رمضان المحتفى به في تركيا حيث تجتمع الأصالة وسحر المكان
• الإقبال على صلاة التراويح في الجامع الكبير بأنقرة، وزيارة الخِرقة الشريفة من أهم ملامح رمضان في تركيا.
• الطبيعة الخلابة والخضرة والجو المعتدل وخاصة في المناطق الساحلية يهون نهار الصيام.
• الإفطار يبدأ عندهم بالتمر والزيتون وخبز البيدا.
تعدُّ تركيا من أكبر الدول الإسلامية التي تحتفِل برمضان احتفالاً كبيرًا، وبالرغم من اختلاف اللغة والثقافات بينها وبين والعديد من الدول العربية والإسلامية، فإن رمضان في تركيا لا تختلف أجواء الاحتفال بقدومه كثيرًا عن مظاهر استقباله في غيرها من البلاد العربية والإسلامية، فنجد نفْس الفرحة والتبريكات التي تطوف البلاد فرحًا واستبشارًا بشهر الخير والبركة والغفران، وتجد الزينة وبائعي الحلوى، واستِعدادات ربات البيوت بأواني الطهي الجديدة، وشراء كل ما لذَّ وطاب من الأطعمة، إلا أنه قد تزيد هذه الاحتفالات وتتعدَّد مظاهرها، وتبرز أكثر في تركيا؛ حيث سحر المكان والطبيعة الخلابة، والجو الجميل، والذي يغلب عليه عادةً الاعتدال، وخاصة في السواحل الشمالية من البلاد في العاصمة إسطنبول ومدن؛ مثل: بورصا - كارتبه - آبانت - إينه آدا - طرابزون - وأوزون جول؛ حيث الخُضرة وشلالات المياه، والأنهار المُنسابة عبر الجِبال؛ مما يُسهم في توفير مُناخ رائع يسهم بشكل كبير في تحمُّل نهار الصيام.
زينة وابتهاج ومِسك:
وفي فرحة كبيرة يعلِّق الشباب الزينات ومصابيح الإنارة فوق المساجد التركية الطاعنة في التاريخ، والتي تَشتهر بزخرفها الإسلامي بديع الصنع.
كما جرت العادة فى البيوت التركية على نثر روائح المسك والعنبر وماء الورد على عتبات الأبواب والحدائق المحيطة بالمنازل؛ ابتهاجًا بقدوم الشهر الكريم.
احتفالية إسطنبول:
وأكثر ما يميِّز الاحتفالات في رمضان تلك الاحتفالية الكبيرة التي تُقام بالعاصمة التركية إسطنبول في منطقة السلطان أحمد، وهو المسجد الشهير، وتتلألأ أنوار المساجد بكافة أنحاء تركيا، والتي يصل عددها عددها إلى 77 ألف مسجد تقريبًا.
ويُقام أيضًا في منطقة السلطان أحمد معرض للتراث العثماني، وكل ما يتعلق بالعاصمة القديمة، كذلك يقام معرض للمطبخ العثماني، والذي تكاد تشمُّ فيه عبق الماضي وأصالته وروعة التاريخ، إلى جانب وجود أماكن مخصَّصة للعب الأطفال، وسط أجواء احتفالية وإقبال كبير.
بورصا بلد التاريخ:
ومن المناطق التي تشتهر بالكثير من المساجد والجوامع التاريخية مدينة بورصا؛ حيث تصدح هذه الجوامع في ليالي رمضان بالأناشيد الدينية وترتيل القرآن، وتزدحم بالزوَّار والمصلين، إلى جانب اشتهارها بالعديد والمتنوع من المعروضات الرائعة، والتي يُقبِل عليها الأتراك والسياح معًا.
صلاة التراويح:
وتعدُّ صلاة التراويح في الجامع الكبير بأنقرة، وفي الرواق الداخلي لجامع السلطان أحمد بالعاصمة إسطنبول - من أهم مظاهر الشهر الكريم، وهو أشهر المساجد التاريخية التي يتوافد عليها غالبية المصلين، خاصة لإحياء ليلة القدر.
كذلك تجد المساجد في أنحاء تركيا إقبالاً كبيرًا وتدفُّقًا لأمواج من المصلين، وما يَلفت النظر خروج النساء بأعداد كبيرة والحرص على الصلاة في المساجد، ومشاركة الرجال في هذا المشهد الروحاني الشديد الإيمان، ويقف الجميع وراء الإمام في الصلاة كالجسد الواحد في تبتُّل وخشوع.
جامع الخِرقة الشريفة:
كما تعدُّ زيارة جامع الخِرقة الشريفة بحي الفاتح بإسطنبول لمُشاهدة الخرقة النبوية الشريفة، والتي نقلها السلطان سليم من الحجاز لإسطنبول أثناء حُكمِه للدولة العثمانية - من العادات الشعبية عند الأتراك، والتي تتجلى بوضوح في شهر رمضان.
وتُحفظ هذه الخِرقة في جامع الخرقة الشريفة منذ تأسيسه عام 1853؛ حيث سمح السلطان عبدالحميد الثاني بفتح صندوق الخرقة الشريفة؛ لعرضها على المواطنين في شهر رمضان؛ حيث تتوافد الألوف كلَّ يوم من جميع أنحاء تركيا؛ لإلقاء نظرة على الأثر أو الأمانة النبوية الشريفة، فتبدأ الزيارة بعد الإفطار، وتستمر حتى ما قبل الفجر.
المطبخ التركي:
ويشتهر المطبخ التركي بكافة أصناف المأكولات الشهية والحلويات المتنوعة، وهو من أكثر المطابخ شهرةً في العالم العربي والإسلامي؛ حيث يتنوع ويتَّسع في شهر رمضان، ويبدأ الأتراك إفطارهم بالتمر والزيتون والجبن قبل تناول طعام الإفطار، بعد أداء صلاة المغرب، مع الخبز الخاص بشهر رمضان، والذي يطلق عليه اسم "البيدا"، والذى تقوم الأفران والمخابز بصنعه خصيصًا لشهر رمضان، وكلمة "بيدا" هي كلمة فارسية تعني "الفطير"، وهو نوع من الخبز المستدير بأحجام مختلفة، ومن الأطباق الرئيسية على مائدة رمضان طبق "إسكندر كباب"، وهو عبارة عن قِطَع من اللحم والخبز والبندورة، تضاف إليه البهارات الخاصة.
موائد تنتشر ورحمة تعمُّ:
ومن مظاهر هذا الشهر الفضيل التلاحم والتراحم الاجتماعي، وانتشار موائد الخير العامرة بأطايب الطعام للفقراء وعابري السبيل بشكل متَّسع يغمر البلاد ويملأ الأجواء بمشاعر الرحمة والودِّ والتكافل، فتحلُّ بركة رمضان على الجميع.
الرئيس التركي يدخلُ المطبخ في رمضان!!
وفي لافتة طريفة وموحية نشرتْ صحف تركية صورًا للرئيس التركي عبدالله غول في شهر رمضان، يُساعد زوجته في المطبخ رغم التزاماته الرئاسية الكبيرة.
فيعطي النموذج الأمثل لحاكم مسلم عصري يعيش حياته كما باقي الناس بشكْل معتاد؛ ليجمع حوله القلوب في شهر الرحمة والتواضُع.