَمُلاَقِيًا لِمَنْ لَمْ يَلْقَهُ إِلاَّ أَنَّ التَّدْلِيسَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُتَضَمِّنٌ لِلإِرْسَالِ لاَ مَحَالَةَ مِنْ حَيْثُ كَانَ المُدَلِّسُ مُمْسِكًا عَنْ ذِكْرِ مَنْ [بَيْنَهُ] وَبَيْنَ مَنْ دَلَّسَ عَنْهُ وَإِنَّمَا [يَفْرِقُ] حَالُهُ حَالَ المُرْسِلِ [بِإِيهَامِهِ] السَّمَاعَ مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ فَقَطْ، وَهُوَ المُوهِنُ لأَمْرِهِ فَوَجَبَ كَوْنُ هَذَا التَّدْلِيسِ مُتَضَمِّنًا لِلإِرْسَالِ، وَالإِرْسَالُ لاَ يَتَضَمَّنُ التَّدْلِيسَ لأَنَّهُ لاَ يَقْتَضِي إِيهَامَ السَّمَاعِ مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ: وَلِهَذَا المَعْنَى لَمْ يَذُمَّ العُلَمَاءُ مَنْ أَرْسَلَ الحَدِيثَ وَذَمُّوا مَنْ دَلَّسَهُ )) قُلت : وقد فرق الأئمة الأعلام بين المُدلس والمُرسل الخفي بصيغة الأداء وهذا مَعنى ما نراهُ بيناً في كلام الخطيب البغدادي في الكفاية ! وهذا مِنْ كونهم حذاقٌ أعلامٌ في صنعتهم فمَنْ حدثَّ عَنْ مَنْ عاصرهُ ولقيهُ أو سمع مِنه ما لم يسمعُ بصيغةٍ تُوهم السماع فهذا مُدلسٌ ! ومَنْ حدث لمجرد الرواية حسبما يحضره في المجلس فهذا العمل منه إرسال خفي قال الحاكم : (( ففي هؤلاء الأئمة المذكورين بالتدليس من التابعين جماعة وأتباعهم، غير أني لم أذكرهم فإن غرضهم من ذكر الرواية أن يدعوا إلى الله عز وجل، فكانوا يقولون: "قال فلان"، لبعض الصحابة، فأما غير التابعين فأغراضهم فيه مختلفة )) قُلت : إنما تكلم في الأداء عِند الأئمة الأعلام والذي يظهرُ والله أعلى وأعلم أن المُعاصرة مُتحققة في التعريفين إلا أن الفرق بينهما في صيغة الأداء فالمدلس يوهم ! والثاني لا يوهم ! والسبب الذي دفعني لجعل المُعاصرة بين الطرفين واردةٌ كَون الأول وهو المُدلس ( عاصره - لقيه - سمع منه ) إلا أنه (حدث بما لم يسمع منه ) ، وأما الإرسال الخفي وهو ( عاصره - لم يُعرف لهُ لقاء - لم يسمع منه ) وقد ( حدث عنهُ بما لم يسمع منه ) وهذا الذي بين يديك هو تعريف الإرسال الخفي إصطلاحاً والفرق بينهُ وبين التدليس وفي الفصل القادم إن شاء الله سنبسط بين يديك علاقة الإرسال الخفي بالتدليس ونتوسع إن شاء الله تعالى .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    الفصل الثاني : المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس .
    ومما يتبصر لهُ الباحث الجهبذ أن العلاقة بين التدليس والإرسال الخفي تكونُ من التعريف حيث أنك لو أمعنت النظر في تعريف المرسل الخفي : (( الرواية عمَّن عاصرهُ ولم يعرف لهُ لقاءٌ بهِ مالم يسمع منهُ )) ، والتدليس : (( رواية الراوي عمَّن عاصرهُ و سمع منهُ ولقيهُ مالم يسمع منه بصيغةٍ موهمة بالسماع )) ولذلك فإعلم أن الحفاظ قد يطلقون على الذي حدث عمَّن عاصرهُ ولم يثبت لهُ سماعٌ منه أو لقاءٌ تدليس ، وهو ما نعرفهُ انا وأنت وقاله الحافظ ابن حجر العسقلاني بأنهُ المرسل الخفي ، وهذا ما يدفعنا لذكر أن مَنْ ذكرهم العلائي في كتابه جامع التحصيل هم ثلةٌ مِنْ الرواة الذين وصمهم العلائي بالتدليس وأطلق هذه اللفظة عليهم وهم معروفون بالارسال وقرروا قاعدةً على عدم قول روايات هؤلاء المُعنعنة وقد قال العلائي ومِنْ بعده الحافظ ابن حجر العسقلاني أن مَنْ ذكر في الجامع أو قال يذكر بالتدليس أو ذكره النسائي بالتدليس فإنه محمولٌ على رواية مَنْ سمع مِمَنْ لقيَّ وحدثَّ عنهُ مالم يسمع ! وقد كانوا يطلقون كذلك التدليس على رواية مَن عاصر ولم يثبت له اللقاء ولا السماع وحدث بما لم يثبت سماعهُ مِنْهُ ، فالأئمة المتقدمين كابن معين وابن حبان كانوا يتجوزون في مثل عبارات التدليس فلا مشاحة فيها عندهم قال الحافظ : (( قلت: والذي يظهر من تصرفات الحذاق منهم أن التدليس مختص باللقي، فقد أطبقوا على أن رواية المخضرمين مثل: قيس بن أبي حازم وأبي عثمان النهدي وغيرهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبيل المرسل لا من قبيل المدلس. وقد قال الخطيب في باب المرسل من كتابه الكفاية:
    لا خلاف بين أهل العلم أن إرسال الحديث الذي ليس بمدلس وهو: رواية الراوي عن من لم يعاصره أو لم يلقه، ثم مثل للأول بسعيد بن المسيب وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وللثاني بسفيان الثوري وغيره عن الزهري. ثم قال: والحكم في الجميع عندنا واحد
    )) .
    فمقتضى كلام الخطيب أن من روى عمَّن عاصرهُ ولم يثبت له اللقاء لا يكون مدلساً ، والأصل بين هذا وهذه أن ما رواهُ بصيغةٍ موهمةٍ بالسماع فإن هذا يعتبر تدليساً ، وأما ما رواهُ على سبيل الإرسال الخفي ممن عرف لهُ المعاصرة ولم يعرف لهُ السماع أو ثبوت اللقاء فذلك لا مشاحة في تسميته كما ذهب إلي ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني وهو المرسل الخفي .
    فتجد أن الحافظ ابن حجر - رحمه الله - فرق بين المعاصرة واللقاء في كلامهِ فعد من ثبت له اللقاء وهذا يشمل السماع تدليساً وعد من لم يعرف لهُ اللقاء أو السماع إرسالاً خفياً قال الإمام السخاوي - رحمه الله - في فتح المغيث (1/183) : (( فخرج باللقاء المرسل الخفي فهما وإن اشتركا في الانقطاع فالمرسل يختص بمن روى عمن عاصره ولم يعرف أنه لقيه كما حققه شيخنا تبعاً لغيره على ما سيأتي في بابه قال وهو الصواب لإطباق أهل العلم بالحديث )) .
    قال العلائي في الجامع (ص/97) : (( قال ابن عبد البر: اختلفوا في حديث الرجل عمن لم يلقه، مثل مالك عن سعيد بن المسيب والثوري عن إبراهيم النخعي فقالت فرقة: هذا تدليس، لأنهما لو شاءا لسميا من حدثهما كما فعلا في الكثير مما بلغهما عنهما، قالوا: وسكوت المحدث عمن حدثه مع علمه به دلسة، قال أبوعمر-يريد ابن عبد البر- فإن كان هذا تدليساً فما أعلم أحداً من العلماء سلم منه في قديم الدهر ولا حديثة اللهم إلا شعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان فإنهما ليس يوجد لهما شيء من هذا لا سيما شعبة. وقالت طائفة ليس هذا بتدليس وإنما هذا إرسال، وكما جاز أن يرسل سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وهو لم يسمع منهم ولم يسم أحد من أهل العلم ذلك تدليساً، كذلك مالك في سعيد بن المسيب انتهى كلامه ، والقول الأول ضعيف؛ لأن التدليس أصله التغطية والتلبيس وإنما يجيء ذلك فيما أطلقه الراوي عن شيخه بلفظ موهم للاتصال وهو لم يسمعه منه فأما إطلاقه الرواية عمن يعلم أنه لم يلقه أو لم يدركه أصلاً فلا تدليس في هذا يوهم الاتصال وذلك ظاهر وعليه جمهور العلماء والله أعلم )) فالحافظ ابن حجر - رحمه الله - لم يعد رواية من عاصر ولم يثبت لهُ اللقاء بهِ تدليساً على خلاف ما ورد عن الأئمة المتقدمين على اختلاف مدلولاتهم في هذا الشأن فتجد ابن حبان يطلق لفظة كان يدلسها على روايته عمن لم يعرف لهُ سماعٌ ويتبعها بقوله لم يسمع منهم وإنما كان يدلسها ، كقول الإمام أحمد بن حنبل عن سعيد بن أبي عروبة - رضي الله عنهما - : (( كان يحدث عن كل هؤلاء على التدليس ولم يسمع منهم )) والصحيح أن هذا لا يسمى تدليساً وإنما إرسالاً فنفي الإمام أحمد السماع منهم دليلٌ على أن حديث سعيد عنهم في عداد المرسل ومن هنا يأتي التفريق بين المرسل الخفي والتدليس حيث أن كل واحدٍ منهما يختلف في مسألتين وهي الصيغة الموهمة بالسماع فإذا علمنا أنهُ قد حدث بصيغة موهمةٍ فهذا مدلسٌ وكان قد سمع منهُ ولقيهُ وأما إن رأينا أنه عاصرهُ ولم يعرف لهُ لقاءٌ به سواءٌ أكان باعترافه بنفسه أو بأقوال الأئمة ممن سبر روايته وعرف لقاؤه به من عدمه فإننا لا نسميه إلا إرسالاً خفياً ولا يكون بصيغةٍ توهم السماع لأنك تجدهم يطلقون على هذا مطلق الإرسال .
    في النكت على مقدمة ابن الصلاح (2/2) : (( أن من ذكر التدليس أو الإرسال إذا ذكر بالصيغة الموهمة عمن لقيه فهو تدليس أو عمن أدركه ولم يلقه فهو المرسل الخفي، أو عمن لم يدركه فهو مطلق الإرسال )) ، قُلت : واعلم أن مَنْ عرف بأنه كان مُرسلاً أو ورد فيه وصفٌ بالتدليس ! والتحقيق أن روايته عمَّن عاصره ولم يلقَ فإن هذا لا يبحث في عنعناتهم كما سيأتيك البيان بل يبحث في أصل السماع هل ثبت لهم السماع أم لم يثبت ، ومثل مَنْ تدور عليهم مدارات الأخبار وفيهم القول الأول في الحديث وما ثبت عن نبينا العدنان فهؤلاء لابد للمرء أن يتحرى مروياتهم وأن عنعناتهم مقبولةٌ ولا يمكن تحري السماع فيها ! لأن أمثال يحيى بن أبي كثير اليمامي قد أخرج له الشيخان في الصحيح دُون تحري سماعاته ودُون الرجوع إلي ما قد يصرح بها بالسماع وحالهُ لا يخفى على أن وقع في الإرسال الخفي لا التدليس كما سترى .
    فالتدليس والإرسال الخفي ومطلق الإرسال فقد مضى أن مطلق الإرسال هو أن يحدث عمن لم يدركهُ وهذا واردٌ في تعريف الخطيب - رحمه الله - ، والمرسل الخفي وهو أن يروي عمن عاصرهُ وعلم أنه لم يلقهُ فذلك الإرسال الخفي ، وأما ما رواهُ بصيغة موهمةٍ بالسماع عمن سمع منه وعاصرهُ فإن ذلك يسمى تدليساً وعليه الأئمة - رضي الله عنهم - .
    وقد ميز المتقدمين - رضي الله عنهم - بين رواية الراوي عمَّن سمع منه ما لم يسمع ورواية الراوي عمن عاصرهُ ولم يثبت له سماعٌ منه مالم يسمع بصيغةٍ توهم السماع ومثالهُ ما جاء في العلل عن الإمام أحمد بن حنبل (1/255) : (( قلت لأبي كم سمع هشيم من جابر الجعفي؟ قال: حديثين. قلت: فالباقي؟ قال: مدلسة )) وروى الدوري عن ابن معين في التاريخ (4/377) : (( سألت يحيى عن حديث هشيم عن أبي إسحاق عن أبي قيس عن هزيل قال قال عبد الله ما أبالي ذكري مسست أو أنفي فقلت له من أبو إسحاق هذا فقال يحيى: هشيم لم يلق أبا إسحاق السبيعي ولم يلق أيضا أبا إسحاق والذي يدلس عنه الذي يقال له أبو إسحاق الكوفي )) فكما ترى فإنهم يطلقون لفظة التدليس على رواية الراوي عمن سمع منه مالم يسمع إلا أن الأئمة يطلقون لفظة التدليس على رواية الراوي عمن لم يثبت له سماعٌ منه أو لقاء وهو ما يعرفهُ الحافظ ابن حجر بالإرسال الخفي وإليك بعض الأمثلة مِن أقوال الأئمةِ - رضي الله عنهم - .
    (1) قال الدوري عن الإمام يحيى بن معين - رضي الله عنه - : (( سمعت يحيى يقول لم يلق يحيى بن أبي كثير زيدَ بن سلام وقدم معاوية بن سلام عليهم فلم يسمع يحيى بن أبي كثير أخذ كتابه عن أخيه ولم يسمعه فدلسه عنه )) .
    قُلت : وقد سبق وأن أوردنا هذا عن الإمام في دراستنا : (( مرويات الإمام يحيى بن أبي كثير بين التدليس والإرسال الخفي )) فهذا ابن معين يخبر أن رواية يحيى بن أبي كثير زيد بن سلام من قبيل التدليس وهي في الحقيقة مرسلٌ خفي ، وقد أطلقها ابن حبان - رضي الله عنهم - على من يشك في ثبوت معاصرتهِ أصلاً فسماهُ تدليساً فقال في ترجمة سليمان الأسدي : (( وقد قيل إنه سمع جابراً وليس ذاك بشيء تلك كلها أخبار مدلسة )) وقد وصف ابن حبان سليمان الأسدي بالتدليس ولو أن أحداً ممن لا يحقق النظر فيمن عرف بالتدليس إلي قوله لضعف حديث سليمان وقد استدرك الحافظ ابن حجر والعلائي هذا في حين أن الإمام أراد به الإرسال لأنه وكما تعلم فإن سليمان لم يسمع من جابر وقد نص على عدم سماعه منهُ عددٌ من الأئمة كالبخاري ولذلك فإنك تجد أقوالهم لا مشاحة فيها فإنهم يطلقونها ويريدون بها الإرسال ولا يريدون بها التدليس كأن ترى إماماً من الأئمة ينفي سماع أحد الرواة عمن حدث عنهُ تماماً وهو مطلق الإرسال وهي أن يروي عمن لم يدركه أصلاً فيقول وتلك أخبارٌ دلسها ! أو أن يقول فيمن ثبت المعاصرة لهُ أو الرؤية دون أن يكون ثبت لهُ السماع فتلك أخبارٌ مدلسة ولا يريد به التدليس المعروف إصطلاحاً .
    (2) قال الإمام أحمد بن حنبل سير أعلام النبلاء (6/468) : (( لَمْ يَسْمَعْ سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ مِنَ الحَكَمِ, وَلاَ مِنَ الأَعْمَشِ, وَلاَ مِنْ حَمَّادٍ, وَلاَ مِنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ, وَلاَ مِنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ, وَلاَ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ, وَلاَ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, وَلاَ مِنْ أَبِي بِشْرٍ, وَلاَ مِنِ ابْنِ عَقِيْلٍ: وَلاَ مِنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ, وَلاَ مِنْ عمر ابن أَبِي سَلَمَةَ, وَلاَ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ, وَقَدْ حدث عن هؤلاء على التدليس ولم يَسْمَعْ مِنْهُم )) قال الحافظ الذهبي : (( قُلْتُ: وَكَانَ مِنَ المُدَلِّسِيْنَ )) .
    قُلت : وصفهُ الحافظ الذهبي بالتدليس تبعاً لقول الإمام أحمد بن حنبل : (( وحدث عن هؤلاء على التدليس ولم يسمع منهم )) فحملها الحافظ الذهبي على التدليس الإصطلاحي وليس ذلك بالمستقيمٍ إذ أن سعيد بن أبي عروبة لم يثبت لهُ سماعٌ من هؤلاء وكان قد عاصرهم فإذا حدث عنهم فإن حديثه عنهم من قبيل المرسل الخفي وهذا النقل كما قال الشيخ العوني في كتابه المرسل الخفي من أدق النصوص على أن الإمام أحمد إنما يريد بقوله : (( مدلسة )) الإرسال الخفي فيتضح للقارئ أن مصطلح التدليس واسعٌ عند الأئمةِ وأعم فيدخل فيه الإرسال الخفي عندهم - رضي الله عنهم - ودليلهُ أنهم كانوا يطلقون لفظة التدليس على من لم يثبت لهُ اللقاء أو السماع وقد ثبت لسعيد بن أبي عروبة المعاصرة لهؤلاء ! فكان إرسالاً خفياً .
    (3) قال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار (1/158) : (( إسماعيل بن أوسط البجلي والى الكوفة لا يصح له صحبة لصحابي وتلك كلها أخبار مدلسة لا أعتمد على شئ منها مات سنة سبع عشرة ومائة )) أهـ ، وقد ذكره بالإرسال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام فقال (3/209) : (( يُرْسِلُ عَنِ الصَّحَابَةِ )) وقد ضعفه الساجي وذكرهُ الحافظ في لسان الميزان .
    قُلت : ومثل هذا لا ينبغي أن يوصف بالتدليس لأنه إنما كان يرسل عنهم ووصفه ابن حبان بأنه قد دلسها وهذا لا يثبت فلم يعرف بالتدليس ولم يصفهُ أحدٌ به وغاية ما في الأمر أنهم تكلموا فيه وقد ضعفهُ الساجي وغيره - رضي الله عنهم - وحاصل روايته أنها ليست من قبيل التدليس ودليلهُ ما قاله الحافظ الذهبي : (( يرسل )) وهي قرينة على أن مروياته مرسلةٌ لا مدلسةٌ .
    (4) قال الإمام القدوة الثبت يحيى بن معين في التاريخ رواية الدوري (4/380) : (( سَمِعت يحيى يَقُول دلّس هشيم عَن زَاذَان أبي مَنْصُور وَلم يسمع مِنْهُ )) . قُلت : قد نفى سماع هشيم من زاذان الإمام أحمد كما قال الشيخ العوني في المرسل الخفي وقولهُ : (( ولم يسمع منه )) دليلٌ على أن المراد هنا الإرسال الخفي وليس التدليس لأن من صنيع الأئمة أن يقرنوا قولهم بما يعلم بهِ مرادهم فإذا قال ولم يسمع منهم ! أو قال وأخباره عنهم مدلسة ولم يسمع منهم فمرادهم لا يكون التدليس إنما الإرسال الخفي والتطبيق على الأقوالِ بينٌ صريحٌ في مدلولهم ومنطوق تلك الألفاظ التي أطلقها الأئمة - رضي الله عنهم - ولذلك فإنك تجد أن الحافظ ابن حجر لم يقل بهذا القول من فراغٍ فإن لهُ دليلهُ فنفي السماع مع عدم ثباته وثبوت المعاصرة فهذا من دقائق العلم ومن أوسع المسائل وهو الإرسال الخفي فيعرفهُ من عرف أنه إن ثبت المعاصرة ولم يثبت السماع فإن هذا لا يسمى تدليساً وإلا جعل هذا فيه من الأسباب التي يرد لأجلها حديثه فيذهب الكثير من الأخبار الصحيحة التي رواها ولا يبحث عن عنعنة أمثالهم بل يبحث عنهم في مظآن المراسيل من الكتب كالعلائي في جامع التحصيل فقد أورد جماعةً من الرواة موصوفين بالتدليس عمّن لم يسمعوا منهم وذهب وتبعه بذلك الحافظ ابن حجر إلي تقعيد قاعدة في عدم قبول عنعنة هؤلاء وهذا ليس بمسلم إذ لا بد أن يعي القارئ والباحث أن هذه الكتب فيها الكثير من الرواة الذين وصفوا بالتدليس وليس المراد بتدليسهم التعمية والخفاء ! إنما الإرسال وهذا في التعامل معه يختلف تماماً في التعامل مع التدليس فلا ترد عنعنتهم ولا يبحث فيها .
    قال سبط ابن العجمي في التبيين (ص36) : (( اعلم أنه لا يدخل في المدلسين القسم الذين أرسلوا، وقد ذكر منهم العلائي في كتاب المراسيل جملة وزدت أنا جملة ذكرتهم على هوامش كتابه، لكن الفرق بين التدليس وبين الإرسال الخفي أنّ الإرسال رواية الشخص عمن لم يسمع منه. قال أبو بكر البزار: إنّ الشخص إذا روى عمن لم يدركه بلفظ موهم فان ذلك ليس بتدليس على الصحيح المشهور )) ثم تجده يصف الحسن البصري بالمشهور بالتدليس !.
    (5) سؤالات الآجري لأبي داود تهذيب الكمال (21/113) : (( سمعت أبا داود يقول: كَانَ عند علي بْن المبارك كتأَبَان عن يحيى بْن أَبي كثير، كتاب سماع وكتاب إرسال، فقلت لعباس العنبري: كيف يعرف كتاب الإرسال؟ فَقَالَ: الَّذِي عند وكيع عن علي عن يحيى عن عكرمة، قال: هذا من كتاب الإرسال. قال: وكان الناس يكتبون كتاب السماع )) .
    قُلت : قال الشيخ العوني في كتابه المرسل الخفي (ص50) فإنظر لهذين الإمامين يصفان رواية علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً على الرغم من أن هذا عند المتأخرين تدليساً لأنها رواية الراوي عمن سمع منه مالم يسمع ! وهذا دارجٌ في إصطلاحات الأئمةِ - رضي الله عنهم جميعاً - فيبحث في الراوي وسماعه ممن حدث عنهُ وينظر في أقوال الأئمة فلا بد مثلاً أن يأتي إمام من الأئمة فيثبت عدم اللقاء ويقول فلان لم يسمع من فلان، أو هو يقول أنا لم أسمع من فلان شيئاً. ثم بعد ذلك إذا روى عنه نقول هذا مرسل خفي، لأنك قلت بأنك لم تسمع منه، أو إذا روى مثلاً عن شخص نقول لا هذا مرسل خفي لأن أبا حاتم قال فلان لم يلق فلان، فلا نسمي هذا النوع إلا مرسلاً خفياً، فهل يشترط أن نعرف عدم ثبوت اللقاء للحكم على أنه مرسل خفي أم لا؟ نعم نشترط في المرسل الخفي أنه لم يسمع منه .
    فهذه خُمسايةٌ من الأقوال التي تثبت أن الأئمة قد يطلقون التدليس على الإرسال ، كما وننبه إلي أنه لو أدخل بينه وبين الذي حدث عنه واسطةٌ فقد يكون عند الأئمة دليلاً على عدم السماع وعند البعض مزيداً من متصل الأسانيد وهذا مبحثٌ خاصٌ يحتاج لبسطٍ وبيان قال الحافظ ابن الصلاح - رحمه الله - : (( ومنه ما كان الحكم بإرساله محالاً على مجيئه من وجه آخر بزيادة شخص واحد أو أكثر في الموضع المدعى فيه الإرسال كالحديث عن عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق، فإنه حكم فيه بالإنقطاع والإرسال بين عبد الرزاق والثوري، لأنه روى عن عبد الرزاق قال حدثني النعمان بن أبي شيبة الجندي عن الثوري عن أبي إسحاق. وحكم أيضًا فيه بالإرسال بين الثوري وأبي إسحاق، لأنه روي عن الثوري عن شريك عن أبي إسحاق )) .
    وقال الحافظ ابن رجب : (( فإن كان الثقة يروي عمن عاصره - ولم يثبت لقبه له - ثم يدخل أحيانًا بينه وبينه واسطة فهذا يستدل به هؤلاء الأئمة على عدم السماع منه )) ، ولا يكون هذا إلا بعد سبر مرويات الإمام المعني بالدراسة فيميز عندها الباحث ما إن كان سمع منه أم لا ! وقد يهم الراوي فيدخل بين الذي حدث عنهُ واسطةٌ فيكون هذا على سبيل المزيد من متصل الأسانيد ولا يكون دليلا على عدم السماع إلا حين تثبت لنا المعاصرة للراوي . والله أعلم .
    قال الشيخ المحدث خالد الدريس في موقف الإمامين (1/427) : (( والصواب في هذه المسألة الأخيرة أن التدليس لابد فيه من قصد الإبهام من قبل المدلس فإذا لم يوجد الإبهام من الراوي فلا يصح أن ينسب للتدليس، حتى فيما يرويه المحدث في بعض ما لم يسمعه عن شيخه الذي لقيه وسمع منه إذا لم يكن هناك إبهام فلا ينسب للتدليس، ومثال ذلك أن سعيد بن المسيب ثبت أنه سمع من عمر أحاديث قليلة، وقد روى عن عمر علمًا كثيرًا حتى سمي راوية عمر (1) ، مع علمنا أنه لم يسمع كل هذا من عمر، ورغم ذلك لم ينسب للتدليس لأنه لم يوهم من سمع منه أنه قد سمع كل ما رواه عن عمر لاشتهار قلة سماعه من عمر وصغر سنه عند وفاته رضي الله عنه، ومن ذلك أيضًا ما قاله أبوداود: (كان ابن سيرين يرسل وجلساؤه يعلمون أنه لم يسمع، سمع من ابن عمر حديثين، وأرسل عنه نحوًا من ثلاثين حديثًا) ....
    ومما يؤكد بقوة أن الإرسال الخفي ليس هو كالتدليس فضلاً أن يكون أقبح منه ما قاله ابن أبي حاتم: (قلت أبو وائل سمع من أبي الدرداء؟ قال: أدركه، ولا يمكن سماع شيء. أبو الدرداء بالشام، وأبو وائل كان بالكوفة. قلت: كان يدلس؟ قال: لا، هو كما يقول أحمد بن حنبل) (2) علق العلائي بقوله: (يعني كان يرسل) ، وهذا نص صريح في أن المرسل الخفي ليس كالتدليس لن التدليس مذموم ومكروه، وفي نص آخر لأبي حاتم مؤيد لما تقدم عنه أنه قال في أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي: (لا يعرف له تدليس) (3) ، وأبو قلابة ممن عرف بالإرسال، وقد قال أبو حاتم فيه: (قد أدرك أبو قلابة النعمان بن بشير، لا أعلمه سمع منه) (4) ، فنفى عنه التدليس مع أنه وجد الإرسال الخفي في مروياته. وبهذا يعلم أن ما قاله المعلمي ليس بالصواب والله أعلم
    )) وقد مثلنا لذلك بالإمام قتادة ويحيى بن أبي كثير كذلك أبي الزبير المكي - رضي الله عنهم - .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    الفصل الثالث : حكم عنعنة من أرسل إرسالاً خفياً .
    وحكم العنعنة عند أهل العلمِ على ( ثلاثة أقوال ) وإليك البيان فيها أخي القارئ :
    (1) القبول مُطلقاً ، وحملها على الإتصال وهذه في مَنْ لم يعرف عنه التدليس ولم يوصف بهِ ولم يقل فيه أحدٌ مِنْ الأئمةِ أنه قد دلس أو وقع بتدليس الإسناد .
    (2) الرد المطلق ، وهي مُختصةٌ فيمن روى عمَّن لقيهُ وثبتت مُعاصرتهُ وسماعهُ منهُ مالم يسمع منهُ ، وهذا لا يقبل منه إلا ما صرح به بالسماع لأكثاره منه .
    (3) عدم قبول عنعنة المعاصر عمّن عاصر حتى يثبت لهُ لقاءٌ بمن عاصره أو يثبت أنه قد لقيه ولو في حديثٍ واحدٍ ، فإذا ثبت اللقاء أو صرح بالسماع مِنْ هذا المعاصر قبلت العنعنة وحملت على الإتصال عند أهل العلم . انظر الإرسال الخفي .
    فيكون التوقف في صحة ما رواهُ عمَّن عاصره وعلم أنه قد عاصرهُ ولا يحكم بصحةٍ أو بضعفٍ للحديث حتى يثبت الإنقطاع ، فلا تقبل العنعنة حينها حتى يثبت لنا اللقاء بذلك المعاصر جُملة ولو كان بحديث واحدٍ كما هو في النقطة الثالثة ، وقد يقبل الأئمة عنعنة المعاصر لمسوغات خاصةً بالمسائل وهذا هو مجمل حكم عنعنة رواية المعاصر عمَّن عاصرهُ ولم يعرف لهُ لقاءٌ بهِ حتى يثبت اللقاء بهِ ، ولهذا فإنا قلنا في بادئ الأمر أن الباحث لابد لهُ أن يبحث في سماعاتهم ولا نقول بقبول العنعنة فليس المرسل مرسلاً خفياً مدلساً حتى تقبل عنعنته أو ترد ! فالمدلس الذي عرف إكثارهُ من التدليس فإن عنعنته لا تقبل منه حتى يصرح بالسماع ، ومنه فلا نبحث عن عنعنة هؤلاء بل يبحث عن سماعاتهم في كتب المراسيل وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى . والله أعلم .
    البَاب الثاني : تَرجمة الراوي حبيب بن أبي ثابت - رحمه الله - :
    [ الفصل الأول ] تَوثيقهُ وثناء العُلماء عليه - حمه الله - .
    [ الفصل الثاني ] مَن وصفه بالتديس من العلماء .
    [ الفصل الثالث ] مناقشة تدليسه وطبقتهِ في التدليس .
    الفصل الأول : توثيق العلماء لهُ وثناؤهم عليه - رضي الله عنه - .
    هو من المشهورين الحفاظ الفقهاء هو الثقة الفاضل الفقيه الجليل العلم قيس بْن دينار ويقال قيس بْن هند ويقال هند الأسدي أَبُو يَحْيَى الكوفي مولى بني أسد بْن عَبْدِ العزى ، سمع الخلق الكثير وحدث عنه الكثير ممن شهد له بالفضل والإمامة والمنزلة العالية من الفقهاء - رحمه الله - وفي الفصل الأول سنستعرضُ جملةً من أقوال الأئمةِ في بيان فضلهِ ومنزلتهِ وتوثيقهِ ، وكان قد تكلم في حديثه عن عطاء - رضي الله عنه - اللهم إلا أن أحاديثه عن عطاء فيها غلطٌ .
    قال الحافظ الذهبي في الميزان (1/451) : (( من ثقات التابعين )) .
    وقال كذلك : ((وثقه يحيى بن معين، وجماعة.واحتج به كل من أفراد الصحاح بلا تردد، وغاية ما قال فيه ابن عون: كان أعور.وهذا وصف لا جرح، ولولا أن الدولابي وغيره ذكروه لما ذكرته )).
    وقال في سير الأعلام (5/288) : (( الإِمَامُ، الحَافِظُ، فَقِيْهُ الكُوْفَةِ، أَبُو يَحْيَى القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ مَوْلاَهُم )) قال ابن المديني : (( لَهُ نَحْوُ مائَتَيْ حَدِيْثٍ )) قال أحمد بن يونس عن أبي بكر بن عياش : (( كَانَ بِالكُوْفَةِ ثَلاَثَةٌ، لَيْسَ لَهُم رَابِعٌ: حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، كَانُوا مِنْ أَصْحَابِ الفُتْيَا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بِالكُوْفَةِ إِلاَّ يَذِلُّ لِحَبِيْبٍ )) ، وقال العجلي: (( كُوْفِيٌّ، تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ، كَانَ مُفْتِي الكُوْفَةِ قَبْلَ حَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ )) ، قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: (( عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَكَانَ دِعَامَةً، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا )) قُلت : وهذه إشارةُ منهُ على وثاقته .
    وَرَوَى: أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى القَتَّاتِ، قَالَ: (( قَدِمتُ الطَّائِفَ مَعَ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، فَكَأَنَّمَا قَدِمَ عَلَيْهِم نَبِيٌّ )) ، قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى : (( ثِقَةٌ، حُجَّةٌ )) قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : (( صَدُوْقٌ، ثِقَةٌ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ )) فقال الذهبي عقب ترجمته : (( كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ، وَهُوَ ثِقَةٌ بِلاَ تَرَدُّدٍ ، وَقَدْ تَنَاكَدَ الدُّوْلاَبِيُّ بِذِكرِهِ فِي (الضُّعَفَاءِ) لَهُ؛ لِمُجَرَّدِ قَوْلِ ابْنِ عَوْنٍ فِيْهِ: كَانَ أَعْوَرَ ، وَإِنَّمَا هَذَا نَعتٌ لِبَصَرِه، لاَ جَرْحٌ لَهُ )) ، وقال فيه ابن عدي : (( ثقة حجة كما قاله بن معين، ولعل ليس في الكوفيين كبير أحد مثله لشهرته وصحة حديثه وفي أئمتهم يجمع حديثه )) وقال أبو الفتح الأزدي : (( ثقة صدوق )) ، وقال البيهقي : (( من الثقات )) ثُم ذكر كلاماً حول تدليسه سيأتي ذكرهُ إن شاء الله فيمن وصفهُ بالتدليس من الأئمة .
    وقال النسائي : (( ثقة )) ، وقال الجيلي : (( ثقة ثبتٌ في الحديث )) ، وقال الحافظ : (( ثقة فقيه جليل وكان كثير الإرسال والتدليس، مرة: متفق على الاحتجاج به إنما عابوا عليه التدليس )) ، قُلت : وسيأتيك بيان قول الحافظ ابن حجر وتعقب من وصفهُ بالتدليس والحكم عليه إن شاء الله تبارك وتعالى في الفصل الثالث من هذا الباب ، وهؤلاء لم يذكرهُ احدٌ فيهم بالتدليس إلا ما ورد من قول البيهقي ولم يذكرهُ أبو بكر بن عياش وهو أحد أصحابه بالتدليس وإنما وصفه من الأئمة المتقدمين كابن حبان والبيهقي وما روي عن الأعمش ولا نعلمُ الإمام النسائي وصفهُ بالتدليس وقد وصف جملة من الأئمة الثقات بالتدليس وغاية ما يذكر أن من ترجم لهُ من الأئمة لم يذكر لهُ تدليساً إنما ذكر لهُ إرسالاً عن عروة ، وقد غمز أحاديثه عن عطاء جملة من العلماء .
    قال أبو جعفر العقيلي : (( له عن عطاء أحاديث لا يتابع عليها )) .
    وقال يحيى بن سعيد القطان : (( حبيب بن أبي ثابت عن عطاء ليست بمحفوظة، إن كانت محفوظة فقد نزل عنها )) فهذه أقوالهم أمامك التي رويت في الثناء عليه وهو من الثقات الحفاظ الأثبات وذكرهُ بقول ثقة فقيه جليل الحافظ ابن حجر وعاب عليه التدليس وليس موطئ الإجابة على هذا القول ! وإنما لتعلم أن من ترجم لهُ لم يصفه بالتدليس غير ماروي عن ابن حبان على سبيل الشك لا الجزم ! وما روي عن البيهقي وعن الأعمش وأحاديث أبي بكر بن عياش عن الأعمش متكلمٌ فيها وكان يغلط في أحاديثهِ عن الأعمش أو في روايته عنهُ وعندي كما سيأتي إن شاء الله أن ما رواه أبو بكر بن عياش عن الأعمش ! في تدليسه ليس بمسلمٍ بهِ وإن كان في الرجال ! ولم يذكر من وصفه بذلك التدليس أنه من المكثرين وينبغي معاملة المدلس المقل خلاف معاملة المدلس المكثر وإنما يؤخذ على من روى عنهُ كالحسن بن ذكوان : مختلف في الاحتجاج به, وله في صحيح البخاري حديث واحد له شواهد, ذكره محمد بن نصر المروزي في حديث عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن حمزة عن علي "نهى عن ثمن الميتة" الحديث, ولهذا قال بن معين في كل ما رواه الحسن بن ذكوان عن حبيب بن أبي ثابت أن بينه وبين حبيب رجل ليس بثقة. من الطبقة الثالثة لم أجد له وفاة ! فليست العلة في حبيب بن أبي ثابت بل فيمن روى عنهُ وهذا ما يظهر لي من تتبع حديثه إن شاء الله وغاية ما يقال هنا أنه قد ثبتت إمامته ووثاقته غير ما ورد عن البيهقي وابن حبان والأعمش وهم من الأئمة المتقدمين في وصفه بالتدليس ونقل غير واحدٍ وصف ابن خزيمة لهُ بالتدليس ! وسيأتي ذكره إن شاء الله . والله أعلم .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    الفصل الثاني : تَدليس حبيب بن أبي ثابت - رضي الله عنه - .
    لابد أن تتحرى أموراً كثيرةً وأنت تحقق تدليس أحد الرواة في الحديث ، فلابد أن تميز نوع التدليس الذي وقع فيه الراوي وهل هو مكثرٌ أم مقلٌ من هذا التدليس ، أم هل خص بتدليسه عن راوٍ مُعينٍ كالوليد بن مسلم - رحمه الله - أم هل خص بالتدليس عن الضعفاء والهلكى ! فالتعامل مع كُل واحدٍ منهم يختلف تماماً عن معاملة الآخر ! فمنهم من عرف بتدليس الإسناد وهذا في روايته قليلٌ جداً ومثلهُ عنعنته محمولةٌ على الاتصال مالم يرد دليل على التدليس ، ومنهم من يكثر من هذا التدليس فيقبل منه ما صرح بالسماع ومِمَن عرف بأنه في الطبقة الثالثة من المدلسين عند الحافظ ابن حجر ومثل عنعنته محمولةٌ على الإتصال في جنب ما روى إلا أن يثبت عليه التدليس فيها ، ولذلك فإنا وقد قررنا أن ندرس تدليس حبيب بن أبي ثابت عند أهل الحديث - رضي الله عنهم - فلابد أن نتعامل مع هذا الثقة الثبت تعاملاً دقيقاً في تحليل تدليسه وبيان حالهِ أهو في الثانية أم الثالثة ، فلابد من التمييز في التدليس ورواتهِ وطبيعة تدليسهم .
    (1) قال جلال الدين السيوطي - رحمه الله - في أسماء المدلسين (1/36) : (( قال ابن حبان: كان مدلسا. وروى أبو بكر بن عياش عن الأعمش قال: قال لي حبيب بن أبي ثابت: لو أن رجلا حدثني عنك ما باليت أني أرويه عنك )) قُلت : وهو ناقلٌ لما مضى من أقوال الأئمة المتقدمين كابن حبان وعمدته كذلك في إثبات تدليس حبيب بن أبي ثابت ما روي عن الأعمش - رحمه الله - من رواية أبي بكر بن عياش وسيأتي بيانهُ إن شاء الله .
    (2) وإني والله لأستغربن وضع الحافظ ابن حجر - رضي الله عنه - له في الطبقة الثالثة أو المرتبة الثالثة من المدلسين قال الحافظ في تعريف أهل التقديس - ذكر المرتبة الثالثة - (ت69) : (( حبيب بن أبي ثابت الكوفي تابعي مشهور يكثر التدليس وصفه بذلك بن خزيمة والدارقطني وغيرهما ونقل أبو بكر بن عياش عن الاعمش عنه أنه كان يقول لو أن رجلا حدثني عنك ما باليت ان رويته عنك يعني وأسقطته من الوسط )) قُلت : فتصنيف الحافظ ابن حجر لهُ في الثالثة ليس بمسلمٍ بهِ وسيأتيك بيان العلة في ذلك إن شاء الله تبارك وتعالى في الفصل الثالث .
    (3) قال سبط ابن العجمي في التبيين (1/19) : (( (حبيب بن أبي ثابت) قال بن حبان كان مدلسا وروى أبو بكر بن عياش عن الاعمش قال قال لي حبيب بن أبي ثابت لو ان رجلا حدثني عنك ما باليت ان ارويه عنك . توفى سنة 119 وقيل غير ذلك )) قُلت : وقد تبع سبط ابن العجمي الأئمة المتقدمين في وصفه بالتدليس وذكره في المدلسين وليس لهُ حكمٌ مطردٌ في حبيب بن أبي ثابت من حيث تدليسه وإنما وصفهُ بما وصفهُ به الأئمة - رضي الله عنهم .
    ومما يجب الإشارةُ لهُ أننا حين ذكرنا أن العلة ليست من حبيب بن أبي ثابت وإنما فيمن روى عنهُ قال سبط ابن العجمي في التبيين (1/21) : (( الحسن بن ذكوان ذكر محمد بن نصر المروزي في حديث عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي حديث نهى عن ثمن الميتة الحدديث قال محمد بن نصر سمعه الحسن بن ذكواعن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت فدلسه بإسقاط عمرو بن خالد لانه منكر الحديث وكذلك قال بن معين في كل ما رواه الحسن بن ذكوان عن حبيب بن أبي ثابت ان بينه وبين حبيب رجلا ليس بثقة )) فتجد الحسن بن ذكوان يدخل بينهُ وبين حبيب بن أبي ثابت رجلاً ليس بثقةٍ والذي يظهر أن العلةَ منهُ لا من حبيب .
    (4) قال العراقي في تحفة التحصيل (1/59) : (( حبيب بن أبي ثَابت الْكُوفِي قَالَ احْمَد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين لم يسمع من عُرْوَة وَنَقله العلائي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهمَا ، وَقَالَ عَليّ بن الْمدنِي لم يرو حبيب بن أبي ثَابت عَن عَاصِم بن ضَمرَة إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا .
    وَقَالَ أَبُو زرْعَة لم يسمع من ام سَلمَة وَقيل لأبي زرْعَة مَا ترى فِي حَدِيثه رَوَاهُ حَفْص بن غياث عَن مُحَمَّد بن قيس عَن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ كَانَ عمرلا يُجِيز نِكَاحا فِي عَام سنة يَعْنِي مجاعَة فَقَالَ هُوَ مُرْسل وَلَكِن عمر أهاب أَن أرد قَوْله .
    قَالَ العلائي قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ حبيب بن أبي ثَابت لَقِي ابْن عَبَّاس وَسمع من عَائِشَة وَلم يسمع من غَيرهمَا من الصَّحَابَة ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيثه عَن حَكِيم بن حزَام فِي شِرَاء الْأُضْحِية حبيب بن أبي ثَابت لم يسمع عِنْدِي من حَكِيم بن حزَام ، وَذكر الدَّارَقُطْنِي ّ فِي سنَنه انه لَا يَصح سَمَاعه من عَاصِم بن ضَمرَة انْتهى
    )) وقالهُ العلائي في الجامع .
    (5) المدلسين (1/39) والعلائي في جامع التحصيل (1/105) : (( حبيب بن أبي ثابت، قال ابن حبان: كان مدلساً وروى أبو بكر بن عياش عن الأعمش قال لي حبيب بن أبي ثابت: لو أن رجلاً حدثني عنك ما باليت أن أرويه عنك )) .
    (6) قال ابن خزيمة في الصحيح (1/2290) : (( مدلس )) .
    (7) قال البيهقي في السنن (3/327) : (( كان مدلس )) .

    أقول : وأخرج الرَّامَهُرْمُز ِيِّ في الْمُحَدِّثُ الْفَاصِلُ (1/455) : حَدَّثَنِي شِيرَانُ ثَنَا إِسْحَاقُ الشَّهِيدِيُّ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ [ص:456]، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ لِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَنِي عَنْكَ بِحَدِيثٍ مَا بِالَيْتُ أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْكَ» وبالجملة فإن هذا القول أقدم ما روي في تدليس حبيب بن أبي ثابت عن الأعمش - رضي الله عنه - وذكرهُ حماد الأنصاري في كتابه التدليس والمدلسون وقد جعله في الطبقة الثالثة من المدلسين ! تبعاً لقول الحافظ ابن حجر العسقلاني - رضي الله عنه - وهذه جملةٌ من أقوال الأئمة المتقدمين والمتأخرين في تدليسه .
    الفصل الثالث : مناقشة تدليس حبيب بن أبي ثابت - رضي الله عنه - .
    والناظر إلي ما سبق من ذكر أسماء من وصفوهُ بالتدليس فإنك ترى أيها القارئ الكريم أن الأئمة لم يصفوا حبيب بن أبي ثابت بالكثرةِ ومِن ألفاظهم : (( كان يدلس )) ، (( مدلس )) ومثيلهُ قول ابن حبان : (( كان مدلساً )) وقد قال ابن حبانٍ : (( على تدليسٍ فيه )) وهذا إن أمعنت النظر وحررت القول فإنك تجدهُ إشعاراً من إمامٍ متقدمٍ ثقةٍ ثبتٍ بقلة تدليس حبيب بن أبي ثابت فليس كُل من وصفهُ بالتدليس يريد بذلك الإكثار ، وقد أتى المتأخرين - وفقهم الله - كالحافظ ابن حجر والأنصاري وذكروا تدليسه وصنفوهُ في الثالثة ! وهذا مما لا يسلم به أبداً للحافظ ابن حجر - رضي الله عنه - ولا من بعده للأنصاري ! والمتأمل لأقوال المتأخرين فإنهم كثيراً ما ينقلون عَن الأعمش - رضي الله عنه - وعن ابن حبان وليس في قول ابن حبان دليلاً على الإكثار .
    (1) ما روي عن الأعمش في تدليس الحبيب بن أبي ثابت .
    أخرج الرَّامَهُرْمُز ِيِّ في الْمُحَدِّثُ الْفَاصِلُ (1/455) : حَدَّثَنِي شِيرَانُ ثَنَا إِسْحَاقُ الشَّهِيدِيُّ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ [ص:456]، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ لِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَنِي عَنْكَ بِحَدِيثٍ مَا بِالَيْتُ أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْكَ» قال الدكتور الجديع : إسنادهُ حسن ! .
    قُلت : وأما أبو بكر بن عياش ففاضلٌ مقرئٌ إلا أنهُ ضعيفٌ في الأعمش ، وضعفهُ في الأعمش لا يحط من حديثه عَن درجة الحسن فضعفهُ في روايته عن راوٍ معينٍ لا يطرح كل ما رواه أبو بكر بن عياش وإنهُ صحيحُ الكتابِ تغير في آخره فساء حفظهُ قال محمد بن عبد الله بن نمير : (( أبو بكر ضعيف في الأعمش وغيره )) وقال الإمام أحمد - رحمه الله - : (( أبو بكر كثير الغلط جدا ، وكتبه ليس فيها خطأ )) وعقب الحافظ الذهبي : (( فأما حاله في القراءة ، فقيّم بحرف عاصم ، وقد خالفه حفص في أزْيد من خمس مائة حرف ، وحفص أيضا حجة في القراءة ، لين في الحديث )) ، وقال عنه أبو نعيم الفضل بن دكين : (( لم يكن في شيوخنا أحد أكثر غلطا من أبي بكر )) ، وقال يعقوب بن أبي شيبة : (( كان أبو بكر معروفا بالصلاح البارع ، وكان له فقه ، وعلم الأخبار ، وفي حديثه اضطراب )) وخلاصة القول
    قد تُكُلِّم في روايته عن الاعمش وإلا فهو ثقة صحيح الكتاب وفي حفظه لين وقال الحافظ : صدوقٌ لهُ أوهام ، ومثلهُ لا يرد حديثهُ بالجُملة ! . والله أعلم .
    قال الإمام مسلم الحافظ الثقة الثبت الإمام أمير المؤمنين في الحديث بعد شيخه البخاري جبل الحفظ أمير المؤمنين في الحديث شمس الحديث التي أشرقت على الدنيا فانهال الخير عليها بهذه الشمس : (( وَإِنَّمَا كَانَ تَفَقُّدُ مَنْ تَفَقَّدَ مِنْهُمْ سَمَاعَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُمْ إِذَا كَانَ الرَّاوِى مِمَّنْ عُرِفَ بِالتَّدْلِيسِ فِى الْحَدِيثِ وَشُهِرَ بِهِ فَحِينَئِذٍ يَبْحَثُونَ عَنْ سَمَاعِهِ فِى رِوَايَتِهِ وَيَتَفَقَّدُون َ ذَلِكَ مِنْهُ كَىْ تَنْزَاحَ عَنْهُمْ عِلَّةُ التَّدْلِيسِ فَمَنِ ابْتَغَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُدَلِّسٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِى زَعَمَ مَنْ حَكَيْنَا قَوْلَهُ فَمَا سَمِعْنَا ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ سَمَّيْنَا وَلَمْ نُسَمِّ مِنَ الأَئِمَّةِ )) .
    فإحتمال البخاري ومسلم لحديثه في الصحيح وتخريجه وقد عنعن فيهِ عمَّن حدث عنهُ أمرٌ لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار لأن الشيخين لهما شرطٌ قويٌ في رواية المدلس وخصوصاً إن كان مكثراً وأما حبيب بن أبي ثابت فإنا ولابد أن نشير إلي أن روايتهُ مخرجة في الصحيح في أكثر من موطن ولم يصرح حبيب بن أبي ثابت بالسماع ! فهل لأجل العنعنة أو أن لا نقبل عنعنة من في الطبقة الثالثة نقوم برد حديث حبيب بن أبي ثابت لأجل هذه العلة فتذهب السنة المروية من طريقه ! .
    فأخذهم عن ابن حبان قولهُ : (( كان مدلساً )) و (( على تدليس فيه )) فليس مِن باب الإكثار أو أنه مكثرٌ أو معروفٌ بالتدليس الكثير وقد تلقفها الحافظ ابن حجر والعلائي - رحمهم الله - ولم يزيدا على قوله شيئاً وكذلك بعض من عني بترجمة المدلسين قال الدميني في شرح كتاب التدليس (2/55) : (( حبيب بن أبي ثابت يروي عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فإذا ثبت أن حبيب بن أبي ثابت التقى مع عروة بن الزبير مرة واحدة فنقبل عنعنته، وإلا لم نقبلها؛ لأنه يحتمل أنه أرسل عنه إرسالاً خفياً ولم يسمع منه، وإمكان اللقيا تعرف بالسن وتعرف بالبلد, فينظر سنة وفاة هذا، وسنة ولادة هذا، وأيضاً: حبيب بن أبي ثابت كوفي, وقد ثبت أن عروة دخل الكوفة, فإذا دخل عروة الكوفة فلا يبعد أن يذهب إليه حبيب وهو يعلم من عروة الذي انتشر اسمه وسط كل المحدثين، وهو الذي وقف عند الكعبة يدعو الله أن يأخذ عنه الناس علم حديث النبي صلى الله عليه وسلم )) أهـ ، قلتُ ومجرد الرؤية والمعاصرة وأن يكون في نفس البلد لا يعني أنه قد ثبت سماعهُ منه في حين نفى سماعهُ منهُ وإن كان دخل الكوفة فابن معين والإمام أحمد والإمام سفيان والبخاري ينفون سماعهُ من عروة وإن كان دخل الكوفة فهذا الحسن البصري وعمران بن حصين فقد دخل عمران البصرة ولكن الإمامين البخاري ومسلم لم يحدثا عنه من رواية الحسن مخافة الإنقطاع ! وهذا على مذهب الإمام مسلم إلا أن تكون بينةٌ تشير إلي عدم سماعهما من بعضهما البعض كبعد البلدان أو الواسطة بينه وبين شيخه أو أن ينص عالمٌ من العلماء على عدم سماعه منهُ ! وهذا متحققٌ وإن كان معاصراً لهُ وفي نفس البلد فروايته عنه من قبيل المرسل الخفي إن حدث عنهُ لأني على ضحالة علمي لا أجد ما يثبت سماعهُ مباشرةً .
    والذي يظهر أن التدليس في الأسانيد ليس منهُ وإنما البلاء ممن هو دونهُ
    قال سبط ابن العجمي في التبيين (1/21) : (( الحسن بن ذكوان ذكر محمد بن نصر المروزي في حديث عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي حديث نهى عن ثمن الميتة الحدديث قال محمد بن نصر سمعه الحسن بن ذكواعن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت فدلسه بإسقاط عمرو بن خالد لانه منكر الحديث وكذلك قال بن معين في كل ما رواه الحسن بن ذكوان عن حبيب بن أبي ثابت ان بينه وبين حبيب رجلا ليس بثقة )) فتجد الحسن بن ذكوان يدخل بينهُ وبين حبيب بن أبي ثابت رجلاً ليس بثقةٍ والذي يظهر أن العلةَ منهُ لا من حبيب ، فهذه من أوسع القرائن والبيان في أن العلة والبلاء ممن دونهُ وهذا الحسن بن ذكوان إنما كان يدلسُ عنهُ فيسقط بينه وبين شيخه حبيب بن أبي ثابت من ليس بثقةٍ ! والحسن فاحش التدليس يدلس عن الضعفاء ! .
    قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/827) : (( وروى ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي مرفوعاً، حديثاً في كشف الفخذ. قال أبو حاتم: لم يسمعه ابن جريج من حبيب، فأرى أن ابن جريج أخذه عن الحسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، عن حبيب ))
    قال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/592) : (( فدل كلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم على أن الاتصال لا يثبت إلا بثبوت التصريح بالسماع، وهذا أضيق من قول ابن المديني والبخاري، فإن المحكى عنهما: أنه يعتبر أحد أمرين: أما السماع، وإما اللقاء. وأحمد ومن تبعه عندهم لا بد من ثبوت السماع ، ويدل على أن هذا مرادهم أن أحمد قال: ابن سيرين لم يجيء عنه سماع من ابن عباس. وقال أبو حاتم: الزهري أدرك أبان بن عثمان، ومن هو أكبر منه، ولكن لا يثبت له السماع (كما أن حبيب بن أبي ثابت لا يثبت له السماع) من عروة، وقد سمع ممن هو أكبر منه، غير أن أهل الحديث قد اتفقوا على ذلك، واتفاقهم على شيء يكون حجة )) .
    وقد يستنكر على الإمام مسلم - رضي الله عنه - قولهُ في المعاصرة أو أنه يكتفي بالمعاصرة وهذا ليس بمسلمٍ إذ أن الإمام مسلم قد كان مراعياً للقرائن التي يمكن أن تحيل دون سماع الراوي ممن عاصرهُ وقد ذكرنا أكبر مثال حديث عمران بن حصين من رواية الحسن البصري رضي الله عن عمران بن حصين والحسن ، فقد تجنب الإمام مسلم والبخاري حديثهُ وهذا إن دل فعلى أن الإمام مسلم يراعي القرائن وكلامهُ في المقدمة أكبر بينةٍ ودليلٍ على ذلك ، ولم يدع رحمه الله أن كل راوي عاصر الآخر دليل على أن سماعه منه مقطوعٌ به !.
    قال الدكتور خالد الدريس في موقف الإمامين (1/182) : (( وهذا غريب جداً من الحافظ ابن رجب لأن مسلماً - رحمه الله - لم يدّع أن كل من أدرك راوياً صحّ سماعه منه، بل قال: إذا كانا متعاصرين وجائز ممكن لقاؤهما، وكان الراوي ثقة غير مدلس وقال: " عن " حمل على السماع، ما لم تقم الحجة والبينة على أنه لم يسمع )) وقال أيضاً : (( وهذا الإلزام لا يلزم مسلماً منه شيء البتة، فأين القيد والاستثناء الذي ذكره مسلم " إلا أن تكون هناك دلالة بينة على أن هذا الراوي لم يلقَ من روى عنه، ولم يسمع منه شيئاً " وهذا قيد دقيق نفي فيه المرسل الخفي وهو يفيد نفي المرسل الجلي بالأولى )) إنتهى كلامه ، فالإدراك لا يستلزم أبداً السماع ! والرؤية والمعاصرة لا تستلزم ذلك أبداً إذ أن احتمال روايته عنهُ بواسطةٍ بينهما .
    كما ولو أننا عدنا إلي قضية الحسن بن ذكوان نقل العقيلي في الضعفاء (1/242) : (( قلت لأبي عبد الله: الحسن بن ذكوان ما تقول فيه؟ فقال: أحاديثه أباطيل، يروي عن حبيب بن أبي ثابت ... وهو لم يسمع من حبيب بن أبي ثابت، إنما هذه أحاديث عمرو بن خالد الواسطي )) وعمرو هذا يحدث عن حبيب بن أبي ثابت مناكير ليست من حديثه ، ومما سبق فإنك تجدهم يعينون من لم يسمع منهم حبيب بن أبي ثابت وهذا كما يظهر غاية ما في كلامهم .
    والذي يظهر لي والله أعلم أنه قليل التدليس ليس مكثراً منه ، وعليه فيجب أن ترجع في دراسة حال المدلسين إلي كتب اللبنة الأولى وأن تسبر مروياتهُ - كما سيأتي في سماعه ممن تكلم في سماعه منهم - وينظر ما إن كان مكثرا أو مقلاً وحبيب كما يظهر لي مقلٌ منهُ .والله اعلم .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    الفصل الرابع : سماع حبيب بن أبي ثابت من عروة بن الزبير - رضي الله عنه - .
    قد تقدم أن حبيب بن أبي ثابت - رحمه الله - لم يسمع من عروة بن الزبير - رضي الله عنه - وقد قال ذلك بعض أهل العلم ونفى سماعهُ منهُ وإن كانت له رؤية أو إدراك ، واحتجوا بأنه قد أدرك من هو أقدم من عروة بن الزبير وأنه إمامٌ عالمٌ ثقةٌ من الأجلة فإمكانية السماع لثبوت اللقاء ممكنةٌ ، فكان ممن نفى سماع حبيب بن أبي ثابتٍ من عروة بن الزبير - رضي الله عنه - الإمام سفيان الثوري وقد تقدم وقد ذكرهُ البيهقي في سننه الكبرى (1/126) ، ونفى السماع أيضا ابنُ معين وأحمد (المراسيل لابن أبي حاتم ص 28 ) و البخاري ( جامع الترمذي 1/ 135 ) قال العراقي في تحفة التحصيل (1/59) : (( حبيب بن أبي ثَابت الْكُوفِي قَالَ احْمَد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين لم يسمع من عُرْوَة وَنَقله العلائي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهمَا ، وَقَالَ عَليّ بن الْمدنِي لم يرو حبيب بن أبي ثَابت عَن عَاصِم بن ضَمرَة إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا .
    وَقَالَ أَبُو زرْعَة لم يسمع من ام سَلمَة وَقيل لأبي زرْعَة مَا ترى فِي حَدِيثه رَوَاهُ حَفْص بن غياث عَن مُحَمَّد بن قيس عَن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ كَانَ عمرلا يُجِيز نِكَاحا فِي عَام سنة يَعْنِي مجاعَة فَقَالَ هُوَ مُرْسل وَلَكِن عمر أهاب أَن أرد قَوْله .
    قَالَ العلائي قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ حبيب بن أبي ثَابت لَقِي ابْن عَبَّاس وَسمع من عَائِشَة وَلم يسمع من غَيرهمَا من الصَّحَابَة ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيثه عَن حَكِيم بن حزَام فِي شِرَاء الْأُضْحِية حبيب بن أبي ثَابت لم يسمع عِنْدِي من حَكِيم بن حزَام ، وَذكر الدَّارَقُطْنِي ّ فِي سنَنه انه لَا يَصح سَمَاعه من عَاصِم بن ضَمرَة انْتهى
    )) وقالهُ العلائي في الجامع .
    قال أبو حاتم الرازي في المراسيل (1/28) : (( ذكره أبي عَن إِسْحَق بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِيْنٍ قَالَ لَمْ يَسْمَعْ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ مِنْ عُرْوَةَ وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ )) .
    وقال أبو حاتم (1/192) : (( قَالَ أَبِي الزُّهْرِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ شَيْئًا لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْرِكْهُ قَدْ أَدْرَكَهُ وَأَدْرَكَ مَنْ هُوَ أَكْبَرَ مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يَثْبُتْ لَهُ السَّمَاعُ مِنْهُ كَمَا أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ لَا يَثْبُتُ لَهُ السَّمَاعُ مِنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ قَدْ سَمِعَ مَمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ غَيْرَ أََنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَاتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى شَيءٍ يَكُونُ حُجَّةً )) ، فها أنت تجد أن الإمام أبو حاتم يرى الاتفاق على أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير - رضي الله عنه - ، وقد نفى سماعه من عروة بن الزبير الإمام المحدث إمام العلل علي بن المديني وهم أئمةٌ متقدمين .
    وسفيان وهو الذي نفى سماع حبيب بن أبي ثابت من عروة بن الزبير من أثبت الناس في حديثهِ وأعرفهم بهِ قال يحيى بن سعيد القطاني -رضي الله عنه- : ((
    لم يكن أحد أعلم بحديث ابن أبي ثابت من سفيان الثوري )) فنفي السماع لا ينفي الإدارك ومن نفى السماع لا ينفي الإدراك بل إنهُ كما تعلم أيها القارئ الكريم لا يخفى على أمثال سفيان وهو صاحب عناية بحديثهِ أنهُ أدركهُ إلا أنه لا يعلم بهُ سماعٌ من حبيب بن أبي ثابت ، وكان قد صحح أبو داود في السنن لهُ حديثاً من روايته عن عروة بن الزبير مباشرةً وأثبت ذلك ابن عبد البر - رحمه الله -.
    وقد استفدت كثيراً من تحقيق طلبة العلم والمشايخ في ملتقى أهل الحديث في سماعهِ من عروة بن الزبير فجزاهم الله تعالى كل خيرٍ ، وأبو داود حين صحح لهُ حديثاً عن عروة بن الزبير فإن ذلك ليس منه نصاً في السماع فهو قولٌ محتملٌ ويحتمل أنه أراد المتن ولم يرد ثبوت اللقاء ، وأما كلام ابن عبد البر - رضي الله عنه - فمرجعه إلي كلام ابن القطان من أنه حدث عنه بحديثين قد كان أنكرها عليهِ وذلك لا يثبت السماع فثبوت الإدراك لا يقتضي ثبوت السماع .
    (1) من ثبتت معاصرتهُ ولم تثبت روايته .
    وهذا مبحثٌ قد أشار لهُ الاخ الفاضل أحمد الأقطش - وفقه الله - في مدارستنا لحديث قيس بن أبي حازم عن أم المؤمنين في ماء الحوأب ، والبينُ في هذه المسألة أنهُ من ثبتت لهُ المعاصرة ولم يثبت لهُ السماع فإن هذا من قبيل الإرسال ويريد به المتأخرون كابن حجر وغيرهُ الإرسال الخفي وقد ثبت ذلك بيناً في ثبوت المعاصرة وعدم ثبوت الرواية ، وهذا تجدهُ كثيراً في المراسيل لابنه - رحمه الله - ، وحاصلهُ ان أبو حاتم - رحمه الله - لا يرى ثبوت المعاصرة يقتضي ثبوت الرواية أو أن يظن الظان أن الإمام مسلم لم يراعي القرائن التي قد تحيط بالرواية للمتعاصرين ،
    قال الدكتور خالد الدريس في موقف الإمامين (1/182) : (( وهذا غريب جداً من الحافظ ابن رجب لأن مسلماً - رحمه الله - لم يدّع أن كل من أدرك راوياً صحّ سماعه منه، بل قال: إذا كانا متعاصرين وجائز ممكن لقاؤهما، وكان الراوي ثقة غير مدلس وقال: " عن " حمل على السماع، ما لم تقم الحجة والبينة على أنه لم يسمع )) وقال أيضاً : (( وهذا الإلزام لا يلزم مسلماً منه شيء البتة، فأين القيد والاستثناء الذي ذكره مسلم " إلا أن تكون هناك دلالة بينة على أن هذا الراوي لم يلقَ من روى عنه، ولم يسمع منه شيئاً " وهذا قيد دقيق نفي فيه المرسل الخفي وهو يفيد نفي المرسل الجلي بالأولى )) والبينة هنا لو علم أنه يدخل بينهُ وبين من عاصره واسطةٌ أبو بعد بلدانٍ أو لم يثبت لهُ احدٌ من الأئمة سماعٌ وما إلي ذلك من القرائن التي تشعر بعدم إتصال الرواية أو ثبوت السماع من الراوي الذي عاصرهُ ، وإليك تمثيلاً نقلاً عما نقله الأخ الأقطش من مراسيل ابن أبي حاتم - رضي الله عنه - في مذهب أبي حاتم في رواية المعاصر .
    [المراسيل 187]: «سمعتُ أبي وسألتُه عن خالد بن معدان عن أبي هريرة: متصل؟ فقال: قد أَدْرَكَ أبا هريرة ولا يَذكر سماعاً» ، قال في المطلب بن عبد الله بن حنطب [المراسيل 780]: «ورَوى عن ابن عباس وابن عمر لا ندري سمع مِنهما أم لا، لا يَذكر الخبر» ، قال أيضاً [المراسيل 764]: «مجاهد أدرك علياً، لا يَذكر رؤيةً ولا سماعاً» فإثبات المعاصرة والإدراك لا يعني أن الرواية قد ثبتت وهذا يدفع قول كل من قال أنه أدركهُ وعاصرهُ إذ لا يحتمل قول أن بمجرد ثبوت الإدراك .
    (2) من لهُ رؤية ولا تثبت له رواية .
    ومما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن كثيراً ما تجد في مصطلحات الأئمة لهُ رؤية ولم يثبت لهُ سماعٌ ، أو تراهم يقولون لم يسمع منهُ ولهُ رؤية ، فإثبات الرؤية لا يعني إثبات الرواية فهذا يحيى بن أبي كثير قد رأى أنساً - رضي الله عنه - ولكن لا تثبت لهُ روايةٌ عنهُ ، وهذا أبي الزبير المكي قد رأى ابن عباس - رضي الله عنه - ولا تصح لهُ رواية عنهُ مباشرةً وفي الغالب فإنك تجدهم يحدثون عنهم بواسطة رجلٍ أو رجلين ، فليس إثبات الرؤية من غير ثبوت السماع يعد إتصالاً وأخطأ من ظن أن الإمام مسلم لا يراعي مثل هذا الأمر ! .
    قال أبو حاتم [المراسيل 526]: «لَمْ يسمع أبو إسحاق مِن ابن عمر، إنما رآه رؤية». اهـ وقال أيضاً [المراسيل 529]: «أبو إسحاق الهمداني قد رأى حجر بن عدي، ولا أعلم سمع مِنه». اهـ وقال أيضاً [المراسيل 706]: «الزهريُّ لَمْ يصح سماعه مِن ابن عمر، رآه ولم يسمع منه. ورأى عبد الله بن جعفر، ولم يسمع منه». اهـ وقال أيضاً [المراسيل 909]: «جماعة بالبصرة قد رأوا أنس بن مالك ولَم يسمعوا مِنه، مِنهم يحيى بن أبي كثير» ، فلا يعتبر بأن من حدث عمن عاصرهُ او أدركه أو رأهُ فيحكم باتصالهِ ومذهب مسلمٍ - رضي الله عنه - في رواية المعاصر لا يخدمهم أبداً ! إذ أن الإمام مسلم كما تقدم بيانهُ يراعي القرائن والأسباب التي تحول دون السماع .
    قال ابن رجب [شرح علل الترمذي 2/593]: «فإن كان الثقةُ يَروي عمَّن عاصره أحياناً ولَمْ يَثْبُتْ لُقِيُّه له، ثُمَّ يُدخل أحياناً بينه وبينه واسطةً، فهذا يَستدلُّ به هؤلاء الأئمة على عدم السماع مِنه» وقد استدل الأخ الأقطش - وفقه الله - بقول الحافظ ابن رجب آنف الذكر ! وتعقبه عليه الدكتور خالد الدريس في موقف الإمامين - وفقه الله - والصحيح أن حبيب بن أبي ثابت لا تثبت لهُ روايةٌ عن عورة بن الزبير - رضي الله عنه - ، وهذا لا يتنافى أبداً مع الفرق بين الإرسال الخفي وبين التدليس ! فالإرسال الجلي قد قيد حدهِ بإرسالِ التابعي الكبير عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال الحافظ ابن حجر أن ما وقع من رواية المعاصر الذي لا يعلم له السماع فذلك مرسلٌ خفيٌ فتجدهُ يحدث عن الشيخ الذي أرسل عنه إرسالاً خفياً بواسطةٍ فهذا في حكم الانقطاع لا يكون في حكم الاتصال ولكن صاحبه لا يرمى بتهمة التدليس ، وفيما يأتي دراسةٌ تطبيقيةٌ إن شاء الله على مرويات حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير - رضي الله عنه - . والله أعلم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    باب : أحاديث حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير .
    [ الحديث الأول ] وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» قَالَ عُرْوَةُ: قُلْتُ لَهَا: مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ؟ قَالَ: فَضَحِكَتْ ..
    قُلت : قد روي هذا الحديث عَن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - مِن طرقٍ وسنأخذُ طريق عروة بن الزبير عَن أم المؤمنين عائشة - سلام الله عليها - .
    أخرجه أحمد 6/215. وأبو داود (179) قال: حدثنا عثُمَّان بن أبي شيبة. و"ابن ماجة" 502 قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد. و"التِّرمِذي" 86 قال: حدثنا قتيبة وهنَّاد وأبو كريب وأحمد بن منيع ومحمود بن غيلان وأبو عمار الحسين بن حريث ، عشرتهم (( أحمد بن حنبل، وعثُمَّان، وأبو بكر، وعلي بن محمد، وقتيبة، وهنَّاد، وأبو كريب، وأحمد بن منيع، ومحمود، وأبو عمار الحسين بن حريث )) عن وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، فذكره.
    إلا أن في رواية الإمام أحمد بن حنبل وابن ماجة تَبين فيها عروة بن الزبير - رضي الله عنه - وفي باقي الرويات غير منسوبٍ - رضي الله عنه - ، ولا نعرفهُ عَن أم المؤمنين من طريق حبيب بن أبي ثابت إلا من رواية الأعمش عَنهُ - رحمه الله - وإختلف عليه فيه ، وإختلف على وكيعٍ في نسبة عروة الذي يروي عنه الإمام الثبت حبيب بن أبي ثابت - رحمه الله - .
    قال أبو داود: حدثنا إبراهيم بن مخلد الطالقاني , قال: حدثنا عبد الرحمن، يعني ابن مغراء , قال: حدثنا الأعمش , قال: أخبرنا أصحاب لنا، عن عروة المزني، عن عائشة، بهذا الحديث.
    أخرجه ابن أبي شيبة 1/44، وإسحاق (566) ، وأبو داود (179) ، والترمذي (86) ، وابن ماجه (502) ، والطبري في "تفسيره" (9630) ، وابن المنذر في "الأوسط" (15) ، والدارقطني في "السنن" 1/137-138، والبيهقي في "السنن" 1/125-126، وفي "الخلافيات" (435) ، والبغوي في "شرح السنة" (168) كلهم من طريق وكيع بهذا الإسناد .
    [ أولاً ] وإختلف في تعيين عروة شيخ حبيب بن أبي ثابت والإختلاف على وكيع - رحمه الله - فقد تعين في رواية الإمام أحمد وابن ماجة أن المعني هو عروة بن الزبير المشهور - رضي الله عنه - وأما ما جاء من طريق أبي داود ففيه عَن الأعمش عبد الرحمن بن مغراء وهو ضعيفٌ في الأعمش انكرت عليه أحاديثاً ضعاف انفرد بها عن الأعمش ولم يتابع عليها .
    فالذي يروي عن أم المؤمنين عائشة - سلام الله عليها - هو عروة بن الزبير - رضي الله عنه - فغالباً من يروي عنها معروفٌ وهي خالته ، ودليلهُ في متن الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده : (( قلتُ لها : مَنْ هيَ إلا أنتِ ؟ قال فضحكت )) وهذا لا يمكن أن يقولهُ إنسانٌ إلي أم المؤمنين عائشة - سلام الله عليها - إلا عروة بن الزبير لأنها تكون خالته .
    فلا يمكن صرف هذا عَن كونه عروة بن الزبير وقد أخطأ مَن سماهُ عروة المزني للقرينتين القويتين ولأن عروة بن الزبير قد صرح بهِ الإمامين ابن ماجة وابن حنبل في كتابيهما النفيسين ، ولا نعلم أحداً من الأئمةِ أعل الحديث بجهالة عروة المزني فإنهم يعلونه بالانقطاع بين حبيب بن أبي ثابت وبين عروة والذي لم يسمع منه عروة وتعين عند الأئمة عدم سماعه منه هو بن الزبير .
    وهذا الحديث بهذا الإسناد عَن عروة بن الزبير [ ضعيفٌ ] وقد أعله جملةٌ من الأئمة المتقدمين بالانقطاع بين عروة وحبيب بن أبي ثابت قال الإمام الترمذي - رحمه الله - في السنن (1/133) : (( وَإِنَّمَا تَرَكَ أَصْحَابُنَا حَدِيثَ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ لِحَالِ الإِسْنَادِ ، وسَمِعْت أَبَا بَكْرٍ العَطَّارَ البَصْرِيَّ يَذْكُرُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ المَدِينِيِّ، قَالَ: ضَعَّفَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ هَذَا الحَدِيثَ، وَقَالَ: هُوَ شِبْهُ لَا شَيْءَ ، وسَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يُضَعِّفُ هَذَا الحَدِيثَ، وقَالَ: حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَهَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»، وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَيْضًا، وَلَا نَعْرِفُ لِإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ سَمَاعًا مِنْ عَائِشَةَ، وَلَيْسَ يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا البَابِ شَيْءٌ )) وبالجملة فإن الإمام الترمذي يعل كل ما روي في هذا الباب وهي جملةٌ من الطرق عن أم المؤمنين عائشة وقد قام بتخريجه الشيخ ماهر علوش هنا في الملتقى ، ولا يصح في هذا الباب شيءٌ من الأخبار وبالجملة فإن لحديث حبيب بن أبي ثابت علةٌ واضحةٌ وهي الانقطاع بين حبيب بن أبي ثابت والعلة في تعيين عروة وهو ابن الزبير - رضي الله عنه - أوضحُ وأقوى وأبين في ذلك لأن الذي يروي عن أم المؤمنين هو عروة بن الزبير - رضي الله عنه - .
    قَالَ أَبُو دَاوُدَ: (( وَقَدْ رَوَى حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدِيثًا صَحِيحًا )) ، وهذا لا يقتضي إثبات السماع من عروة بن الزبير عن خالته - سلام الله عليها - قَالَ الدَّارَقُطْنِي ُّ: (( أَبْنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِ يُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ - وَذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: أَمَّا إِنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ كَانَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا، زَعَمَ أَنَّ حَبِيبًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ شَيْئًا )) .
    قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: (( وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنَ الْقُبْلَةِ - يَعْنِي: حَدِيثَ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ )) ، وقد بين الاختلاف الإمام الدارقطني في كتاب العلل فقال (15/64) : (( يرويه الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عروة، عن عائشة، وحبيب لم يسمع من عروة شيئا قال ذلك يحيى القطان، عن الثوري، حدث به عن الأعمش، جماعة منهم: علي بن هاشم، وأبو بكر بن عياش، وأبو يحيى الحماني، ووكيع بن الجراح، واختلف عنه ، فرواه أصحاب وكيع الحفاظ، عنه، عن الأعمش، عن حبيب، وحدث به شيخ، لأهل بخارى، يعرف بحامد بن سهل، عن ابن أبي عمر العدني، عن وكيع، عن سفيان، عن حبيب، ووهم في قوله سفيان، وإنما رواه وكيع، عن الأعمش.
    وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَاخْتُلِفَ عنه؛ فرواه حاجب بن سليمان، عن وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل ثم يخرج إلى الصلاة، ولا يتوضأ فوهم فيه حاجب، وكان يحدث من حفظه، ويقال: إنه لم يكن له كتاب ، والصواب، عن وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم
    )) وقد حسن إسنادهُ الحافظ الذهبي وقال إلا أن حبيب لم يسمع عروة ، والأرجح ضعف ما روي في هذا الباب عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - . والله أعلى وأعلم .

    [ الحديث الثاني ] حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ يَعْنِي الْمُعَلِّمَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَمِرُ فِي رَجَبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ " مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةً إِلَّا وَهُوَ مَعَهُ، وَمَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجَبٍ قَطُّ " .
    قُلت : وإسنادهُ صحيحٌ رجالهُ ثقاتٌ على شرط مسلم ، حماد احتج به مسلم وأخرج له البخاري - رضي الله عنهما - في الصحيح معلقاً وحبيب المعلم روى له البخاري ثلاثة أحاديث متابعة ، واحتج به الإمام مسلم وبقيتهم رجال الشيخين وأخرجه مسلم (1255) (219) ، والنسائي في "الكبرى" (4222) ، والبيهقي 5/11 من طريق ابن جريج، سمعت عطاء بن أبي رباح، بهذا الإسناد. زاد مسلم والنسائي: فما قال: لا ولا نعم. سكت - يعني ابن عمر- ، وأخرجه البخاري (1777) من طريق ابن جريج أيضاً عن عطاء، به، مقتصراً على نفي عائشة لعمرة رجب.
    أخرجه ابن ماجه (2998) ، والترمذي (936) من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، به . وهو معلٌ من هذا الطريق حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير ، قال الترمذي : (( هذا حديث غريب. سمعت محمدا يقول: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير )) .
    [ الحديث الثالث ] عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي اسْتَحَضْتُ فَقَالَ: " دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي، وَتَوَضَّئِي عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَإِنْ قَطَرَ عَلَى الْحَصِيرِ " .
    قُلت : حديثٌ صحيح رجالهُ ثقاتٌ إلا أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير ، وقد أعلهُ بالعلةِ ذاتها مخرجوا المسند - وفقهم الله - إلا أن هشام تابعه وهو ابن عروة بن الزبير عن أبيه أخرج البخاري (228) عن أبيه عروة، عن عائشة، قالت: جاءت فاطمة ابنة أبي حبيش إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله: إني امرأة أُستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا، إنما ذلك عرق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتُك، فدعي الصلاة، وإذا أدبرت، فاغسلي عنك الدم ثم صلي" وقال أبي (وهو عروة بن الزبير) "ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت"، وسيأتي في الرواية رقم (25622) .
    قال الزليعي في نصب الراية (1/199) : (( وَاعْلَمْ أَنَّ أَبَا دَاوُد لَمْ يَنْسِبْ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، كَمَا نَسَبَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَأَصْحَابُ الْأَطْرَافِ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي تَرْجَمَةِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي تَرْجَمَةِ عُرْوَةَ الْمُزَنِيّ مُعْتَمَدِينَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ1: إنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ. وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ وَلَمْ يَنْسِبُوا عُرْوَةَ، وَلَكِنَّ ابْنَ رَاهْوَيْهِ. وَالْبَزَّارَ أَخْرَجَاهُ فِي تَرْجَمَةِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ، وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تُصَلِّي الْمُسْتَحَاضَة ُ، وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِي ُّ فِي سُنَنِهِ2 وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: وَضَعَّفَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ: زَعَمَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِي ِّ3 أَنَّهُ ضَعَّفَهُ بِأَشْيَاءَ: مِنْهَا أَنَّ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ رَوَاهُ عَنْ الْأَعْمَشِ فَوَقَفَهُ عَلَى عَائِشَةَ، وَأَنْكَرَ4 أَنْ يَكُونَ5 مَرْفُوعًا، وَوَقَفَهُ أَيْضًا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَلَى عَائِشَةَ وَبِأَنَّ الْأَعْمَشَ أَيْضًا رَوَاهُ مَرْفُوعًا أَوَّلُهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَبِأَنَّ الزُّهْرِيَّ رَوَاهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَقَالَ فِيهِ: فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، انْتَهَى ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ جَامِعِهِ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي عُمْرَةِ رَجَبٍ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ يَقُولُ: حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، انْتَهَى )) أهـ .
    قال مخرجوا المسند :أخرجه ابن ماجه (624) عن علي بن محمد وأبي بكر بن أبي شيبة قالا: حدثنا وكيع عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة. فنسب عروة.أخرجه الدارقطني 1/212 من طريق محيد بن حرب النسائي، عن محمد ابن ربيعة، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة.
    أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/102 وفي "شرح مشكل الآثار" (2731) من طريق يحيى بن عيسى، والدارقطني في "السنن" 1/211 و213 من طريق قرة بن عيسى وعبد الله بن عمير وسعيد بن محمد الوراق، وأبو يعلى (4799) من طريق عبد الله بن داود وعثام بن علي وعبيد الله بن موسى، وستأتي في "المسند" عن وكيع برقم (25059) كلهم عن الأعمش، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن عروة -غير منسوب-، عن عائشة مرفوعاً.
    وأخرجه الدارقطني 1/211 من طريق علي بن هاشم، بهذا الإسناد. ثم قال بإثره: تابعه وكيعٌ والحربيُّ وقرةُ بن عيسى ومحيدُ بن ربيعة وسعيدُ بن محمد الوراق وابنُ عمير عن الأعمش، فرفعوه. ووقفه حفص بن غياث وأبو أسامة وأسباط بن محيد وهم إثبات.
    وأخرجه البيهقي في "السنن" 1/345-346 من طريق عباس الثوري، عن يزيد بن هارون، عن أبي العلاء أيوب بن أبي مسكين، عن الحجاج بن أرطأة، عن أم كلثوم، عن عائشة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في المستحاضة: "تدع الصَّلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل مرة، ثم تتوضأ إلى مثل أيام أقرائها، فإن رأت صفرة انتضحت وتوضأت وصلَّت" ، وأخرجه أبو داود (299) -ومن طريقه البيهقىِ 1/3466- عن أحمد بن سنان، عن يزيد بن هارون، عن أيوب بن أبي مسكين، عن الحجاج: يعني ابن أرطأة، عن أم كلثوم، عن عائشة موقوفاً.
    وأخرجه أبو داود (300) ، والبيهقي 1/346 عن أحمد بن سنان، عن يزيد ابن هارون، عن أبي العلاء أيوب بن أبي مسكين، عن ابن شبرمة، عن امرأة مسروق، عن عائشة، مرفوعاً.
    وأخرجه الدارقطني 1/210-211، والبيهقي 1/346 من طريق عمار بن مطر، عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن قمير امرأة مسروق، عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسولَ الله إني امرأة اُستحاض. فقال لها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنما ذاك عرق، فانظري أيام أقرائك، فإذا جاوزت فاغتسلي واستنقي، ثم توضئي لكل صلاة".
    وقال الدارقطني: تفرد به عمار بن مطر، وهو ضعيف، عن أبي يوسف، والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الإسناد موقوفاً: المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة.
    قلنا: ورواية إسماعيل هذه أخرجها الدارمي (792) عن جعفر بن عون، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن قمير، عن عائشة موقوفاً.
    وأخرجه الدارمي كذلك (790) من طريق معتمر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن مجالد، عن قمير، عن عائشة موقوفاً.
    وأخرجه الدارمي (799) و (814) ، والبيهقي 1/346-347 من طريق الشعبي عن قمير امرأة مسروق، عن عائشة موقوفاً.
    قال الدارقطني في "العلل" 5/الورقة 107: والموقوف عن قمير عن عائشة أصح. قلنا: وأشار إلى صحة حديث قمير أبو داود عقب الرواية (300) .
    وأخرجه مرفوعاً الدارقطني في "السنن" 1/216 و217، والبيهقي 1/354 و354-355 من طريق عثمان بن سعد الكاتب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة بنحوه مطولاً، وعثمان بن سَعْد ضعيف . فهذه الثلاثية من أحاديث حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير قد تناقل أصحاب الأطراف والأئمة تعليل عدم السماع من عروة بن الزبير ، وهو الصواب إن شاء الله .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    الفصل الخامس : سماع حبيب بن أبي ثابت من عاصم بن ضمرة .
    قد تكلم في سماع حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة الأئمةِ الأعلام وقد نفاهُ الدارقطني - رحمه الله - وقد أثبته أبي حاتم في حديث واحدٍ وقد حدث الحسن بن ذكوان متكلمٌ فيه مدلسٌ عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة ولم يسمع من حبيب بينهُ وبين حبيب رجلٌ ضعيف قال الإمام أحمد بن حنبل في العلل (1/246) : (( سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ يَعْنِي الَّذِي يُحَدِّثُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ صَلَّى بِالْقَوْمِ وَهُوَ جُنُبٌ فَأَعَادَ وَأَمَرَهُمْ فَأَعَادُوا قَالَ أَبِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ )) ، والصوابُ إن شاء الله تبارك وتعالى أن حبيب بن أبي ثابت لا يصح لهُ عن عاصم بن ضمرة سماعاً قاله سفيان الثوري ويحيى بن معين وأبو داود وأبو حاتم والدارقطني وغيره فلا يثبت وهو الصواب إن شاء الله .
    (1) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيّ ُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ أَبُو خَالِدٍ الْبَيْسَرِيُّ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلا تَنْظُرِ الَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيِّتٍ " .
    أقول : أخرجه أبو داود (3140 و4015) قال: حدَّثنا علي بن سَهْل الرَّمْلِي، حدَّثنا حَجَّاج. و"ابن ماجة" 1460 قال: حدَّثنا بِشْر بن آدم، حدَّثنا رَوْح بن عُبَادة. و (عبد الله بن أحمد) 1/146 (1249) قال: حدَّثني عُبَيْد الله بن عُمَر القَوَارِيرِي، حدَّثني يَزِيد، أبو خالد، البَيْسَرِي القُرَشِي.
    ثلاثتهم (حَجَّاج، ورَوْح، وأبو خالد) قال حَجَّاج: عن ابن جُرَيْج، قال: أُخْبِرْتُ عن حَبِيب بن أَبي ثابت، عن عاصم بن ضَمْرَة، فذكره ، وقال رَوْح: عن ابن جُرَيْج، عن حَبِيب بن أَبي ثابت، عن عاصم بن ضَمْرَة، فذكره ، وقال أبو خالد: حدَّثنا ابن جُرَيْج، أخبرني حَبِيب بن أَبي ثابت، عن عاصم بن ضَمْرَة، فذكره ، وقال أبو داود - رحمه الله - وهذا الحديث فيه نكارة .
    قال ابن أبي حاتم في العلل (6/50) : (( رَوَاهُ حجَّاج ، عَنِ ابْنِ جُرَيج؛ قَالَ: أُخْبِرتُ عَنْ حَبِيب بْنِ أَبِي ثابت، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عليٍّ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ أَبِي : ابْن جُرَيج لم يَسمَع هذا الحديثَ بذى الإسناد من حَبيب؛ إنما هو من حَدِيث عَمْرو بْن خَالِد الواسِطي، ولا يثبُت لحَبيب (3) روايةٌ عَنْ عَاصِم، فأرى أنَّ ابنَ جُرَيج أخذه من الْحَسَن بْن ذكوان، عن عمرو ابن خَالِد، عَنْ حَبيب، والحسنُ بنُ ذَكْوان وعمرُو بنُ خالدٍ ضعيفَياً الْحَدِيث )) ، وقد قال بعض المتأخرين أن ابن جريج قد صرح بالسماع عن حبيب بن أبي ثابت وذلك ليس بمسلمٍ قال الشيخ المحدث أبو إسحاق الحويني في تنبيه الهاجد (1/341) : (( وأخرجه أبو داود (3140، 4015) ، والبيهقيُّ (2/288) من طريق ابن جريج قال: أخبرت عن حبيب بن أبي ثابتٍ بسنده سواء وقد صرَّح ابن جريج بالتحديث من حبيبٍ عند أبي يعلى وعبد الله بن أحمد والدار قطنى ولكن لا يصح هذا التصريح، لأن من رواه عن ابن جريج أحداهما مجهولٌ وهو يزيد أبو خالد. والثاني: روح بن عبادة عند الدار قطنىِّ. وروح ثقةٌ حافظٌ، وقد رواه عنه أحمد بن منصور وهو صدوق كما قال أبو حاتمٍ، ولمن خالفه بشر بن آدم، والحارث بن أبي أسامة ومحمد بن سعد العوفي فرووه عن روح عن ابن جريج، عن حبيب. بالعنعنة وروايتهم أرجح من رواية أحمد بن منصور وانظر " إِرواء الغليل" (رقم269) لشيخنا عبد الرحمن الألباني حفظه الله تعالى )) ، فحمل ذلك على أنهُ قد صرح بالسماع من حبيب بن أبي ثابت ناهيك عن الانقطاع بينه وبين عاصم بن أبي ضمرة فإن ذلك لا يسلم بهِ لأن في إسنادها من تكلم فيه وهو مجهول فلا يعتبر بتصريحه بها .
    قد ضعفهُ الإمام الألباني فقال فيه : (( ضعيفٌ جداً )) .
    قال الصنعاني في فتح الغفار (1/234) : (( إسنادهُ فيه مقال )) .
    قال الحافظ في إتحاف المهرة (11/431) : (( وَيُقَالُ: إِنَّ حَبِيبًا أَيْضًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَاصِمٍ )).
    ذكره الإمام النووي في خلاصة الأحكام (1/325) : في خلاصة ضعيفة .
    وقال الدارني حسين سليم أسد في تعليقه على مسند أبو يعلى الموصلي (1/277) : (( ورجاله ثقات )) وقولهُ رجاله ثقات لا يلزم صحة الحديث وليت شعري أكان الشيخ الدارني مطلعاً على الانقطاع بين حبيب وضمرة ! وإني والله لأحسن الظن بالشيخ حسين سليم أسد - وفقه الله - وعاصم بن ضمرة قال فيه ابن عدي : (( لم أذكر له حديثا لكثرة ما يروي عن علي مما تفرد به ومما لا يتابعه الثقات عليه، والذي يرويه عن عاصم قوم ثقات، البلية من عاصم ليس ممن يروي عنه )) وهو صدوقٌ حسن الحديث إنما تكلم في روايته عن علي بن أبي طالب .
    قال البزار في البحر الزخار (2/274) : (( وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ )) وقد تكلم فيه الإمام الألباني بتوسعٍ ومِن أوسع البيان على جلالة هذا البحر الهمام في الحديث فجزى الله الإمام الألباني خيراً .
    فالحديث منقطعٌ كما قال الإمام الألباني - رضي الله عنه - من وجهين :
    1- بين ابن جريج وحبيب بن أبي ثابت .
    2- بين حبيب بن أبي ثابت وعاصم بن أبي ضمرة .
    وقد تكلم الإمام الألباني فيه بشكلٍ موسعٍ جداً فلينظر إرواء الغليل للإمام الألباني - رحمه الله - فقد أفرد فيه كلاماً مطولاً وأسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد وحسن المآب .
    (2) الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ» فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَدْخُلَ؟» قَالَ: إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلا بَوْلٌ.
    قُلت : أخرجه عَبْد الله بن أحمد 1/146 (1247) قال: حدَّثنا شَيْبان أبو مُحَمد. وفي 1/148 (1270) قال: حدَّثنا أبو سَلْم، خَلِيل بن سَلْم ، كلاهما (شَيْبان، وخَلِيل) عن عَبْد الوارث بن سَعِيد، حدَّثنا الحَسَن بن ذَكْوَان، عن عَمْرو ابن خالد، عن حَبِيب بن أَبي ثابت، عن عاصم بن ضَمْرَة، فذكره.
    - قال عَبْد الله بن أحمد 1/146 (1248) : وحدَّثناه شَيْبان مَرَّةً أُخرى، حدَّثنا عَبْد الوارث، عن حُسَين بن ذَكْوَان، عن عَمْرو بن خالد، عن حَبَّة بن أَبي حَبَّة، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ يُسَلِّمُ عَلَيَّ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ نَحْوَهُ ، قال أبو عَبْد الرَّحمان، عَبْد الله بن أحمد: وكان أَبي لاَ يُحدِّث عن عَمْرو بن خالد، يعني كان حديثُه لاَيَسْوَى عنده شيئًا ، وهذا الحديث ضعيف .
    قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/286) : (( رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ. قُلْتُ: وَتَأْتِي أَحَادِيثُ فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّلَاةِ )) ، وفي ذخيرة الحفاظ للمقدسي (1/219) : (( هَذِه أَحَادِيث أوردهَا أَبُو أَحْمد عبد الله بن عدي الْحَافِظ الْجِرْجَانِيّ - رَحمَه الله - فِي كتاب الْكَامِل، اسْتدلَّ بهَا على ضعف الرجل المسطور، أَقَامَهَا وَذكر عللها، وتقرر ذواتها بهَا على مَا يُوجِبهُ حَال الْمَذْكُور لَهَا أوردتها على مُعْجم الْأَلْفَاظ ليَكُون أسهل على من أَرَادَ معرفَة حَدِيث مِنْهَا، فَإِن من الْأَحَادِيث مَا أوردهُ فِي عدَّة مَوَاضِع من كِتَابه، فأوردناه على مُعْجم الْأَسْمَاء، لم يظفر الطَّالِب إِلَّا بطرِيق وَاحِد، وَيحْتَاج أَن يتصفح جَمِيع الْكتاب حَتَّى يقف على حَدِيث بِطرقِهِ. مِثَاله حَدِيث: لَا نِكَاح إِلَّا بولِي، أوردهُ ابْن عدي فِي أَرْبَعِينَ تَرْجَمَة، فنوردها فِي مَوضِع وَاحِد على لفظ المُصَنّف. وَفِي هَذَا الْكتاب أَحَادِيث صَحِيحَة الْمُتُون، غَرِيبَة الْإِسْنَاد، فيورده وينكره، فَيُقَال: أما إِسْنَاده من طَرِيق أستاذه لِأَن مَتنه غير صَحِيح، وَفِيه مَا يكون صَحِيح الْإِسْنَاد، مُنكر الْمَتْن، فَأوردهُ جَمِيع ذَلِك على حُرُوف المعجم، وَالله الْمُوفق والمعين )) .
    وقال : (( رَوَاهُ عَمْرو بن خَالِد: عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَليّ. وَعَمْرو هَذَا مَتْرُوك الحَدِيث )) فلا يصح لأثبات سماع حبيب من عاصم بهذا الحديث .
    (3) حَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ مَسْأَلَةً عَنْ ظَهْرِ غِنًى اسْتَكْثَرَ بِهَا مِنْ رَضْفِ جَهَنَّمَ» قَالُوا: مَا ظَهْرُ غِنًى؟ قَالَ: «عَشَاءُ لَيْلَةٍ» .
    قُلت : أخرجه عَبْد الله بن أحمد 1/147 (1253) قال: حدَّثني مُحَمد بن يَحيى بن أَبي سَمِينَة، حدَّثنا عَبْد الصَّمد، حدَّثني أَبي، حدَّثنا حَسَن بن ذَكْوَان، عن حَبِيب بن أَبي ثابت، عن عاصم ابن ضَمْرَة، فذكره ، أخرجه العقيليُّ في "الضعفاء" 1/224، وابن عدي في "الكامل" 5/1776 من طريقين عن عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد ، وأخرجه الدارقطني في "السنن" 2/121 من طريق أبي معمر المقعد، عن عبد الوارث بن سعيد، عن حسن (في المطبوع: حسين) ، عن عمرو بن خالد، عن حبيب ، في الباب ما يغني عنه عن أبي هريرة عند مسلم (1041) ولفظه: "من سأل الناسَ أموالَهم تكثراً، فإنما يسأل جمراً، فليستقل أو ليستكثر".
    قال ابن الجوزي في العلل (2/12) : (( هذا الحديث لا يَصِحُّ وَعَمْرُو بْنُ خَالِدٍ مَتْرُوكٌ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَقَالَ وَكِيعٌ كَانَ فِي جِوَارِنَا يَضَعُ الْحَدِيثَ )) وقال الضياء إسنادهُ حسن ! .
    قال الهيثمي في المجمع (3/94) : (( رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَالطَّبَرَانِي ُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِي إِسْنَادِهِمَا الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ. وَالْحَسَنُ - وَإِنْ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ - فَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ حَبِيبٍ. بَيْنَهُمَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ، كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، عَنِ ابْنِ صَاعِدٍ، وَعُمَرُو بْنُ خَالِدٍ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالدَّارَقُطْن ِيُّ )) .
    وقد أعله الدارقطني في السنن (3/27) : (( عمرو بن خالد متروك )) .
    قال الطبراني في الأوسط (8/138) : (( لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ إِلَّا الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَلَا عَنِ الْحَسَنِ إِلَّا عَبْدُ الْوَارِثِ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ الصَّمَدِ )) .
    (4) حَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وَعَنْ ثَمَنِ الْمَيْتَةِ، وَعَنْ لَحْمِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ، وَعَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، وَعَنِ الْمَيَاثِرِ الْأُرْجُوَانِ»
    قال مخرجوا المسند : إسناده ضعيف جدا كسابقه .
    وأخرجه أبو يعلى (357) ، والعقيلي في "الضعفاء" 1/224 عن زهير بن حرب، عن عبد الصمد، بهذا الإسناد ، وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/1776 من طريق زهير بن حرب وأبي بكر بن أبي النضر، عن عبد الصمد، به. وقال: وهذا الحديث يرويه الحسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، وعمرو متروك الحديث، ويُسقِط الحسن بن ذكوان من الإسناد عمرو بن خالد لشدة ضعفه.
    وأخرجه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 109 من طريق محمد بن نصر، عن جماعة، عن عبد الصمد، به. ثم قال: قال أبو عبد الله محمد بن نصر: وهذا حديث لم يسمعه الحسن بن ذكوان من حبيب بن أبي ثابت، وذلك أن محمد بن يحيى حدثنا قال: حدثنا أبو معمر، قال: حدثني عبد الوارث، عن الحسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، عن حبيب بن أبي ثابت، وعمرو هذا منكرُ الحديثِ، فدلسَه الحسنُ عنه.
    وأخرجه مختصراً بالنهي عن مياثرِ الأرجوان أبو داود (4050) من طريق هشام بنِ حسان، عن محمد بن سيرين، عن عَبيدة، عن علي. وإسناده صحيح.
    وفي الباب في النهي عن كُل ذي نابٍ من السباعِ، وعن كُل ذي مِخْلَبٍ من الطير من حديث ابنِ عباس عند مسلم (1934) .
    وفي النهي عن ثمنِ الميتة من حديث أبي هريرة عند أبي داود (3485) ، وإسناده حسن.
    وفي النهي عن لحوم الحمر الأهلية من حديث علي، وقد تقدم في "المسند" برقم (592) . وهو متفق عليه من حديث جابر وابن عمر وابن عباس وأنس وغيرهم، انظر "تلخيص الحبير" 4/150
    وفي النهي عن مهر البغي من حديث ابن عباس، وسيأتي في "المسند" برقم (2094) ، وإسناده صحيح.
    وفي النهي عن عَسْب الفحل من حديث ابن عمر عند البخاري (2284) .
    مهر البغي: ما تأخذه الزانية على الزنى، وسماه "مهراً" لكونه على صورته.
    وعسب الفحل: ثمن ماء الفحل، وقيل: أجرة الجماع، والفحل: الذكر من كل حيوان، فرساً كان أو جملاً أو تيساً أو غير ذلك ، قال الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (2/157) : (( إسناده منقطع )) ، فلا يصح لحبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة ما يثبت سماعه منه .
    (5) عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ أَوْ كَلْبٌ» ، وَكَانَ كَلْبٌ لِلحَسَنِ فِي الْبَيْتِ .
    قلت : أخرجه عَبْد الله بن أحمد 1/146 (1247) قال: حدَّثنا شَيْبان أبو مُحَمد. وفي 1/148 (1270) قال: حدَّثنا أبو سَلْم، خَلِيل بن سَلْم.كلاهما (شَيْبان، وخَلِيل) عن عَبْد الوارث بن سَعِيد، حدَّثنا الحَسَن بن ذَكْوَان، عن عَمْرو ابن خالد، عن حَبِيب بن أَبي ثابت، عن عاصم بن ضَمْرَة، فذكره.
    - قال عَبْد الله بن أحمد 1/146 (1248) : وحدَّثناه شَيْبان مَرَّةً أُخرى، حدَّثنا عَبْد الوارث، عن حُسَين بن ذَكْوَان، عن عَمْرو بن خالد، عن حَبَّة بن أَبي حَبَّة، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ يُسَلِّمُ عَلَيَّ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَهُ نَحْوَهُ قال أبو عَبْد الرَّحمان، عَبْد الله بن أحمد: وكان أَبي لاَ يُحدِّث عن عَمْرو بن خالد، يعني كان حديثُه لاَيَسْوَى عنده شيئاً ... وهذا الحديث ضعيف جداً لعمرو بن خالد . والله أعلم .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    الفصل السادس : سماع حبيب بن أبي ثابت من أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - .
    قد مضى آنفاً ذكر نفي سماع حبيب بن أبي ثابت من أم سلمة - رضي الله عنها - وقد نفى سماعهُ منها الإمام الثبت أبو زرعة - رحمه الله - وقال : (( لم يسمع من أم سلمة )) ، وقد رأيت لحبيب عنها - رضي الله عنها - بعضاً من الأحاديث التي يرويها عن أم سلمة - رضي الله عنها - .
    (1) عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اطَّلَى بَدَأَ بِعَوْرَتِهِ، فَطَلَاهَا بِالنُّورَةِ، وَسَائِرَ جَسَدِهِ أَهْلُهُ» .
    قُلت : أخرجه ابن ماجة في السنن (2/1234) قال الإمام الألباني (( ضعيف )) ، وقال الشيخ المحدث محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على السنن (( في الزوائد هذا حديث رجاله ثقات. وهو منقطع. وحبيب بن أبي ثابت لم يسمع من أم سلمة قاله أبو زرعة )) ، وأخرجه ابن ماجة من طريق كامل أبو العلاء عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اطَّلَى وَوَلِيَ عَانَتَهُ بِيَدِهِ» وقد ضعفهُ محمد فؤاد بالعلة ذاتها وضعفهُ الإمام الألباني ، كذلك أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء من رواية كامل أبي العلاء (5/67) وقال : (( غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ حَبِيبٍ، تَفَرَّدَ بِهِ كَامِلٌ )) .
    قال البوصيري في مصباح الزجاجة (4/121) : (( هَذَا الحَدِيث رِجَاله ثِقَات وَهُوَ مُنْقَطع حبيب بن أبي ثَابت لم يسمع من سَلمَة قَالَه أَبُو زرْعَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن كَامِل أبي الْعَلَاء بِهِ بِلَفْظ كَانَ ينور ويلي عانته بِيَدِهِ وَرَوَاهُ أَحْمد بن منيع فِي مُسْنده ثَنَا ابْن أبي زَائِدَة حَدثنِي كَامِل عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن رجل عَن أم سَلمَة بِهِ قَالَ وثنا أَبُو أَحْمد حَدثنِي كَامِل عَن حبيب بن أبي ثَابت لم يسمع من أم سَلمَة قَالَه أَبُو زرْعَة )) ، فلا يصح لحبيب بن أبي ثابت عن أم المؤمنين أم سلمة - رضي الله عنها - سماعاً وروى عنها حديثين ضعيفين إليه . والله أعلم .
    الفصل السابع : سماع حبيب بن أبي ثابت من ابن عباس - رضي الله عنه .
    قال العلائي في جامع التحصيل (( قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ حبيب بن أبي ثَابت لَقِي ابْن عَبَّاس وَسمع من عَائِشَة وَلم يسمع من غَيرهمَا من الصَّحَابَة )) وقلنا ان مجرد اللقاء لا يثبت السماع ، وقد حدث حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس بواسطة سعيد بن جبير - رحمه الله - وحديثهُ مخرجٌ في الصحيح من روايته عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، فلماذا تجنب الشيخين حديثهُ في الصحيح مباشرةً عن ابن عباس وخرجا حديثهُ عَنهُ بواسطة سعيد بن جبير - رحمه الله - .
    الباب الأول : حَديث حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس بواسطة .
    (1) أخرج الإمام البخاري في الصحيح (6/169) : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ} [النصر: 1]، قَالُوا: فَتْحُ المَدَائِنِ وَالقُصُورِ، قَالَ: «مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟» قَالَ: «أَجَلٌ، أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ».
    (2) وأخرج الإمام البخاري في الصحيح (6/187) : حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: أُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ لَحَنِ أُبَيٍّ، وَأُبَيٌّ يَقُولُ: «أَخَذْتُهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ أَتْرُكُهُ لِشَيْءٍ»، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106].
    (3) وأخرج الإمام مسلم في الصحيح (1/490) : وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ» فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ»، وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ»
    (4) وأخرج أيضاً في الصحيح (2/851) : وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَهْدَى الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارَ وَحْشٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: «لَوْلَا أَنَّا مُحْرِمُونَ، لَقَبِلْنَاهُ مِنْكَ» أقول : هذه الرباعية من رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس - رضي الله عنه - بواسطة سعيد بن جبير ، ووقفت لحبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس بدون واسطةٍ جُملة من الأحاديث في الباب الثاني دراستها .
    الباب الثاني : حديث حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس مباشرة .
    (1) الآثار لأبي يوسف (1/129) : حَدَّثَنَا يُوسُفُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: «الْحَامِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا يُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ نَصِيبِهَا».قُلت : ضعيفٌ لضعف أبي حنيفة وهو النعمان .
    (2) تفسير سعيد بن منصور - رحمه الله - (2/1224) : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ - أَوْ غَيْرِهِ، شَكَّ دَاوُدُ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى عَلَى الْأَمَةِ حَدًّا حَتَّى تَزَوَّج زَوْجًا حُرًّا .
    قُلت : قال محققه - وفقه الله - : (( سنده صحيح إن كان شيخ داود هو عكرمة، وقد صح عن ابن عباس من غير طريقه كما سيأتي ، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 491) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق ، ولم أجده عند عبد الرزاق بهذا اللفظ ولا من هذا الطريق، وإنما بلفظ آخر من طريق آخر سيأتي في تخريج الحديث رقم [615] ، وقد أخرج البيهقي هذا الحديث من طريق المصنف: ثنا هشيم، أبنا حصين، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} ، قال: إذا تزوجن. انظر "سنن البيهقي" (8 / 243) كتاب الحدود، باب ما جاء في حد المماليك ، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 394) ، وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 201 - 202 رقم 9101) ، كلاهما من طريق هشيم، عن حصين، به مثله .
    وهذا سند صحيح، وحصين هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة، إلا أنه تغير في الآخر، لكن الراوي عنه هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في الحديث [91] ، وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9102) من طريق مغيرة، عن عكرمة، به نحو سابقه ، وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 518 رقم 8343) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عن ابن عباس قال: لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تزوج .

    وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 201 رقم 9100) ، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 128 / أ) ، كلاهما من طريق عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابن عباس، قوله: {فإذا أحصن} يعني: إذا تزوجن حرًّا ، هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم: يعني إذا تزوجت حرًّا ثم زنت
    )) .
    وأخرج في تفسيره (4/1227) : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة، عنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الأمَةِ حَدٌّ حَتَّى تُحْصَنَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} .
    فقال المحقق : (( عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 491) للمصنف وابن المنذر ، وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 518 رقم 8343) ، وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 202 رقم 9104) ، كلاهما من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تزوج ، هذا لفظ ابن أبي شيبة، ولفظ ابن جرير: عن عمرو بن مرة أنه سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: لا تُضرب الأمةُ إذا زنت ما لم تتزوج ، وهذا فيه مخالفة من شعبة لمسعر بن كدام في كونه من قول ابن عباس أو من قول سعيد بن جبير، وشعبة ومسعر كلاهما ثقتان ثبتان، فتكون رواية مسعر من المزيد في متصل الأسانيد، وقد وافقه الحكم بن عتيبة، فرواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس أنه قرأها: {فإذا أُحصِنَّ} - يعني الألف -، يقول: الحصن بالأزواج، يقول: لا تُجلد أمةٌ حتى تزوج )) فها أنت ترى أن حديث حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس أخرجهُ ابن أبي شيبة في مصنفهِ ويصحُ من غير طريق حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس . والله اعلم .
    (3) أخرج سعيد بن منصور في تفسيره (4/1337) : - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى (2) ، عَنْ عَبَّادٍ المِنْقَري (3) ، عن [ل127/ب] الْحَسَنِ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ تَمَالأ (4) أَهْلُ الْأَرْضِ وَأَهْلُ السَّمَاءِ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ، لَأَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ جميعًا.
    قال محقق التفسير :(( سنده ضعيف لضعف حماد وعباد قبل حفظهما، لكنه حسن لغيره مرفوعًا بمجموع طرقه ، فقد روي مرفوعًا من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وأبي بَكْرَة رضي الله عنهم ، أما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فله عنه ثلاث طرق:
    (1) طريق عطية بن سعد الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قال: قتل قتيل على عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، فصعد المنبر خطيبًا، فقال: ((ما تدرون من قتل هذا القتيل بين أظهركم؟ - ثلاثًا - قالوا: والله ما علمنا له قاتلاً، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لو اجتمع على قتل مؤمن أهل السماء وأهل الأرض، ورضوا به، لأدخلهم الله جميعًا جهنم، والذي نفسي بيده، لا يبغضنا أهل البيت أحد، إلا أكبّه الله في النار)) .
    أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 352) واللفظ له ، والبزار في "مسنده" (4 / 122 رقم 3348 / كشف) ، كلاهما من طريق إسحاق بن إبراهيم البغوي، عن داود بن عبد الحميد، عن عمرو بن قيس المُلائي، عن عطية، به ، وقد أورد الحاكم هذا الحديث شاهدًا لحديث آخر - ليس فيه ما يشهد لحديثنا هذا -، فتعقبه الذهبي بقوله: ((خبر واهٍ)) ، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 296) ، وعزاه للبزار، ثم قال: ((وفيه داود بن عبد الحميد وغيره من الضعفاء)).
    قلت: سنده ضعيف جدًّا، فيه عطية بن سعد العوفي، وتقدم في الحديث [454] أنه ضعيف في الحديث. وفيه أيضًا: داود بن عبد الحميد الكوفي الأصل، نزيل الموصل، وهو ضعيف، قال أبو حاتم: ((لا أعرفه، وهو ضعيف الحديث، يدل حديثه على ضعفه)) ، وقال العقيلي: ((روى عن عمرو بن قيس المُلائي أحاديث لا يتابع عليها)) ، وقال الأزدي: ((منكر الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 418 رقم 1911) ، و"الميزان" (2 / 11 رقم 2624) ، و"لسان الميزان" (2 / 420 - 421 رقم 1737) .أقول: وهذا الحديث من الأحاديث التي رواها داود هذا عن عمرو بن قيس.
    (2) طريق جعفر بن إياس، عن أبي سعيد الخدري، بنحو سياق عطية السابق، إلا أنه لم يذكر قوله: ((والذي نفسي بيده لا يبغضنا ... )) الخ. أخرجه محمد بن إسحاق الكاتب النيسابوري في "المناهي والعقوبات" (ل 108 / ب) ، من طريق محمد بن الفضل الكوفي، عن أبان بن أبي عيّاش، عن جعفر بن إياس، به ، والحديث بهذا الإسناد موضوع؛ فيه محمد بن الفضل بن عطية الكوفي وقد كذّبوه كما في ترجمته في الحديث [186] ، وفيه أيضًا أبان بن أبي عَيّاش، وتقدم في الحديث [4] أنه متروك الحديث .
    (3) طريق أبي الحكم البَجَليّ، قال: سمعت أبا سعيد الخدري وأبا هريرة يذكران عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لَوْ أَنَّ أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن، لأكبَّهم الله في النار)) .أخرجه الترمذي في "جامعه" (4 / 654 رقم 1417) في الديات، باب الحكم في الدماء، من طريق الحسين بن واقد، عن يزيد الرقاشي، حدثنا ابو الحكم البجلي، به، ثم ضعّفه الترمذي بقوله: ((هذا حديث غريب)) . وسنده ضعيف؛ فيه يزيد بن أبان الرَّقاشي وهو ضعيف كما في ترجمته في الحديث [73] .
    تنبيه: في الموضع السابق من "جامع الترمذي" هكذا: ((ابن الحكم البجلي)) ، وهو خطأ - وأظنه طباعي -، وصوابه: ((أبو الحكم البجلي)) ، كما يتضح من "تحفة الأشراف" (3 / 487 رقم 4411) ، و"تهذيب التهذيب" (12 / 77 رقم 317) ، وقد جاء على الصواب في "جامع الترمذي" الذي حقق بدايته الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - (4 / 17 رقم 1398) . وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الترمذي مقرونًا بحديث أبي سعيد السابق، هو ضعيف لضعف يزيد الرَّقَاشي.
    وله طريق آخر عن أبي الحكم البجلي. فأخرجه الطبراني في "المعجم الوسيط" (2 / 248 - 249 رقم 1443) . والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 347 - 348 رقم 5352 / تحقيق زغلول) . كلاهما من طريق المُقَدَّم بن محمد، قال: حدثني عمي القاسم بن يحيى، عن أبي حمزة الأعور، عن أبي الحكم البجلي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لو اجتمع أهل السماء وأهل الأرض على قتل رجل مسلم، لكبَّهم الله في النار)) .
    قال الطبراني: ((لم يرو هذا الحديث عن أبي حمزة إلا القاسم، تفرَّد به مُقَدَّم)) .
    وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 297) : ((فيه أبو حمزة الأعور وهو متروك، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح)) .
    قلت: أبو حمزة الأعْور اسمه: ميمون القَصَّاب، الكوفي، الرَّاعي، مشهور بكنيته، يروي عن سعيد بن المسيب وأبي وائل والشعبي والحسن البصري وأبي الحكم البجَلي، وغيرهم، روى عنه الثوري والحمَّادان وابن عليَّة والقاسم بن يحيى وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة السادسة: قال أبو موسى: ((ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عن سفيان، عن أبي حمزة قط)) ، وقال الإمام أحمد: ((ضعيف الحديث)) ، وفي رواية قال: ((متروك الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء لا يكتب حديثه)) ، وقال الجوزجاني والدارقطني: ((ضعيف جدًّا)) ، وقال البخاري: ((ليس بذاك)) ، وقال مرة: ((ضعيف ذاهب الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وقال الساجي: ((ليس بذاك)) ، وقال الترمذي: ((تكلَّم فيه من قبل حفظه)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ليس بمتروك الحديث، ولا هو حجّة)) ، وقال الخطيب: ((لا تقوم به حجة)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بقوي، يكتب حديثه)) . اهـ.من "الجرح والتعديل" (8 / 235 - 236 رقم 1061) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1400) ، و"تهذيب التهذيب" (10 / 395 - 396 رقم 711) ، و"التقريب" (ص556 رقم 7057) .وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف أبي حمزة الأعور.
    (4) وأما حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فأخرجه:
    الطبراني في "المعجم الكبير" (12 / 133 رقم 12681) ، وابن عدي في "الكامل" (5 / 2004) ، ومن طريقه وطريقٍ آخر أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 22) ، وفي "شعب الإيمان" (4 / 347 رقم 5351 / بتحقيق زغلول) . ثلاثتهم من طريق عطاء بن مسلم الخَفَّاف، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ المسيِّب، عَنْ حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس قال: قتل قتيل على عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لا يُعلم قاتله، فصعد منبره، فقال: ((يا أيها الناس، أيقتل قتيل وأنا بين أظهركم لا يعلم من قتله؟ لو أن أهل السماء والأرض اجتمعوا على قتل امرئ مسلم، لعذّبهم الله بلا عدد ولا حساب)) . اهـ. واللفظ للطبراني
    قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 297) : ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير عطاء بن أبي مسلم (كذا) ، وثقه ابن حبان وضعّفه جماعة)) .
    قلت: عطاء بن مسلم الخَفَّاف، أبو مَخْلد الكوفي، نزيل حلب، يروي عن الأعمش ومحمد بن عمرو بن علقمة والعلاء بن المسيب وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك وأبو توبة الربيع بن نافع وهشام بن عمار وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه يخطئ كثيرًا، فقد وثقه ابن معين في رواية، وفي أخرى قال: ((ليس به بأس، وأحاديثه منكرات)) ، وقال الإمام أحمد: ((مضطرب الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((دفن كتبه، ثم روى من حفظه فيهم فيه، وكان رجلاً صالحًا)) ، وقال أبو حاتم: ((كان شيخًا صالحًا ... ، وكان دفن كتبه، وليس بقوي، فلا يثبت حديثه)) ، وضعفه أبو داود، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((دفن كتبه، ثم جعل يحدث فيخطئ، فبطل الاحتجاج به)) . وقال ابن عدي: ((له أحاديث وفيها بعض ما ينكر عليه)) ، وكانت وفاته سنة تسعين ومائة. اهـ من "الجرح والتعديل" (6 / 336 رقم 1859) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 936) ، و"تهذيب التهذيب" (7 / 211 - 212 رقم 392) ، و"التقريب" (ص392 رقم 4599) ، وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف عطاء بن مسلم من قبل حفظه . )) . فالحديث من طريق حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس - رضي الله عنه - لا يصح لضعف عطاء بن مسلم ! فلا يستدل به لإثبات سماعه من ابن عباس .
    ومما قد يستدل بهِ لإثبات أن بين حبيب بن أبي ثابت وابن عباس - رضي الله عنه - واسطةٌ ما أوردهُ سعيد بن أبي منصور في تفسيره حديث (874) قال المحقق : (( يرويه حماد بن شعيب سنده ضعيف لإبهام الواسطة بين حبيب بن أبي ثابت وابن عباس، وأما حماد بن شعيب؛ فإنه قد توبع .والحديث ذكره السيوطي في (الدر المنثور) (3 / 260) وعزاه للمصنِّف والفريابي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه والحاكم والبيهقي في (الدلائل) .
    وقد اختلف على حبيب بن أبي ثابت في هذا الحديث ، فرواه حماد بن شعيب وسفيان الثوري وأبو محمد الأسدي، ثلاثتهم عن حبيب، عمن سمع ابن عباس، وفي رواية الأسدي: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ ، وخالفهم قيس بن الربيع وحمزة بن حبيب ، أما قيس فلم يذكر واسطة بين حبيب وابن عباس، وإنما قال: عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عن ابن عباس.
    وأما حمزة فجعل الواسطة سعيد بن جبير ، أما رواية حماد بن شعيب فهي التي أخرجها المصنِّف هنا ، وأما رواية سفيان الثوري فأخرجها هو في (تفسيره) (ص 106 - 107/ رقم 264) ، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق في (تفسيره) (2 / 206) ، وابن جرير الطبري في (تفسيره) (11 / 313 / رقم 13170، 13171) من ثلاث طرق عنه ، وابن أبي حاتم في (تفسيره) (3 / ل 64 / أ) من طريقين عنه ، والحاكم في (المستدرك) (2 / 315) ، وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (13172) ، والبيهقي في (الدلائل) (2 / 340) ، كلاهما من طريق عبد الرزاق عن سفيان.
    وأخرجه البيهقي في الموضع نفسه أيضًا من طريق الحاكم ، تنبيه: وقع في تفسير سفيان الثوري: (حبيب بن أبي حبيب) ، وهو خطأ، وصوابه ما رواه الحفاظ عن سفيان، كعبد الرزاق في (تفسيره) ، ووكيع وعبد الرحمن ابن مهدي عند ابن جرير وغيره، فإنهم رووه على الصواب هكذا: (حبيب بن أبي ثابت) ، وأما رواية أبي محمد الأسدي فأخرجها ابن جرير الطبري برقم (13175) ، ولفظه نحو لفظ المصنف هنا ، وأبو محمد الأسدي هذا يحتمل أن يكون هو قيس بن الربيع، فهو أسدي، وكنيته: أبو محمد، وهو يروي عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، لكن الراوي عنه عند ابن جرير هو يونس بن بكير، ولم أجد من نص على أنه من الرواة عنه، وقد رجح الشيخ محمود شاكر في تعليقه إلى الحديث أن أبا محمد الأسدي هذا هو عبد العزيز بن سِيَاه، فهو الذي يروي عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، ويروي عنه يونس بن بكير، لكن لم يذكر في ترجمته أن كنيته أبو محمد، ولم يذكر من أولاده من أسمه محمد، وإنما ذكر له من الأولاد يزيد وقُطْبَة، فالله أعلم. انظر ترجمة قيس بن الربيع في الحديث المتقدم برقم [54] ، وانظر (تهذيب الكمال) (18 / 144 - 145) ، وحاشية (تفسير ابن جرير الطبري) (11 / 314) .
    وأما رواية قيس بن الربيع فأخرجها الطبراني في (المعجم الكبير) (12 / 133 / رقم 12682) ، بنحو لفظ المصنف هنا، إلا أنه قال: وينأى عن اتباعه ، قال الهيثمي في (مجموع الزوائد) (7 / 20) : (وفيه قيس بن الربيع وثقه شعبة وغيره، وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله ثقات) .
    قلت: قيس بن الربيع تقدم في الحديث [54] أنه صدوق تغير لما كبر، وادخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به ، وأما رواية حمزة بن حبيب، فأخرجها الحاكم في (المستدرك) (2 /315) ، ومن طريقه البيهقي في (دلائل النبوة) (2 / 340 - 341) والواحدي في (أسباب النزول) (ص 209) ، وقد ساق الحاكم من طريق شيخه علي بن حمشاذ العدل، ثنا محمد بن منده الأصبهاني، ثنا بكر بن بكار، ثنا حمزة بن حبيب، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - في قول الله عز وجل: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} - قال: نزلت فِي أَبِي طَالِبٍ؛ كَانَ يَنْهَى المشركين عن أن يؤذوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم ويتباعد عما جاء به ، ثم قال الحاكم: (حديث حمزة بن حبيب صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي، لكن الذي في (التلخيص) تصحيح الحديث دون أن يذكر أنه على شرط الشيخين.
    وقد ذهل الذهبي - رحمه الله - عن تعقب الحاكم على هذا الحديث، مع أن من عادته تعقب مثله، ففي سند الحديث بكر بن بكار، وقد أخرج الحاكم بعض الأحاديث من طريقه في غير هذا الموضع وتعقبه الذهبي بقوله: (قلت بكر قال النسائي: ليس بثقة) . انظر (التلخيص بحاشية المستدرك) (1 / 530) ، و (4 / 593) .
    وبكر هذا هو ابن بَكَّار، أبو عمرو القَيْسي، ضعيف، قال ابن معين وابن الجارود: (ليس بشيء) وقال أبو حاتم: (ليس بالقوي) ، وقال النسائي: (ليس بثقة) ، وقال الساجي: (ضعفه بعضهم) ، واتهمه العقيلي بسرقة بعض الأحاديث، وذكر ابن أبي حاتم ترجمة الحارث بن بدل حديثًا من طريق بكر هذا، ثم قال: (وهذا من تخليط بكر بن بكار، فإنه سيء الحفظ ضعيف الحديث) وقال ابن حجر: ((وفي نسخته مناكير ضُعِّف بسببها)) وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: (ربما أخطأ) ، ووثقه أبو عاصم النبيل وقال ابن القطان: (ليست أحاديثه بالمنكرة) . انظر (الجرح والتعديل) (2 / 382 - 383 / رقم 1492) ، و (3 / 69 - 70 / رقم 318) ، و (الثقات) لابن حبان (8 / 146) ، و (الكامل) لابن عدي (2 / 464 - 465) ، و (ميزان الاعتدال) (1 / 343 / رقم 1274) ، و (لسان الميزان) (2 / 48 / رقم 178) .
    والراوي عن بكر هذا هو محمد بن مَنْدَه بن أبي الهيثم منصور، أبو جعفر الأصبهاني، نزيل الرَّيّ، يروي عن بكر بن بكار والحسين بن حفص ومحمد بن مهران الجمّال وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن محمد الصفّار وحمزة بن محمد الدهقان وغيرهما، وهو ضعيف جدًا؛ قال ابن أبي حاتم: (لم يكن عندي بصدوق؛ أخرج أولاً عن محمد بن بكير الحضرمي، فلما كتب عنه استحلى الحديث، ثم أخرج عن بكر بن بكار والحسين بن حفص، ولم يكن سنه سنّ من يلحقهما) ، وقال أبو نعيم: (ضعفه بعض الناس بروايته عن الحسين بن حفص، عن شعبة، ويونس بن أبي إسحاق؛ لأن الحسين لا تعرف له عنهما رواية) وكذّبه مهران، وذكره ابن حبان في (الثقات) . انظر: (الجرح والتعديل) (8 / 107 / رقم 463) ، و (الثقات لابن حبان) (9 / 154) ، و (ذكر أخبار أصبهان) لأبي نعيم (2 / 193) ، و (تاريخ بغداد) (3 / 304 - 305 / رقم 1395) ، و (لسان الميزان) (5 / 393 - 394 / رقم 1272) .ومع ضعف بكار وشدة ضعف محمد بن منده؛ فهذه الطريق مخالفة لرواية سفيان الثوري ومن وافقه، وفيها إبهام الواسطة بين حبيب بن أبي ثابت وابن عباس، وعليه فالحديث بهذا الإسناد منكر، لا كما قال الحاكم . والله أعلم .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    (4) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، وَيُوتِرُ بِثَلاثٍ، وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ ، فَلَمَّا كَبِرَ، صَارَ إِلَى تِسْعٍ: وَسِتٍّ وَثَلاثٍ " .
    قُلت : أخرجه الإمام أحمد في مسندهِ (4/448) عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ بهِ ، قال محقق المسند : (( صحيح، وهذا إسناد على شرط مسلم، وقد اضطرب فيه على يحيى بن الجزار، فروي عنه عن ابن عباس كما هو هنا، وروي عنه عن أم سلمة أخرجه كذلك الترمذي (457) ، والنسائي 3/237، وروي عنه عن عائشة أخرجه النسائي 3/238 مع اختلاف في بعض ألفاظه. أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله الزبيري، وأبو بكر النهشلي، قيل: اسمه عبد الله بن قِطَاف أو ابن أبي قطاف، وقيل: وهب، وقيل : معاوية .
    وأخرجه الطبراني (12730) من طريق عون بن سلام، عن أبي بكر النهشلي، عن حبيب بنِ أبي ثابت، عن يحيى ابنِ الجزار، عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يوتر بثلاث.
    وأخرجه الطبراني أيضا (12690) من طريق أبي بلال الأشعري، حدثنا أبو بكر النهشلي، عن حبيب بنِ أبي ثابت، عن يحيى بن وثاب (!) ، عن ابنِ عباس: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي من الليل ثمان ركعات، ويوتر بثلاث.
    وأخرج البيهقي 3/41 من طريق عطاء بن مسلم، عن العلاء بن المسيب، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس، قال: أوتر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث قَنَتَ فيها قبل الركوع.
    وقال البيهقي: هذا ينفرد به عطاء بن مسلم وهو ضعيف )) .
    (5) أخرج الإمام أحمد في المسند (4/453) : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِثَلاثٍ: بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ " .
    قال محقق المسند : (( حديث صحيح، شريك -وهو ابن عبد الله، وإن كان سيئ الحفظ- قد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح ، وأخرجه الترمذي (462) ، والنسائي في "الكبرى" (1426) عن علي بن حجر، والطحاوي 1/287 من طريق محمد بن سليمان لوين، كلاهما عن شريك، بهذا الإسناد ، وأخرجه ابن أبي شيبة 2/299 و14/263، وابن ماجه (1172) ، والنسائي في "الكبرى" (1340) ، وأبو يعلى (2555) ، والبيهقي 3/38 من طريق يونس بن أبي إسحاق، والدارمي (1589) ، والنسائي في "المجتبى" 3/236، وفي "الكبرى" (1427) من طريق زكريا بن أبي زائدة، وابن أبي شيبة 2/299 من طريق أبي الأحوص، والطبراني (12434) من طريق زهير بن معاوية، أربعتهم عن أبي إسحاق، به. ولفظ حديث أبي الأحوص عند ابن أبي شيبة: كان يقرأ في الوتر بثلاث، دون تعيين السور وأخرجه النسائي في "المجتبى" 3/236، وفي "الكبرى" (1428) من طريق أبي نعيم، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، موقوفاً عليه.
    وأخرجه البيهقي 3/38 من طريق إسماعيل القاضي، عن عمرو بن مرزوق، عن زهير، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن أبي هريرة: أنه كان يوتر بثلاث سور: بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد ، وأخرج الطبراني (12679) من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ هذه السور الثلاث في الوتر، ضمن الحديث الطويل في قيامِ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    وسيأتي الحديث برقم (2725) و (2726) و (2776) و (2906) و (3531) .
    وله شواهد عن عبد الرحمن بن أبزى، وعنه عن أبي بن كعب، وعن عائشة، وستأتي في "المسند" على التوالي 3/406 و5/123 و6/227، وحديثا أبي بن كعب وعائشة صححهما ابن حبان برقم (2436) و (2448) ، وفي حديث عائشة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في الركعة الأخيرة بالمعوذتين مع سورة الإخلاص، ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 2/19 عن العقيلي أنه قال: حديث ابن عباس وأبي بن كعب بإسقاط المعوذتين أصح )) .
    (6) أخرج الإمام أحمد في المسند (5/72) : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ الْعَلاءِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ: " رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَارْفَعْنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي " ثُمَّ سَجَدَ .
    قال المحقق : (( والشك في رواية حبيب بن أبي ثابت هل هي عن ابن عباس أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، لا يضر، فقد ثبت على ابنُ المديني سماعَه من ابن عباس، وخرج له الشيخان من روايته عن سعيد بن جبير )) .
    قُلت : وأما روايتهُ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ففي الصحيح كما أشار المحقق وقد أخرجهُ أخرجه أبو داود (850) ، وابن ماجه (898) ، والترمذي (284) و (285) ، والحاكم 1/262و271، والبيهقي 2/122، والبغوي (667) من طرق عن كامل بن العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس- وبعضهم يزيد في بعض .
    وكلامل أبو العلاء فيه كلامٌ لا يحط حديثه عن درجة الحسن ، وشك حبيب بن أبي ثابت إن كان لا يضر إلا أن روايته عن سعيد بن جبير أخرجها أبو داود والترمذي وغيرهُ من طريق كامل عن سعيد عن ابن عباس دُون الشك في روايتهِ ولعلهُ الأرجح إن شاء الله . والله أعلم .
    (7) أخرج ابن ماجة في السنن (1/404) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ أَبُو الْأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ مَا يَتَزَوَّدُ لَهُمْ رَاعٍ، وَلَا يَخْطِرُ لَهُمْ فَحْلٌ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا طَبَقًا مَرِيعًا غَدَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ» ثُمَّ نَزَلَ، فَمَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا قَالُوا قَدْ أُحْيِينَا . قُلت : ضعفهُ الإمام الألباني - رحمه الله - أخرجه أبو عوانة في مستخرجهِ (2/120) فلا يعتبر به لإثبات سماع حبيب من ابن عباس .
    (8) أخرج الطبراني في الكبير (12/130) : حَدَّثَنَا الْمِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» . قُلت : وإسنادهُ ضعيف يحيى بن عيسى الرملي ضعيفٌ ، وللحديث طرقٌ أصحُ من هذا . والله أعلم .
    خِتاماً فإنك أيها القارئ الكريم قد رأيت أن حبيب بن أبي ثابت غالباً ما يحدث عن ابن عباس - رضي الله عنه - بواسطة سعيد بن جبير وقد أخرج روايته عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير الشيخين - رضي الله عنهما - وكان قد تقدم أن ابن المديني أثبت لقاؤهُ للصحابي الجليل ابن عباس - رضي الله عنه - قال ابن رجب [شرح علل الترمذي 2/593]: «فإن كان الثقةُ يَروي عمَّن عاصره أحياناً ولَمْ يَثْبُتْ لُقِيُّه له، ثُمَّ يُدخل أحياناً بينه وبينه واسطةً، فهذا يَستدلُّ به هؤلاء الأئمة على عدم السماع مِنه» وقد قلنا في بداية الأمر عند ذكر كلام ابن المديني - رحمه الله - أن القول باللقاء لا يقتضي السماع وهذا قولٌ نتراجعُ عنه إذ ثبت عندي أن حبيب بن أبي ثابت قد سمع من ابن عباس - رضي الله عنه - وإن كان أخرج روايتهُ ارباب الصحيحين من رواية سعيد بن جبير - رحمه الله - وقد أثبت لقاؤه الإمام البخاري - رحمه الله - ، فثبوت لقاء حبيب بن أبي ثابت لابن عباس - رضي الله عنه - دليلٌ على سماعه منه وثبوت اللقاء ولو مرةٍ واحدةٍ دليلٌ على السماع عند أهل العلم وحديثهُ عن ابن عباس بواسطةٍ فهو من قبيل المزيد من متصل الأسانيد ، فقول ابن رجب على ثبوت اللقاء وقد تحقق وأثبته لهُ الإمام البخاري والإمام ابن المديني ، وهذا يثبت سماعه من ابن عباس - رضي الله عنه - .
    قال الدكتور خالد الدريس في موقف الإمامين (1/112) : (( رأيت شيخ الإمام البخاري علي بن المديني يستخدم لفظ اللقيا كثيراً في كتابه "العلل" عند إثباته سماع الرواة من شيوخهم مما يدل على أنه لا يشترط السماع فقط وإنما اللقاء، فمن ذلك:
    قوله: (حبيب بن أبي ثابت لقي ابن عباس، وسمع من عائشة، ولم يسمع من غيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
    والملاحظ هنا أنه فرق بين سماع حبيب من ابن عباس، وسماعه من عائشة، فقال علي بن المديني في رواية حبيب عن ابن عباس بأنه "لقي" وقال في رواية حبيب عن عائشة بأنه "سمع"، ثم سمى اللقاء سماعاً في قوله: (ولم يسمع من غيرهما) )) .
    وقد صرح حبيب بن أبي ثابت من أنهُ سمع من إبن عباس وإسنادهُ أوردهُ الطحاوي في مشكل الآثار من روايته عن إبراهيم بن مرزوق وهو صدوقٌ حسن الحديث أن حبيب بن أبي ثابت قال سمعت ابن عباسٍ وهذا صرح فيه بالسماع من ابن عباس وقد قرن الإمام ابن المديني اللقاء بالسماع فقال فيه : (( ولم يسمع من غيرهما )) وإدخال سعيد بن جبير لا يضر رواية حبيب بن أبي ثابت عنه لأنه قد ثبت سماعه من ابن عباس ، وبالجملة فإن أحاديثهُ عن ابن عباس رضي الله عنه متكلمٌ فيها ولا تكاد ترى حديثه عن ابن عباس يصح منه إثنين أو ثلاثة كما ظهر لي على ضعف علمي ، ولعل العلة في عدم إخراج الشيخين لحديثه الإختلاف في الوصل والوقف والضعف في الأسانيد التي يروي فيها حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس - رضي الله عنه - .
    قال ابنُ رجب الحنبلي فقال [شرح علل الترمذي 2/592]: «فَدَلَّ كلامُ أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم على أنَّ الاتصال لا يثبت إلاَّ بثبوت التصريح بالسماع، وهذا أَضْيَقُ مِن قول ابن المديني والبخاري». اهـ ثم قال [شرح علل الترمذي 2/595]: «وكلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم في هذا المعنى كثيرٌ جداً يَطُول الكتابُ بذكره، وكلُّه يدور على أنَّ مجرد ثبوت الرؤية لا يكفي في ثبوت السماع. وأنَّ السماع لا يثبت بدون التصريح به. وأنَّ رواية مَن رَوى عمَّن عاصره تارةً بواسطةٍ وتارةً بغير واسطة، يَدُلُّ على أنه لم يسمع مِنه، إلاَّ أن يثبت له السماع مِنه مِن وجه». اهـ .
    وقد ثبت سماعهُ وأن صرح بالسماع قال الطحاوي في مشكل الآثار (11/369) : (( فَقَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ يَثْبُتُ سَمَاعُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سَمَاعَهُ مِنْهُ وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ثَابِتٌ، وَقَدْ رُوِيَ فِيمَا سَمِعَهُ مِنْهُ:مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ، أَتَقَبَّلُ بِالْقَرْيَةِ لَا أُرِيدُ أَنْ أَظْلِمَ، إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أَدْرَأَ عَنْ نَفْسِيَ الظُّلْمَ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 29] ، إِلَى قَوْلِهِ: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] ، ثُمَّ قَالَ: " [ص:371] يَنْزِعُ الصَّغَارَ مِنْ أَعْنَاقِهِمْ، وَيَضَعُهُ فِي عُنُقِكَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ثُمَّ عُدْنَا إِلَى حَدِيثِ أُبَيٍّ، وَهَلْ نَجِدُهُ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ مِسْعَرٍ، كَمَا رَوَاهُ حَفْصٌ عَنْ مِسْعَرٍ؟ )) ، قلت : وإسنادهُ حسنٌ إبراهيم بن مرزوق صدوقٌ حسن الحديث .
    قال ابن أبي شيبة في المصنف 21667- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إنَّا نَأْخُذُ الأَرْضَ مِنَ الدَّهَاقِينِ ، فَأَعْتَمِلُهَا بِبَذْرِي وَبَقَرِي ، فَآخُذُ حَقِّي وَأُعْطِيهِ حَقَّهُ ، فَقَالَ لَهُ : خُذْ رَأْسَ مَالِكَ ، وَلاَ تَزدْ عَلَيْهِ شَيْئاً فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ هَذَا.
    قُلت : وهذا موقوفٌ على ابن عباس - رضي الله عنه - .
    فثبات الرؤية والإداراك أو المعاصره ولا يثبت لهُ رواية .
    وقد يثبت لهُ الرؤية ولا تثبت لهُ الرواية .
    وقد يكون عاصرهُ ولم يعلم لهُ لقاءٌ بهِ وأدخل بينهُ وبين من حدث عنه راوٍ فذلك يستدل به على عدم السماع ، كأن يحدث عمن عاصرهُ ولم يثبت سماعه منهُ فذلك مرسلٌ خفي ، كأن يحدث يحيى بن أبي كثير عن أنس وقد رأى أنس بن مالك وهذا من قبيل المرسل الخفي إذ تحققت الرؤية والمعاصرة ولم يتحقق السماع أو اللقاء وعلى ما ذهب إليه البخاري وابن المديني في إثبات سماع حبيب من ابن عباس للقاء فقرن اللقاء بالسماع فقال ولم يسمع من غيرهما ، وعلى هذا فالذي يترجح لدي أنهُ قد سمع منه لتصريحه بالسماع . والله أعلم .
    ومن لديه استدراكٌ في هذا فلينبه عليه مشكوراً .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    الفصل الثامن : سماع حبيب بن أبي ثابت من حكيم بن حزام .
    قال الإمام الترمذي في السنن (2/549) : (( حَدِيثُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ لَمْ يَسْمَعْ عِنْدِي مِنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ )) فأعلَّ الإمام الترمذي سماع حبيب بن أبي ثابت من حكيم بن حزام ، وضعف لأجلهِ حديث الأضحية الذي يرويه عنهُ .
    (1) أخرج الترمذي في السنن (2/549) : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ، فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً، فَأُرْبِحَ فِيهَا دِينَارًا، فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا، فَجَاءَ بِالأُضْحِيَّةِ وَالدِّينَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «ضَحِّ بِالشَّاةِ، وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ».
    قُلت : وإسنادهُ ضعف فحبيب لم يسمع من حكيم بن حزام كما قال الإمام الترمذي عقب هذا الحديث وقال الإمام الألباني في تعليقه على السنن (3/550) شاكر : (( ضعيف ))
    ، وقال أبو نعيم في حلية الأولياء (5/67) : (( لَمْ يَرْوِهِ عَنْ حَبِيبٍ إِلَّا أَبُو حُصَيْنٍ )) ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ حَبِيبٍ إِلَّا أَبُو حُصَيْنٍ ، وضعفهُ الإمام الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (3/257) .
    الفصل التاسع : حبيب بن أبي ثابت عن أبي المطوس .
    قال شعبة : (( ولم يسمعه حبيب من أبي المطوس، وقد رآه ))قد أثبت شعبة لحبيب بن أبي ثابت رؤية لأبي المطوس ولكنهُ لم يثبت لهُ سماعٌ منه ، وهذا مما يستدل به على نفي السماع من الراوي عند المحدثين ، فيحيى بن أبي كثير رأى أنساً ولم يسمع منه ، قال أبو حاتم [المراسيل 526]: «لَمْ يسمع أبو إسحاق مِن ابن عمر، إنما رآه رؤية»فنفى رواية أبو إسحاق لابن عمر - رضي الله عنهما وأثبت له الرؤية ، ومقتضاهُ ان الرؤية دُون ثبوت اللقاء والسماع والتحديث فإن ذلك في عداد المرسل وهو ما يسمى بالمرسل الخفي كما هو مقررٌ سابقاً ، والذي مفادهُ أن يروي الراوي عمن عاصرهُ او رآهُ ولم يعرف لهُ لقاءٌ بهِ مالم يسمع منه ، وقال[المراسيل 706]: «الزهريُّ لَمْ يصح سماعه مِن ابن عمر، رآه ولم يسمع منه. ورأى عبد الله بن جعفر، ولم يسمع منه»فأثبت الرؤيا ولكنه لم يثبت له السماع ، وهذه الرواية من قبيل المرسل الخفي.
    (1) حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَلَوْ صَامَهُ».
    قلت : قال الإمام الدارقطني في العلل (8/262) :
    فَقَالَ: يَرْوِيهِ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛
    فَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة.
    قَالَ شُعْبَةُ: وَلَمْ يَسْمَعْهُ حَبِيبٌ مِنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، وَقَدْ رَآهُ.
    وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛
    فَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، قَالَ حَبِيبٌ: فَلَقَيْتُ أَبَا الْمُطَوِّسِ فَحَدَّثَنِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَقِيلَ: عَنِ الثَّوْرِيِّ فِيهِ عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ.
    وَرَوَاهُ حَمْزَةُ الزَّيَّاتِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقِيلَ، عَنْهُ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ .
    وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ حَبِيبٍ.
    وَرَوَاهُ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ عُمَارَةَ بن عمير ، وَرَوَاهُ كَامِلُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ، وَزَادَ فِيهِ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ.
    وَرَوَاهُ أَبُو مَرْيَمَ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عمارة بن عمير، عن أبي المطوس، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ ، وَقَالَ فِيهِ قَالَ حَبِيبٌ: فَلَقَيْتُهُ، فَحَدَّثَنِي، وَأَرْسَلَهُ مِسْعَرٌ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَضْبَطُهُمْ لِلْإِسْنَادِ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَمَنْ تَابَعَهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ.
    [ الحديث الأول ] حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل، حدثنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سعيد حدثنا بهذا الحديث، حدثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، قَالَ: فَلَقَيْتُ أَبَا الْمُطَوِّسِ فَحَدَّثَنِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمّ قَالَ يَحْيَى بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ: نظرت في هذا الحديث فغيره، أنبأنا يحيى، حدثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُطَوِّسِ، قَالَ: فَلَقَيْتُ ابْنَ الْمُطَوِّسِ فَحَدَّثَنِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .
    [ الحديث الثاني ] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ حدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِي، قالا: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي المطوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفطر يوما من رمضان من غير مَرَضٍ، وَلَا رُخْصَةٍ، لَمْ يَقْضِهِ صَوْمُ الدَّهْرِ وإن صامه.
    [ الحديث الثالث ] حدثنا النيسابوري، حدثنا أبو الأزهر، ويزيد بن سنان، قالا: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابْنِ الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، لَمْ يَقْضِهِ وَإِنْ صَامَ الدَّهْرَ.
    [ الحديث الرابع ] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بن مخلد، قالا: حدثنا عباس بن محمد بن حاتم، حدثنا محمد بن جعفر المدائني، حدثنا حمزة الزيات، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ أبي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ، وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صَوْمُ الدَّهْرِ وَلَوْ صَامَهُ.
    قَالَ: قَالَ عَبَّاسٌ: كَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ.
    [ الحديث الخامس ] حدثنا النيسابوري، حدثنا العباس بن محمد، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ، سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا اللَّهُ، لَمْ يَقْضِ عَنْهُ وَلَوْ صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ.
    [ الحديث السادس ] حَدَّثَنَا النيسابوري، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ ، قَالَ حَبِيبٌ: وَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا الْمُطَوِّسِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، لَمْ يَقْضِ وَلَوْ صَامَ الدهر.
    [ الحديث السابع ] دثنا النيسابوري، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا سعيد بن عمار، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي المطوس، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ يَرْفَعْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثله.
    [ الحديث الثامن ] حدثنا النيسابوري، حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، حدثنا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا من رمضان من غير رخصة رخصها الله لَهُ، لَمْ يَقْضِ عَنْهُ وَإِنْ صَامَ الدَّهْرَ.
    [ الحديث التاسع ] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، حدثنا علي بن سهل، حدثنا عفان، حدثنا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي حَبِيبٌ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، قَالَ: أَمَّا إِنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ، وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي عمارة بن عمير، عن أبي المطوس، عن أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، لَمْ يَقْضِهِ عَنْهُ صِيَامٌ وَإِنْ صَامَ الدَّهْرَ.
    [ الحديث العاشر ] دَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الرَّهَاوِيُّ، حدثنا أبو أحمد جعفر بن محمد الوراق، حدثنا محمد بن وهب، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ الْمُطَوِّسِ، عَنْ أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ، وَلَا رُخْصَةٍ، لَمْ يَقْضِهِ صَوْمُ الدَّهْرِ.
    [ الحديث الحادي عشر ] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِسِيُّ، حدثنا أحمد بن عبيد بن إسحاق، حدثنا أبي، قال: حدثنا كَامِلُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا مَنْ غَيْرِ مَرَضٍ، وَلَا رُخْصَةٍ، لَمْ يُقِمْ عَنْهُ صَوْمُ الدَّهْرِ.
    [ الحديث الثاني عشر ] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَافِظُ، حدثنا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ حَبِيبُ بن أبي ثابت فقال اسمه عبد الله بن المطوس ثقة أراه كوفيا.
    [ الحديث الثالث عشر ] حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي المطوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفطر يوما من رمضان من غير رُخْصَةٍ، لَمْ يُجْزِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ.
    [ الحديث الرابع عشر ] حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن محمد أخو زبير يوسف القطان، حدثنا عمر بن سعد أبو داود الحفري، حدثنا سفيان، حدثنا حبيب بن أبي ثابت، عن ابن المطوس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ عمارة.
    [ الحديث الخامس عشر ] حدثنا سعيد بن محمد، حدثنا هشام بن عبد الملك، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ عُمَيْرٍ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَفْطَرَ يوما من رمضان من غير رخصة رخصها اللَّهُ، لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ.
    قال أبو عبد الله بن مندة في مجالس من أماليه (1/281) : (( ريب من حديث حمزة الزيات رواه أبو كريب عن محمد بن جعفر المدائني )) ، وقال ابن أبي حاتم في العلل (3/36) [646] : (( وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ الثَّوري وشُعْبَة: فقال الثَّوري : عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي المُطَوِّس ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صَوْمُ الدَّهْرِ.
    وَرَوَاهُ شُعْبَة ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُمارَة ، عَنْ ابنِ المُطَوِّس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ... الحديثَ قلتُ: أيُّهما أصَحُّ؟
    قَالَ: جَمِيعًا صَحِيحَينِ ؛ أحدُهما قَصَّر، والآخرُ جَوَّد )) .
    وقال في المسألة [776] :
    وسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ وَقَدْ رَوَى حَدِيثًا، ثُمَّ اختَلَفَ الرُّواة عَلَى حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ:
    فَرَوَى سُفْيانُ الثَّوري، عَنْ حَبِيبٍ، واختُلِفَ عَنْ سُفْيان:
    فَرَوَى وكيعٌ ، وَثَابِتُ بن محمد الزَّاهد : عن [حَبِيبٍ] ، عن ابن المُطَوِّس ،
    عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ وَلاَ رُخْصَةٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ وإِنْ صَامَهُ.
    وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سعيد القَطَّان ، وَأَبُو نُعَيْم ، وقَبِيصَةُ ، عَنْ سُفْيان، عَنْ [حَبِيبٍ] ، عَنْ أَبِي المُطَوِّس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم .
    وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حمَّادُ بْنُ شُعيبٍ، وقيسٌ ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي المُطَوِّس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم .
    فسمعتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: الصَّحيحُ: عَنْ أَبِي المُطَوِّس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وقال أَبُو مُحَمَّدٍ : وَرَوَى هَذَا الحديثَ شُعْبَةُ، فَقَالَ: عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُمَارَة بن عُمَير، عَنْ أَبِي المُطَوِّس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ زَادَ فِي الإِسْنَادِ: عُمَارَةَ بْنَ عُمَير.
    واختُلِفَ فِي الرِّواية عَلَى شُعْبَة:
    فَرَوَى سعيدُ بْنُ عَامِرٍ ،عَنْ شُعْبَة، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُمارَة بن عُمَير، عن ابن مُطَوِّس ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
    وَرَوَاهُ سُلَيمان بْنُ حَرب ، وَأَبُو الوليد ، ومسلم بن إبراهيم، عَنْ شُعْبَة، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُمارَة بْنِ عُمَير، عَنْ أَبِي المُطَوِّس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم .
    قُلتُ: فوجَدتُّ حَدِيثًا بيَّنَ عِلَّةَ هَذِهِ الأَحَادِيثِ.
    أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الرحمن بْنُ أَبِي حاتِم؛ قَالَ: حدَّثنا أحمد ابن سِنان ؛ قال: حدَّثنا عبد الرحمن بْنُ مَهدي ؛ قَالَ: حدَّثنا سُفْيان، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُمارَة بْنِ عُمَير، عَنْ أَبِي المُطَوِّس - قَالَ حَبِيبٌ: فَلَقِيتُ أَبَا المُطَوِّس، فحدَّثني - عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله تعالى عنه - ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ : فَقَدْ بانَ أنَّ جميعَ الحديثَينِ صَحِيحَينِ ؛ قَدْ سَمِعَ حبيبٌ مِنْ عُمَارَة، وَمِنْ أَبِي المُطَوِّس . أهـ .
    وبعد هذا البيان من كتاب العلل للإمام الدارقطني ، وللإمام أبي حاتم الرازي من سؤالات ابنه لهُ ولأبي زرعة يأتي دراسة طرق الحديث والترجيح في صحة سماع حبيب بن أبي ثابت من أبي المطوس وقد أثبت في علل ابن أبي حاتم في المسألة [776] ، ونفاهُ شعبة - رضي الله عنهم - في المسألة الأولى [674] وإختلف فيه على شعبة وسفيان إختلافاً كبيراً .
    (1)رواهُ وكيعٌ وثابت بن محمد الزاهد عَن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن المطوس .
    أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (9783 و12569) ، وأحمد في "المسند" (2/442 رقم9706) ، وإسحاق في "مسنده" (273) ، وابن ماجه في "سننه" (1672) ، ورواهُ عبد الرزاق في "المصنف" (7475) عن الثوري، به ، ورواهُ من طريق الصنعاني النسائي في "الكبرى" (3280) ورواه النسائي في "الكبرى" (3280) ، والدارقطني في "العلل" (8/274) من طريق أبي داود الحفري، والدارقطني في "العلل" (8/270) من طريق يزيد بن هارون كلاهما عن الثوري، به.
    وابن المطوس يقال لهُ أبو المطوس وابن المطوس .
    (2)
    وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سعيد القَطَّان ، وَأَبُو نُعَيْم ، وقَبِيصَةُ ، عَنْ سُفْيان، عَنْ [حَبِيبٍ] ، عَنْ أَبِي المُطَوِّس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم .
    وأما ما رواهُ يحيى بن سعيد القطان أخرجها الترمذي في "جامعه" (723) والنسائي في "الكبرى" (3279) والطوسي في "مختصر الأحكام" (3/366) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (1523) . ومن طريق الترمذي رواه البغوي في "شرح السنة" (1753) . قال الترمذي: «حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسمعت محمدًا [يعني البخاري] يقول: أبو المطوس اسمه: يزيد بن المطوس، ولا أعرف له غير هذا الحديث» .
    وأما رواية أبو نعيم الفضل بن دكين أخرجها إسحاق في "مسنده" (274) ، والنسائي في "الكبرى" (3278) ، والدارقطني في "العلل" (8/270) ، وابن حجر في "تغليق التعليق" (3/170) .
    ورواه الدارمي في "مسنده" (1755) من طريق محمد ابن يوسف، والترمذي في "جامعه" (723) ، والنسائي في "الكبرى" (3279) ، والطوسي في "مختصر الأحكام" (3/366) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (1523) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وابن حبان في "المجروحين" (3/157) من طريق الوليد بن مسلم، والدارقطني في "السنن" (2/211) ، و"العلل" (8/274) من طريق أبي أحمد الزبيري جميعهم عن سفيان الثوري، به. ومن طريق الترمذي رواه البغوي في "شرح السنة" (1753) ، وحبيب بين المعقوفتين تحرف إلي جبير والصحيح حبيب .
    (3)
    وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حمَّادُ بْنُ شُعيبٍ، وقيسٌ ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي المُطَوِّس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم .
    وقد مضى رواية قيس بن الربيع أخرجها الدارقطني في العلل - انظر سابقاً - من طريق زيد بن أبي أنيسة، والخطيب في "تاريخ بغداد" (8/462) من طريق عبد الغفار بن القاسم، كلاهما عن حبيب، عن ابن الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، به ، ورواه الدارقطني في "العلل" (8/270) من طريق حمزة الزيات، عن حبيب، عن ابن أبي المطوس، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِي هريرة - رضي الله تعالى عنه - به ، وإختلف فيه على شعبة :
    (1)
    ورَوَى سعيدُ بْنُ عَامِرٍ ،عَنْ شُعْبَة، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُمارَة بن عُمَير، عن ابن مُطَوِّس ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
    الحديث رواه الطحاوي في "شرح المشكل" (1522) ، والدارقطني في "العلل" (8/271) من طريق سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عن حبيب، عن ابن الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، به.

    ووقع عند الدارقطني: «سعيد بن عمار» و «أبو المطوس» .
    رواه أحمد في "مسنده" (2/458 رقم 9908) ، والنسائي في "الكبرى" (3282) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (1987) من طريق محمد بن جعفر، والنسائي في "الكبرى" (3281) من طريق إسماعيل بن علية، وابن خزيمة في "صحيحه" (1987) من طريق ابن أبي عدي وخالد بن الحارث، والدارقطني في "العلل" (8/271) من طريق عثمان بن عمر جميعهم عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عمارة، عن ابن الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، به
    .
    وابن المطوس وهو أبو المطوس وقد وثقهُ يحيى بن معين كما في علل الدارقطني - رحمه الله - آنف الذكر فقال :
    حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَافِظُ، حدثنا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ حَبِيبُ بن أبي ثابت فقال اسمه عبد الله بن المطوس ثقة أراه كوفيا.
    (2) وَرَوَاهُ سُلَيمان بْنُ حَرب ، وَأَبُو الوليد ، ومسلم بن إبراهيم، عَنْ شُعْبَة، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُمارَة بْنِ عُمَير، عَنْ أَبِي المُطَوِّس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم .
    أما رواية سليمان بن حرب فأخرجها أبو داود في السنن ووقع فيها قوله ابن المطوس .
    وأما رواية أبو الوليد وهو هشام بن عبد الملك الطيالسي أخرجها الدارمي في "مسنده" (1715) ، والدارقطني في "العلل" (8/271) رواه الدارقطني أيضًا (8/274) من طريقه لكن وقع عنده «ابن المطوس» وقد تقدم ذكر روايته في علل الدارقطني في الـ15 طريقاً .
    ورواه الطيالسي في "مسنده" (2663) عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنِ أبيه، عن أبي هريرة، به.
    من طريق الطيالسي رواه النسائي في "الكبرى" (3283) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (1988) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (4/178) ، البيهقي في "السنن" (4/228) ، و"الشعب" (3382) ، وابن حجر في "تغليق التعليق" (3/170) .
    رواه أحمد في "مسنده" (2/386 و458 رقم 9014 و9908) ، والدارقطني في "العلل" (8/271) من طريق بهز بن أسد، وإسحاق في "مسنده" (367) من طريق أبي عامر العقدي، وأبو داود في "سننه" (2396) من طريق محمد بن كثير، والطحاوي في "شرح المشكل" (4/178) ، والدارقطني في "العلل" (8/271) من طريق بشر بن عمر الزهراني، والدارقطني في "العلل" (8/272) ، والبيهقي في "الشعب" (3381) من طريق عفان جميعهم عن شعبة، بمثله.
    ورواه إسحاق في "مسنده" (275) من طريق وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ أو ابن المطوس أو الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هريرة، به.
    وأما قولهُ فوجدت علةً للحديث فروايتهم أخرجها أحمد في "مسنده" (2/470 رقم 10081) ، وذكرها الدارقطني في "العلل" (8/267) . ورواه أحمد في "مسنده" (2/470 رقم 10080) - وعنه أبو داود في "سننه" (2397) - من طريق يحيى القطان، عن حبيب، به إلا أنه وقع عنده: «ابن المطوس» ، ورواه الدارقطني في "العلل" (8/269) من طريق علي ابن المديني قال: كان يحيى بن سعيد ثنا بهذا الحديث: ثنا سفيان قال: حدثني حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثابت، عَنْ عمارة» . عن أبي المطوس، قال: فَلَقِيتُ أَبَا الْمُطَوِّسِ فَحَدَّثَنِي، عَنْ أبيه، عن أبي هريرة. ثم قال يحيى بعد ذلك بزمان: نظرت في هذا الحديث، فغيَّره: أنبا يحيى، ثنا سفيان قال: حدثني حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثابت، عَنْ عمارة، عن ابن المطوس، قال: فلقيت ابن الْمُطَوِّسِ فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة» .
    قال الترمذي في "العلل الكبير" (199) : «سألت محمدًا [يعني البخاري] عن حديث أبي المطوس ... ؟ فقال: أبو المطوس اسمه: يزيد بن المطوس، وتفرد بهذا الحديث، ولا أعرف له غير هذا، ولا أدري أسمع أبوه من أبي هريرة أم لا» .
    وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (7/173) : «وهذا يحتمل أن يكون لو صحَّ على التغليظ، وهو حديث ضعيف، لا يحتج بمثله» ، قال ابن حزم في "المحلى" (6/183) : «وأما نحن فلا نعتمد عليه؛ لأن أبا المطوس غير مشهور بالعدالة»
    قال ابن حجر في "فتح الباري" (4/161) : «واختلف فيه عَلَى حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ اختلافًا كثيرًا، فحصلت فيه ثلاث علل: الاضطراب، والجهل بحال أبي المطوس، والشك في سماع أبيه من أبي هريرة، وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء» .
    قال أبو حاتم - رحمه الله - في العلل مسألة [674] :
    «جَمِيعًا صَحِيحَينِ ؛ أحدُهما قَصَّر، والآخرُ جَوَّد» وقولهُ هُنا تبين في المسألة السابقة [776] حيث بين أنهُ رواهُ عن عمارة عن أبي المطوس ثُم لقي أبي المطوس فحدث بهِ عنهُ وهذا تبين جلياً في ما مضى من دراسة إسناد الحديث قال أحمد: «لا أعرفه، ولا أعرف حديثه من غيره» فسماع حبيب بن أبي ثابت ممكنٌ كونه قد حدث به عن أبي المطوس من طريق عمارة ثُم لقي أبي المطوس وحدث عنهُ ، والحديث لا يصح كما تبين لك أيها لقارئ الكريم والله تعالى أعلى وأعلم بالصواب .
    الفصل العاشر : الخلاصة بإذن الله تبارك وتعالى .
    فالذي يتبين بعد هذه الدراسة المتواضعة لتدليس حبيب بن أبي ثابت - رضي الله عنه - فإنهُ لا يبعد أن يكون في المرتبة الثانية من المدلسين وقد أعل بعض المتأخرين ومنهم الإمام الألباني - رحمه الله - حديثهُ بالعنعنة وإني لأرى أن العلة لا تكون فيه إنما ممن روى عنهُ كالحسن بن ذكوان وممن حدث عنه بالمناكير والأباطيل ممن سبق ذكرهم ، وقد احتمل عنعنته أصحاب الصحيح ، فإعلال أحاديثاً رواها حبيب بن أبي ثابت بالعنعنة إن هو إلا إهدارٌ للسنة النبوية الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان غلط في جملة أحاديث عن عطاء فذلك في عطاء وغلطهُ في ذلك الشيخ وحده لا يجعلهُ عرضةً لرد روايته ، ومن وصفه بالتدليس لم يحكي أبداً الإكثار منهُ وإنما قالها الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - وجملةُ من المتأخرين ، وقد قال ابن حبان : (( على تدليس فيه )) وذلك ليس كما يعلم العالمُ من قبيل الإكثار ، ولا يعامل المكثر معاملة المقل أبداً في الرواية وهو إمامٌ فقيهٌ جليلٌ من أعيان المحدثين وإنما غلط في بعض أحاديث عن عطاء وكان ثقةُ حافظاً جليل القدرِ ربما دلس ! وتدليسه من قبيل المرسل الخفي عمَّن عاصرهم أو رآهم ، ولذلك فإن المحقق لابد أن ينتبه كثيراً إلي من وصف بذلك الوصف من التدليس وأن يحققه تحقيقاً بيناً ، والذي يظهر أنه من الثانية وأن تدليسه من قبيل الإرسال الخفي وهو على إمامته وجلالته فقد احتمل أصحاب الصحيح حديثه وقد تقدم مناقشة تدليسه في هذه الدراسة والله تعالى أعلى وأعلم .

    وصلي اللهم وسلم على الحبيب محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
    [ تَنبيه ] تَخريج روايات أبي المطوس تعود لمحقق العلل .


    وكَتبهُ - العبد العاثر الأثيم -
    غفر الله له ولمشايخه وأمه وأمدهم بالعافية والصحة الدائمة
    أبو الزهراء بن أحمد آل أبو عودة الغزي الأثري
    في 19 من رمضان 1434هـ
    حامداً الله ومصلياً لهُ وعلى الحبيب محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    للفائدة ..

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    للفائدة ..

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    للفائدة ..

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    للفائدة ..

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    للفائدة والمدراسة .. نفعنا الله بكم .

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    للفائدة ..

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    للفائدة ..

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مَروياتُ الإِمام الثِقةَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ بَين التَدليس والإرسالِ الخَف

    للفائدة ...

  20. #20

    افتراضي

    قال الألبانى: ينقل إلى"الصحيح "؛ لأنه ترجح عندي أخيراً أنه قليل التدليس ،ولذلك مشى أصحاب"الصحاح " عنعنته//الصحيحة3413 //

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •