توطئة :يبدو أنه لفهم الإنسان و معرفة حقيقته ، تلزم دراسة طبيعة العلاقة بينه وبين الكون من جهة ، وبينهما معا و بين الله عزوجل من جهة ثانية ،لأنه بذلك يعرف الإنسان كيف يتفاعل مع عناصر الكون بشكل سوي ، وكيف يسيطر عليها ، ويخضعها لإرادته بقوانين العلم و ضوابطه ... و لا شك أنه عندما يتلقى الإنسان منهجه من خالقه، فسيمضي- بكل تأكيد - على هدى من الله، ثابتا مطمئنا ، و تتحدد تبعا لذلك ، علاقته بالطبيعة من حوله ، المسخرة له بإذن ربه ... و بذلك يشق طريقه الوعرة الطويلة في الحياة، بخطى ثابتة و رؤية واضحة ، بموازاة مع ثقة في الله لا تشوبها شائبة ، أو تعكر صفوها شاردة و لا واردة ، أو يتسرب إليها أو يعتريها الغرور ، الذي يعتري الطغاة و الجبابرة ، كلما مكن الله لأحدهم في الأرض، حتى ليقول دون خوف أو حياء ، كقول فرعون :{أنا ربكم الأعلى } أو كقول قارون :{ إنما أوتيته على علم عندي } و الحالة هذه أن مثلهم كمثل من قال الله تعالى في حقهم :{يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب} و قوله سبحانه :{ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} و بارتباط الإنسان بخالقه ، يعرف مركزه منالكون ، ومكانه من الاستخلاف وعمارة الأرض، ورسالته في الحياة ، مؤمنا بأن كل نجاح يحققه فمن الله {سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا} ...
عن هذه القضايا و غيرها، ينصب الحديث في هذا الموضوع ، الذي يأتي إن شاء الله في حلقات ...