تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان ويومها!! كتبه فؤاد الحاتم

  1. #1

    افتراضي ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان ويومها!! كتبه فؤاد الحاتم

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
    فقد ورد في فضل ليلة النصف من شعبان احاديث عديدة، تدور معانيها على أمرين:

    احدهما: احاديث وردت بنزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا نزولا يليق بجلاله، ويغفر فيه لعباده، إلا ما استثناهم في الحديث، كما سيأتي.
    وهذا القسم من الاحاديث مما وقع الخلاف في حكمها، واكثر العلماء على تضعيفها، لأنها إما أحاديث منكرة، أو مضطربة.

    القسم الآخر: احاديث وردت بفضل العبادة فيها، مثل قيام ليلتها و صيام نهارها، وغير ذلك، وهذا المعنى لم يصح فيه حديث، بل هي اما احاديث موضوعة او منكرة.
    ولذا عدا أكثر العلماء تخصيصها بمزيد من العبادة من البدع المحدثة.

    قال ابن وجب: وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر، وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل انه بلغهم في ذلك آثارٌ إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك؛ فمنهم من قبله منهم و وافقهم على تعظيمها، منهم طائفة من عُبّاد أهل البصرة وغيرهم.

    وأنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز، منهم عطاء، وابن أبي مليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كله بدعة. [لطائف المعارف ص٢٦٣]

    وأما صيام يوم النصف من شعبان إذا وافق يوما يصومه الشخص، مثل صيام أيام البيض، او من كانت عادته صيام الاثنين والخميس أو صيام يوم وافاطر يوم فوافق ذلك يوم النصف من شعبان فجائز صومه.

    القسم الأول: ذكر الأحاديث التي وردت بنزول الله عز وجل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، ومغفرته فيها لعباده إلا ما استثناهم في الحديث.


    وهذه الاحاديث تنقسم إلى نوعين:
    النوع الأول: أحاديث منكرة الاسناد، تفرد بها بعض الرواة الضعفاء وغيرهم عن الثقات المشاهير المكثرين.

    وهذا النوع من التفرد علة قادحة في الاسناد، ويسميه الأئمة المتقدمون "منكرا"، وهو احد صور المنكر.
    وقد بُسط القولُ في مسألة الحكم بالنكارة على هذه الصورة من التفرد وغيرها في كتب المصطلح والعلل، بل أفردت لها بحوث علمية في الجامعات وغيرها.

    النوع الثاني: أحاديث مختلف في أسانيدها حتى وصفت بالاضطراب، مما يوجب تضعيفها وتعليلها وردها كلها.
    قال الذهبي: المضطرب والمعلل: ما روي على أوجه مختلفة، فيَعْتَلُّ الحديث.
    ثم ذكر صورا من الاختلاف التي لا توجب العلة، والتي توجب النكارة، ومنها قوله: فأما إذا اختلف جماعة فيه، وأتوا به على أقوال عدة، فهذا الذي يوهن الحديث، ويدل على ان راويه لم يتقنه. [الموقظة ص ٥١-٥٣]

    وسوف اذكر جملة من الاحاديث في هذا المعنى، واذكر بعده حكمها، وما تيسر من كلام الأئمة النقاد عنها.

    الحديث الأول: ما روي من طريق عمرو بن الحارث عن عبدالملك بن عبدالملك عن مصعب بن أبي ذئب عن القاسم بن محمد عن أبيه أو عمه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ليلة النصف من
    شعبان، فيغفر لكل واحد إلا مشركا او رجلا في قلبه شحناء" [أخرجه البزار في المسند ١/١٥٧، والعقيلي في الضعفاء ٣/٤٨٨، وابن خزيمة في التوحيد ١/٣٢٦، وابن عدي في الكامل ٥/٣٠٩، واللالكائي في أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ٣/٤٣٨، وابن الجوزي في العلل المتناهية ٢/٦٧]


    هذا اسناد منكر، تفرد به عبدالملك بن عبدالملك بهذا الاسناد، وعبدالملك ليس بالمعروف، وقال عنه ابن حبان: منكر الحديث جداً.

    وقال البخاري عن هذا الحديث: فيه نظر، وقال ابن عدي: حديث منكر بهذا الاسناد.
    قال العقيلي: حدثني آدم بن موسى قال سمعت البخاري قال: عبدالملك بن عبدالملك عن مصعب بن أبي ذئب، قال البخاري في حديثه نظر.
    ثم ساق العقيلي هذا الحديث بإسناده، وقال: وفي النزول في ليلة النصف من شعبان أحاديث فيها لين، والرواية في النزول في كل ليلة أحاديث ثابتة صحاح، فليلة النصف من شعبان داخلة فيها ان شاء الله. [الضعفاء ٣/٤٨٨]

    وقال الذهبي: قال البخاري: في حديثه نظر، يريد حديث عمرو بن الحارث عن عبدالملك انه حدثه عن المصعب بن أبي ذئب عن القاسم بن محمد عن أبيه او عمه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل الله ليلة النصف من شعبان إلى السماء
    الدنيا، فيغفر لكل نفس إلا إنسانا في قلبه شحناء او مشرك بالله"

    وقيل ان مصعبا جده.
    وقال ابن حبان وغيره: لا يتابع على حديثه. [ميزان الاعتدال ٢/٦٥٩]
    وقال ابن حبان: عبدالملك بن عبدالملك بن مصعب بن أبي ذئب يروي عن القاسم عن أبيه، روى عنه عمرو بن الحارث، منكر الحديث جداً، يروي ما لا يتابع عليه، فالأولى في أمره تنكب ما انفرد من الأخبار. [المجروحين ٢/١١٨]

    وقال ابن عدي: عبدالملك بن عبدالملك معروف بهذا الحديث، ولا يرويه عنه غير عمرو بن الحارث، وهو حديث منكر بهذا الاسناد. [الكامل في ضعفاء الرجال ٥/٣٠٩]
    وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح ولا يثبت، قال ابن حبان: عبدالملك يروي ما لا يتابع عليه، ويعقوب بن حميد قال يحيى والنسائي: ليس بشيء. [العلل المتناهية ٢/٦٧]

    وقال ابن أبي حاتم: وروى عمرو بن الحارث عن عبدالملك بن عبدالملك عن مصعب بن أبي ذئب هذا، سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: لا يعرف منهم إلا القاسم بن محمد، يعني في هذا الاسناد. [الجرح والتعديل ٨/٣٠٦]

    وقال البزار بعد ان اخرج هذا الحديث وغيره: هذه الاحاديث التي ذكرت عن محمد بن أبي بكر عن أبيه في بعض أسانيدها ضعف، وهي عندي والله أعلم مما لم يسمعها محمد بن أبي بكر من أبيه لصغره، ولكن حدّث بها قوم من أهل العلم فذكرنا وبينا العلة فيها.
    [مسند البزار ١/١٥٧]

    الحديث الثاني: ما روي من طريق حسن حدثنا ابن لهيعة حدثني حيي بن عبدالله عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان،
    فيغفر لعباده إلا لإثنين، مشاحن وقاتل نفس. [أخرجه الامام احمد في المسند ٢/١٧٦]


    هذا اسناد منكر، تفرد به حيي بن عبدالله من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص، وقد ضعف الأئمة الكبار حيي بن عبدالله جداً.

    قال عنه الامام احمد: أحاديثه مناكير.
    وقال النسائي: ليس بالقوي.

    وقال ابن معين: ليس به بأس. [تهذيب التهذيب لابن حجر ٢/٤٦]
    وقال الامام احمد: حيي، ودراج، وزَبَّان، هؤلاء الثلاثة أحاديثهم مناكير. [الضعفاء للعقيلي ٢/١٨٨]

    قال البخاري: حيي بن عبدالله المصري عن أبي عبدالرحمن الحبلي، سمع منه ابن وهب، فيه نظر. [الكامل في الضعفاء لابن عدي ٢/٤٤٩]

    والراوي عن حيي هو عبدالله بن لهيعة، وهو ضعيف الحديث، ضعفه جمهور الأئمة الكبار وغيرهم، كعبدالرحمن بن مهدي وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي.
    بل ان جماعة من الأئمة لم يفرقوا بين حديثه قبل احتراق كتبه وبعدها، منهم ابن معين.
    وجماعة من الأئمة لم يفرقوا بين حديثه القديم والجديد، منهم عبدالرحمن بن مهدي وأبو زرعة. [ميزان الاعتدال للذهبي ٢/٤٧٦]

    الحديث الثالث: ما روي من طريق عبدالله بن غالب عن هشام بن عبدالرحمن الكوفي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة النصف من شعبان يغفر الله لعباده إلا لمشرك او مشاحن". [أخرجه البزار، كما في مختصر زوائد مسند البزار لابن حجر ٢/٢١٣]

    هذا اسناد منكر، تفرد به هشام الكوفي عن الأعمش من حديث أبي هريرة، وآفته من المجاهيل الذين في إسناده.

    قال البزار: لم يتابع هشام على هذا، ولم يروه عنه إلا ابن غالب، وابن غالب ليس به بأس. [مختصر زوائد مسند البزار لابن حجر ٢/٢١٣]
    قلت: وعبدالله بن غالب العبّاداني ذكره الذهبي وابن حجر ولم ينقلا فيه جرحا ولا تعديلا. [تذهيب التهذيب للذهبي ٥/٢٥٣، وتهذيب التهذيب لابن حجر ٣/٢٢٩]

    وقال الذهبي في الكاشف: لم يضعف.

    وقال ابن حجر في التقريب: مستور، وهو الأقرب.
    وقال ابن الجوزي: وهذا حديث لا يصح، وفيه مجاهيل.
    قال الدارقطني: وقد روي من حديث معاذ، ومن حديث عائشة، وقيل انه من قول مكحول، والحديث غير ثابت. [العلل المتناهية ٢/٧٠]

    وقال الذهبي: إسناده مظلم. [تلخيص العلل المتناهية ص ١٨٤]

    الحديث الرابع: ما روي من طريق جامع بن صبيح عن مرحوم بن عبدالعزيز عن داود بن عبدالرحمن عن هشام بن حسان عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان ليلة النصف من شعبان ناد مناد: هل من مستغفر فأغفر له؟، هل من سائل فأعطيه؟ فلا يسأل احد شيئا إلا اعطي، إلا زانية بفرجها او مشرك". [اخرجه البيهقي في الجامع لشعب الإيمان رقم الحديث ٣٥٥٥]

    وهذا اسناد منكر، تفرد به هشام بن حسان عن الحسن البصري من حديث عثمان بن أبي العاص، وأظن جامع بن صبيح هو الذي أخطا فيه، وهو به أليق.

    فإن جامع بن صبيح ضعيف، ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. [الجرح والتعديل ٢/٥٣٠]
    وقال ابن حجر: ذكره عبدالغني بن سعيد في المشتبه، وقال: ضعيف. [لسان الميزان ٢/٩٣]

    وهشام بن حسان ثقة، واختلف في سماعه من الحسن، فذهب ابن عيينة وغيره إلى انه سمع منه، وذهب ابن المبارك وعلي بن المديني وغيرهما إلى انه لم يسمع منه، والراجح انه لم يسمع منه؛ لأن جماعة ممن روى عن الحسن البصري وجالسوه ينفون سماع هشام بن حسان من الحسن البصري.

    والحسن البصري لم يسمع من عثمان بن أبي العاص.
    قال ابن حجر عن الحسن: روى عن ثوبان، وعمار بن ياسر، وأبي هريرة، وعثمان بن أبي العاص، ومعقل بن سنان، ولم يسمع منهم. [تهذيب التهذيب ١/٤٨١]

    الحديث الخامس: ما روي من طريق هشام بن خالد أنبأنا أبو خليد عتبة بن حماد عن الاوزاعي وابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطّلع الله على خلقه في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك او مشاحن". [اخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ٧/٣٦، وابن أبي عاصم في كتاب السنة ١/٢٢٤]

    هذا اسناد منكر، تفرد به ابو خليد بهذا الاسناد، واختلف في إسناده اختلافا لا يثبت معه الحديث، وهو حديث غير محفوظ.

    قال ابو حاتم الرازي: هذا حديث منكر بهذا الاسناد، ولم يُروَ بهذا الاسناد عن أبي خليد، ولا ادري من اين جاء به.
    قلت: ما حال أبي خليد؟ قال: شيخ. [علل الحديث لابن أبي حاتم ٣/٢٠٤]

    وقال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن الاوزاعي وابن ثوبان إلا ابو خليد عتبة بن حماد، تفرد به عن الاوزاعي هشام بن خالد.

    وقد اختلف في هذا الحديث على مكحول اختلافا كثيرا.

    قال الدارقطني: يروى عن مكحول واختلف عنه، فرواه أبو خليد عتبة بن حماد القاري عن الاوزاعي عن مكحول، وعن ابن ثوبان عن أبيه عن محكول عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل.
    قال ذلك هشام بن خالد عن أبي خليد، حدثناه ابن أبي داود قال حدثنا هشام بن
    خالد بذلك.

    وخالفه سليمان بن احمد الواسطي، فرواه عن ابن أبي خليد عن ابن ثوبان عن أبيه
    عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل، كلاهما غير محفوظ.

    وقد روي عن محكول في هذا روايات، وقال هشام بن الغاز عن مكحول عن عائشة، وقيل:
    عن الأحوص بن حكيم عن مكحول عن أبي ثعلبة.

    وقيل: عن الأحوص عن حبيب بن صهيب عن أبي ثعلبة.
    وقيل: عن مكحول عن أبي إدريس مرسلا.
    وقال الحجاج بن أرطاة عن مكحول عن كثير بن مرة مرسلا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال.
    وقيل: عن مكحول من قوله.
    والحديث غير ثابت. [العلل ٥٠/٦]

    قلت: وهذا الاختلاف الشديد عن مكحول يوجب رد الحديث من جميع طرقه التي رويت عن مكحول، ولذا لم يصحح الدارقطني الحديث بمجموع طرقها، لوجود هذا الاختلاف في أسانيدها.

    الحديث السادس: ما روي عن الأحوص بن حكيم عن حبيب بن صهيب عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ان الله يطلع إلى عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أخل الحقد لحقدهم حتى
    يدعوه". [أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة حديث رقم 511]


    هذا اسناد منكر، ، والحديث مضطرب غير ثابت، تفرد به الأحوص بن حكيم من حديث أبي ثعلبة الخشني.

    قال الدارقطني: يرويه الأحوص بن حكيم، واختلف عنه، فرواه عيسى بن يونس عن الأحوص عن حبيب بن صهيب عن أبي ثعلبة الخشني.
    وخالفه مخلد بن يزيد فرواه عن الأحوص عن مهاصر بن حبيب عن أبي ثعلبة
    الخشني.
    والحديث مضطرب غير ثابت. [العلل ٦/٣٢٣]

    قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح؟ قال احمد بن حنبل: الأحوص لا يُروى حديثه.
    وقال يحيى: ليس بشيء.
    وقال الدارقطني: منكر الحديث، قال: والحديث مضطرب غير ثابت. [العلل المتناهية ٢/٧٠]
    وقال الذهبي: الأحوص واه. [تلخيص العلل المتناهية ص ١٨٤]

    وقال علي بن المديني: ليس بشيء، لا يكتب حديثه. [ميزان الاعتدال للذهبي ١/١٦٧]

    وقال الإمام احمد: الأحوص بن حكيم لا يروى حديثه، يرفع الاحاديث.

    و وثقه سفيان. [الجرح والتعديل لابن حاتم ٢/٣٢٨]

    وقال النسائي: ضعيف. [الضعفاء والمتروكين رقم ٦٤]

    وقال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير، وكان يتنقص علي بن أبي طالب، تركه يحيى القطان وغيره. [المجروحين ١/١٩٨]

    الحديث السابع: ما روي من طريق الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن الضحاك بن ايمن عن الضحاك بن عبدالرحمن بن عرزب عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ان الله يطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك او
    مشاحن" [اخرجه ابن ماجه رقم الحديث ١٣٩٠]


    وهذا حديث مختلف في إسناده، والضحاك بن أيمن: لا يعرف، وعبدالرحمن بن عرزب: مجهول.
    قال ابن حجر: الضحاك بن ايمن الكلبي، له ذكر وروى ابن لهيعة عن الضحاك بن ايمن عن الضحاك بن عبدالرحمن بن عرزب عن أبي موسى: في فضل ليلة النصف من شعبان، وهو حديث مختلف في إسناده.
    قرأت بخط الذهبي: لا يدرى من هو. [تهذيب التهذيب ٢/٥٦٦]

    وقد خالف ابو الأسود المصري النضرُ بنُ عبدالجبار الوليدَ فرواه عن ابن لهيعة عن الزبير بن سليم عن الضحاك بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره بنحوه [اخرجه ابن ماجه في السنن ١٣٩٠، والبيهقي في الجامع لشعب الإيمان ٥/٣٦٠، وفي فضائل الأوقات رقم الحديث ٢٩]

    فزاد أبو الأسود في هذا الاسناد الزبيرَ بنَ سليم بدلا من الضحاك بن ايمن، وزاد بين الضحاك وأبي موسى والدَ الضحاك عبدالرحمن.
    قال ابن حجر: عبدالرحمن بن عرزب، ويقال عرزم الأشعري، روى عن أبي موسى، وعنه ابنه الضحاك، وفي إسناد حديثه اختلاف. [تهذيب التهذيب ٣/٣٩٤]

    وقال في التقريب عن عبدالرحمن بن عرزب: مجهول.

    وقال ابن حجر: الزبير بن سليم عن الضحاك بن عبدالرحمن بن عرزب عن أبيه عن أبي موسى حديث: ينزل ربنا إلى السماء الدنيا في النصف من شعبان فيغفر لأهل الأرض إلا مشرك او مشاحن، الحديث.
    وعنه ابن لهيعة وتابعه سعيد بن كثير بن عفير عن ابن لهيعة، وخالفهما الوليد بن مسلم فقال عن ابن لهيعة عن الضحاك بن أيمن عن الضحاك بن عبدالرحمن عن أبي موسى، ولم يقل عن أبيه، وجعل الضحاك بن أيمن بدل الزبير بن سليم، اخرجه ابن ماجه بالاختلاف. [تهذيب التهذيب ٢/١٨٧]

    والزبير بن سليم قال عنه الذهبي: شيخ لا يعرف، ما روى عنه غير ابن لهيعة حديث نزول ليلة النصف. [ميزان الاعتدال ٢/٦٧]

    قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، وابن لهيعة ذاهب الحديث. [العلل المتناهية ٢/٧١]
    وقال الذهبي: ابن لهيعة ضعيف. [تلخيص العلل المتناهية ص ١٨٤]

    الحديث الثامن: ما روي من طريق الحجاج بن أرطاه عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فخرجت فإذا هو بالبقيع، فقال: "أكنت تخافين ان يحيف الله عليك ورسوله"؟ قلت: يا رسول الله
    اني ظننت انك أتيت بعض نسائك، فقال: "ان الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب"
    [أخرجه الامام أحمد في المسند، والترمذي في الجامع رقم ٧٣٩، وابن ماجه في السنن رقم ١٣٨٩]

    الحديث ضعفه البخاري، والترمذي، والدارقطني، وغيرهم.

    قال الترمذي: حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج، وسمعت محمدا -يعني البخاري- يضعف هذا الحديث، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجاج بن أرطاه لم يسمع من يحيى بن أبي كثير.
    وقال البيهقي: إنما المحفوظ هذا الحديث من حديث الحجاج بن أرطاه عن يحيى بن أبي كثير مرسلا. [الجامع لشعب الإيمان رقم الحديث ٣٥٤٣]

    وقال الدارقطني: قد روي من وجوه، وإسناده مضطرب غير ثابت. [العلل المتناهية لابن الجوزي ٢/٦٦]

    وقال الذهبي: فيه غير واحد من الضعفاء. [تخليص العلل المتناهية ص ١٨٣]

    وروي من طريق الحسين بن إدريس عن أبي عبيدة ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي حدثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن عائشة بنحوه.

    قال البيهقي: هذا مرسل جيد.
    ويحتمل ان يكون العلاء بن الحارث أخذه عن محكول. [الجامع لشعب الإيمان رقم الحديث ٣٥٥٤]

    قلت: فعاد الحديث إلى مكحول، ومكحول لم يسمع من عائشة.
    والحديث من طريق محكول مختلف فيه اختلافا كثيرا، ذكره الدارقطني كما تقدم في الحديث في الحديث الرابع.

    خلاصة البحث:

    مما سبق يتضح ان هذه الاحاديث الواردة في القسم ضعيفة جداً، فهي إما منكرة أو مضطربة، وكلا هذان النوعان لا يصلح ان يشد بعضها بعضا لتقوى ولا ترتقي لدرجة الحسن او الصحيح.

    ولذا ذهب أكثر العلماء إلى تضعيف هذه الاحاديث، وهذا هو الراجح.
    قال ابن رجب: وفي ليلة نصف شعبان أحاديث أخر متعددة، وقد اختلف فيها، فضعفها الأكثرون، وصحح ابن حبان بعضها وخرجه في صحيحه. [لطائف المعارف ص٢٦١]

    وذهب قليل من العلماء إلى تقوية الحديث بمجموع طرقه.

    قال البيهقي: ولهذا الحديث شواهد من حديث عائشة، وأبي بكر الصديق، وأبي موسى الأشعري، واستثنى في بعضها المشرك والمشاحن، وفي بعضها المشرك وقاطع الطريق، والعاق والمشاحن. [الجامع لشعب الإيمان رقم الحديث ٣٥٤٤]
    وقال الألباني بعد ان صحح الحديث: وإنما صححت الحديث لانه روي عن جمع من الصحابة، بلغ عددهم عندي الثمانية.

    وقال أيضاً: روي عن جماعة من الصحابة من طرق مختلفة، يشد بعضها بعضا، وهم معاذ بن جبل، وأبو ثعلبة الخشني، وعبدالله بن عمرو، وأبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وأبي بكر الصديق، وعوف بن مالك، وعائشة. [سلسلة الاحاديث
    الصحيحة حديث رقم ١١٤٤ وما بعده، وظلال الجنة في تخريج السنة حديث رقم ٥٠٩ وما بعده]


    والراجح أن هذه الأحاديث ضعيفة جداً، إما منكرة وإما مضطربة، كما ما تقدم ذكره.

    القسم الآخر: الأحاديث التي وردت بفضل قيام ليلة النصف من شعبان أو صيام نهارها.

    الحديث الأول: ما روي من طريق معاوية بن عبدالله بن جعفر عن أبيه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    "إذا كان ليلة نصف شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فان الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر لي فأغفرَ له، ألا مسترزقٌ فأرزقَه، ألا مبتلى فأعافيَه، ألا كذا ألا كذا، حتى يطلعَ الفجرُ" [أخرجه ابن ماجه في السنن رقم ١٣٨٨]

    وهذا حديث ضعيف جداً؛ لان في إسناده ابن أبي سبرة، واسمه ابو بكر بن عبدالله بن محمد بن أبي سبرة.
    قال عنه الامام احمد: ليس بشيء، كان يضع الحديث ويكذب.
    وضعفه الأئمة، وقال عنه ابن المديني والبخاري: منكر الحديث. [تهذيب التهذيب ٦/٣٠٤]

    قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، وابن لهيعة ذاهب الحديث. [العلل المتناهية ٢/٧١]

    وقال الذهبي: ابن أبي سبرة: واه، وشيخه: تالف، أو هو ابن أبي يحيى تالف. [تلخيص العلل المتناهية ص ١٨٤]

    واختلف في اسناد هذا الحديث، فروي مرة كما تقدم، وروي أخرى مرسلا عن محمد بن عبدالله بن جعفر عن أبيه ولم يذكر عليا رضي الله عنه. [شعب الإيمان للبيهقي رقم الحديث ٣٥٤٢]

    الحديث الثاني: ما روي من طريق سلمة بن سليمان الجزري عن مروان بن سالم عن ابن كردوس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من احيى ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب"
    قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه آفات، أما مروان بن سالم فقال احمد: ليس بثقة.

    وقال النسائي والدارقطني والازدي: متروك.

    واما سلمة بن سليمان فقال الازدي: وهو ضعيف.
    واما عيسى فقال يحيى: ليس بشيء. [العلل المتناهية ٢/٧١]

    وبنحوه ذكر الذهبي. [تلخيص العلل المتناهية ص ١٨٤]
    وليس في الاحاديث المتقدمة في القسم الأول مع ضعفها تخصيص ليلتها بصيام، ونهارها بقيام، فهو حديث مخالف لها جميعا!

    وقد روي في فضل العبادة في ليلة النصف من شعبان احاديث تركتها خشية الإطالة، ولكونها شديدة الضعف، إذ فيها الموضوع وغيره.

    منها حديث: "من قرأ ليلة النصف من شعبان ألف مرة قل هو الله احد في مائة ركعة، في كل ركعة الحمد مرة، وقل هو الله احد عشر مرات، لم يمت حتى يبعث الله اليه مائة ملك..."
    أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات من ثلاثة طرق، ثم قال: هذا الحديث لا يُشك في انه موضوع، وجمهور رواته في الطرق الثلاثة مجاهيل، وفيهم ضعفاء بمرة، والحديث محال قطعا. [الموضوعات من الاحاديث المرفوعات ٢/٤٤٣]
    وبنحوه ذكر الذهبي [تلخيص الموضوعات ص ٢٤٧]

    قال ابن القيم: والعجب ممن شم رائحة العلم بالسنن ان يغتر بمثل هذا الهذيان، ويصليها!!
    وهذه الصلاة وضعت في الإسلام بعد الأربع مئة، ونشأت من بيت المقدس، فوضع لها عدة أحاديث:
    منها: "من قرأ ليلة النصف من شعبان ألف مرة (قل هو الله احد) في مئة ركعة... الحديث بطوله، وفيه بعث الله مئة ملك يبشرونه"
    وحديث: "من صلى ليلة النصف من شعبان ثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة ثلاثين مرة (قل هو الله احد) شُفِّع في عشرة من أهل بيته قد استوجبوا النار"

    وغير ذلك من الاحاديث التي لا يصح منها شيء. [المنار المنيف في الصحيح والضعيف ص ٩٨]

    هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

    قاله وكتبه: فؤاد بن عبدالله الحاتم
    1434/8/11هـ



  2. #2

    افتراضي رد: ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان ويومها!! كتبه فؤاد الحاتم

    للرفع

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •