بسم الله وبعد :
قال أبو داود 4350 : حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبو المغيرة حدثني صفوان عن شُرَيح بن عبيد عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إني لأرجو ألا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم". قيل لسعد: وكم نصف يوم؟ قال: خمسمائة عام"،
وخرجه الحاكم وصححه (4/471) من طريق الوليد بن مسلم نا أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن راشد بن سعد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال مثله ".
وقد اختلف العلماء في تفسير هذا الحديث :
فقيل: هو أن يؤخر الأمة إلى خمسمائة سنة أو أكثر من ذلك ، كما أورده أبو داود في باب قيام الساعة، واستدل به الطبري على ذلك إضافة إلى سبعة آلاف سنة .
وقيل : بل معناه أن الفقراء سيدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام والتي هي نصف يوم .
والذي يظهر أن تُفَسَّر هذه السنةُ بالسنةِ والآثار، فطلبنا ذلك فوجدنا ما :
قاله أحمد (4/193) ثنا هاشم ثنا ليث عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه قال سمعت أبا ثعلبة الخشني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سمعه يقول وهو بالفسطاط في خلافة معاوية وكان معاوية أغزى الناس القسطنطينية فقال : والله لا تعجز هذه الأمة من نصف يوم، إذا رأيت الشام مائدة رجل واحد وأهل بيته فعند ذلك فتح القسطنطينية "، كذا أوقفه الليث، لكن هل له حكم الرفع ؟
نعم فقد رفعه ابن وهب، وعبد الله بن صالح مرة عن معاوية به ، ولفظه :" يعجز هذه الأمة من نصف يوم، وإذا رأيت الشام مائدة رجل وأهل بيته فعند ذلك تفتح القسطنطينية "،
فظهر بهذا أن هذا الحديث يتكلم عن الملاحم أو الفتوحات الإسلامية، أو عن فتح القسطنطنية والله أعلم .
لكن يبقى إشكال آخر وهو أنها لم تفتح في الخمسمئة، بل فتحت سنة 857هـ.
فما هي إذًا الفتوح التي فتحت في الخمسمائة ؟
قال ابن كثير :" ومما وقع في هذه السنة من الحوادث أن السلطان محمد بن ملكشاه حاصر قلاعا كثيرة من حصون الباطنية، فافتتح منها أماكن كثيرة، وقتل خلقا منهم..".
وفيها ولي الخلافة في المغرب علي بن يوسف بن تاشفين قال عنه الذهبي : " وجرى على سنته في الجهاد، وإخافة العدو. وكان حسن السيرة، جيد الطوية، عادلاً نزهاً "
وفي هذا القرن ظهرت حروب المغول والصليبيين، وبعد ثمانين سنة عن الخمسمائة ظهر صلاح الدين الأيوبي ثم بعده قطز ثم بيبرس في الستمائة حيث قهر التتار والصليبيين ....
وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لا تذهب الليالي والأيام حتى يغزو العادي رومية، فيفعل إلى القسطنطينية، فيرى أن قد فعل".
وفي الأخير : الله أعلم بمراد هذين الحديثين المشكليْن فمن كان عنده علم أو كلام عن سلف فليشاركنا به جزاكم الله خيرا .