الدرس الثاني عشر


ثانيا: العلم

العَلَمُ: اسمٌ يُعَيِّنُ مُسَمَّاهُ بلا قيدٍ. وهذا كلام يحتاج إلى توضيح فنقول:
لفظ زيد يدل على شخص معين، فاللفظ المتكون من ( ز- ي- د ) يسمى اسما، ونفس الشخص الموجود هو المسمَّى.
والغرض من وضع الأعلام هو: ( تمييز فرد من أفراد الجنس بلفظ خاص يدل عليه ) فمثلا أفراد الرجال كثيرون فلكي نميز بينهم أثناء التخاطب نحتاج إلى التسمية بزيد أو عمرو أو بكر، وكذلك الحال في البلدات والمدن هي بقع من الأرض فلكي نميز بينها نقول: مكة - بغداد - بصرة وهكذا، وكذا الجبال عديدة فلكي نميز بينها نقول عرفات أو أُحُد ونحوهما.
فالأعلام هي التي تعين وتميز مسمياتها أي معانيها وأفرادها، بخلاف النكرات فهي تدل على فرد غير معين من الجنس كرجل، وبلدة، وجبل.

ولكن بقية المعارف كالضمير واسم الإشارة تدل على مسمى معين أيضا فإذا قلت هذا رجلٌ عالمٌ تعين شخص واحد فبم يتميز العلم عنها؟
والجواب هو: أن العلم يدل على معين بلا قيد أي أن اللفظ بنفسه قد وضع لهذا الشخص فمتى ذكر لفظ زيد دل مباشرة على شخص معين، بخلاف بقية المعارف فلا تدل على معين بنفس اللفظ بل بواسطة قرينة تضم إليه.
فالضمير لا يدل على شخص واحد إلا بواسطة التكلم أو الخطاب أو الغيبة فقولك: ( أنا ) هذا لفظ صالح لكل متكلم لا يختص بواحد ولكن حينما تتكلم وتقول أنا يحصل التشخص ويعرف أن المراد هو عين المتحدث، وكذلك ( أنت) هذا لفظ صالح لكل مخاطب ولكن بواسطة الخطاب وتوجيه الحديث لشخص ما يحصل التشخص، وكذلك ( هو ) لفظ صالح لكل غائب ولكن بواسطة ذكر مرجع الضمير عرف المقصود فإذا قلت جاءَ زيدٌ وهو راكبٌ دل هو على زيد لتقدم ذكره.
واسم الإشارة يدل على معين بواسطة الإشارة كأن تشير بيدك وتقول هذا كتابٌ، وإلا فلفظ ( هذا ) لوحده لفظ صالح لكل مشار إليه وإنما يتعين شيء واحد بواسطة الإشارة لا بلفظ هذا فقط.
واسم الموصول
يدل على معين بواسطة الصلة التي تذكر بعده مثل: جاءَ الذي هزمَ الأعداءَ، فدلت جملة الصلة أعني هزم الأعداء على شخص معروف بهذا الوصف.

والمحلى بأل
يدل على معين بواسطة أل فرجل لوحده لا يدل على معين فإذا قلت الرجل دل على معين.

والمضاف إلى معرفة مثل: كتاب زيدٍ اكتسب التعريف بواسطة لفظة زيد أي بواسطة إضافته إلى كلمة بعده تدل على معين.
فاتضح أن العلم هو الوحيد من بين المعارف الذي يدل على مسماه بلا قيد فتحصل فيه الدلالة والتعيين بنفس لفظ العلم من غير ضميمة تضم إليه.

العلم الشخصي والعلم الجنسي

العلم نوعان: شخصي، وجنسي.
فالعلم الشخصي هو الذي سبق مثل زيد، ومكة، ودجلة، وعرفات.
والعلم الجنسي هو من حيث المعنى نكرة ومن حيث اللفظ معرفة.
بمعنى هنالك بعض الألفاظ معانيها كالنكرة تدل على فرد غير معين ولكن مع ذلك فإن العرب عاملوها معاملة المعارف.
مثل: أسامة فهو اسم للأسد ولا يخص به واحد معين بل يطلق على كل أسد فالمفروض أن يعامل معاملة أسد ولكنهم عاملوه معاملة زيد وعمرو لأن المعارف لها خصائص ليست للنكرات.
فمن خصائص المعارف أنها لا تدخل عليها أل فلا يقال: الزيد والعمرو، بخلاف النكرات.
وهنا نجد العرب منعوا دخول أل على ( أسامة ) فلا يقال جاءَ الأسامة بل جاءَ أسامةُ.
ومن خصائص المعارف صحة مجيء الحال منها، تقول جاءَ زيدٌ مسرعًا، فزيد صاحب الحال ومسرعا حال، وصاحب الحال لا يكون إلا معرفة وقد قالوا: هذا أسامةُ مقبلا فأجازوا مجيء الحال منه بينما لا يقال هذا أسدٌ مقبلًا.
فاتضح أن أسامة من حيث المعنى كأسد ومن حيث الخصائص اللفظية كزيد.
ومثل: ذؤالة للذئب وثعالة للثعلب.
فأسد نكرة، وأسامة علم جنسي، وثعلب نكرة، وثُعَالَة علم جنسي، وذئب نكرة وذُؤَالَة علم جنسي.
وسميت أعلاما جنسية لأنها علم للجنس بأسره لا لفرد معين منه كما هو الحال في العلم الشخصي.وليست كل الأجناس لها اسمان أحدهما نكرة والآخر علم جنس بل هذه ألفاظ نحفظها كما سمعناها عن العرب ولا نشتق مثلها لبقية الحيوانات أو غيرها أي يقتصر فيها على السماع.

العلم المفرد والمركب
ينقسم العلم إلى مفرد ومركب:
فالمفرد مثل زيد وعمرو.
والمركب إما إضافي، أو مزجي، أو إسنادي.
مثال المركب الإضافي: عبدُ اللهِ، وزينُ العابدينَ.
ومثال المركب المزجي: حَضْرَمَوْت اسم بلدة في اليمن، و بَعْلَبَكّ اسم بلدة في الأردن، فهما في الأصل كلمتان ركبتا وجعلتا كلمة واحدة، وأصل حضرموت: حَضر و موت، وأصل بَعْلَبَكّ: بعل، وبك.
ومثال المركب الإسنادي: جادَ الحقُ، وفتحَ اللهُ، فهذا في الأصل جملة من فعل وفاعل ثم جعلت علما لشخص.
فالمركب الإضافي يجري الإعراب فيه على الكلمة الأولى منه، أما الثانية فمجرورة بالإضافة.
تقول: جاءَ عبدُ اللهِ، ورأيتُ عبدَ اللهِ، ومررتُ بعبدِ اللهِ.
وأما المزجيُّ فيعتبر كلمة واحدة.
تقول: هذهِ بَعْلَبَكُّ، ورأيتُ بَعْلَبَكَّ، وذهبتُ إلى بَعْلَبَكَّ. ويجر بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف.
وأما الإسنادي فيبقى على حاله ويعرب بحركات مقدرة للحكاية أي يبقى اللفظ على حاله ويحكى على حالته الأصلية.
تقول: جاءَ جادَ الحقُّ، ورأيتُ جادَ الحقُّ، وسلمتُ على جادَ الحقُّ.
وهو في المثال الأول فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، وفي الثاني مفعول به منصوب بحركة مقدرة كذلك، وفي الثالث اسم مجرور بحركة مقدرة كذلك.

الاسم والكنية واللقب

ينقسم العلم أيضا إلى اسم، وكنية، ولقب.
فالاسم: ما سماك به والداك. مثل: أحمد، وصالح، وعناد.
والكنية: ما صدر بأب أو أم. مثل: أبي بكر، وأم كلثوم.
واللقب: ما دل على مدح أو ذم. مثل: زين العابدين لقب لعلي بن الحسين رحمه الله، أو السفَّاح لقب لأبي العباس أول ملوك بني العباس.
وهنا مسألة وهي: عند اجتماع هذه الأعلام في شخص أيها نقدم ؟
والجواب: هنالك تفصيل كالأتي:
1- إذا اجتمع الاسم واللقب فيجب تقديم الاسم عليه.
تقول: هذا زيدٌ جمالُ الدينِ، ولا تقل: هذا جمالُ الدينِ أبو سعيدٍ.
2- إذا اجتمع اللقب والكنية فيجوز تقديم أيهما شئت.
تقول: هذا جمال الدينِ أبو سعيدٍ، وهذا أبو سعيدٍ جمالُ الدينِ.
3- إذا اجتمع الاسم والكنية فيجوز تقديم أيهما شئت أيضا.
تقول: هذا زيدٌ أبو سعيدٍ، أو هذا أبو سعيدٍ زيدٌ.
فإذا اجتمعت الثلاثة فالمهم هو أن تقدم الاسم على اللقب والباقي بالخيار.
تقول: هذا زيدٌ أبو سعيدٍ جمالُ الدينِ، أو هذا أبو سعيدٍ زيدٌ جمالُ الدينِ، أو هذا زيدٌ جمالُ الدينِ أبو سعيدٍ.

( شرح النص )

ثم العلمُ وهوَ إمّا شَخْصِيٌّ كزيدٍ أو جِنْسِيٌّ كأُسَامَةَ.
وهوَ إمّا اسمٌ كما مثلنا، أو لقبٌ كزينِ العابدينَ وقُفَّةَ، أو كنيةٌ كأبي عمروٍ وأمِّ كُلْثُومٍ.
ويؤخَّرُ اللقبُ عن الاسمِ تابِعًا له مطلقًا، أو مخفوضًا بإضافتِهِ إنْ أفْرِدَا كسعيدِ كُرْزٍ.
......................... ......................... ......................... ......................... ...................
ثم شرع يتكلم على النوع الثاني من المعارف وهو العلم فقال: ( ثم العلمُ ) معطوف على الضمير في قوله ومعرفة وهي ستةٌ: الضميرُ ( وهوَ إمّا شَخْصِيٌّ كزيدٍ أو جِنْسِيٌّ كأُسَامَةَ ) فإنه يطلق على كل أسد، والفرق بينه وبين النكرة في الأحكام اللفظية ( وهوَ ) أي العلم ( إمّا اسمٌ كما مثلنا ) من زيدٍ وأسامةَ ( أو لقبٌ ) وهو ما دل على مدح ( كزينِ العابدينَ ) أو ذم نحو السفاح ( وقُفَّةَ ) القفة في الأصل وعاء يتخذ من خوص يشبه القرع ( اليقطين ) تضع فيه المرأة القطن ونحوه، ثم لقب به كأن يكون شخص يكثر من حمل القفة فيلقب بها ( أو كنيةٌ ) وهو ما صدر بأب أو أم ( كأبي عمروٍ وأمِّ كُلْثُومٍ ) ثم بين حكم الترتيب بينها فقال ( ويؤخَّرُ اللقبُ عن الاسمِ ) ولا يقدم عليه فيقال جاءَ زيدٌ جمالُ الدينِ، ولا يقال جاءَ جمالُ الدينِ زيدٌ ولا ترتيب بين الاسم والكنية ولا بين اللقب والكنية ( تابِعًا له ) يقصد أن اللقب يكون تابعا للاسم في الإعراب رفعا ونصبا وجرا تقول: جاءَ زيدٌ جمالُ الدينِ، ورأيتُ زيدًا جمالَ الدينِ، ومررتُ بزيدٍ جمالِ الدينِ وهو بدل من زيد ( مطلقًا ) أي سواء أكان اللقب والاسم مفردين أو مركبين أو أحدهما مفردا والآخر مركبا فهذه أربع حالات: 1- أن يكونا مفردين مثل: جاءَ سعيدٌ كُرْزٌ، ورأيتُ سعيدًا كُرْزًا، ومررتُ بسعيدٍ كُرْزًا، والكُرْزُ هو وعاء يحمله الراعي يضع فيه زاده ومتاعه، ثم لقب به كأن يكون سعيدٌ يكثر من حمله حتى عرف به فقيل سعيد كُرْز. 2- أن يكونا مركبين مثل: جاءَ عبدُ اللهِ جمالُ الدينِ، ورأيتُ عبدَ اللهِ جمالَ الدينِ، ومررتُ بعبدِ اللهِ جمالِ الدينِ، 3- أن يكون الاسم مفردا واللقب مركبا مثل: جاءَ زيدٌ جمالُ الدينِ، ورأيتُ زيدًا جمالَ الدينِ، ومررتُ بزيدٍ جمالِ الدينِ، 4- أن يكون الاسم مركبا واللقب مفردا مثل: جاءَ عبدُ اللهِ كُرْزٌ، ورأيتُ عبدَ اللهِ كُرْزًا، ومررتُ بعبدِ اللهِ كُرْزٍ ( أو مخفوضًا بإضافتِهِ إنْ أفْرِدَا كسعيدِ كُرْزٍ ) يقصد أنه في الحالة الأولى وهي إذا كان الاسم واللقب مفردين يجوز وجه ثان غير الإتباع وهو الإضافة فنقول: جاءَ سعيدُ كُرْزٍ، ورأيتُ سعيدَ كُرْزٍ، ومررتُ بسعيدِ كُرْزٍ.

( تدريب )

أعرب ما يلي:
1- إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ.
2- كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ.
3- تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ.
4- قَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ.